عزيزي السيد أوزبورن:
شكرا جزيلا علي رسالتكم المؤرخة في 22 يوليو، وسأرد علي استفساراتك بقدر استطاعتي، ولدت سنة 1903 وتعلمت في دايتون حيث حصلت علي منحة دراسية، وكان والدي موظفا مدنيا هنديا ووالدتي أيضا منحدرة من عائلة أنجلو هندية، وعن طريق اتصالات خاصة في بورما، بعد تركي المدرسة، خدمت خمس سنوات في البوليس الإمبراطوري في بورما، إلا أن هذا العمل كان غير مناسب لي علي الإطلاق، واستقلت بعد أن عدت إلي البيت في إجازة سنة 1927، أردت أن أصبح كاتبا، وعشت السنتين التاليتين في باريس، علي مدخراتي، أكتب روايات لن ينشرها أحد، وهي تلك التي دمرتها في وقت لاحق، ولأنه لم يكن لدي المزيد من المال عملت لبعض الوقت في غسل الصحون، ثم عدت إلي إنجلترا والتحقت بسلسلة من الأعمال قليلة الأجر كمدرس في كثير من الأحيان، تخللتها فترات من البطالة والفقر المدقع (كان ذلك فترة الركود) تقريبا جميع الأحداث التي تم وصفها في "صعود وخروج" حدثت بالفعل، لكن في أوقات مختلفة، حيث نسجتها معا لصنع قصة متراتبة، وعملت في متجر لبيع الكتب لمدة عام تقريبا سنة 1934-1935 إلا أنني كتبت هذا فقط كخلفية في "دع الزئبقة تطير"، وهي ليس، كما أعتقد، سيرة ذاتية، ولم أعمل أبدا في مكتب إعلانات، كتبي أقل سيرة ذاتية عما يفترضه الناس، هناك أجزاء صادقة عن السيرة الذاتية في "ويجان بيير" وبطبيعة الحال في "احتفظ ب إي إف"، وهي واحدة من روايات عديدة لا أبالي بها تم حظرها.
فيما يتعلق بالسياسة، كنت فقط مهتما بشكل متقطع بشأنها حتي حوالي عام 1935، بالرغم من اعتقادي أنني كنت تقريبا "يساري"، في "ويجان بيير" في البداية حاولت قمع أفكاري، أحسست، ولا زلت، أن هناك أوجه قصور كبيرة في التصور الكامل للاشتراكية، وكنت ومازلت أتساءل إذا كانت هناك طريقة أخري للابتعاد، بعد أن ألقيت نظرة بوضوح وحيادية علي التصنيع الإنجليزي في أسوأ حالاته، أي في مناطق التعدين، توصلت لاستنتاج مفاده أن من الواجب العمل من أجل الاشتراكية، حتي لو لم يكن هناك من ينتبه إلي ذلك، لأن استمرار الأوضاع الحالية ببساطة غير مقبول، ولا حل إلا في نوع من الجماعية القابلة للتطبيق، لأن هذا ما يريده معظم الناس، في ذات الوقت أصبحت مصابا بالرعب من الشمولية، بالفعل كان قد تشكل لدي عداء تجاه الكنيسة الكاثوليكية، حاربت لمدة ستة أشهر (1936-37) في إسبانيا إلي جانب الحكومة، وأصبحت لسوء الحظ مشوشا في صراع داخلي تجاه جانب الحكومة تركني علي اقتناع أنه لا مفر من الاختيار بين الشيوعية والفاشية، لكن لأسباب مختلفة سأختار الشيوعية إذ لم يكن هناك اختيار آخر متاح، لدي ارتباط غامض بالتروتسكيين (تيار شيوعي يختلف عن الشيوعية في أنه يري أن الثورة الاشتراكية يجب أن تنتقل للعالم كافة، وأن قيادة الثورة الاشتراكية للعمال والفلاحين وليس للجبهة الشعبية، وقيام الثورة التروتسكية لا يتطلب أن تصل الرأسمالية لأعلي مراحلها)، وأكثر قربا من الجناح الأيسر لحزب العمل، كنت المحرر الأدبي للـ"تريبيون"، ثم جريدة "بيفن" لحوالي سنة ونصف (1943-1945) وكتبت لهم لفترة أطول من ذلك، لكن لم يسبق لي الانتماء لحزب سياسي، وأعتقد انه حتي من الناحية السياسية أنا أكثر قيمة إذا سجلت ما أعتقد أنه صادق، ورفضت اتباع خط الحزب حتي النخاع.
في بداية العام الماضي قررت الحصول علي إجازة من مهمة كتابة أربع مقالات أسبوعيا لمدة عامين، وأمضيت ستة شهور في جورا، خلال ذلك الوقت لم أكتب شيئا، ثم عدت إلي لندن ومارست الصحافة علي النحو المعتاد خلال فصل الشتاء، ثم عدت إلي جورا وبدأت رواية آمل الانتهاء منها بحلول ربيع سنة 1948، وأحاول ألا أفعل شيئا آخر بينما أقوم بذلك، أحيانا أكتب مراجعات الكتب للـ" نيويوركر"، أنوي قضاء الشتاء في جورا هذا العام، يرجع ذلك جزئيا إلي عدم إنهائي ذلك العمل المتواصل في لندن، لاعتقادي أنه من الأسهل الحصول علي الدفء هنا، الجو ليس غاية في البرودة، ومن السهل الحصول علي المواد الغذائية والوقود، منزلي هنا مريح جدا، بالرغم من وقوعه في مكان بعيد، أختي إفرايل تعتني بالمنزل من أجلي، وأنا أرمل لدي ابن تخطي ثلاث سنوات بقليل.
آمل أن تكون تلك الملاحظات عونا لك، وأخشي أنني لا أستطيع كتابه شيء لاستراند في الوقت الحالي، لأن، كما قلت، أحاول عدم التورط في عمل خارجي، لدينا فقط بريد مرتين أسبوعيا، وذلك الخطاب لن يرسل قبل يوم 30 في الشهر، لذا سأرسله إلي "ساسكس".
المخلص
جورج أورويل
شكرا جزيلا علي رسالتكم المؤرخة في 22 يوليو، وسأرد علي استفساراتك بقدر استطاعتي، ولدت سنة 1903 وتعلمت في دايتون حيث حصلت علي منحة دراسية، وكان والدي موظفا مدنيا هنديا ووالدتي أيضا منحدرة من عائلة أنجلو هندية، وعن طريق اتصالات خاصة في بورما، بعد تركي المدرسة، خدمت خمس سنوات في البوليس الإمبراطوري في بورما، إلا أن هذا العمل كان غير مناسب لي علي الإطلاق، واستقلت بعد أن عدت إلي البيت في إجازة سنة 1927، أردت أن أصبح كاتبا، وعشت السنتين التاليتين في باريس، علي مدخراتي، أكتب روايات لن ينشرها أحد، وهي تلك التي دمرتها في وقت لاحق، ولأنه لم يكن لدي المزيد من المال عملت لبعض الوقت في غسل الصحون، ثم عدت إلي إنجلترا والتحقت بسلسلة من الأعمال قليلة الأجر كمدرس في كثير من الأحيان، تخللتها فترات من البطالة والفقر المدقع (كان ذلك فترة الركود) تقريبا جميع الأحداث التي تم وصفها في "صعود وخروج" حدثت بالفعل، لكن في أوقات مختلفة، حيث نسجتها معا لصنع قصة متراتبة، وعملت في متجر لبيع الكتب لمدة عام تقريبا سنة 1934-1935 إلا أنني كتبت هذا فقط كخلفية في "دع الزئبقة تطير"، وهي ليس، كما أعتقد، سيرة ذاتية، ولم أعمل أبدا في مكتب إعلانات، كتبي أقل سيرة ذاتية عما يفترضه الناس، هناك أجزاء صادقة عن السيرة الذاتية في "ويجان بيير" وبطبيعة الحال في "احتفظ ب إي إف"، وهي واحدة من روايات عديدة لا أبالي بها تم حظرها.
فيما يتعلق بالسياسة، كنت فقط مهتما بشكل متقطع بشأنها حتي حوالي عام 1935، بالرغم من اعتقادي أنني كنت تقريبا "يساري"، في "ويجان بيير" في البداية حاولت قمع أفكاري، أحسست، ولا زلت، أن هناك أوجه قصور كبيرة في التصور الكامل للاشتراكية، وكنت ومازلت أتساءل إذا كانت هناك طريقة أخري للابتعاد، بعد أن ألقيت نظرة بوضوح وحيادية علي التصنيع الإنجليزي في أسوأ حالاته، أي في مناطق التعدين، توصلت لاستنتاج مفاده أن من الواجب العمل من أجل الاشتراكية، حتي لو لم يكن هناك من ينتبه إلي ذلك، لأن استمرار الأوضاع الحالية ببساطة غير مقبول، ولا حل إلا في نوع من الجماعية القابلة للتطبيق، لأن هذا ما يريده معظم الناس، في ذات الوقت أصبحت مصابا بالرعب من الشمولية، بالفعل كان قد تشكل لدي عداء تجاه الكنيسة الكاثوليكية، حاربت لمدة ستة أشهر (1936-37) في إسبانيا إلي جانب الحكومة، وأصبحت لسوء الحظ مشوشا في صراع داخلي تجاه جانب الحكومة تركني علي اقتناع أنه لا مفر من الاختيار بين الشيوعية والفاشية، لكن لأسباب مختلفة سأختار الشيوعية إذ لم يكن هناك اختيار آخر متاح، لدي ارتباط غامض بالتروتسكيين (تيار شيوعي يختلف عن الشيوعية في أنه يري أن الثورة الاشتراكية يجب أن تنتقل للعالم كافة، وأن قيادة الثورة الاشتراكية للعمال والفلاحين وليس للجبهة الشعبية، وقيام الثورة التروتسكية لا يتطلب أن تصل الرأسمالية لأعلي مراحلها)، وأكثر قربا من الجناح الأيسر لحزب العمل، كنت المحرر الأدبي للـ"تريبيون"، ثم جريدة "بيفن" لحوالي سنة ونصف (1943-1945) وكتبت لهم لفترة أطول من ذلك، لكن لم يسبق لي الانتماء لحزب سياسي، وأعتقد انه حتي من الناحية السياسية أنا أكثر قيمة إذا سجلت ما أعتقد أنه صادق، ورفضت اتباع خط الحزب حتي النخاع.
في بداية العام الماضي قررت الحصول علي إجازة من مهمة كتابة أربع مقالات أسبوعيا لمدة عامين، وأمضيت ستة شهور في جورا، خلال ذلك الوقت لم أكتب شيئا، ثم عدت إلي لندن ومارست الصحافة علي النحو المعتاد خلال فصل الشتاء، ثم عدت إلي جورا وبدأت رواية آمل الانتهاء منها بحلول ربيع سنة 1948، وأحاول ألا أفعل شيئا آخر بينما أقوم بذلك، أحيانا أكتب مراجعات الكتب للـ" نيويوركر"، أنوي قضاء الشتاء في جورا هذا العام، يرجع ذلك جزئيا إلي عدم إنهائي ذلك العمل المتواصل في لندن، لاعتقادي أنه من الأسهل الحصول علي الدفء هنا، الجو ليس غاية في البرودة، ومن السهل الحصول علي المواد الغذائية والوقود، منزلي هنا مريح جدا، بالرغم من وقوعه في مكان بعيد، أختي إفرايل تعتني بالمنزل من أجلي، وأنا أرمل لدي ابن تخطي ثلاث سنوات بقليل.
آمل أن تكون تلك الملاحظات عونا لك، وأخشي أنني لا أستطيع كتابه شيء لاستراند في الوقت الحالي، لأن، كما قلت، أحاول عدم التورط في عمل خارجي، لدينا فقط بريد مرتين أسبوعيا، وذلك الخطاب لن يرسل قبل يوم 30 في الشهر، لذا سأرسله إلي "ساسكس".
المخلص
جورج أورويل