عبد الواحد السويح - الطّريقُ إلى وجهي

انتهيتُ للتّوِّ من شربِ ماءِ البحرِ ومن لطخِ رأسي على الحيطانِ الأربعةِ

وِجهتي وجهي بعينيْهِ العمياوينِ ولسانه المقطوعِ وزادي النّدمُ
كم ريحًا بعتُ لمركبي وكم قرشًا دعوتُ وأنا في طريقي إلى وجهي
وها
قدْ
وصلتُ
ثمْة جنّياتٌ يقطنّ مغارتيْ عينيَّ ورسائلُ إلى اللّهِ في لساني الّذي كانَ.
كنتُ قد أدركتُ أنّي لا أنتمي إلى هذا الواقعِ وأنّي كائنٌ خرافيٌّ
دمي مِن دهشةِ نجمةٍ بعيدةٍ ولحمي من مآدبِ الدّهرِ الغبيِّ
الدّهرُ صلصالُ الإلهِ
كانت الحدائقُ تنمو في قلبي وتُلقي بأزهارِها وثمارِها للعابرينَ وكانت العصافيرُ تعيشُ في فمي
كنتُ أهبُ ما أستطيعُ من جسدي عنْ طواعيةٍ لِمَنْ هم حولي:
كبدي للأطفالِ
عيناي للشّمسِ
قلبي لإسكافيّ
لساني للبحر
قضيبي لمؤدّبِ حيّنا الشّاذّ
مؤخّرتي للعنكبوتِ
وامش يا زمانُ وتعال يا زمانُ، والنّجمةُ بعيدةٌ يرفضُ الأطفالُ اللّعبَ تحتَ ضوئِها، تكرهُها الشّمسُ ويرمقُها البحرُ بِضجرٍ وتنآى عنها الشّجرةُ
حاولتُ مرارًا سرقةَ الصّلصال من الرّبِّ لكنَّ مؤدّبَ حيّنا الشّاذّ يتحصّنُ داخلَ حيطانِه الأربعةِ ويصنعُ بالصّلصالِ قضبانًا للمُريدين
حتّى العنكبوتُ في مؤخّرتي
باتَ
مهَدَّدًا
ما جدوى الشِّعر إذن؟ وما جدوى أن أرى عرسًا على غصنٍ؟ وما جدوى أن أسمعَ قصائدَ العصافيرِ الغزليّةَ؟ وما الجدوى من محاورةِ شجرةٍ ومن تدريبِ سمكةٍ على الفرارِ من صيّاد؟
- عطشان
- اشربْ من البحر
- نصوصي...
- امسحْ بها
- المعنى
- أمامكَ الحيطانُ الأربعةُ
لا بأس، لقد وصلتُ إلى وجهي لأطلّ من مغارتيْ عينيَّ على الكون وأنام اللّيالي كلّها في مكانِ لساني المقطوع


عبد الواحد السويح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى