مصطلح "وحدة عضوية" : يعنى أن تكون جميع أجزاء القصيدة ملتحمة ببعضها البعض التحاما لا انفصال فيه, بحيث تمثل كلا واحدا ـ مثل جسم الكائن الحى ـ غير قابل للتجزئة, ولم تكن الوحدة العضوية شرطا أساسيا فى الشعر العربى الكلاسيكى, حيث أن كل بيت كان يمكن أن يؤدى دلالة مستقلة عن سابقه ولاحقه, وقد دخل مصطلح "وحدة عضوية" اٍلى حقل الدراسات الشعرية على أيدى الرومانسيين فى أواخر القرن الثامن عشر, واٍن كانت له جذور قديمة حيث أشار اٍليه أرسطو فى كتابه "فن الشعر" ( حيث اشترط فى المسرحية والملحمة, أن يشتملا على فعل تام له وسط وبداية ونهاية, وذلك يستلزم أن تكون العناصر متناسقة فيما بينها )1 .
والوحدة العضوية لا تعنى الرؤيا الأحادية أى : نظرة الشاعر للأشياء والظواهر والموضوعات من ناحية واحدة, وتجميعها بناءا على علاقات التماثل أو التشابه, بل اٍن الوحدة العضوية تعنى الجمع بين الثنئات الضدية والربط بينها فى نسق نصى واحد منسجم ومتلاحم, تتعدد دلالاته وفقا لفهم القارئ لما يقصده الشاعر .
والوحدة العضوية شرط أساسي فى الشعر الحديث والمعاصر بدونه تصبح القصيدة مهلهلة وغير تامة المبنى والمعنى, وتتحقق الوحدة العضوية شكليا بما يُسمَّى "السَّبْك" أو "الاتساق" وهو : استخدام الروابط اللغوية مثل حروف العطف, والأسماء الموصولة, واٍحالة اللفظ على لفظ آخر داخل النص, وذلك لربط مفاصل النص ببعضها البعض, وفى بعض النصوص يبدو للقارئ لأول وهلة أن الشاعر لم يربط أجزاء النصّ بشكل جيد, وأن هناك غيابا للروابط اللغوية فى بعض أجزاء النص, وبعد القراءة المتأنية يكتشف القارئ أن هناك روابط سياقية ودلالية بين أجزاء النصّ تعوض غياب الروابط الشكلية اللغوية, وهذا ما يطلق عليه مسمى "الحَبْك" أو "الانسجام" ويُعرّف د. محمد مفتاح الانسجام بأنه وجود ( علاقات معنوية ومنطقية بين الجمل, حيث لا تكون هناك روابط ظاهرة بينها )2, والجدير بالاٍشارة أن تلك العلاقات المعنوية والسياقية "التى تُفهم من سياق النص" قد تكون علاقات تشابه أو تضاد يساهم فى ربط مفاصل النص واٍنتاج الدلالة الكلية, وهذا ما يميز النص الشعرى الجيد الذى لا يقول فيه الشاعر كل شئ, ويترك للقارئ فجوات فى النص ليملأها عبر استناج ما بين السطور والانتباه لاٍيحاءات النصّ .
وأحيانا يقوم الشاعر بتقسيم القصيدة اٍلى مقاطع معنونة أو مرقومة بحيث تبدو هذه المقاطع منفصلة عن بعضها البعض, وفى هذا الحالة تبدو الوحدة العضوية للقصيدة غير متحققة على المستوى الشكلى, ولكنها تتحقق على مستوى الانسجام واستخدام الروابط السياقية, فما يجعل الشاعر يقسِّم قصيدته اٍلى مقاطع مرقومة أو معنونة هو الانتقال من موقف شعرى اٍلى موقف آخر داخل نفس الحالة الشعرية, ويلعب العنوان دورا مهما باعتبارها أول الروابط السياقية التى يحتك بها القارئ, فالعنوان يلقى بظلاله على أجواء ومقاطع النصّ, ومن خلال استنطاق العنوان ودلالته وعلاقته بمقاطع النص يمكن أن نجد ربطا وانسجاما دلاليا بين المقاطع المرقومة والمعنونة, هذا اٍلى جانب علاقة التشاكل أو المشاكلة وعلاقة التباين والتضاد بين المقاطع نفسها على المستوى الدلالى وعلى مستوى الأساليب اللغوية والصياغات الجمالية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ معجم المصطلحات الأدبية ـ اٍعداد : فاروق شوشة ود. محمود على مكى ـ مجمع اللغة العربية ـ القاهرة 2007 م ص 188
2 ـ محمد مفتاح ـ دينامية النصّ ـ المركز الثقافى العربى ـ بيروت 1987م ط1 ص 151
مقتطف من كتابى النقدى "مقاربة مفهومية فى مصطلحات شعرية معاصرة"ـ قيد الكتابة
والوحدة العضوية لا تعنى الرؤيا الأحادية أى : نظرة الشاعر للأشياء والظواهر والموضوعات من ناحية واحدة, وتجميعها بناءا على علاقات التماثل أو التشابه, بل اٍن الوحدة العضوية تعنى الجمع بين الثنئات الضدية والربط بينها فى نسق نصى واحد منسجم ومتلاحم, تتعدد دلالاته وفقا لفهم القارئ لما يقصده الشاعر .
