[وفي هذه اللحظة
تحديدا،
ثمة من يتلفظ بي.]
-أوكتافيو باث-
مضى متخفيا في مخطوطاته، يريد الفقه الليلي للمسافة، فكان أن احتمى بِعصْفِ ما رآه:
سيداتٌ طالعاتٌ
من شجر
يُمسِّدنَ جبين السماء، قيل: ظَفرْنَ بفروة الشمس.
"الذئب، الذئب!
الذئب بشيرُ السادة، نذيرُهم.
آمين."
صلاة الملكة لأسْوَدِها الملوثِ ببياض فكرة الناب تعلو بالجاز. السادةُ أتوا مبكرا، على غير عادة من راكموا الملح في حلق العالَم. جباههم تَنِزّ وردا، غابةٌ تولد تحتهم، نمل أحمر يسبق غبارَهم البنفسجَ، كأحداقهم. غنَجُ الظباء يرشو السادةَ، السادةَ جداًّ، بخزائن مما يدق المسلك إليه.
أتاه ما أتاه من الخطبة الأخيرة للشامان، تلتها النورسة:
"خُطُّوا تعليمَ فجْركم تُفْتَح العينُ على ممالكِ مَا لا يُرى. فَوّضوا أمرَكم للنظرية المؤقتة لاندلاع الزهرة، يكن لكم عرش رحيقها. ما تَرَوْنَ وقد قُيّض لكم أن تحرقوا الترجمان كي تُقبّلوا يأسَكم بفم واحد؟ هل ضللتم في القاموس المصغر للواحد، ذاك الرافل في عباءةٍ تَسَعُ الوحيد وندماءَه، ندماءَ الندمِ حالَ يخنقُ رغبوتُ سيداتِكم بهوَ الكون؟"
وافدةٌ قوافلُ التبر والقطران والعسل والدم المختوم بجير الضريح من بلاد تحصن أبناءها بالنُّقرة، تُعمّد بناتها في سبع موجات، من أرضٍ يُتوَّج فيها السورياليُّ بقبضة النعناع. هل حدستموها؟
أتاه ما تَاهَ من ملكوت الحالم إذ يقتاد العالِم في نزهة نهرية جدا، يلقنه جنس العناصر:
أكورديونات تحت البحر، سيرينات تئن صلاةً لمن تَنَوَّر بالشهوة، سيف التهتك المائيُّ يفلُّهُ سيف الزهد الترابي، صرخةٌ بريةٌ أوقفت طقس الخلاسيات: من يوقظ منكم فم الترجمان من سرير النار، سيشهد دفقَ العسل من أصابعِ مجهولةٍ تؤلف للبحارة نشيدهم الأممي.
أتاه:
يد الغريق تطفو
قلبه يحفظ العاصفة.
ومما أتاه، قبل أن يجيزه الليل تولي قضاءَ ممالكه، أن غدران قلبه اليتيمة كانت قد اقتنت، من سبت الدلافين، شاعرا يشبهه، ظل حريصا على أن يحلم بقبر جماعي لقساوسة ذُبِحوا في العين المأهولة بطفل متعدد، إلى أن أتاه ما أتاه، أتاه ما به تاه.
قالوا: ما كان أهلا لهبات الزبد.
قلن: سيد على كنيسة الماء أجدر بإكليل الشوك من جندي، أيِّ جندي، غير ذاك الذي يغفو في مرج رامبو.
اتركوه،
عليه أن يتنعم بما يفيض من هواء ليلٍ تَخمَّر في الدالية.
هل ستبررون غيابه عن فرح الكريستال؟
لا.
اتركوه،
لا تتركوه عاريا من فرائه، فراء يدفع برد اليقظة عن كلامه.
إن الفجر في بلدته متعب، نسخةٌ بالأبيض والأسود من قصيدة زجاجية متعبة كهذه:
"صدركِ الأكواريوم
تلهو فيه
الأسماك الملونة
بمآلي".
