سعيد الشحات - ذات يوم12 إبريل 1966، سيد قطب يكشف أمام المحكمة خطة «البلح والدوم» لتهريب السلاح لتنظيمه الإرهابى من دراو بأسوان إلى المطرية في القاهرة

ذات يوم.. 12 إبريل 1966..

شهدت محكمة أمن الدولة العليا فى جلساتها يوم 12 إبريل، مثل هذا اليوم، 1966، لمحاكمة قيادات «التنظيم السرى الإرهابى للإخوان»، المعروف باسم «تنظيم 1965 بزعامة سيد قطب»، مناقشات كاشفة بين هيئة المحكمة برئاسة الفريق محمد فؤاد الدجوى، والمتهمين سيد قطب ونائبه فى قيادة التنظيم «يوسف هواش»، حسبما جاء فى «الأهرام 13 إبريل 1966» التى كانت تواصل نشر الجلسات منذ بدايتها يوم 9 إبريل 1966.. «راجع، ذات يوم، 9 و10 إبريل 2020».
عبرت أسئلة «الدجوى» عن قراءته الدقيقة لتحقيقات النيابة، وقدرته على محاصرة قطب و«هواش»، فجاءت الإجابات سيلا من الاعترافات، وكانت إجابات «قطب» قاطعة فى وضوحها بالنسبة لقيادته للتنظيم وهو فى السجن يقضى عقوبته فى قضية محاولة اغتيال جمال عبدالناصرعام 1954، ثم استمراره بعد خروجه بعفو صحى يوم 4 مايو 1964.
كشفت إجابات «قطب» عن أسرار نشأة التنظيم، وتأليفه كتاب «معالم فى الطريق»، ودور زينب الغزالى فى مواقف مفصلية كثيرة، قال: «فى عام 1963 «كان ما زال فى السجن» قالت لى حميدة «شقيقته»، الحاجة زينب الغزالى بتقول إن هناك شبابا يقرأ لك، ويحب الاتصال بك، فهل عندك مانع أن يطلعوا على مسودات كتاب «معالم فى الطريق»، قبل أن يطبع، فقلت: لا».
سأله «الدجوى»: هل أرسلت لهم المسودات من السجن، أم كانت فى البيت؟.. أجاب: بعضها فى السجن، وبعضها فى البيت، لأننى كنت أُشِير على أنه يؤخذ كذا من كتاب كذا..سأله: «زى إيه الكتب دى؟..ومين اللى بتشير له؟.. أجاب: كل من فى البيت يقرأ لى ويفهم.. كنت بأحدد، بأقول يأخذوا الفصل الفلانى، وهكذا.
وعن مرحلة ما بعد خروجه من السجن، قال: «بدأ عبدالفتاح إسماعيل يزورنى وحده، بعد أن استأذن من شقيقى محمد قطب وبثناء عليه من زينب الغزالى، وفى اللقاء الأول قال إنه ممن يقرأون كتبى ومعه شباب يريد لقائى».. أضاف: «فى اللقاء الثانى جاء مع إسماعيل 3 أو4 من بينهم على عشماى، وفى المرة الثالثة «فى رأس البر» جاءوا خمسة، عبدالفتاح إسماعيل، وعلى عشماوى، وأحمد عبدالمجيد، وصبرى عرفة، ومجدى عبدالعزيز متولى، وفى هذا اللقاء تحدثوا بطريقة أوسع، وأكدوا أنهم ليسوا وحدهم، وإنما وراءهم مجموعات أخرى من الشباب، تكونت من سنة 1959 حتى 1963، وهذه المجموعات كونت عدة تنظيمات ثم تلاقوا فى أثناء تحركهم فتم تكوين التنظيم برؤسائه الخمسة، وتولى كل منهم ناحية أو تخصصا.
أكد أنهم كشفوا له أن التنظيم قائم على أساس إنه «فدائى» ينتقم مما جرى للجماعة سنة 1954.. وأضاف: «لكن أنا قلت لهم إن ده هدف صغير لا قيمة له، ونتائجه أخطر من فوائده».. سأله رئيس المحكمة عن فوائده.. أجاب: مجرد انتقام هى دى مفهوماتهم.. سأله: إيه مفهوماتك انت.. انت أستاذهم؟.. أجاب: «هم هدفهم الانتقام مما حدث عام 1954، لكن أنا قلت لهم إن ده هدف صغير، لكن فيه هدف كبير».
سأله رئيس المحكمة: أين هو الهدف الكبير؟.. أجاب: إنشاء جيل من الشباب المسلم الواعى ليكون نواة مجتمع مسلم فى نهاية الطريق..سأله: والحكم؟.. أجاب: «دى مسألة منتهية ولى فيها رأى.. الحكم كما أفهمتهم.. أن التغيير لا يأتى من القمة وإنما من القاعدة، والقاعدة هى إنشاء أجيال مسلمة ينشأ عنها حكم إسلامى.. بعدها قالوا لى إنهم أصبحوا مقتنعين بهذا التصور الجديد، ولكن هناك مجموعات أخرى لا تزال على التصور القديم، فهم يحتاجون إلى تكرار الجلوس معى حتى يستطيعوا أن ينقلوا المفهوم الجديد إلى من هم وراءهم، حتى يستطيعوا أن يغيروا عقائدهم».
تواصلت الأسئلة والإجابة، حتى جاءت إلى قضية مهمة وهى، كيف حصل التنظيم على الأسلحة لتنفيذ مخططاته الإرهابية.. أكد أن «على عشماوى» هو من أبلغه بها، وقال له إنه طلبها منذ سنوات من الإخوان الهاربين فى السعودية، وتسلم رسالة بأنها وصلت عن طريق السودان إلى «دراو» فى أسوان، ولا بد أن يستلمها، لأن عدم استلامها سيكشف التنظيم.
واصل «قطب» اعترافاته قائلا، إنه قال لعشماوى إن «دراو» ليس مكانا صالحا لاستلام كهذا، لأن طبيعة القرى أن كل شىء فيها مكشوف، ويجب دراسة الطريق، ويحسن عند وصول الأسلحة أن تحمل صناديق توضع بها، ويعرف أهل البلدة أن فيها شيئا آخر، فواكه مثلا.. سأله رئيس المحكمة: انت قلت حاجة معينة؟.. أجاب: بلح ودوم.. وقلت لعشماوى: لا تتغالى فى أجور النقل لكى لا يظنوا أن دى مخدرات، ومن باب التمويه عليك أن تحمل صناديق مماثلة لصناديق الأسلحة وتحط فيها بلح ودوم، ولما تودعهم فى البيت اللى فيه الأسلحة، تفرق البلح والدوم على سكان البيت اللى هتحطوا فيه الصناديق فى المطرية بالقاهرة.
وتواصلت الجلسات.

سعيد الشحات - اليوم السابع



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى