إلي ستارتشفسكي
سان- بطرسبرج
لم أخبر بأي شيء عن موفدك الذي كنت أنتظره بنفسي بفارغ الصبر. أرسل لك أوراقك غير مصححة. أنا مريض. الدم يفور برأسي، وبناء علي أمر الطبيب يجب أن أتوقف عن العمل. وعندما أتمكن من المعاودة سوف أُرد لك، بالعمل، ما أنا مدين به لك و إن لم يكن هناك عمل لي، سوف أرد ما دفعته لي مقدمًا في الحال بعد نشر القاموس.
سأبقي المخلص جدًا لك.
ف.ديستويفسكي
***
22 ديسمبر1849
قلعة بيير وبولس
أخي، صديقي العزيز
حسم كل شيء، حُكم علي بأربع سنوات بالأشغال الشاقة في قلعة محصنة (مدينة أورينبورغ، علي ما يبدو لي ) بعد ذلك سوف ألتحق بالجيش كجندي. اليوم قادونا إلي ساحة سيميونلاسكي، هناك، قرأواعلينا، جميعا، حكم الإعدام، جعلونا نقبل الصليب، وكسرت فوق رؤوسنا سيوف، مضينا في اغتسالنا الأخير(بقمصان بيضاء)وبعد ذلك، ثلاثتنا، أوصلونا أمام الخازوق لتنفيذ الحكم، وبما أني كنت السادس وكانوا يستدعوننا ثلاثة تلو ثلاثة، وجدت نفسي في المجموعة الثانية، ولم يكن متبقيا علي حياتي سوي دقيقة، ليس أكثر. فكرت فيك يا أخي، في كل الأصدقاء، لكن في اللحظة الأخيرة كنت أنت وحدك في تفكيري وهنا وحسب أدركت كم أحبك، أخي العزيز. تمكنت أيضا من احتضان بليتشيّلا ودورولا، اللذان كانا بجواري وقلت لهما وداعا. أخيرا، دوي الطبل، وأحضروا نحونا هؤلاء الذين كانوا مربوطين بالخوازيق، وقرأوا علينا أن جلالته منحنا نعمة الحياة. وبعد ذلك، تلوا الصيغة الفعلية للحكم. تم العفو عن بالم وإعادته هو فقط إلي الجيش بنفس رتبته.
قيل لي في الحال، يا أخي العزيز، أنهم سيطلقون سراحنا اليوم أو غدا. طلبت رؤيتك، لكنه كان مستحيلا، فقط أستطيع كتابة هذا الخطاب لك، الذي أتوسل فيه إليك أن ترد علي بأسرع ما يمكن. خشيت ألا تعلم بأي طريقة كانت أننا كنا قد حكم علينا بالموت.عبر نافذة السيارة، عندما قادونا إلي ساحة سيميونلاسكي، رأيت حشدا عظيما، ربما تكون وصلتك الرسالة الجديدة وعانيت من أجلي. الآن فلتهون عليك يا أخي، أنا لست حزينا ولا بائسا. الحياة موجودة في كل مكان، الحياة موجودة بداخلنا، ليس خارجنا. بالقرب مني سيوجد مخلوقات بشرية وإن تكن إنسانًا وسط هذه المخلوقات وتبقي دائما كذلك، فقد يحدث بعض سوء الحظ، فلا تتدني، ولا تحبط، هذه هي الحياة، وهذا هدفها، علمت ذلك، اخترقت هذه الفكرة لحمي ودمي. نعم، هذا حقيقي.
هذا الرأس الذي كان يبدع، يعيش الحياة الفنية الرفيعة، الذي يعرف الاحتياجات السامية للروح وكان قد اعتادها، هذا الرأس كان قد انفصل عن كتفي، وتبقي ذكريات، صور ابتكرتها بنفسي، وليست متجسدة. إنها بالفعل جعلتني أعاني، لكن بداخلي بقي القلب- وأيضا اللحم والدم الذي يستطيع أيضا أن يحب، يعاني، يشتاق، يتذكر، بالفعل تلك هي الحياة. أن نري الشمس!
حسنا، إلي اللقاء يا أخي، لا تحزن من أجلي. الآن بعض المسائل المادية: الكتب( الكتاب المقدس عندي)، بعض الصفحات من مخطوطتي(مسودة من الدراما والرواية) والقصة القصيرة انتهت تماما، "حكاية طفل" كانوا قد أخذوها مني، وربما يسلموها لك. سأترك لك أيضا ردائي وملابسي القديمة، لو أرسلت لهم في طلبها. الآن، يا أخي، سوف أكون علي الأرجح مجبرا علي السير في طريق طويلة بمراحلها، وأنا بحاجة للنقود. أخي العزيز، عندما تتسلم هذا الخطاب، وإذا كان هناك إمكانية لأي مبلغ، فلترسله لي في الحال. بالنسبة لي الآن النقود ضرورية أكثر من الهواء(في هذا الظرف الخاص). أرسل لي أيضا بعض السطور عنك. وبعد ذلك، لو كنت تتلقي نقودا من موسكو، فلتهتم بي، لا تتخل عني. حسنا، هذا كل شيء. هناك بعض الديون، ماذا يسعنا أن نعمل؟ فلتقبل زوجتك وأولادك. ابتعثني في ذاكرتهم. فلتحرص علي عدم نسيانهم لي، قد نتقابل مع ذلك ذات يوم. أخي ، فلتهتم بنفسك وعائلتك، لتحيا بتواضع وفطنة، فلتفكر في مستقبل أولادك. لا تجيش أبدا مجددا بداخلي كالآن، هذه القوة الفياضة والصحيحة عن الحياة الروحية. لكن سيتحمل ذلك الجسد، لا أعرف. أرحل مريضا، داء العقدة الخنازيرية، ولكن...قد لا يكون خطيرا. يا أخي كم عانيت من قبل في الحياة لدرجة أن القليل من الأشياء، الآن، يروعني. مهما كلف الأمر، في أول فرصة سوف أبلغك بأخباري، فلتنقل إلي عائلة مائيكوف تحية الوداع، قل لهم إني أشكرهم جميعا لتعاطفهم مع مصيري، فلتخبر عني، أولايني بيترولانا، بعض الكلمات الحارة قدر الإمكان، ما يمليه عليك قلبك. أتمني لها السعادة وسوف تذكرني لها دائما باحترام وامتنان. فلتصافح أبولون مائيكولا، نيكولا أبولونولايتش، والجميع. إن قابلت إيانولاسكي، صافحه وأشكره. وأخيرا فلتشكر لي كل هؤلاء الذين لم ينسوني، ابتعثني في ذاكرتهم. فلتقبل أخانا نيكولا، ولتكتب خطابا لأخينا أندريه ولتحدثه عني. ولتكتب أيضا إلي العم والعمة، أرجوك بشكل خاص، ولتحييهما من جانبي، ولتكتب لأخواتنا: أتمني لهم السعادة.
وقد نلتقي يا أخي مرة أخري، فلتهتم بنفسك من أجل محبة الرب، لتعش حتي نتقابل مجددا. قد يجتمع شملنا ذات يوم ونتذكر طفولتنا، الزمن البعيد، العمر الذهبي، فترة الصبا وآمالها، التي في هذه اللحظة أقتلعها من قلبي وأدفنها. قد لا أستعيد القلم! ربما خلال الأربع سنوات سيكون لدي الإمكانية. سأطلعك علي كل ما سأكتبه، والحال أني، إذا ما كتبت، يا إلهي! كم من صور أبتدعتها وتنطفئ في رأسي، تهلك، أو كالسم تمتزج بدمي! نعم، لو أني لم أستطع الكتابة، سأهلك. من الأفضل السجن خمسة عشرعاما إن كان القلم في يدي!
فلتكتب لي في كثير من الأحيان، مع كثير من التفاصيل، وافني بكل الأخبار، حتي أدق التفاصيل عن حياة العائلة، لا تنس ذلك، ذلك سيمنحني الأمل وسيسمح لي بالحياة. لو كنت تعرف كيف أن خطاباتك هنا في المعتقل تسري عني! في هذين الشهرين ونصف الأخيرين، عندما كانت المراسلة ممنوعة، كانت أيام موجعة جدا لقلبي، كنت مريضا الحقيقة أنك، في هذا الوقت، لم تكن قد أرسلت لي نقودا، ما جعلني أعاني من أجلك: حينئذ عرفت أنك أيضا كنت في بؤس شديد. فلتقبّل مرة أخري أطفالك، وجوههم الفاتنة لم تخرج من رأسي، أه! يا ليتهم يكونوا سعداء! لتكن سعيدًا، أنت أيضا، يا أخي لتكن سعيدا!
ولا تحزن من أجلي، باسم محبة الرب، لا تكدر نفسك. فلتعرف أني لست حزينا، تذكر أن الأمل لم يتخل عني مطلقا. في خلال أربع سنوات سيكون مصيري جيدًا، سأصبح جنديًا، لن أعود محكوماعليه بالأشغال الشاقة، وأيضا، أضع نصب عينيّ أني أستطيع ذات يوم أن أحتضنك. اليوم ، إذن، لمدة ثلاثة أرباع ساعة، كدت أموت، عشت مع هذه الفكرة ، أنها لحظاتي الأخيرة، والآن، لازلت حيا! لو أن البعض يحتفظ عني بذكري سيئة، لو كنت قد حاولت خصامهم، قل لهم أن ينسوا، إن واتتك الفرصة لتحكي لهم، ليس هناك بغضاء ولا غضب في نفسي. كم كنت أود في هذه اللحظة حنوًا، أو تقبيل بعض المعارف. إنها فرحة، جربتها اليوم وأنا أقول وداعًا لرفقائي الأعزاء، قبل التنفيذ. فكرت في هذه اللحظة أن خبر موتي كان سيقتلك، لكن الآن، فلتهدئ من روعك: لا زلت حيًا وسوف أعيش في المستقبل بفكرة أنني سأحتضنك ذات يوم. الآن لم يعد غير ذلك في رأسي. ماذا ستفعل؟ فيما فكرت اليوم؟ أتعرف شيئا ما عن مصيرنا؟ كم يكون الجو باردا اليوم.أه! يا ليت يصلك خطابي عما قريب! وإلا سوف أكون لمدة ثلاثة شهور بلا أخبار منك. نظرت للأظرف التي في هذه الأشهر الأخيرة كنت قد أرسلت فيها النقود، كان العنوان بيدي، وأنا كنت سعيدًا جدا بمعرفة جهتكم. عندما أغوص ثانية في الماضي، وأتذكر كم من الوقت ضاع، من الأخطاء، من النقائص، من البطالة، من الجهل، عندما أفكر كم من المرات أذنبت في حق قلبي وعقلي، عندما أفكر في كل ذلك، يُدمي قلبي. الحياة هبة، الحياة سعادة، كل لحظة قد تكون قرنًا من السعادة. ليت الصبا كان يعلم! الآن، في نقطة التحول هذه من حياتي، أخذت شكلا جديدا. يا أخي أقسم لك أني لن أفقد الأمل وسوف أحتفظ بنقاء روحي وقلبي، سوف أُبعث للأفضل. هذا كل أملي، كل عزائي.
الحياة في المعتقلات قتلت بما يكفي بداخلي الاحتياجات الجسدية غير النقية تماما، الحرمان الآن لم يعد يمثل لي أي شيء. لذلك لا تخشي أن يقتلني الفقر المادي، لا، ذلك ليس شيئا. آه ليتني صحيحا!
إلي اللقاء، إلي اللقاء يا أخي! أعانقك بقوة. فلتفكر في دون ألم يعتصر قلبك. لا تكدر نفسك من أجلي، أرجوك. في خطابي المقبل سوف أصف لك حياتي، فلتتذكر جيدا ما قلته لك: در حياتك جيدا. لا تبذر فيها كثيرا، اعتن بمستقبلك، ولتفكر في أطفالك. آه! متي أراك ثانية؟ الوداع. الآن أقتلع مني كل من كان غاليا، أترك كل هذا شاق جدا علي. كم يكون مؤلما أن تنشطر لاثنين، ليتمزق قلبك لاثنين. لكني سأراك. أنا متأكد من ذلك، أتمني، ألا تتغير، حبني، لا تسمح لذاكرتك بالفتور، والتفكير في مودتك سيكون أفضل جزء في حياتي.
مرة أخري الوداع. الوداع جميعا.
* (كُتب هذا الخطاب في اليوم الذي كان يجب فيه تنفيذ حكم الإعدام في"جماعة التفكير المتحرر" بيترشفسكي، والتي كان من بينها ديستويفسكي
***
مشاريعي منذ أكثر من عامين، وكل ما يلتهم قلبي حتي الموت! سوف أكون سعيدا يا صديقي العزيز، يا ساحري تشيكن تشالكانوفيتش. أكتب لك ألغازا لا تحاول الكشف عنها، تمني لي النجاح. ربما تحصل في القريب العاجل مني، علي تفسير لكل هذا. إن أمكنك، فلتأت عندنا مبكرا، في شهر أبريل دون تردد. لا تعدل من مشاريعك. كم أود رؤيتك، وبكل تأكيد، لن تضجر. فلتكتب لي عما يشعرك بالضجر في أومسك وبشكل طبيعي! أنت تطلب نصائح: كيف تتصرف مع خدمك في الظروف الراهنة؟ وفقا لي، لا يجب أن تترك أشغالك. لديك الكثير من المواد التي تكتب عنها: فلتكتب مقالة عن البادية، سوف ننشرها ( تذكرأننا تحدثنا عن ذلك). سوف يكون من الأفضل أن تكتب شيئًا ما من ملاحظاتك حول الأخلاق في البادية، حول إقامتك هناك، الخ. سوف يكون ذلك أمرا مستحدثا يهتم به كل الناس. سوف يكون أمرًا حديثا جدا، ومن دون شك أنت تعرف ما يجب أن تكتبه (علي سبيل المثال، من خلال النوع الأدبي لـ جون تينر، ومن خلال ترجمة بوشكين، تتذكر؟) كان ذلك سيجذب الانتباه اتجاهك في أومسك وفي سان بطرسبرج. المواد التي لديك تهم الجمعية الجغرافية. في كلمة واحدة، في أومسك، كنا ننظر لك بشكل آخر. إذن سوف تستطيع إثارة حتي اهتمام والديك، عبر امكانية طريق جديدة لك. إن أردت قضاء صيف ما في البادية، لا زلنا نستطيع الانتظار. لكن في سبتمبر من العام المقبل سوف يمكنك طلب اجازة لمدة عام، للذهاب إلي روسيا. بعد أن تقضي بها عامًا سوف تعرف ما يجب. من أجل عام، سوف يكون لديك الموارد اللازمة. صدقني، الأمر لا يستلزم مبالغ طائلة. الأمر الرئيسي هو أن تعيش بطريقة ما وأن تحصل علي فكرة جديدة حول المسألة. كل شيء نسبي وطارئ. أثناء هذا العام سوف تستطيع أن تقرر بنفسك القيام بخطوة للأمام في حياتك، سوف يمكنك أن توضح لنفسك النتيجة، أي أنك سوف تقرر ما يجب عمله فيما بعد. بالعودة من سيبيريا، تستطيع أن تقدم لوالديك هذه المزايا أو هذه الاعتبارت التي ربما من أجلها كانوا سيسمحون لك بالرحيل إلي الخارج، أي السفر لمدة عامين إلي أوروبا، وفي خلال سبع أو ثمان سنوات، سوف تستطيع تنظيم حياتك بالطريقة التي ستكون مفيدة إلي حد بعيد لوطنك. أليس ذلك هو الهدف الكبير، العمل المقدس، أن تكون الأول من بين أقرانك لتوضح باللغة الروسية ما هي البادية، أهميتها، من هو شعبك بالنسبة لروسيا وفي نفس الوقت أن تخدم وطنك بأن تصنع له خطوات مضيئة بجانب الخطوات الروسية. فلتتذكر أنك أول قرغيزستاني تماما تتعلم في أوروبا. علاوة علي ذلك، القدر جعل منك إنسانا مثيرا للإعجاب، أنت واهب النفس والقلب. لا يمكن، لا يمكنك، البقاء في الخلف. فلتصر، فلتعمل، فلتراوغ أيضا إن أمكن. وكل شيئ ممكن، فلتتأكد من ذلك. لا تسخر علي الإطلاق من تفكيري اليوتوبي ومن تنبؤي بمصيرك، يا عزيزي فالي خان، أحبك بقدر ما فكرت فيك وفي مستقبلك لمدة أيام بأكملها. من دون شك، في أحلام يقظتي، كنت أتدبر وأنظم علي نحو أفضل قسمتك. لكن وسط الأحلام، كانت هناك حقيقة واقعة: أنك الأول من شعبك الذي امتلك التعليم الأوروبي، الوحيد، إنه لأمر غريب للغاية وذلك، علي الرغم من التزامك بالواجبات. إنه لمن الصعب أن تقرر ما ينبغي أن تكون خطوتك الأولي، لكن، نصيحة أخري: في العموم، فلتحلم قليلا ولتعمل كثيرا. فلتبدأ بأي شيئ. فلتصنع أي شيء لتوسيع مجالك، أي شيء، إنه مع ذلك أفضل من لا شيء. فليسعدك الرب!
إلي اللقاء، صديقي العزيز. فلتسمح لي أن أقبلك علي الأقل عشر مرات. لا تنساني ولتكتب لي في أحيان كثيرة.
يعجبني في سوريكوف أنه طبيعة رائقة، لكني لا زلت أعرفه قليلا. هل ستقابل سيمينوف وتأتي معه إلي سيميبالاتنسك؟ سوف نكون حينئذ في صحبة عظيمة! قد يحدث في هذا الوقت الكثير من التغييرات في حياتي. إن شاء الرب! ديمتشنسكي يرسل لك بتحيته. أكتب لك من منزله ونحن نجلس إلي الطاولة حيث العادي أننا نتناول الطعام أو نحتسي شاي المساء، في انتظار اليتامي المحرومين.
يجلس في مواجهتي سوريكوف، الذي يكتب لك أيضا. ديمتشينسكي ينام ويشخر.الساعة العاشرة مساء. كنت أود أن أكتب لك شيئا ما عن سيميبالاتينسك: ثمة أمور غريبة جدا، لكن، من خلال رسالة لا يمكن الحديث عن عشر الجزء ما كان يلزم أن يُحكي بالفعل.
إلي اللقاء يا صديقي الطيب. فلتكتب لي كثيرا، وسوف أرد عليك دائما. ربما مرة أخري سوف أجرؤ أن أحدثك عن أعمالي.تحياتي لـ د. ولتتمن له من جانبي كل السعادة الممكنة. لتؤكد له أنني أحبه ووفي له بإخلاص.
ملحوظة: السيدة س. تحييك. لقد حكت لي كيف أنك أردت أن تستدرجها إلي أومسك، دائما تتحدث عنك بشكل دائم وتهتم كثيرا بك.
الوداع
***
إلي الآنسات ل.أ. و أو.أ ميليوكوف بطرسبرج
فبراير 1867
عزيزاتي لودميلا وأولجا ألكسندروفنا
أذكركما بوعدكما الساحر بحضور حفل زواجي، وأجرؤ أن أتمني أن تأتيا دون تردد. سوف تمنحاني شرفا ولذة لا تنتهي. في الفترات الأخيرة، انشغالات تامة بعلاج (لا أعرف متي سينتهي) من مرض ألزمني المنزل دون حركة، دونما أتأكد حتي أنني سوف أدعوكما مجددا بصوت نابض. كم أنا سعيد أن بيبا علي أفضل ما يكون، ولتتخيلا أني كنت أعتمد علي أنه من سيكون في العربة مع الأيقونة. كنت أنتوي دائمًا أن أقوم بزيارته، وبمجرد أن أبدأ في الخروج سوف أذهب لرؤيته. ترجوني آنا جريجوريافنا أن أدعوكما بطريقة ملحة، علي الرغم من أنها لا تملك أبدا الحق في أن تتوجه إليكما مباشرة. لكن أتمني أن تحباها عندما تريناها. إنها تحبكما بالفعل منذ وقت طويل، بسبب مشاركتكما الوجدانية لسعادتي، ونتيجة حكاياتي الكثيرة.
إلي اللقاء.
الوفي بإخلاص تام لكما
ديستويفسكي
***
إلي بيوتر أندريفيتش
أكتوبر 1859
مدينة تفير
السيد بيوتر أندرييفيتش
أنا متأكد أنك مندهش وساخط من صمتي الممتد. كنت قد وعدت بالكتابة، أن أرد عليك بسرعة، ومع ذلك لا شيئ، كما لوأني كنت قد فُقِدتُ. لا تكن مستاءًا لهذه الدرجة، أيها العزيز والودود بيوتر أندرييفيتش. يبدو أنني مذنب اتجاهك دون أن أكون كذلك. لا أنسي قط معارفي، وبخصوصك، أقدرك منذ فترة طويلة فأنت أشرف وأنبل إنسان، فإذا ما صمت اليوم، علي الرغم من وعدي بسرعة الكتابة لك حول الموضوع الذي تعرفه، فذلك فقط بسبب المساعي العديدة التي لدي هنا لأفعلها. مساعي متنوعة تماما. الأمر يتعلق بعودتي لبطرسبرج. الشكليات الضرورية كانت شديدة التنوع ومعقدة جدا، المساعي العديدة جدًا، والتي لم أكن أتوقع أي شيئ مثلها، ولقد فقدت كل حرية عقلية حيث لم يكن أي شيئ يسير علي ما يرام، يبقي الآن، أن كل يشئ يسير إلي المبتغي. ليس الوقت ما فقدت، لكنها الحرية العقلية، لذلك صمتُ منتظرا أن ينتهي الأمر الرئيسي الذي كان يقلقني علي خير. فيما كنت أكرر علي نفسي حينئذ سوف أكتب إلي كل أصدقائي السيبيريين. أتظنون أني ما كتبت أيضا لأي شخص في سيميبالاتينسك؟ لا إلي ميشي ألكسندروفيتش ولا إلي جييبوفيتش(علي الرغم من تسلمي رسالة منه). إلي جييبوفيتش، سوف أكتب حتما هذا الأسبوع، وعدته بخطاب طويل مفصل. بالنسبة له، لم ينساني, سوف أكتب أيضا إلي الرائع والنبيل ميشيل ألكسندروفيتش. زوجتي تمني نفسها كل يوم بأن تكتب إلي هيلين إفانوفنا، لكنها تُرجئ كل شيئ إلي ما بعد تنظيم بعض الأشياء الأكثر إلحاحا. وهكذا هي المرة الأولي التي أكتب فيها لك، حيث أني مذنب اتجاهك (علي الرغم من البراءة). أعرف أنه كان يجب أن أخبرك مبكرا جدا. لكن لنمض إلي الأمور الخاصة. حديثي الأول إلي أخي ، نفس يوم مقابلتنا، معنيّ بك. لقد وجد الفكرة البديعة، لكنه لم يجد المكانة التي تليق بك. استفسرت معه وبتفصيل وبوضوح عن احتياجاتك. خمسة وثلاثون روبل شهريا كأجر، من دون الطعام، ليس كافيا لك. بهذه الظروف يرضي أخي طواعية، لكني أعرف أنها مؤذية لك جدا. قال لي أخي مبررا أنه لو استقدمك إلي سيبيريا مع عائلتك ، ثم إلي بطرسبرج، سوف تقدر أن احتياجاتك تفوق مواردك. يجب أن ألوم نفسي علي أني منحت أملًا عبثيًا إلي رجل وأني فرحت علي نحو طائش. أدرك كل ذلك جيدا، سألت أخي عن أماكن أخري، فقال لي إن الأجور نفسها في كل مكان لكن، وبشكل عام، الأماكن متنوعة وعديدة لدرجة أنه وبكل تأكيد، مع الوقت، نستطيع أن نجد ما يلزمك. ولذلك تكون خاتمتي هذه: هذا العام ليس هناك شيئا نبحث عنه. لكن العام القادم لو رغبت في ذلك سوف أعمل من أجلك، وأعتقد أني سوف أنجح، أولا لأني سأكون نفسي في سان بطرسبرج وثانيا بواسطة عدة أشخاص(أعرفهم).في سان بطرسبرج نستطيع أن نجد كل شيئ. كل شيئ تماما. أعدك أني لو اقترحت شيئا في العام القادم سوف يكون بطريقة محددة، إيجابية وليس بنزق. من جهة أخري، لن يكون لديك أي شيئ تفقده. أتمني برغبة قوية ألا تبقي في سيبيريا لذلك أهتم بساحتكم. لو أن هناك شيئا جيدا، سوف يكون كل شيئ علي أفضل ما يكون لك. المعلومات التي ستنقل لك ستكون محددة وإيجابية والقرار النهائي سوف يعتمد عليك. أكتب لي شيئا ما وعلمني بخططك، أنا متأكد أيها النبيل جدا بيوتر أندرييفيتش أنك لا تود مقاطعة لمجرد تكاسلي عن الكتابة. فيما بعد سوف أرد علي رسالتك باسهاب شديد، فيما يخص اليوم لا أود أن أخبرك سوي بما هو رئيسي.
تحياتي العظيمة إلي ناستازيا بتروفونا. زوجتي أيضا ترسل لها بالتحية. تحياتي لكل أهلك، تستطيع إن أردت ذلك، أن تنقل إليهم هذه الرسالة.
