علي خليفة - مسرحية صخرة الرعد لروبرت إردري

[SIZE=18px]تعد هذه المسرحية هي أشهر مسرحيات روبرت إردري، وحين تم عرضها في أمريكا لقيت نجاحا محدودا، ولكنها نجحت نجاحا كبيرا حين عرضت في إنجلترا، وقد تم عمل فيلم عن هذه المسرحية بنفس عنوانها، وحقق نجاحا كبيرا.[/SIZE]
وقد كتب روبرت إردري هذه المسرحية مع بدايات الحرب العالمية الثانية، وقد أظهر فيها مخاوفه من انهيار الحضارة التي حققها الإنسان لا سيما مع بدايات القرن العشرين، وحتى قبيل بداية تلك الحرب - بسبب تلك الحرب.
والشخصية الرئيسة في هذه المسرحية هي تشارلستون الذي عمل صحفيا، ووجد تضييقا عليه في نشر بعض الأخبار، فترك الصحافة، وعمل حارسا وحيدا في منارة توجد بجزيرة صغيرة تسمى صخرة الرعد في بحيرة ميشيغان، وكان عمله في هذه المنارة في تلك الجزيرة المنعزلة الصغيرة التي لا يعيش عليها غيره نوعا من الهروب من العالم الذي يسارع الخطى نحو الدمار بسعيه لحرب عالمية قد تؤدي لدمار العالم كله، وكان يأتي لتشارلستون في تلك الجزيرة رئيسه المفتش وبعض مساعديه يوما مع نهاية كل شهر ليقدموا له الطعام والشراب، وليتعرفوا على أخباره.
وفي تصرف غريب من تشارلستون أنه خلال الأيام الأولى من وجوده على هذه الجزيرة قد قتل كل الطيور التي بها، وربما كان يرغب من وراء ذلك في استعجال نهاية العالم، أو أنه كان يريد لنفسه عزلة تامة في تلك الجزيرة.
ويتأمل تشارلستون لوحة تذكارية موجودة في تلك المنارة التي يعمل بها، فيراها تقص حكاية غرق إحدى السفن التي كانت مقبلة من أوروبا نحو أمريكا وفيها نحو تسعين شخصا كانوا قد عزموا على الهجرة من أوروبا إلى أمريكا آملين في الحياة الرغدة بها، وكان غرق هذه السفينة سنة ١٨٣٩.
وبسبب تركيز تشارلستون الكبير في هذه اللوحة، ووحدته في هذه الجزيرة فإن خياله قد جعله يتصور أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا على متن هذه السفينة قد عادوا للحياة، وأنه يتحدث معهم، وكان الكابتن لهذه السفينة هو الشخص الوحيد فيهم الذي يعرف أنهم مجرد أشباح استحضرهم تشارلستون بخياله، وأنهم ماتوا منذ نحو تسعين عاما.
وخلال حوار تشارلستون مع بعض أشخاص هذه السفينة عرف أنهم كانوا يعانون في مجتمعاتهم من بعض الأمور، كصعوبة التعليم واقتصاره على الأغنياء فقط، وقلة شأن المرأة في المجتمع، وتعرض أي امرأة تنادي بحقوق المرأة للحبس والتشهير، كما أنه يعرف منهم محاصرة بعض الأمراض للناس آنذاك لعدم توفر العلاجات لها، ويعرف منهم تشارلستون أمورا أخرى كانت تسبب ضيقا لهم وتم حلها في عصره كمشكلة وجود العبيد.
ويكشف تشارلستون لهؤلاء الأشخاص أو الأشباح حقيقة العصر الذي بعثهم من خياله إليه، وما حدث فيه من تقدم علمي واختراع مخترعات كثيرة كالراديو الذي انبهروا به، وكذلك عرفهم أن وضع المرأة قد تحسن كثيرا في عصره، وأنه تم إلغاء العبودية فيه، ويفرح هؤلاء الأشخاص بتلك التطورات التي حدثت في عصر تشارلستون وقبله، ويطلبون إليه ألا ينسحب من عالمه بسبب تخوفه من الحرب وقضائها على كل تلك المنجزات الحضارية التي حققها الإنسان، ويطلبون إليه أن يكون دليلا هادفا لعودة البشرية للطريق الصحيح، بالابتعاد عن هذه الحروب المدمرة.
وتختفي هذه الأشباح - وكان تشارلستون قد تعلق بفتاة منهم، وتعلقت به - ويفاجأ بعد ذلك بوصول رئيسه المفتش مع بعض مساعديه، وإخباره بالاستغناء عنه في ذلك العمل لشرود فكره، ولتصرفاته الغريبة، ولتصوره عودة أشباح الموتى من تلك السفينة الغارقة، كما يفاجأ بأن الحرب العالمية الثانية قد اندلعت بالفعل.
ونهاية المسرحية فيها نبرة تشاؤمية واضحة، وكنا قد توقعنا بعد معايشة تشارلستون لتلك الأشباح في هذه الجزيرة وتأثره بدفعهم له للمقاومة أن ينتصر على تشاؤمه ومخاوفه من انهيار الحضارة التي حققها الإنسان بانفجار تلك الحرب، ولكن هذا لم يحدث، وأغلب الظن أن تلك النبرة التشاؤمية التي انتهت بها المسرحية كانت بسبب أنها كتبت مع بدايات هذه الحرب العالمية الثانية، وكانت مخاوف الكاتب كبيرة من نتائجها.
ومن ملاحظاتي الأخرى على هذه المسرحية أن الفصل الأول منها قليل الحركة، وفيه مناقشات طويلة بين تشارلستون وصديق آخر كان يعمل طيارا بين بعض المرافئ، ورغب في ترك عمله والعمل كطيار محارب في الجيش الصيني، وحاول تشارلستون أن يثنبه عن ذلك ولم يستطع.
والأحداث تبدأ في السخونة مع الفصل الثاني من هذه المسرحية وخلال الفصل الثالث والأخير منها من خلال عرض أشخاص السفينة الذين بعثهم خيال تشارلستون من الموت، وكان يعيش بينهم، وانسحب بهذا من عالمه - الذي يخشى انهياره بسبب تلك الحرب الوشيكة الوقوع - إلى عالمهم.



1618517861284.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى