بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الفاضل الهمام، سليمان بن سحمان، وفَّقه الله تعالى لتأييد أهل الإسلام والإيمان، وحفظه من معرَّة الشيطان، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإني أرجو من الله تعالى أنْ تكونوا بخير وعافية، ومسرة دائمة، وقبل أشهر أرسل لي بعض الأحبة في قطر جملةً من مآثركم وآثاركم" فقرَّت بها العين، وانشرح الصدر بمطالعتها، منها كتابكم "الضياء الشارق، في رد شبهات جميل الكردي الماذق" فرأيته كتاباً جمع فأوعى، واشتمل على بيان الحقائق الدينية، والمسائل اليقينية، وفقكم الله لأمثال هذه الخدمات المرضية، غير أني كنتُ أودُّ أنْ تسألوني قبل شروعكم في الرد على هذا الملعون" لأبين لكم حقيقته، وحقيقة كتابه.
فإنَّ هذا الرجل هو ممن ينكر إله العالم، وينكر النبوات والمعاد، وليس له من الإسلام أدنى نصيب، وليس هو ممن يقول بالتوسل بالله، ولا بمخلوق من مخلوقاته، ويهزأ على شرائع المسلمين، وكتابه الذي ادَّعاه ليس له منه سوى الشتم على إمام المسلمين وقومه، وإلا فإني قد رأيتُ هذا الكتابَ عنده قبل عدة سنين، وكان مؤرخاً بتاريخ يزيد على مائة سنة، وأراد بيعه، ثم أخَّره.
وقد ألَّفَ سابقاً كتاباً برهن فيه، بزعمه، على نفي الإله، وإنكار وجوده، وألَّف رسالة أخرى اعترض فيها على الدين الإسلامي من جهة إباحة تعدد الزوجات دون تعدد أزواجهن، وقال: ينبغي أنْ يكون للمرأة عدةُ أزواج، كما يباح للرجل أنْ تكون عنده عدة زوجات، وطبع هذه الرسالة في الجرائد المصرية، وشاع ذلك عند العوام والخواص حتى اتفق أنَّ بعض العوام صادفه في الطريق فمسكوه، وقالوا له: جئناك لنشاركك في زوجتك، ولنا رغبة فيما جوَّزته وأبحته. وبعد اللتيَّا والتي انفلت من أيديهم، وكان منصوباً في بعض المناصب" فطردته الحكومة من منصبه.
ومن الدليل على كفره، قوله من قصيدة طويلة:
إنَّ في واسع الفضاءِ نجوماً = لاقترابٍ تحركتْ وابتعادِ
نشرتَها يدُ الطبيعةِ جلَّتْ = عن شبيهٍ في هذه الأبعادِ
من شموسٍ تبدو وتخفى وتبدو = في طوالِ الدهورِ والآبادِ
أنا أقضي أنَّ الطبيعةَ كلٌّ = وأراها له من الأفرادِ
أنا لولا خوفي من الناسِ أنْ يعــ = ـزوا كلامي للكفرِ والإلحادِ
قلتُ: سبحان هذه الزهر من آ = لهة للكون وحدها والفسادِ
بارئاتٍ يفعلنَ غير مريدا = تٍ، ومفعولهنَّ غيرُ مرادِ
إلى آخر ما هذى به في الأبيات.