إلي اللقاء الغالي جدا بيوتر أندريفيتش، أتمني لك تمام العافية والنجاح. فلتكتب شيئا ما عن سيمبيلتانيسك. عنواني: تفر، منزل جاليونوف، بالقرب من مكتب البريد. فيما بعد سوف أكتب لك عني بتفصيل
المخلص جدا
ديستويفسكي
***
* إلي زوجته أنا جريجور دوستويفسكي
23/24 مايو 1880
موسكو
صديقتي العزيزة أنيت
لا يمكنك أن تتخيلي كم كنت حزينا وأنا في الطريق جراء خبر موت الامبراطورة }ماريا ألكسندروفنا المتوفاة 22 مايوعام 1880{ سلام علي روحها. صلي من أجلها. علمت بالخبر في القطار، بمجرد أن غادرت نوفجورود من خلال بعض المسافرين. واتتني فكرة أن احتفالات بوشكين قد تكون ألغيت بالفعل ونويت أن أغير طريقي إلي تشودوف. لكن، نتيجة الجهل بالأمور عدلت عن ذلك، وواصلت رحلتي. فكرت أنه حتي لو لم توجد احتفالات، ربما سيفتتح رغما عن ذلك النصب التذكاري والاكتفاء بالخطب والملتقيات الأدبية. إنه ليس سوي في يوم 23 بعد أن جاوزت تفر، كنت قد قرأت، في صحيفة موسكوفسكي فيدوموستي التي اشتريتها، رأي يوضح أن الإمبراطور أمر بارجاء الافتتاح لما بعد. هكذا وصلت إلي موسكو دون أي غاية وأفكر في الرحيل يوم 28 مايو في التاسعة صباحا. حتي ذلك الحين، سوف استفيد علي الأقل من فرصة أنني موجود في موسكو لأستعلم، لأري لوبموف ولأتحدث عن أشياء هامة، لأري أيضا كاتكوف، وأقوم بجولة في المكتبات الخ. شريطة أن أنجح في إنجاز الكثير من الأمور! في نهاية المطاف سوف أعلم أيضا كل الحقيقة حول خرائط العالم الأدبي. انفصلت عن آنا نيكوليفنا وتعانقنا طويلا. وعدتني بأن تعود بأسرع ما يمكن. كان اليوم حارا، وبالحرف، لم يغمض لي جفن. ومتعب، مهشم، وصلت موسكو في العاشرة- بتوقيت موسكو. في محطة القطار كانوا ينتظرونني بشكل مهيب. كان هناك إيوريف، لافروف، كل هيئة التحرير والمساهمين في جريدة روسكيه ميسل(الفكرة الروسية)، نيكولا أكسكوف، بارسوف وما يقارب عشرة أشخاص آخرين. تم التعارف، ووجهت لي علي الفور دعوة الذهاب إلي منزل لافروف حيث كان قد أعد العشاء. لكنني كنت منهكا، ومتسخا جدا، وكانت ملابسي غير نظيفة تماما، لذا رفضت. غدا سوف أذهب إلي أيوريف في الساعة الثانية. قال لي لافروف إن الفندق الأفضل والأكثر راحة في موسكو هو فندق لوسكوتنييه (شارع تفرسكييه بالقرب من الميدان حيث كنيسة العذراء الأم بإيفريسكييه) وعلي الفور هرع وعاد إلي العربة وهو يقول إنها عربة أجرة عادية، لكن بدا لي أنها كانت مسلمة له أو عربته الخاصة.عند وصولنا إلي الفندق لم يكن يود الحوذي قبول المال، أعطيتها له بالقوة،70 كوباك. في لوسكوتنييه كل شيئ كان علي الموعد. وجدت حجرة لي مفروشة بشكل جميل إلي حد ما- بثلاثة روبلات، لكن النوافذ كانت تطل علي الباحة، لابد أنها مظلمة تماما حتي أثناء النهار. أتوقع ألا يتم نشر مقالي لفترة طويلة، لأنه سيكون من الغريب أن أسلمه الآن. كذلك التجوال لفترة. الآن الساعة الواحدة تماما. كل شيئ حزين دون ثلاثتكم ذ أنتِ والطفلتين. أقبلك، وبقوة، أنت أولا، ثم ليلي وفيدا. فلتقبليهما لي بقوة وقولي لهما أني أحبهما للغاية. من المرجح ألا أستطيع تلقي أي شيئ من بائعي الكتب، لأنه في خلال يومين لن يكون لديهم وقت للحسابات.
إلي اللقاء، لا أعرف إن كنت سأتلقي منك رسائل. إن كان كذلك، أكتبي علي عنوان هيلين بافلوفنا. إلا أني أفكر أنه لا يجب أن تردي علي هذه الرسالة، لأن الرد لن يصل قبل يوم 29 وأتمني أن أكون في ذلك اليوم موجود بالفعل في روسا. كنت سأصبح مسرورا لوأن فكرة أن تكتبي لهيلين بافلوفنا فكرتك أنت. إن حدث( فليحفظنا الرب) مكروه ما، فلترسلي لي برقية علي فندق لوسكوتنيا، شارع تفيرسكييه، حجرة32 .
مرة أخري أقبل ثلاثتكم بقوة
زوجك
فيودور ديستويفسكي
***
* إلي زوجته
موسكو، الأحد، 25 مايو
صديقتي العزيزة آنيت
صباح أمس تلقيت زيارة جليلة من لافروف ونيكولا أكساكوف وبريفات دوسنت (محاضر خارجي) من جامعة زيفيريف، أتوا للترحيب بي. في نفس الصباح، ينبغي أن أبادل ثلاثتهم الزيارة. استغرق ذلك مني وقتا طويلا وألزمني بعدة مشاوير. بعد ذلك، ذهبت إلي أيوروف. علمت أنه اقترح أن يكون افتتاح النصب التذكاري في أكتوبر وليس في يونيو أو يوليو، كما كانت نية السلطات علي ما أعتقد. ولكن في هذه الحالة، سيكون قد تواري الافتتاح، لأنه لن يكون هناك أحد. لم أستطع الحصول علي شيئ محدد من أيوروف، إنه رجل مشوش: ريبيتلوف من نوع جديد، مع مكر( المكائد، مع ذلك ، لا تنكر). علي سبيل المثال ما أن تحدثت عن المقال، قال لي أيوروف:" أنا لم أطلب منك المقال "،(أي بالنسبة لمجلته )، بينما أتذكر أنه في رسائله، تحديدا، طلب ذلك مني. ولأن ريبيتلوف خبيثا لا يريد المقال في الحال حتي لا يدفع الآن." لكن، لفصل الخريف، لا تعطيها لشخص آخر، سوف نكون أول من يطلبها منك، وبحلول ذلك الوقت سوف تضبطها". كما لو كان يعرف مسبقا أنه الآن لن يكون في حالة انتعاش للدرجة. بطبيعة الحال، توقفت علي الفور في الحديث عن المقال ووعدت بغير وضوح بفصل الخريف. كدرني ذلك بشكل هائل. وبعد ذلك، ذهبت عند السيدة نوفيكوف، حيث استقبلت بود بعض الزيارات، وأخيرا عند كاتكوف. لم أجد عندهم لا كاتكوف ولا لوبيموف. ذهبت لأري بائعي الكتب. اثنان غيرا مقرهما. الكل وعدني بأن يمنحني شيئا ما يوم الاثنين، لكن لا أعرف إذا ما كانوا سيمنحوني. ومع ذلك سوف أمر يوم الاثنين وأحاول الحصول علي العناوين الجديدة. بعد ذلك ذهبت عند أكساكوف، لا يزال في المدينة، لكني لم أجده في بيته: كان في المصرف. عدت إلي الفندق وتناولت العشاء في السابعة، ذهبت إلي منزل كاتكوف. وجدت معه لوبيموف، استقبلاني بترحاب حار وتحدثت مع لوبيموف عن الإخوة كارامازوف. يلحان كثيرا علي أن يحصلا عليها في شهر يونيو.(عند العودة سيلزم العمل بجد). تحدثت عرضا عن المقال، رجاني كاتكوف بحماس أن أعطيه له، لكن دوما من أجل الخريف. استشط غضبا علي إيوريف، وتعهدت تقريبا إنه حتي لو طلبت صحيفة روسكييه ميسل مقالي الآن سوف أطلب منها ثمنا فادحا، وإلا سوف أعطيه لـ كاتكوف.(حتي ذلك الحين من الممكن تنقيح المقال).
بعد كاتكوف (عنده قلبت فنجان شاي، وبللت ريقي) ذهبت عند فاريا ووجدتها في منزلها، ومع أن الساعة كانت العاشرة مساء، ذهبنا معا لهيلين بافلوفنا. استلمت فاريا للتو رسالة من أندريا (بخصوص أوراق تتعلق بأصل عائلتنا) لتسلمها لي وأخذت الرسالة. غيرت هيلين بافلوفنا الشقة ولم تعد تؤجر غرفة مفروشة، فذهبنا إلي شقتها الجديدة ووجدنا عندها ماري ونينا إيفانوف (معهما تصالحت هيلين بافلوفنا) وخيميروف.عائلة إيفانوف رحلت في خلال ثلاثة أيام باتجاه دوروفوايه، وكذلك خيميروف لأن زوجته موجودة هناك عند فيرا ميخائلوفينا. بقينا لمدة ساعة. وأثناء العودة إلي الفندق وجدت رسالة كانت أُحضرتها شخصيا نيكولا أكساكوف لافروف. دعاني لتناول العشاء يوم 25 ( أي اليوم) وسوف يأتيان إلي عند الساعة الخامسة. إنهم مساهمو صحيفة روسكييه ميسل الذين نظموا هذا العشاء. لكن سوف يوجد أيضا مدعوون آخرون. أظن أننا سوف نكون ما بين العشرين والثلاثين، حسب ما قاله لي إيوريف عندما كنت في منزله. أعتقد أن هذا العشاء قد نظم من أجلي، أي علي شرفي، وأنه سيقام في مكان ما، في مطعم.( كل شباب الأدباء في موسكو يرغبون في التعرف علي). الآن مرت ساعتان، وفي خلال ساعتين سوف يأتون للبحث عني. فقط لا أعرف هل يجب أن أرتدي معطف الريدنجوت أم البدلة. ها هي كل أخباري. لم أطلب نقودا من كاتكوف، لكني أخبرت لوبيموف أنني ربما أحتاجها أثناء الصيف. أجاب لوبيموف بخصوص طلبي الأول أنه سوف يرسل النقود علي العنون الذي أعطيه له. غدا، يجب أن أقوم بجولة علي المكتبات، وأذهب عند هيلين بافلوفنا، حيث سيوجد ربما رسالة منك، وأن أذهب عند ماري، التي دعتني بلجاجة للمجئ، الخ. بعد غد، الثلاثاء 27، سوف أرحل نحو روسا، لكني لم أعرف بعد بواسطة أي قطار: في الصباح أم في الظهيرة.أخشي ألا يسمح لي بالقيام بأعمالي. يصرخ إيوروف طوال الوقت حيث يحتاج أن يحادثني، أن يحادث الخ.". علي العموم لقد ضجرت وخربت أعصابي. أعتقد أنني لن أكتب لك علي الأقل عن شيء ما في غاية الغرابة.
