الحمد لله الذي جلا مرآة بصائر الذاكرين من صدا الغفلات وجلى شمس المعارف في أفق سماء قلوب أهل المراقبات والصلاة والسلام على المؤيد بأوضح المعجزات المخصوص بأعلى المقامات وأرفع الدرجات صلاة متصلة الصلات محفوفة بأزكى البركات وأعم الرحمات وسلم على آله تسليما كثيرا موصول الآصال بالغدوات .
أما بعد فقد شارك أهل القوم في إنشاء رسائل أدبية سايروا فيها حذاق العربية ومن ألطف تلك الرسائل التي وقفت عليها رسالة أبي مدين الغوث إلى قرينه في التصوف والعلم والأدب أبي محمد عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي ،والتي بناها على تأويل أسماء الطيور واستغلال أصواتها وتوظيف كل ذلك للتنبيه على الحقائق الدينية .
قال فيها:
الحمد لله الذي ذبح قلوب المجتهدين بالجد ،وذهبها بذهب الذهاب عن شكواه ،وأقبل هدهد التهديد يخبر في ترجيع التغريد ،عن نصيحته بسرعة الذهاب وما كابده ،وجاوبه يمام الأنين على الألات فتجدد للمستهام بلواه ،وظهرت فواخت الإخفات فخاطبت من بالغفلة مات .
إن كنت قد أفقت من سنة السبات فقل آه ثم آه ثم آه ،واندب مساويك بلسان الاعتذار وقل واحسرتي ما فرطت في جنب الله .
وساعدته ورقاء الورق بالنوح على الورق فأسمع شجوها الفاخت فأنكاه ،فاستعبر عن تحقيق دعواه عيناه عيناه ويداه يداه ويمناه يمناه،فإذا اعترضه معترض في قلقه وفرقه وذهوله وبلواه ،أجاب بلسان البيان عن شرح الحال .
أما بعد : فإنه من اتقى الله سبحانه وقاه ،ومن توكل عليه حق التوكل كفاه ،ومن استغنى به نجاه ومن شكره أولاه ،ومن أقرضه جزاه ،فاجعل التقوى عماد قلبك ،وجلاء بصرك ،فإنه لا عمل لمن لا نية له ،ولا أجر لمن لا خشية له ،ولا جديد لمن لا خلق له ،وقد أصبحت أميرا تقول فيسمع منك وتأمر فينفذ أمرك،فيا لها نعمة فاحترز من النعمة أشد من احترازك من المعصية .
فالله تعالى يسددك ولا يبعدك ويحفظك ولا يوحشك إنه بذالك جدير وعلى ما يشاء قدير وهو اللطيف الخبير .
قلت : ومن الصوفية الأدباء الذين أنجزوا هذا النوع من التأليف المبني على الرمز : عز الدين المقدسي في كتابه كشف الأسرار عن حكم الطيور والأزهار وقد طبع قديما بباريس ولا أدري هل أعيد طبعه أم لا ؟.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ،وكتب البشير الطنجي المغربي أصلحه الله ورحمه .
***
هذه الرسالة النادرة منقولة من كتاب سبك المقال لفك العقال للشيخ عبد الواحد بن الطواح من أعلام القرن الثامن المغمورين - لعله كان من أهل الخمول - والنسخة المنقول منها توجد مخطوطة بالخزانة الحسنية بالرباط تحت رقم 105 .
واسمحوا لي بعدما أتحتم لي التواصل معكم أن أعلق على هذه الرسالة فأقول :
مولانا زهرة أسانيدنا وقطر ندى سلسلتنا وبل صدى طريقتنا استغل الصياغة اللفظية للكلمة ليفجر منها معنى دينيا وعديا ووعيديا كما فعل في اسم الهدهد الذي أخذ منه التهديد واسم الفاخت - ضرب من الحمام المطوق - الذي أخذ منه الإخفات .
هذا بالرغم من عدم اشتراك الكلمتين في أصل المادة اللغوي ،وإنما فقط في التوهيم الصوتي الذي يحدث عند ذكر إحداهما وحيا بالأخرى ،وقد عمد إلى استخدام الصوت الذي يعتاده الطير ليدلي به إلى معنى من المعاني .فلليمام الأنين وللورقاء النوح .والمعتبر فيهما معا أنين الحبيب المعتل بهواه ونوح المستهام الذي يحترق شوقا إلى مراده .
وقد عودنا رضي الله عنه التوظيف الإشاري في كثير من الحكم المنسوبة إليه كقوله في إحداها : الأجسام أقلام والأرواح ألواح والنفوس كؤوس .
لا حرمنا الله من نفس سعدت بحب أحمدا ،وجعلنا ممن أخلص في محبته ،وواصل ذكره ،وظفر بقربه آمين
ولا حرمنا الله من ضيافة طيبة والمقام بجوار سيد الورى صلى الله عليه وآله وسلم :
أريد مقاما عندكم لا يشوبــه ***خروج لغير الحج إلا إلى الرمس
***
إذا لم تطب بطيبة عند طيب *** به طيبة طابت فأيــــــــن تطيب
***
بطيبة طاب الطيبون بطيبها *** بأطيــــــب طيـب طيـب لمطـيب
أما بعد فقد شارك أهل القوم في إنشاء رسائل أدبية سايروا فيها حذاق العربية ومن ألطف تلك الرسائل التي وقفت عليها رسالة أبي مدين الغوث إلى قرينه في التصوف والعلم والأدب أبي محمد عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي ،والتي بناها على تأويل أسماء الطيور واستغلال أصواتها وتوظيف كل ذلك للتنبيه على الحقائق الدينية .
قال فيها:
الحمد لله الذي ذبح قلوب المجتهدين بالجد ،وذهبها بذهب الذهاب عن شكواه ،وأقبل هدهد التهديد يخبر في ترجيع التغريد ،عن نصيحته بسرعة الذهاب وما كابده ،وجاوبه يمام الأنين على الألات فتجدد للمستهام بلواه ،وظهرت فواخت الإخفات فخاطبت من بالغفلة مات .
إن كنت قد أفقت من سنة السبات فقل آه ثم آه ثم آه ،واندب مساويك بلسان الاعتذار وقل واحسرتي ما فرطت في جنب الله .
وساعدته ورقاء الورق بالنوح على الورق فأسمع شجوها الفاخت فأنكاه ،فاستعبر عن تحقيق دعواه عيناه عيناه ويداه يداه ويمناه يمناه،فإذا اعترضه معترض في قلقه وفرقه وذهوله وبلواه ،أجاب بلسان البيان عن شرح الحال .
أما بعد : فإنه من اتقى الله سبحانه وقاه ،ومن توكل عليه حق التوكل كفاه ،ومن استغنى به نجاه ومن شكره أولاه ،ومن أقرضه جزاه ،فاجعل التقوى عماد قلبك ،وجلاء بصرك ،فإنه لا عمل لمن لا نية له ،ولا أجر لمن لا خشية له ،ولا جديد لمن لا خلق له ،وقد أصبحت أميرا تقول فيسمع منك وتأمر فينفذ أمرك،فيا لها نعمة فاحترز من النعمة أشد من احترازك من المعصية .
فالله تعالى يسددك ولا يبعدك ويحفظك ولا يوحشك إنه بذالك جدير وعلى ما يشاء قدير وهو اللطيف الخبير .
قلت : ومن الصوفية الأدباء الذين أنجزوا هذا النوع من التأليف المبني على الرمز : عز الدين المقدسي في كتابه كشف الأسرار عن حكم الطيور والأزهار وقد طبع قديما بباريس ولا أدري هل أعيد طبعه أم لا ؟.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ،وكتب البشير الطنجي المغربي أصلحه الله ورحمه .
***
هذه الرسالة النادرة منقولة من كتاب سبك المقال لفك العقال للشيخ عبد الواحد بن الطواح من أعلام القرن الثامن المغمورين - لعله كان من أهل الخمول - والنسخة المنقول منها توجد مخطوطة بالخزانة الحسنية بالرباط تحت رقم 105 .
واسمحوا لي بعدما أتحتم لي التواصل معكم أن أعلق على هذه الرسالة فأقول :
مولانا زهرة أسانيدنا وقطر ندى سلسلتنا وبل صدى طريقتنا استغل الصياغة اللفظية للكلمة ليفجر منها معنى دينيا وعديا ووعيديا كما فعل في اسم الهدهد الذي أخذ منه التهديد واسم الفاخت - ضرب من الحمام المطوق - الذي أخذ منه الإخفات .
هذا بالرغم من عدم اشتراك الكلمتين في أصل المادة اللغوي ،وإنما فقط في التوهيم الصوتي الذي يحدث عند ذكر إحداهما وحيا بالأخرى ،وقد عمد إلى استخدام الصوت الذي يعتاده الطير ليدلي به إلى معنى من المعاني .فلليمام الأنين وللورقاء النوح .والمعتبر فيهما معا أنين الحبيب المعتل بهواه ونوح المستهام الذي يحترق شوقا إلى مراده .
وقد عودنا رضي الله عنه التوظيف الإشاري في كثير من الحكم المنسوبة إليه كقوله في إحداها : الأجسام أقلام والأرواح ألواح والنفوس كؤوس .
لا حرمنا الله من نفس سعدت بحب أحمدا ،وجعلنا ممن أخلص في محبته ،وواصل ذكره ،وظفر بقربه آمين
ولا حرمنا الله من ضيافة طيبة والمقام بجوار سيد الورى صلى الله عليه وآله وسلم :
أريد مقاما عندكم لا يشوبــه ***خروج لغير الحج إلا إلى الرمس
***
إذا لم تطب بطيبة عند طيب *** به طيبة طابت فأيــــــــن تطيب
***
بطيبة طاب الطيبون بطيبها *** بأطيــــــب طيـب طيـب لمطـيب