28 كانون الثاني 1900
إلى ميخائيل أوسيبوفيتش
يالطا،
28/1/1900
عزيزي ميخائيل أوسيبوفيتش،
مرض تولستوي خارج عن إرادتي. لم يجب شيرينوف على رسالتي، ومن المستحيل استخلاص أية استنتاجات مما تقوله الصحف مما كتبته أنت الآن. يمكن للقرحات المعدية أو المعوية أن تنطوي على أعراض مختلفة. وبما أنه لا يعاني من أي منها، أو أنه ربما عانى من عدة تمزقات نازفة تسببت بها حصى في المرارة مرت وجرحت جدار الأمعاء. ولا يعاني من السرطان، لأن السرطان كان ليظهر نفسه في فقدان الشهية وحالته العامة، لكن قبل كل شيء، كان وجهه سيفضحه، إذا ما كان يعاني من السرطان. لا، ليف نيكولايفتش على الأرجح بحالة جيدة (فيما عدا حصى المرارة) ولا يزال أمامه عشرين سنة أخرى. أخافني مرضه وجعلني شديد التوتر. أنا أخشى موت تولستوي. موته سيترك فراغاً كبيراً في حياتي. أولاً، لم أحب رجلاً كما أحببته. أنا لست بمؤمن، لكن من بين كل المعتقدات أعتبر معتقده الأقرب لمعتقدي والأنسب بالنسبة لي. ثانياً، عندما حظي الأدب بتولستوي، صار من السهل والممتع أن تكون كاتباً. حتى وإن كنت على علم بأنك لم تنجز أي شيء أبداً ولا تزال على حالك، فأنت لا تشعر بهذا السوء لأن تولستوي أنجز ما يكفي الجميع. تقدم نشاطاته تبريراً للآمال والتطلعات التي عادة ما توضع في الأدب. ثالثاً، يقف تولستوي راسخاً، سلطته هائلة، وطالما هو على قيد الحياة سيبقى الذوق السيئ في الأدب، كل الابتذال في وجوهه الوقحة والبكائيات، كل التفاخر الخشن أو الممتعض بعيداً في الخلفية، سلطته المعنوية وحدها كافية للحفاظ على ما نفكر بأنه ميول أدبية ومدارس عند حد أدنى محدد. إن لم يكن بالنسبة له، سيكون الأدب قطيع بلا راع أو خليط لا يسبر له غور.
كي ننتهي من تولستوي، دعني أقول كلمة عن “البعث”، التي قرأتها في جلسة واحدة، وليس على فتات ونتف. إنها عمل فني رائع. الجانب الأقل هو كل ما يتعلق بعلاقة نيخليودوف مع ماسلوفا، الأكثر إمتاعاً- الأمراء، الجنرالات، عمات نيخليودوف، الفلاحون، السجناء وحراس السجن. كنت بالكاد ألتقط أنفاسي وأنا أقرأ مشاهد الجنرال الذي هو في نفس الوقت قائد قلعة بطرس وبولس وروحاني- لقد كانت جيدة جداً! والسيدة كورساجينا المحمولة على كرسيها في كل مكان وزوج فيدوسيا الفلاح! يقول الفلاح أن زوجته يمكنها التعامل مع أي شيء. هذا تماماً ما يجعل قلم تولستوي حياً- يمكنه التعامل مع أي شيء. ليس للرواية من نهاية، ما انتهت إليه لا يمكن تسميته نهاية. أن تكتب كثيراً ومن ثم فجأة تجعل نصاً من الإنجيل مسؤولاً عن كل الضربات فيه بعض المبالغة من التعليم اللاهوتي. حل كل شيء بنص من الإنجيل هو تعسفي كتقسيم السجناء إلى خمس فئات. لم خمسة وليس عشرة. لم نص من الإنجيل وليس من القرآن؟ أولاً عليه أن يجبر قراءه على الإيمان بالإنجيل، كي يؤمنوا بأنه هو وحده الحقيقة، وفقط حينها يمكن حل كل شي بالنص.
هل أضجرتك؟ عندما تأتي إلى كريميا، سأجري مقابلة معك وأطبعها في أخبار اليوم. ما يكتبه الصحفيون عن تولستوي يشبه ما تقوله عجوز عن البلهاء المقدسين- هراء متملق.
[…]
لن أنسى أن أرسل لك صورتي. أنا سعيد لانتخابي كعضو في الأكاديمية لأنه أمر ممتع معرفة أن سيجما يغار مني الآن. سأكون حتى أكثر سعادة، بذلك، عندما أخسر اللقب بعد بعض من سوء الفهم، لأن علماء الأكاديمية دائماً على خشية من أننا سنتسبب لهم بالصدمة. لقد انتخبوا تولستوي على مضض فقط. هم ينظرون إليه على أنه عدمي. هذا ما دعته به سيدة ما -زوجة عضو المجلس الخاص – الذي أعتقد أنه سبب لمنحه تهانيّ القلبية.
[…]
لك،
أ. تشيخوف
إلى ميخائيل أوسيبوفيتش
يالطا،
28/1/1900
عزيزي ميخائيل أوسيبوفيتش،
مرض تولستوي خارج عن إرادتي. لم يجب شيرينوف على رسالتي، ومن المستحيل استخلاص أية استنتاجات مما تقوله الصحف مما كتبته أنت الآن. يمكن للقرحات المعدية أو المعوية أن تنطوي على أعراض مختلفة. وبما أنه لا يعاني من أي منها، أو أنه ربما عانى من عدة تمزقات نازفة تسببت بها حصى في المرارة مرت وجرحت جدار الأمعاء. ولا يعاني من السرطان، لأن السرطان كان ليظهر نفسه في فقدان الشهية وحالته العامة، لكن قبل كل شيء، كان وجهه سيفضحه، إذا ما كان يعاني من السرطان. لا، ليف نيكولايفتش على الأرجح بحالة جيدة (فيما عدا حصى المرارة) ولا يزال أمامه عشرين سنة أخرى. أخافني مرضه وجعلني شديد التوتر. أنا أخشى موت تولستوي. موته سيترك فراغاً كبيراً في حياتي. أولاً، لم أحب رجلاً كما أحببته. أنا لست بمؤمن، لكن من بين كل المعتقدات أعتبر معتقده الأقرب لمعتقدي والأنسب بالنسبة لي. ثانياً، عندما حظي الأدب بتولستوي، صار من السهل والممتع أن تكون كاتباً. حتى وإن كنت على علم بأنك لم تنجز أي شيء أبداً ولا تزال على حالك، فأنت لا تشعر بهذا السوء لأن تولستوي أنجز ما يكفي الجميع. تقدم نشاطاته تبريراً للآمال والتطلعات التي عادة ما توضع في الأدب. ثالثاً، يقف تولستوي راسخاً، سلطته هائلة، وطالما هو على قيد الحياة سيبقى الذوق السيئ في الأدب، كل الابتذال في وجوهه الوقحة والبكائيات، كل التفاخر الخشن أو الممتعض بعيداً في الخلفية، سلطته المعنوية وحدها كافية للحفاظ على ما نفكر بأنه ميول أدبية ومدارس عند حد أدنى محدد. إن لم يكن بالنسبة له، سيكون الأدب قطيع بلا راع أو خليط لا يسبر له غور.
كي ننتهي من تولستوي، دعني أقول كلمة عن “البعث”، التي قرأتها في جلسة واحدة، وليس على فتات ونتف. إنها عمل فني رائع. الجانب الأقل هو كل ما يتعلق بعلاقة نيخليودوف مع ماسلوفا، الأكثر إمتاعاً- الأمراء، الجنرالات، عمات نيخليودوف، الفلاحون، السجناء وحراس السجن. كنت بالكاد ألتقط أنفاسي وأنا أقرأ مشاهد الجنرال الذي هو في نفس الوقت قائد قلعة بطرس وبولس وروحاني- لقد كانت جيدة جداً! والسيدة كورساجينا المحمولة على كرسيها في كل مكان وزوج فيدوسيا الفلاح! يقول الفلاح أن زوجته يمكنها التعامل مع أي شيء. هذا تماماً ما يجعل قلم تولستوي حياً- يمكنه التعامل مع أي شيء. ليس للرواية من نهاية، ما انتهت إليه لا يمكن تسميته نهاية. أن تكتب كثيراً ومن ثم فجأة تجعل نصاً من الإنجيل مسؤولاً عن كل الضربات فيه بعض المبالغة من التعليم اللاهوتي. حل كل شيء بنص من الإنجيل هو تعسفي كتقسيم السجناء إلى خمس فئات. لم خمسة وليس عشرة. لم نص من الإنجيل وليس من القرآن؟ أولاً عليه أن يجبر قراءه على الإيمان بالإنجيل، كي يؤمنوا بأنه هو وحده الحقيقة، وفقط حينها يمكن حل كل شي بالنص.
هل أضجرتك؟ عندما تأتي إلى كريميا، سأجري مقابلة معك وأطبعها في أخبار اليوم. ما يكتبه الصحفيون عن تولستوي يشبه ما تقوله عجوز عن البلهاء المقدسين- هراء متملق.
[…]
لن أنسى أن أرسل لك صورتي. أنا سعيد لانتخابي كعضو في الأكاديمية لأنه أمر ممتع معرفة أن سيجما يغار مني الآن. سأكون حتى أكثر سعادة، بذلك، عندما أخسر اللقب بعد بعض من سوء الفهم، لأن علماء الأكاديمية دائماً على خشية من أننا سنتسبب لهم بالصدمة. لقد انتخبوا تولستوي على مضض فقط. هم ينظرون إليه على أنه عدمي. هذا ما دعته به سيدة ما -زوجة عضو المجلس الخاص – الذي أعتقد أنه سبب لمنحه تهانيّ القلبية.
[…]
لك،
أ. تشيخوف