إلي اللقاء عزيزتي أقبلك بقوة وكذلك البنات. فلتقبلي كثيرا ليلي وفيدي. أحبكم.
ف. دوستويفسكي
***
* إلي زوجته
25 مايو الثانية بعد الظهر
عزيزتي أني
لقد فضضت المظروف المغلق كي أضيف هذا الملحق. أتي إليّ هذا الصباح أكساكوف ليطلب مني بإلحاح أن أبقي من أجل الافتتاح الذي يعتقد أنه سوف يقام. قال إنني لا يمكنني الرحيل، وإنني لست محقا في ذلك، وإن تأثيري لعظيم في موسكو، وبصورة رئيسية علي الطلاب والشباب، ورحيلي سوف يلحق الضرر بانتصار أفكارنا، حيث سمع بالأمس أثناء العشاء عرض خطبتي التي اقتنع بعمق بضرورة القاءها الخ، الخ. من ناحية أخري بين لي بصفتي ممثل الجمعية السلافية، لن أستطيع الرحيل، لأن كل الممثلين، نظرا لضجة الافتتاح القادم ، قد بقوا. بالكاد كان قد رحل عندما وصل أيوروف( الذي سوف أتعشي عنده اليوم)، قال لي أيوروف نفس الشيئ . رحل دولجوروكوف اليوم(25) إلي سان بطرسبرج، وسلم كلمته حتي يعرف، عن طريق البرقية، يوم الافتتاح بالضبط. تنتظر هذه البرقية علي أقصي تقدير الأربعاء يوم 28، وربما غدا. قررت أن أنتظر هذه البرقية ولو في الحقيقة تم تثبيت الافتتاح بين 1 و5 يونيو ، تأكيدا. وإنه من أجل التأخير الكثير، سوف أرحل إلي موسكو يوم 28 أو يوم 29. قلت ذلك لـ أيوروف. لكن لا يمكنني معرفة أين يتواجد زولوتاييف، سلمني أيوروف كلمته التي سيجهزها اليوم وسوف يأتي ليقولها لي. علي الرغم من كوني مفوض الجمعية السلافية، كان بإمكاني الرحيل، مسلما لـ زولوتاييف وحده تفويضا لتمثيلها في الاحتفالات.(بصدد أكاليل النصب التذكاري كانت في الحسبان وكل منها سيكلف خمسين روبل!) بعد ذلك، بدأ أيوريف في الإلحاح علي صدور المقال في روسكييه ميسل. حينئذ قلت له كل شيئ، أي إنني تقريبا كنت قد وعدت كاتكوف.كان منفعلا ومتأثرا للغاية، اعتذر عن عدم تمكنه من الفهم، وقال إن هذا سوء تفاهم، وعندما أفهمته أنني كنت سأتقاضي مالا نظير عملي، صاح قائلا بأن لافروف كان قد قرر أنه سيعطيني كل ما سأطلبه من مال، أي حتي أربعمائة أو خمسمائة روبل. قلت لـ أيورف أنني تقريبا كنت قد وعدت كاتكوف بالمقال، حيث كان هدفي تحديدا أن أطلب مهلة من أجل الإخوة كارامازوف، وعلي وضعها، وأن أصدر المقال الخاص ببوشكين. الآن, إن أعطيت المقال إلي روسكييه ميسل, سأبدو أني أطلب مهلة من كاتكوف، تحديدا حتي أستطيع العمل من أجل عدوه أيوروف.( أترين في أي موقف أكون! لكن أيوروف نفسه هو المذنب). كاتكوف سيغضب. بالفعل، علي سبيل المثال، لن يدفع كاتكوف 400 روبل، (حتي الـ300 لن يدفعها إلا من أجل الإخوة كارامازوف، لكن من أجل مقال لن يدفعها)، حيث الـ 150 روبل الزائدة التي سوف يدفعها أيوريف سوف تغطي مصروفاتي هنا وأنا أنتظر افتتاح النصب التذكاري. وفي خلال شهر مجموعة من القصص والصعوبات الكثيرة. كيف ومتي يسير كل ذلك؟ أجهل ذلك، لكني قررت وأنا أنتظر أن أبقي حتي 28. إن لم يحدث الافتتاح من الآن حتي يوم 5 سوف أعود إلي روسا يوم 29 أو يوم 30 ومحاولة وضع المقال حيثما تكون. وأنت، أكتبي لي علي الأقل أي شيء في الحال. أطلب منك ذلك ثانية. ألن أتسلم منك سطرا؟ لا تفوتي في أن ترسلي علي العناوين التي أعطيتها لك بالأمس في الرسالة التي سوف تتسلمينها مع هذا الملحق. إن أردتِ، فلترسلي برقية. حكي لي أيوريف أن اليوم مجموعة من الأشخاص أتوا إلي منزله ليسبوه لأنه لم يكن قد أخبرهم بعشاء الأمس. حتي أربعة طلاب قد أتوا يطلبون أماكن من أجل العشاء. لقد أتي أيضا الموجودون هنا سوخوملينوف، جاتسوك، فيسكوفالوف وآخرين. سأذهب علي الفور إلي بائعي الكتب.
إلي اللقاء. قبلاتي لكم جميعا مرة ثانية.
زوجك المخلص
فيودور دوستويفسكي
***
موسكو 2-3 يونيو 1880 ، الثانية صباحا
صديقتي الصغيرة العزيزة آنيت
مساء أمس ذهبت عند هيلين بافلوفنا لأبحث عن رسالتك: لم أجد هناك أي شيء، واليوم وصل منك رسالتان إلي لوسكوتنييه: الأولي في الساعة الرابعة من بعد الظهيرة، والأخري مساء. في كلمة واحدة، من الواضح أن الرسائل تصل إلي لوسكوتنييه أسرع من عند هيلين بافلوفنا. كم كنت سعيدا لأنكم جميعا بصحة جيدة ولأنكم تتذكرونني . ولتقبلي الأولاد بكل قوة من أجل سطورهم الساحرة ؛ أنت تفهمين، آنيت. الطبيب نفسه ينصح الأولاد بتناول الحلويات. وبخصوص ملاحظتك أني أحبك قليلا، سوف أقول لك إنها "بلاهة". أفكر فقط فيك وفي الأولاد. دوما أراك في حلمي. هنا، عندنا، ثمة عقبات مجددًا. بالأمس، وفجأة، تأجل الحفل؛ لكن الآن، من المؤكد وبشكل مطلق أن الافتتاح سيكون يوم إنهم أعضاء المجلس البلدي من يعدون أكاليل الزهور؛ لكل واحد 8 روبلات. يلزم منها اثنان سوف أوصي عليهما غدا. وزالوتريف ليس موجودا هنا دائما. قطار بطرسبرج الذي سيحضر مختلف الوفود من أجل الاحتفالات لن يصل إلا بعد غد. الآن وهنا: مساء أول أمس تقريبا كل المشاركين (عداي) اجتمعوا عند تورجنيف ليقرروا ما ينبغي أن يقرأوه، وكيف سيتم تنظيم الحفل، الخ. قيل لي إن مقابلتهم عند تورجينيف كانت بالمصادفة. إنه جريجوريفتش من قال لي ذلك، بوصفها تعزية. من دون شك ما كنت لأذهب عند تورجينيف من دون دعوة رسمية من جانبه. وأخبرني فسكوفاتوف بكل وضوح أنه تلقي دعوة، منذ ثلاثة أيام. إذن وبكل بساطة ، لم أدعَ. (طبيعيا، فهو ليس أيوروف، إنه تورجنيف وكوفالافسكي؛ اختفي أيوروف فقط، ولذلك لن يظهر.)