والوحدة العضوية شرط أساسي فى الشعر الحديث والمعاصر بدونه تصبح القصيدة مهلهلة وغير تامة المبنى والمعنى, وتتحقق الوحدة العضوية شكليا بما يُسمَّى "السَّبْك" أو "الاتساق" وهو : استخدام الروابط اللغوية مثل حروف العطف, والأسماء الموصولة, واٍحالة اللفظ على لفظ آخر داخل النص, وذلك لربط مفاصل النص ببعضها البعض, وفى بعض النصوص يبدو للقارئ لأول وهلة أن الشاعر لم يربط أجزاء النصّ بشكل جيد, وأن هناك غيابا للروابط اللغوية فى بعض أجزاء النص, وبعد القراءة المتأنية يكتشف القارئ أن هناك روابط سياقية ودلالية بين أجزاء النصّ تعوض غياب الروابط الشكلية اللغوية, وهذا ما يطلق عليه مسمى "الحَبْك" أو "الانسجام" ويُعرّف د. محمد مفتاح الانسجام بأنه وجود ( علاقات معنوية ومنطقية بين الجمل, حيث لا تكون هناك روابط ظاهرة بينها )2, والجدير بالاٍشارة أن تلك العلاقات المعنوية والسياقية "التى تُفهم من سياق النص" قد تكون علاقات تشابه أو تضاد يساهم فى ربط مفاصل النص واٍنتاج الدلالة الكلية, وهذا ما يميز النص الشعرى الجيد الذى لا يقول فيه الشاعر كل شئ, ويترك للقارئ فجوات فى النص ليملأها عبر استناج ما بين السطور والانتباه لاٍيحاءات النصّ .
وأحيانا يقوم الشاعر بتقسيم القصيدة اٍلى مقاطع معنونة أو مرقومة بحيث تبدو هذه المقاطع منفصلة عن بعضها البعض, وفى هذا الحالة تبدو الوحدة العضوية للقصيدة غير متحققة على المستوى الشكلى, ولكنها تتحقق على مستوى الانسجام واستخدام الروابط السياقية, فما يجعل الشاعر يقسِّم قصيدته اٍلى مقاطع مرقومة أو معنونة هو الانتقال من موقف شعرى اٍلى موقف آخر داخل نفس الحالة الشعرية, ويلعب العنوان دورا مهما باعتبارها أول الروابط السياقية التى يحتك بها القارئ, فالعنوان يلقى بظلاله على أجواء ومقاطع النصّ, ومن خلال استنطاق العنوان ودلالته وعلاقته بمقاطع النص يمكن أن نجد ربطا وانسجاما دلاليا بين المقاطع المرقومة والمعنونة, هذا اٍلى جانب علاقة التشاكل أو المشاكلة وعلاقة التباين والتضاد بين المقاطع نفسها على المستوى الدلالى وعلى مستوى الأساليب اللغوية والصياغات الجمالية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ معجم المصطلحات الأدبية ـ اٍعداد : فاروق شوشة ود. محمود على مكى ـ مجمع اللغة العربية ـ القاهرة 2007 م ص 188
2 ـ محمد مفتاح ـ دينامية النصّ ـ المركز الثقافى العربى ـ بيروت 1987م ط1 ص 151
مقتطف من كتابى النقدى "مقاربة مفهومية فى مصطلحات شعرية معاصرة"ـ قيد الكتابة