تحديدا،
ثمة من يتلفظ بي.]
-أوكتافيو باث-
مضى متخفيا في مخطوطاته، يريد الفقه الليلي للمسافة، فكان أن احتمى بِعصْفِ ما رآه:
سيداتٌ طالعاتٌ
من شجر
يُمسِّدنَ جبين السماء، قيل: ظَفرْنَ بفروة الشمس.
"الذئب، الذئب!
الذئب بشيرُ السادة، نذيرُهم.
آمين."
صلاة الملكة لأسْوَدِها الملوثِ ببياض فكرة الناب تعلو بالجاز. السادةُ أتوا مبكرا، على غير عادة من راكموا الملح في حلق العالَم. جباههم تَنِزّ وردا، غابةٌ تولد تحتهم، نمل أحمر يسبق غبارَهم البنفسجَ، كأحداقهم. غنَجُ الظباء يرشو السادةَ، السادةَ جداًّ، بخزائن مما يدق المسلك إليه.
أتاه ما أتاه من الخطبة الأخيرة للشامان، تلتها النورسة:
"خُطُّوا تعليمَ فجْركم تُفْتَح العينُ على ممالكِ مَا لا يُرى. فَوّضوا أمرَكم للنظرية المؤقتة لاندلاع الزهرة، يكن لكم عرش رحيقها. ما تَرَوْنَ وقد قُيّض لكم أن تحرقوا الترجمان كي تُقبّلوا يأسَكم بفم واحد؟ هل ضللتم في القاموس المصغر للواحد، ذاك الرافل في عباءةٍ تَسَعُ الوحيد وندماءَه، ندماءَ الندمِ حالَ يخنقُ رغبوتُ سيداتِكم بهوَ الكون؟"
وافدةٌ قوافلُ التبر والقطران والعسل والدم المختوم بجير الضريح من بلاد تحصن أبناءها بالنُّقرة، تُعمّد بناتها في سبع موجات، من أرضٍ يُتوَّج فيها السورياليُّ بقبضة النعناع. هل حدستموها؟
أتاه ما تَاهَ من ملكوت الحالم إذ يقتاد العالِم في نزهة نهرية جدا، يلقنه جنس العناصر:
أكورديونات تحت البحر، سيرينات تئن صلاةً لمن تَنَوَّر بالشهوة، سيف التهتك المائيُّ يفلُّهُ سيف الزهد الترابي، صرخةٌ بريةٌ أوقفت طقس الخلاسيات: من يوقظ منكم فم الترجمان من سرير النار، سيشهد دفقَ العسل من أصابعِ مجهولةٍ تؤلف للبحارة نشيدهم الأممي.
أتاه:
يد الغريق تطفو
قلبه يحفظ العاصفة.
ومما أتاه، قبل أن يجيزه الليل تولي قضاءَ ممالكه، أن غدران قلبه اليتيمة كانت قد اقتنت، من سبت الدلافين، شاعرا يشبهه، ظل حريصا على أن يحلم بقبر جماعي لقساوسة ذُبِحوا في العين المأهولة بطفل متعدد، إلى أن أتاه ما أتاه، أتاه ما به تاه.
قالوا: ما كان أهلا لهبات الزبد.
قلن: سيد على كنيسة الماء أجدر بإكليل الشوك من جندي، أيِّ جندي، غير ذاك الذي يغفو في مرج رامبو.
اتركوه،
عليه أن يتنعم بما يفيض من هواء ليلٍ تَخمَّر في الدالية.
هل ستبررون غيابه عن فرح الكريستال؟
لا.
اتركوه،
لا تتركوه عاريا من فرائه، فراء يدفع برد اليقظة عن كلامه.
إن الفجر في بلدته متعب، نسخةٌ بالأبيض والأسود من قصيدة زجاجية متعبة كهذه:
"صدركِ الأكواريوم
تلهو فيه
الأسماك الملونة
بمآلي".