ومن العجب أنَّ هذا الكردي ذكر في آخر كتابه، ونقلتموه عنه في ص 688 من "الضياء الشارق"، كلاماً يُظنُّ أنه صدر من ذي دين وإيمان ويقين، يعترض به عليكم أنكم تميلون إلى الإنكليز، ويعترض عليكم أيضاً في كراهتكم الأتراك، مع أنَّ هذا اللعين نظمَ قصيدةً حين احتلالهم في بغداد، وطبعها مراراً في الجرائد البغدادية، وهي على ما نُقلتْ في "جريدة العرب" في عدد 25 سنة 1335:
وجدتُ الإنكليزَ أولي احتشامٍ = أباةَ الضيمِ، حُفَّاظَ الذِمامِ
فصادقهم تجدْ أخلاقَ صدقٍ = لهم، والصدقُ من شيمِ الكرامِ
ومنها:
أحبُّ الإنكليزَ وأصطفيهم = لمرضى الإخاءِ من الأنام
ومنها:
تبصَّرْ أيها العربي واتركْ = ولاءَ التركِ من قومٍ لئامِ
ووالِ الإنكليزَ رجال عدلٍ = وصدقٍ في الفعالِ وفي الكلامِ
إلى آخر ما قال، وختم أبياته بقوله:
بحبلهمُ اعتصمْ" فتعيشَ حرَّاً = تسيرُ على البسيطةِ في سلامِ
فمن يكون هذا كلامه" هل في قلبه ذرة إيمان؟ أو له نسبةٌ إلى دينٍ من الأديان؟
وهو رجلٌ من أوباش الأكراد، وما كان ينبغي لكم أن تقولوا: "قال العراقي"، فإنَّ العراق على ما هو عليه: بريءٌ من مثل هذا الملعون، ولشعراء البلد هجاءٌ كثيرٌ فيه، من ذلك قول بعض شعراء الأكراد:
قبيل الموتِ قال أبو جميلٍ، = لزوجتهِ: اصبري صبراً جميلا
فلم تصبر عن الفحشاءِ يوماً، = وقد جعلتْ سبيليها سبيلا
...
إلى غير ذلك من الشعر المشتملِ على هجوه، ودناءةِ أصله، ومروقه من الدين، إنْ سنحتْ لنا فرصةٌ نستوعب ذكره لكم.
ولبعض أصحابنا رغبةٌ في آثاركم الجليلة، كالضياء الشارق وغيره، فإذا أمكن التفضلُ بإرسالِ شيءٍ منها يكون لكم من الشاكرين، ولا تقطعوا عنا أخباركم المسرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12 ذي القعدة سنة 1341
محمود شكري الألوسي.
-----------------------------------
- نقل من قلم الألوسي حرفاً بحرف، من غيــر زيــادة ولا نقصان، وذلك في 26 محرم سنة 1342
* سعود السرحان
إلى الفاضل الهمام، سليمان بن سحمان، وفَّقه الله تعالى لتأييد أهل الإسلام والإيمان، وحفظه من معرَّة الشيطان، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإني أرجو من الله تعالى أنْ تكونوا بخير وعافية، ومسرة دائمة، وقبل أشهر أرسل لي بعض الأحبة في قطر جملةً من مآثركم وآثاركم" فقرَّت بها العين، وانشرح الصدر بمطالعتها، منها كتابكم "الضياء الشارق، في رد شبهات جميل الكردي الماذق" فرأيته كتاباً جمع فأوعى، واشتمل على بيان الحقائق الدينية، والمسائل اليقينية، وفقكم الله لأمثال هذه الخدمات المرضية، غير أني كنتُ أودُّ أنْ تسألوني قبل شروعكم في الرد على هذا الملعون" لأبين لكم حقيقته، وحقيقة كتابه.
فإنَّ هذا الرجل هو ممن ينكر إله العالم، وينكر النبوات والمعاد، وليس له من الإسلام أدنى نصيب، وليس هو ممن يقول بالتوسل بالله، ولا بمخلوق من مخلوقاته، ويهزأ على شرائع المسلمين، وكتابه الذي ادَّعاه ليس له منه سوى الشتم على إمام المسلمين وقومه، وإلا فإني قد رأيتُ هذا الكتابَ عنده قبل عدة سنين، وكان مؤرخاً بتاريخ يزيد على مائة سنة، وأراد بيعه، ثم أخَّره.
وقد ألَّفَ سابقاً كتاباً برهن فيه، بزعمه، على نفي الإله، وإنكار وجوده، وألَّف رسالة أخرى اعترض فيها على الدين الإسلامي من جهة إباحة تعدد الزوجات دون تعدد أزواجهن، وقال: ينبغي أنْ يكون للمرأة عدةُ أزواج، كما يباح للرجل أنْ تكون عنده عدة زوجات، وطبع هذه الرسالة في الجرائد المصرية، وشاع ذلك عند العوام والخواص حتى اتفق أنَّ بعض العوام صادفه في الطريق فمسكوه، وقالوا له: جئناك لنشاركك في زوجتك، ولنا رغبة فيما جوَّزته وأبحته. وبعد اللتيَّا والتي انفلت من أيديهم، وكان منصوباً في بعض المناصب" فطردته الحكومة من منصبه.
ومن الدليل على كفره، قوله من قصيدة طويلة:
إنَّ في واسع الفضاءِ نجوماً = لاقترابٍ تحركتْ وابتعادِ
نشرتَها يدُ الطبيعةِ جلَّتْ = عن شبيهٍ في هذه الأبعادِ
من شموسٍ تبدو وتخفى وتبدو = في طوالِ الدهورِ والآبادِ
أنا أقضي أنَّ الطبيعةَ كلٌّ = وأراها له من الأفرادِ
أنا لولا خوفي من الناسِ أنْ يعــ = ـزوا كلامي للكفرِ والإلحادِ
قلتُ: سبحان هذه الزهر من آ = لهة للكون وحدها والفسادِ
بارئاتٍ يفعلنَ غير مريدا = تٍ، ومفعولهنَّ غيرُ مرادِ
إلى آخر ما هذى به في الأبيات.
ومن العجب أنَّ هذا الكردي ذكر في آخر كتابه، ونقلتموه عنه في ص 688 من "الضياء الشارق"، كلاماً يُظنُّ أنه صدر من ذي دين وإيمان ويقين، يعترض به عليكم أنكم تميلون إلى الإنكليز، ويعترض عليكم أيضاً في كراهتكم الأتراك، مع أنَّ هذا اللعين نظمَ قصيدةً حين احتلالهم في بغداد، وطبعها مراراً في الجرائد البغدادية، وهي على ما نُقلتْ في "جريدة العرب" في عدد 25 سنة 1335:
وجدتُ الإنكليزَ أولي احتشامٍ = أباةَ الضيمِ، حُفَّاظَ الذِمامِ
فصادقهم تجدْ أخلاقَ صدقٍ = لهم، والصدقُ من شيمِ الكرامِ
ومنها:
أحبُّ الإنكليزَ وأصطفيهم = لمرضى الإخاءِ من الأنام
ومنها:
تبصَّرْ أيها العربي واتركْ = ولاءَ التركِ من قومٍ لئامِ
ووالِ الإنكليزَ رجال عدلٍ = وصدقٍ في الفعالِ وفي الكلامِ
إلى آخر ما قال، وختم أبياته بقوله:
بحبلهمُ اعتصمْ" فتعيشَ حرَّاً = تسيرُ على البسيطةِ في سلامِ
فمن يكون هذا كلامه" هل في قلبه ذرة إيمان؟ أو له نسبةٌ إلى دينٍ من الأديان؟
وهو رجلٌ من أوباش الأكراد، وما كان ينبغي لكم أن تقولوا: "قال العراقي"، فإنَّ العراق على ما هو عليه: بريءٌ من مثل هذا الملعون، ولشعراء البلد هجاءٌ كثيرٌ فيه، من ذلك قول بعض شعراء الأكراد:
قبيل الموتِ قال أبو جميلٍ، = لزوجتهِ: اصبري صبراً جميلا
فلم تصبر عن الفحشاءِ يوماً، = وقد جعلتْ سبيليها سبيلا
...
إلى غير ذلك من الشعر المشتملِ على هجوه، ودناءةِ أصله، ومروقه من الدين، إنْ سنحتْ لنا فرصةٌ نستوعب ذكره لكم.
ولبعض أصحابنا رغبةٌ في آثاركم الجليلة، كالضياء الشارق وغيره، فإذا أمكن التفضلُ بإرسالِ شيءٍ منها يكون لكم من الشاكرين، ولا تقطعوا عنا أخباركم المسرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12 ذي القعدة سنة 1341
محمود شكري الألوسي.
-----------------------------------
- نقل من قلم الألوسي حرفاً بحرف، من غيــر زيــادة ولا نقصان، وذلك في 26 محرم سنة 1342
* سعود السرحان