صباح أمس بالكاد كنت قد صحوت للتو عندما حضر عندي جريجوروفيتش وفسكوفاتوف وأعلماني أنه عند تورجنيف قد أعدوا برنامج الاحتفالات كاملا وقراءات المساء. وبما أن الموسيقي كان مسموحًا بها، تم تقديم مسرحية الفارس البخيل ( مع سامارين). استبعدوني من قراءة الفارس البخيل وأشعار بوشكين (أنا من كان، تحديدا، يود قراءة هذه الاشعار). بدلا من ذلك منحوني قراءة قصيدة بوشكين: النبي، لكن في النهاية، كيف لا يخبرونني بكل ذلك رسميا؟ فضلا عن ذلك، أخبرني جرجوروفيتش أنني دعيت للمجيء غدا، في قاعة النبلاء ( قريبة جدا من الفندق) حيث، هذه المرة، سوف يتم تسوية كل شيء حتما. هم رحلوا، وأتي لوباتين؛ هذا الشاب الذي أهداني بولفانوف ليكون مرشدا لي. أخبرني، عكس ذلك، أن كل شيء قد تمت تسويته بالفعل، ( إذن لن يُطلب رأيي) وأنني دعيت للذهاب إلي قاعة النبلاء، للعرض الأولي، مع جمهور، خاصة تلاميذ المدارس الثانوية (المشاهدين مجانا) وأن هذا العرض قد أقيم خصيصا لهم، حتي يتمكنوا من الاستماع. وهكذا وضعت في موقف مراوغ جدا. لقد قرروا من دوني؛ لم يطلبوا رأيي في القراءات التي سأضطلع بها، إلا أنني لا يمكنني عدم الذهاب إلي الإعادة ولعدم القراءة للشباب. سيقال: لم يرد دوستويفسكي القراءة للشباب. في النهاية، لا يعرف مطلقا أي زي يُرتدي،: بدلة مثل الجمهور، أم ريدنجوت؟ بالأمس كنت مستاء جدا من كل هذا. تناولت العشاء بمفردي، وفي المساء ذهبت لرؤية آنا نيكولايفنا، كان عندها طبيب (صديق وأيضا أحد الأقارب). بقيت لنصف ساعة والاثنان اصطحباني إلي الفندق. هذا الصباح، أتي مجددا كل من جرجوروفيتش وفيسكوفاكوف، وأصر جريجورفيتش علي أن نتناول ثلاثتنا العشاء في مطعم الإرميتاج، حتي نذهب بعد ذلك إلي الحديقة العامة لنمضي الأمسية. رحلا وأنا ذهبت إلي كاتكوف حيث لم أكن قد ظهرت منذ ثلاثة أيام. بالضبط، وجدت عنده لوبيموف، الذي جاء ليحصل علي رسالة من ماركيفيتش. وعدهما بارسال روايته في شهر يونيو. وهكذا من هذه الناحية، ها أنا هادئ.
عند كاتكوف وجدت أخبارا. تلقي للتو رسالة بعثها أيوريف بوصفه رئيسا "لجمعية أصدقاء الأدب الروسي" ( كاتكوف عضو بها من فترة لا تذكر) أخبره أيوريف أن بطاقة الدعوة من أجل الاحتفالات أرسلت إلي موسكوموفيسكيا فيدوموستي بطريق الخطأ وأن لجنة "أصدقاء" التي تنظم هذا الحفل قد ألغت هذه الدعوة، وكأنها غير موافقة لقرار المجلس بحيث لابد أن تعتبر الدعوة وكأنها لم تكن. كان شكل الرسالة جافًا، بل وخشنًا، أكد لي جريجوروفيتش أن كوفالوفسكي أساسي، لكن تورجنيف أجبر أيضا أيوريف علي التوقيع علي ذلك. كان كاتكوف ساخطا بشكل واضح. "حتي بدون ذلك لم أكن لأذهب إلي هناك"، قال ذلك و هو يلوح بالرسالة. أنه يود نشر كل ذلك في صحيفته. بلا مراء، هذه وساخة. خاصة أنه ليس لديهم الحق في التصرف هكذا. إنها وساخة ولو لم أكن مرتبطا من قبل بكثير بهذه الاحتفالات لكنت قد قطعت كل علاقة بهم. سوف أقول كل ذلك بوضوح لإيوريف. وبعد ذلك، سألت كاتكوف عن أفضل طبيب أسنان هنا؛ أشار علي بـ أدلهم في بون ديه مارشو، وأوصاني أن أخبره أنني من طرفه. ذهبت عند أدلهم، أعطاني زنبركا جديدا مقابل 5 روبلات. من ثم عدت إلي المنزل ومع جريجوروفيتش وفيسكوفاتوف ذهبنا إلي الإرميتاج. تناولنا الغداء بروبل واحد للفرد. وأثناء تناول الطعام أمطرت، وكان قد توقف للتو عند خروجنا. جلس ثلاثتنا في عربة أقلتنا إلي حديقة الإرميتاج. في الطريق بدأ المطر يسقط ثانية. وصلنا إلي الحديقة مبللين، وفي المطعم طلبنا شايا. أخذنا عدة تذاكر بروبل، مع حق دخول المسرح. لكن المطر توقف. حكي جرجوروفيتش حكايات مختلفة. ثم ذهبنا إلي المسرح؛ كنا هناك بالفعل في الفصل الثاني. تم تناول أوبرا بول وفيرجينيا؛ المسرح، الأوركستر، المغنين، كل ذلك لا بأس به، لكن الموسيقي كانت سيئة.( في باريس، هذه الأوبرا عرضت مئات المرات)... في الفصل الثالث، ديكور بديع. ودون أن ننتظر النهاية غادرنا وأنا عدت إلي مسكني. أثار حنقي علي نحو عظيم عرض الغد. وعدني جريجوروفيتش أن يأتي ليصطحبني لنذهب إلي هناك معا. كنت مبللا إلي حد ما. في الطريق أصبت ببرد في ذراعي الأيسر وتصلب. صباح أمس ذهبت عند رئيس الأساقفة، الأسقف ألكسيس، وعند نيكولا "الياباني". سعدت جدا بمعرفتهما. مكثت قرابة الساعة. أتت كونتيسة ما وأنا رحلت. تحدث إلي الاثنين بقلب مفتوح. قالا لي أني بزيارتي هذه كنت قد منحتهما الكثير من الشرف والمتعة. اطلعا علي أعمالي واستحسنا ما يدافع منها عن الرب. دعا لي أليكسس بالبركة بعمق وأعطاني من الخبز المبارك. إلي اللقاء عزيزتي. إن أمكن سوف أكتب لك ثانية في الغد. أحبك كثيرا. أقبل البنات بقوة. سلامي العميق إلي آنا نيكوليفينا، وعلاوة علي ذلك فلتقبلي يدها من أجلي.
كل شيء لك من دون شريك.
ف. ديستويفسكي
(إضافة إلي الصفحة الأولي) أنت مخطئة؛ أحلم أحلامًا سيئة جدًا. اسمعي أنتِ تكتبين لي طوال الوقت لرعاية تسجيلنا في دفتر النبلاء. بداية، حتي لو تمكنا من ذلك، لن يكون لدينا وقت له، بشكل أساسي، لابد أن نعمل من سان بطرسبرج، بواسطة أناس في وضع جيد. سوف أوضح لك كل ذلك بصوت مدو. سوف أهتم بذلك من دون تردد، في بطرسبرج. المساعي هنا لا تفيد في أي شيء. أعرف؛ أنا مقتنع بقوة.
(بخصوص الصفحة الثانية) ذهبت عند إيفان أكساكوف، في الريف. تشاييف أيضا في الريف. سوف أذهب عند مورافيف، إن كان لدي وقت. مرة أخري ، كل شيء لك؛ أحبك.
***
موسكو3-4 يونيو
الثلاثاء الساعة الثانية
صغيرتي آنيت العزيزة
اليوم، مجددا، استلم رسالتك الغالية وممتن جدا لعدم نسيانك فيدياك »ديستوفسكي نفسه«. منذ وصلت رسائلك بصورة مطردة، أصبحتُ إلي حد بعيد أكثر هدوءًا وأكثر سكينة بشأنك. أنا سعيد من أجل البنات. هذا الصباح، أتي لوباتين عندي وأحضر إلي برنامج الاحتفالات. سلمته 17 روبل ليحجز إكليلين للبلدية. لم يكن زولوهاييف موجودًا دائما. وبعد ذلك قام بزيارتي أحد المحامين، سولوفيف، الذي كان يود التعرف عليّ. إنه عالم؛ لم يأت سوي للتحدث عن مسائل دينية، صوفية. (إنه تيار جديد). من بعده أتي جريجوروفيتش وفيسكوفاتوف، ثم إيوريف. جميعنا انفصل بشكل رهيب عن إيوريف، بسبب رسالته إلي كاتكوف ووجهنا له الكثير من اللوم. تناولت العشاء في مطعم موسكو مع جريجوروفيتش وفيسكوفاتوف وتعرفت علي الممثل سامارين، وهو عجوز في الرابعة والستين من عمره كان يحدثني طوال الوقت. أثناء الاحتفالات علي شرف بوشكين، سوف يقوم بتمثيل دور الفارس البخيل (بالزي)، همس لي بذلك. كان مطعم موسكو ممتلئا دائما. وكان من النادر جدا أن أوجد فيه إلا ويلتفتون إلي ليشاهدوني. كان الجميع يعرفني. حكي سامارين الكثير من الحكايات الطريفة حول الحياة الفنية في موسكو. في الحال، وبعد تناول العشاء انطلقنا مباشرة إلي اجتماع لجنة"أصدقاء"، لتحديد البرنامج النهائي لجلسات الصباح واحتفالات المساء. كان هناك تورجنيف، كوفالفسكي، وتشاييف، جروت، بارتانييف، وأيوريف، بوليفانوف، كالاتشوف، إلخ. رُتب كل شيء، باتفاق عام. كان تورجنيف ودودا للغاية معي، وكوفالفسكي (رجل ضخم مناهض لأفكارنا) كان ينظر لي دون توقف. ألقيت خطبتي اليوم التالي في الجلسة الصباحية 8 يونيو. في الساعة السادسة مساء سوف أقرأ أثناء الاحتفال (الموسيقي كان مسموحًا بها)، مشهد بيمن، بوريس جودونوف. تقريبا يقرأ الجميع شيئا ما: تورجنيف، جريجوروفيتش، بسمسكي إلخ. المساء الثاني، 8 يونيو سوف أقرأ ثلاث قصائد لبوشكين، وفي النهاية وحتي نختتم الاحتفال، النبي، قصيدة صغيرة لبوشكين شديدة الصعوبة في قراءتها. وضعوني في النهاية عن قصد، حتي أحدث تأثيرًا؛ لا أعرف هل سأحدثه. مع دقة الساعة العاشرة، عدت إلي الفندق ووجدت كارتي زيارة من سوفورين مع كلمة يخبرني فيها أنه أتي في الساعة العاشرة. لقد ترك عن طريق الخطأ بطاقتين، كانتا ملتصقتين. لكنني ظننت أنه قد أتي للمرة الثانية دون أن يجدني، ذهبت إلي فندق سالفيانسكي-بازار ( قريب جدا من مسكني) حيث كان ينزل. وجدته يتناول الشاي مع زوجته. كان في غاية السعادة. بسبب مقالاته، مثل كاتكوف، لقد وضع في المسرد من لجنة" أصدقاء". لم يعطوه حتي بطاقة للجلسات الصباحية. لذا وبما أني لدي تذكرة لـ فارفارا وقد تنازلت عنها، عرضتها عليه. كان في غاية السرور. قال لي إن بورينين هنا. اتفقنا أن نذهب معاً عند الساعة الواحدة من بعد الظهيرة عند تشاييف في متحف الكرملين الذي جعلنا نزوره بأكمله. كان يريد جريجوروفيتش وفيسكوفاتيف رؤيته أيضا. لا أعرف إن كانا سيأتيان. بعد الجلسة، في الساعة العاشرة، ذهبا إلي الإرميتاج وأصرا كثيرا علي أن أصطحبهما؛ لكني ذهبت إلي سوفورين. بعد أن علم سوفورين أننا سوف نذهب غدا لزيارة متحف الكرملين توسل إلينا أن نصحبه معنا، هو وزوجته وطلب أن نتناول العشاء بعد ذلك، أنا وهو وزوجته وجريجوروفيتش وفيسكوفاتيف في مطعم موسكو، من أجل أن نذهب جميعنا بعد ذلك إلي حديقة الإرميتاج. بدا لي أنه هو وزوجته يشعران بالضجر. في السهرة، من أجلها ابتعنا التذاكر، وهو سوف يأتي بكل تأكيد. لقد أُلغي عرض قراءات تلاميذ المدارس. بعد غد 5، تبدأ الارتحالات، يجب أن يذهب كل المفوضين ببزتهم الرسمية إلي البلدية؛ وأخشي ألا يكون لدي من الوقت للكتابة لك. غدا يصل أيضا قطار المفوضين من بطرسبرج والذين سيقيمون في فندقنا. في يوم 8 سوف يكون كل شيء منتهيا يوم 9 سوف أقوم بزيارات الوداع ويوم 10 سوف أغادر. سوف أكتب لك في وقت لاحق. لقد أرسل مائيكوف برقية يخبر فيها أنه آت؛ بولونسكي كذلك.
آه، هذا كل شيء يا عزيزتي. وهكذا فلتنتظريني يوم 11. يبدو لي أن هذه المرة أكيدة. يطلب مني سوفورين مقالي. لا أعرف حقا لمن أعطيه وكيف أتدبر ذلك. فليسمعوني أولا ألقي خطبتي!
أقبلك بقوة، عزيزتي آنيت. أقبلك بقوة "جدا، جدا، جدا." أقبل البنات وأباركهن. تكتبين لي أنك تحلمين وأنني لا أحبك, وأنا كل ليلة، أحلم أحلاما شريرة، كوابيس : أنت مخطئة. أقسم لك أني أعاني بشكل رهيب. أقبلك ألف مرة.
كل شيء لك
ف. ديستويفسكي
***
13
موسكو 7 يونيو 1880
منتصف الليل
عزيزتي كولومب، عزيزتي آنيت
أكتب لك علي عجل. أقيم الافتتاح أمس. كان فائق الوصف. لن تكفي عشرون ورقة للحديث عنه، وليس لدي دقيقة. لمدة ثلاث ليال لا أنام سوي خمس ساعات وكذلك هذه الليلة. وبعد ذلك كان لدي وليمة مع الخطبة بعد القراءة في الاحتفال الأدبي مساء، في قاعة النبلاء، مع الموسيقي. قرأت مشهد الراهب بيمن. علي الرغم من عبثية هذا الاختيار( لأن بيمن لا يمكن أن يصيح في أي قاعة) والصوتيات الرديئة في القاعة، يمكن أن نقول إنني قرأت بمعجزة. وقيل لي أيضا إنهم كانوا يسمعونني علي نحو رديء. استقبلت بشكل مذهل منذ فترة طويلة لم أستطع بدء قراءتي: لم يتوقفوا عن الهتاف باسمي وبعد القراءة استرجعوني ثلاث مرات. لكن تورجنيف الذي قرأ بشكل سيئ تم استرجاعه أكثر أيضا. خلف الكواليس (مكان كبير مظلم) لاحظت مئات الشباب الذين كانوا يصرخون بجنون عندما كان يظهر تورجنيف. اعتقدت في الحال أن هؤلاء المصفقين المأجورين كان قد وضعهم هناك كوفالافسكي. وكان الأمر كذلك بالفعل. هذا الصباح، في وقت الخطبة ، إيفان أكساكوف تنازل عن إلقاء خطبته من بعد خطبة تورجنيف ( فيها أحط تورجنيف من قدر بوشكين، مطلقًا عليه لقب الشاعر القومي) وأوضح أن المصفقين المأجورين كانوا قد أعدوا من فترة طويلة وكانوا قد وضعوا في مكانهم من قبل كوفال?
سان- بطرسبرج
لم أخبر بأي شيء عن موفدك الذي كنت أنتظره بنفسي بفارغ الصبر. أرسل لك أوراقك غير مصححة. أنا مريض. الدم يفور برأسي، وبناء علي أمر الطبيب يجب أن أتوقف عن العمل. وعندما أتمكن من المعاودة سوف أُرد لك، بالعمل، ما أنا مدين به لك و إن لم يكن هناك عمل لي، سوف أرد ما دفعته لي مقدمًا في الحال بعد نشر القاموس.
سأبقي المخلص جدًا لك.
ف.ديستويفسكي
***
22 ديسمبر1849
قلعة بيير وبولس
أخي، صديقي العزيز
حسم كل شيء، حُكم علي بأربع سنوات بالأشغال الشاقة في قلعة محصنة (مدينة أورينبورغ، علي ما يبدو لي ) بعد ذلك سوف ألتحق بالجيش كجندي. اليوم قادونا إلي ساحة سيميونلاسكي، هناك، قرأواعلينا، جميعا، حكم الإعدام، جعلونا نقبل الصليب، وكسرت فوق رؤوسنا سيوف، مضينا في اغتسالنا الأخير(بقمصان بيضاء)وبعد ذلك، ثلاثتنا، أوصلونا أمام الخازوق لتنفيذ الحكم، وبما أني كنت السادس وكانوا يستدعوننا ثلاثة تلو ثلاثة، وجدت نفسي في المجموعة الثانية، ولم يكن متبقيا علي حياتي سوي دقيقة، ليس أكثر. فكرت فيك يا أخي، في كل الأصدقاء، لكن في اللحظة الأخيرة كنت أنت وحدك في تفكيري وهنا وحسب أدركت كم أحبك، أخي العزيز. تمكنت أيضا من احتضان بليتشيّلا ودورولا، اللذان كانا بجواري وقلت لهما وداعا. أخيرا، دوي الطبل، وأحضروا نحونا هؤلاء الذين كانوا مربوطين بالخوازيق، وقرأوا علينا أن جلالته منحنا نعمة الحياة. وبعد ذلك، تلوا الصيغة الفعلية للحكم. تم العفو عن بالم وإعادته هو فقط إلي الجيش بنفس رتبته.
