حسين عبروس - عتمة الرّأي... وعتمة التفكير.

يولد المرء جاهلا أبجديات الحياة، ليتعلّم معنى كيف يخرج من عتمة جهله،وهو يتلمس طريقه نحو ذلك العالم المخيف في دنيا المحطات الفلسفية،والأفكار التي تقوده الى عالم فسيح ليقول: مالم يقله غيره ممن سبقوه الى الوجود، ومن هنا يبدأ البحث الجديّ لدى أصحاب المواهب الكبيرة لمناقشات كلّ الأفكار على اختلاف مواقعها وأصحابها، وهناك تتجلّى حقيقة من يفكر ومن يكفّر،ومن يعبث بعقول الناس البسطاء ،ومن يدعي شرعية أحقية المقدس والمدنس،في هذا العالم الذي يضج بالعتمات،وبالمحطات المتنوّرة التي يرى أصحابها أنها وحدها هي
من تقود التائهين والضالين ،والدهماء الى الطريق الصحيح، وتستوالي تلك الأفكار على عقول الناس. في زحمة الجهل المطبق . وهناقول: اختيارك للإلحاد دين أنت تؤمن به، واختيارك للإتجاه السياسي الذي تؤمن به هو اعتقادك الذي اخترته أنت ،أو أختير لك من قبل
من أوصلوك الى ذلك الرأي ،واختيارك للكلمة إيمانك بأنك تلك الكلمة التي تنطق بها هي ما
ستعطي الأفضل في عالم الأفكاروالإبداع، فلا تحجر على الناس مواقفهم وأفكارهم ما لم تكن سببا في عملية الهدم المبرمج. ذلك الهدم الذي نجده من صنع العابثين ،وأن كل اختيار مبعثه الحرية التي جاء بها القرآن الكريم قوله تعالى:(لاإكراه في الدين قد تبين الرّد من الغيّ فمن يكفربالطاغوت ،ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) سورة البقرة 256.
إنّ هذه الأية الكريمة تعطي لنا شرعية الإختياربعيدا عن الإجبار ، كما تمنحنا أحفية تحمّل مسؤولية ذلك الإختيار،الذي يترتب عنه النفع والضرر،ويترتب عنه نوع الجزاء، ومادام الأمر الإلهي جليّ وواضج ،فأعتقد أنّ المساس بحرمة الذات الإلهية وبالأنبياء والرسل، وبأعراض وحرمات الأشخاص يجعل صاحب كل ذي رأي أو تفكير يخرج عن منطق حرية التفكير وحرية الرأي وحرية التعبير. ولنا أمثلة كثيرة في تاريخ البشرية ممن خرجوا مجاهرين بعدائهم لله ولرسله وللأديان، ومع ذلك يبقى الموفق ذاتي يتحمله كل من يرى أنّه حرّ في تفكيره ،ولكن للأسف أنّ من يرد أن يسع اسمه الآفاق ويتردّد عبركلّ فضائيات العالم عليه أن يسب الذات الإلهية والأنبياء والرسل ،ويطعن في حقائق الديانات،
ومن المنطق السليم أنّ الدين الصحيح لا يناقض العلم الصحيح، والعكس صحيح أيضا . إن التفكير الذي يناقش كلّ القضايا في الحياة باحترام ، وبموضوعية حريّ بنا أن نكرّمه لا أن نحجر عليه،ونحن في هذا العصر الذي يتطلب من حرية القول ،وحرية التفكير وحرية الرأي، هذه الحريات كلّها لا يجب أن تكون من صنع لوبيات دينية ،أولوبيات سياسية ، أو لوبيات عبثية الغرض منها إفساد على الناس متعة التفكير ،ومتعة التعبّد ،ومتعة الإبداع ،ومتعة الحياة بكلّ جمالياتها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى