المكان: مقهى قديمة
في إحدى مقاهي مدينة الناظور يجلسان وجها لوجه كما في «استوديو» للتصوير، في ذلك الزمن الذي يسمونه جميلا، وفوق الطاولة كأسان، ومنضدة، وعلبة «تييمبو»، حولهما الرواد موزعين بشكل عشوائي، والنادل ينط بينهم بنشاط غريب موزعاًابتسامته الصفراء.
قال أحدهما مشيراً إلى النادل:
من يعرفه يجزم بأنه لا يعرف إلا أن يفتح فمه إما مبتسماً أو عارضاً طلب الرواد بصوت مسموع.
أجابه الآخر:
- دعك منه، ثم قل لي: أوليس واقعنا نكتة لا ينفع معها سوى الابتسام أو القهقهة المجانية!
- أنت كعادتك، لا ترتاح إلا لفلسفة الزلط والخردة.. ما أدراه هو بما تهـرف بـه.
يمر بهما النادل، ويبسم لهما، ضحكا معاً، ومد كل واحد منهما كفه ثم تم صفقهما بطريقة فيلمية دلالة تأكيد ملاحظة..و حين تعقباه بالنظر وقف كما الزيزفون ثم حط المطلوب فوق طاولة قبالتهما، وآخِر ما التقطت أذناهما هو تعليق أحد الرواد موجهاً كلامه لجليسه:
- مقهى جديدة اسمها فانكوﭬــر رست بمحاذاة شارع "طومعتيش"، يقال إنها مخملية،وخطيرة.. وهناك أيضا داوليز،بل هناك طراز رفيع ،على شاطئ البحر،مثل الدار الكبيرة،و L'artiste،وأخرى في طور الإنجاز... المقاهي تتناسل في الناظور.. مدينتنا تتغير.
وحين مر النادل بصاحب فلسفة الزلط والخردة علق "الفيلسوف" على ما سمع مجبراً النادل على أن يسمعه:
- أرأيت، أهلنا يرتشفون شايهم الحافي ، ويحصون المقاهي الجديدة بنوع من التباهي المجاني..
- وماذا في ذلك يا صاحبي.(قالها النادل دون أن يتوقف عن الحركة).
- فيه أن الذهنيات عندنا لم تتغير...إحصاء المقاهي؟ هذه وتلك...اللعنة... فـلينظروا إلى الفقر في شوارع المدينة، وإلى غلاء المعيشة ، وإلى العاطلين فيها، وإلى الأسر المعوزة، وإلى البناء العشوائي...
ودون أن يسمع النادل كل الكلام انتبه لجليس جديد، وقصده قائلا:
"أروبيو".. بِمَ أخدمك ؟
لم يكن هذا الروبيو سوى شاب أسود كغيني تماماً.
المكان: مقهى جديدة
المقهى مخملية،رست في شارع رئيسي كعلامة فارقة، زوارها ليسوا عاديين، فشرط ارتيادها هو أن تملك سيارة تقلك إليها، و جيبا مكتنزاً، يمر الدرهم به وهو ينطلق،أما نُدلها فماركة مسحلة، أفلح مالك المقهى أن يجعلهم يتأنقون بلباس موحد، مكتوب على صدر الأقمصة التي يلبسون الحرف الأول والثاني من اسم المقهى، القواعد فيها صارمة عصية على المخالفة، أهمها "المترف لا الضعيف هو أميرها المتوج".
النُّدل يقفون في الواجهة بطريقة " باشوية"، لا يبتسمون، والتحية يلقونها كقطعة لحم فوق" الشواية" ، لعل مقولة" الزبون ملك" يجهلون مغزاها، ولا يجيدون غير الركض وراء الطاولات لتلبية الرغبات.
قال النادل لزميله:
- هل أنت مرتاح لهذه الوجوه، رواد متكبرون ،اللعنة!
- وجه متكبر، متجهم، محموم.. لا يهم، أن يدفعوا هو الأهم.
- من يسمعك يظن أنهم لك لمن يدفعون وليس لمالك المقهى.. ألا تسمع أحاديثهم، كلامُهم ليس كمالِهم هناك فرق.
- لم أفهم؟!
ألا تسمع حديثهم، إنهم يثرثرون،ويصرخون كما لو كانوا في مسلخ، وليس في أحسن مقهى في الناظور.
ثم أضاف:
- أليس من المفروض – وهم المترفون – التزام بعض بنود الإيتيكيت.
يسمع النادل الثالث كلامهما ، ويقول لهما:
كُـفا عن الثرثرة، وعليكما بتقبل وضعكما ضمن عبيد زمن الانترنيت لهؤلاء الأسياد.
ينتبه أحدهم لأحد الرواد حين أومأ إليه أن تعال ،و كسهم ينطلق دن أن يسمع تعليق زميله في عبارتين:
- " خادم الناس سيدهم.. خرافة هذا الزمن الرديء"
-" نخدمهم، ونتعب في خدمتهم بأثمنة زهيدة، فبم نكون أسيادا في زمنٍ السيادةُ فيه للدرهم لا غير".
في إحدى مقاهي مدينة الناظور يجلسان وجها لوجه كما في «استوديو» للتصوير، في ذلك الزمن الذي يسمونه جميلا، وفوق الطاولة كأسان، ومنضدة، وعلبة «تييمبو»، حولهما الرواد موزعين بشكل عشوائي، والنادل ينط بينهم بنشاط غريب موزعاًابتسامته الصفراء.
قال أحدهما مشيراً إلى النادل:
من يعرفه يجزم بأنه لا يعرف إلا أن يفتح فمه إما مبتسماً أو عارضاً طلب الرواد بصوت مسموع.
أجابه الآخر:
- دعك منه، ثم قل لي: أوليس واقعنا نكتة لا ينفع معها سوى الابتسام أو القهقهة المجانية!
- أنت كعادتك، لا ترتاح إلا لفلسفة الزلط والخردة.. ما أدراه هو بما تهـرف بـه.
يمر بهما النادل، ويبسم لهما، ضحكا معاً، ومد كل واحد منهما كفه ثم تم صفقهما بطريقة فيلمية دلالة تأكيد ملاحظة..و حين تعقباه بالنظر وقف كما الزيزفون ثم حط المطلوب فوق طاولة قبالتهما، وآخِر ما التقطت أذناهما هو تعليق أحد الرواد موجهاً كلامه لجليسه:
- مقهى جديدة اسمها فانكوﭬــر رست بمحاذاة شارع "طومعتيش"، يقال إنها مخملية،وخطيرة.. وهناك أيضا داوليز،بل هناك طراز رفيع ،على شاطئ البحر،مثل الدار الكبيرة،و L'artiste،وأخرى في طور الإنجاز... المقاهي تتناسل في الناظور.. مدينتنا تتغير.
وحين مر النادل بصاحب فلسفة الزلط والخردة علق "الفيلسوف" على ما سمع مجبراً النادل على أن يسمعه:
- أرأيت، أهلنا يرتشفون شايهم الحافي ، ويحصون المقاهي الجديدة بنوع من التباهي المجاني..
- وماذا في ذلك يا صاحبي.(قالها النادل دون أن يتوقف عن الحركة).
- فيه أن الذهنيات عندنا لم تتغير...إحصاء المقاهي؟ هذه وتلك...اللعنة... فـلينظروا إلى الفقر في شوارع المدينة، وإلى غلاء المعيشة ، وإلى العاطلين فيها، وإلى الأسر المعوزة، وإلى البناء العشوائي...
ودون أن يسمع النادل كل الكلام انتبه لجليس جديد، وقصده قائلا:
"أروبيو".. بِمَ أخدمك ؟
لم يكن هذا الروبيو سوى شاب أسود كغيني تماماً.
المكان: مقهى جديدة
المقهى مخملية،رست في شارع رئيسي كعلامة فارقة، زوارها ليسوا عاديين، فشرط ارتيادها هو أن تملك سيارة تقلك إليها، و جيبا مكتنزاً، يمر الدرهم به وهو ينطلق،أما نُدلها فماركة مسحلة، أفلح مالك المقهى أن يجعلهم يتأنقون بلباس موحد، مكتوب على صدر الأقمصة التي يلبسون الحرف الأول والثاني من اسم المقهى، القواعد فيها صارمة عصية على المخالفة، أهمها "المترف لا الضعيف هو أميرها المتوج".
النُّدل يقفون في الواجهة بطريقة " باشوية"، لا يبتسمون، والتحية يلقونها كقطعة لحم فوق" الشواية" ، لعل مقولة" الزبون ملك" يجهلون مغزاها، ولا يجيدون غير الركض وراء الطاولات لتلبية الرغبات.
قال النادل لزميله:
- هل أنت مرتاح لهذه الوجوه، رواد متكبرون ،اللعنة!
- وجه متكبر، متجهم، محموم.. لا يهم، أن يدفعوا هو الأهم.
- من يسمعك يظن أنهم لك لمن يدفعون وليس لمالك المقهى.. ألا تسمع أحاديثهم، كلامُهم ليس كمالِهم هناك فرق.
- لم أفهم؟!
ألا تسمع حديثهم، إنهم يثرثرون،ويصرخون كما لو كانوا في مسلخ، وليس في أحسن مقهى في الناظور.
ثم أضاف:
- أليس من المفروض – وهم المترفون – التزام بعض بنود الإيتيكيت.
يسمع النادل الثالث كلامهما ، ويقول لهما:
كُـفا عن الثرثرة، وعليكما بتقبل وضعكما ضمن عبيد زمن الانترنيت لهؤلاء الأسياد.
ينتبه أحدهم لأحد الرواد حين أومأ إليه أن تعال ،و كسهم ينطلق دن أن يسمع تعليق زميله في عبارتين:
- " خادم الناس سيدهم.. خرافة هذا الزمن الرديء"
-" نخدمهم، ونتعب في خدمتهم بأثمنة زهيدة، فبم نكون أسيادا في زمنٍ السيادةُ فيه للدرهم لا غير".