قيل لي في الحال، يا أخي العزيز، أنهم سيطلقون سراحنا اليوم أو غدا. طلبت رؤيتك، لكنه كان مستحيلا، فقط أستطيع كتابة هذا الخطاب لك، الذي أتوسل فيه إليك أن ترد علي بأسرع ما يمكن. خشيت ألا تعلم بأي طريقة كانت أننا كنا قد حكم علينا بالموت.عبر نافذة السيارة، عندما قادونا إلي ساحة سيميونلاسكي، رأيت حشدا عظيما، ربما تكون وصلتك الرسالة الجديدة وعانيت من أجلي. الآن فلتهون عليك يا أخي، أنا لست حزينا ولا بائسا. الحياة موجودة في كل مكان، الحياة موجودة بداخلنا، ليس خارجنا. بالقرب مني سيوجد مخلوقات بشرية وإن تكن إنسانًا وسط هذه المخلوقات وتبقي دائما كذلك، فقد يحدث بعض سوء الحظ، فلا تتدني، ولا تحبط، هذه هي الحياة، وهذا هدفها، علمت ذلك، اخترقت هذه الفكرة لحمي ودمي. نعم، هذا حقيقي.
هذا الرأس الذي كان يبدع، يعيش الحياة الفنية الرفيعة، الذي يعرف الاحتياجات السامية للروح وكان قد اعتادها، هذا الرأس كان قد انفصل عن كتفي، وتبقي ذكريات، صور ابتكرتها بنفسي، وليست متجسدة. إنها بالفعل جعلتني أعاني، لكن بداخلي بقي القلب- وأيضا اللحم والدم الذي يستطيع أيضا أن يحب، يعاني، يشتاق، يتذكر، بالفعل تلك هي الحياة. أن نري الشمس!
حسنا، إلي اللقاء يا أخي، لا تحزن من أجلي. الآن بعض المسائل المادية: الكتب( الكتاب المقدس عندي)، بعض الصفحات من مخطوطتي(مسودة من الدراما والرواية) والقصة القصيرة انتهت تماما، "حكاية طفل" كانوا قد أخذوها مني، وربما يسلموها لك. سأترك لك أيضا ردائي وملابسي القديمة، لو أرسلت لهم في طلبها. الآن، يا أخي، سوف أكون علي الأرجح مجبرا علي السير في طريق طويلة بمراحلها، وأنا بحاجة للنقود. أخي العزيز، عندما تتسلم هذا الخطاب، وإذا كان هناك إمكانية لأي مبلغ، فلترسله لي في الحال. بالنسبة لي الآن النقود ضرورية أكثر من الهواء(في هذا الظرف الخاص). أرسل لي أيضا بعض السطور عنك. وبعد ذلك، لو كنت تتلقي نقودا من موسكو، فلتهتم بي، لا تتخل عني. حسنا، هذا كل شيء. هناك بعض الديون، ماذا يسعنا أن نعمل؟ فلتقبل زوجتك وأولادك. ابتعثني في ذاكرتهم. فلتحرص علي عدم نسيانهم لي، قد نتقابل مع ذلك ذات يوم. أخي ، فلتهتم بنفسك وعائلتك، لتحيا بتواضع وفطنة، فلتفكر في مستقبل أولادك. لا تجيش أبدا مجددا بداخلي كالآن، هذه القوة الفياضة والصحيحة عن الحياة الروحية. لكن سيتحمل ذلك الجسد، لا أعرف. أرحل مريضا، داء العقدة الخنازيرية، ولكن...قد لا يكون خطيرا. يا أخي كم عانيت من قبل في الحياة لدرجة أن القليل من الأشياء، الآن، يروعني. مهما كلف الأمر، في أول فرصة سوف أبلغك بأخباري، فلتنقل إلي عائلة مائيكوف تحية الوداع، قل لهم إني أشكرهم جميعا لتعاطفهم مع مصيري، فلتخبر عني، أولايني بيترولانا، بعض الكلمات الحارة قدر الإمكان، ما يمليه عليك قلبك. أتمني لها السعادة وسوف تذكرني لها دائما باحترام وامتنان. فلتصافح أبولون مائيكولا، نيكولا أبولونولايتش، والجميع. إن قابلت إيانولاسكي، صافحه وأشكره. وأخيرا فلتشكر لي كل هؤلاء الذين لم ينسوني، ابتعثني في ذاكرتهم. فلتقبل أخانا نيكولا، ولتكتب خطابا لأخينا أندريه ولتحدثه عني. ولتكتب أيضا إلي العم والعمة، أرجوك بشكل خاص، ولتحييهما من جانبي، ولتكتب لأخواتنا: أتمني لهم السعادة.
وقد نلتقي يا أخي مرة أخري، فلتهتم بنفسك من أجل محبة الرب، لتعش حتي نتقابل مجددا. قد يجتمع شملنا ذات يوم ونتذكر طفولتنا، الزمن البعيد، العمر الذهبي، فترة الصبا وآمالها، التي في هذه اللحظة أقتلعها من قلبي وأدفنها. قد لا أستعيد القلم! ربما خلال الأربع سنوات سيكون لدي الإمكانية. سأطلعك علي كل ما سأكتبه، والحال أني، إذا ما كتبت، يا إلهي! كم من صور أبتدعتها وتنطفئ في رأسي، تهلك، أو كالسم تمتزج بدمي! نعم، لو أني لم أستطع الكتابة، سأهلك. من الأفضل السجن خمسة عشرعاما إن كان القلم في يدي!
فلتكتب لي في كثير من الأحيان، مع كثير من التفاصيل، وافني بكل الأخبار، حتي أدق التفاصيل عن حياة العائلة، لا تنس ذلك، ذلك سيمنحني الأمل وسيسمح لي بالحياة. لو كنت تعرف كيف أن خطاباتك هنا في المعتقل تسري عني! في هذين الشهرين ونصف الأخيرين، عندما كانت المراسلة ممنوعة، كانت أيام موجعة جدا لقلبي، كنت مريضا الحقيقة أنك، في هذا الوقت، لم تكن قد أرسلت لي نقودا، ما جعلني أعاني من أجلك: حينئذ عرفت أنك أيضا كنت في بؤس شديد. فلتقبّل مرة أخري أطفالك، وجوههم الفاتنة لم تخرج من رأسي، أه! يا ليتهم يكونوا سعداء! لتكن سعيدًا، أنت أيضا، يا أخي لتكن سعيدا!
ولا تحزن من أجلي، باسم محبة الرب، لا تكدر نفسك. فلتعرف أني لست حزينا، تذكر أن الأمل لم يتخل عني مطلقا. في خلال أربع سنوات سيكون مصيري جيدًا، سأصبح جنديًا، لن أعود محكوماعليه بالأشغال الشاقة، وأيضا، أضع نصب عينيّ أني أستطيع ذات يوم أن أحتضنك. اليوم ، إذن، لمدة ثلاثة أرباع ساعة، كدت أموت، عشت مع هذه الفكرة ، أنها لحظاتي الأخيرة، والآن، لازلت حيا! لو أن البعض يحتفظ عني بذكري سيئة، لو كنت قد حاولت خصامهم، قل لهم أن ينسوا، إن واتتك الفرصة لتحكي لهم، ليس هناك بغضاء ولا غضب في نفسي. كم كنت أود في هذه اللحظة حنوًا، أو تقبيل بعض المعارف. إنها فرحة، جربتها اليوم وأنا أقول وداعًا لرفقائي الأعزاء، قبل التنفيذ. فكرت في هذه اللحظة أن خبر موتي كان سيقتلك، لكن الآن، فلتهدئ من روعك: لا زلت حيًا وسوف أعيش في المستقبل بفكرة أنني سأحتضنك ذات يوم. الآن لم يعد غير ذلك في رأسي. ماذا ستفعل؟ فيما فكرت اليوم؟ أتعرف شيئا ما عن مصيرنا؟ كم يكون الجو باردا اليوم.أه! يا ليت يصلك خطابي عما قريب! وإلا سوف أكون لمدة ثلاثة شهور بلا أخبار منك. نظرت للأظرف التي في هذه الأشهر الأخيرة كنت قد أرسلت فيها النقود، كان العنوان بيدي، وأنا كنت سعيدًا جدا بمعرفة جهتكم. عندما أغوص ثانية في الماضي، وأتذكر كم من الوقت ضاع، من الأخطاء، من النقائص، من البطالة، من الجهل، عندما أفكر كم من المرات أذنبت في حق قلبي وعقلي، عندما أفكر في كل ذلك، يُدمي قلبي. الحياة هبة، الحياة سعادة، كل لحظة قد تكون قرنًا من السعادة. ليت الصبا كان يعلم! الآن، في نقطة التحول هذه من حياتي، أخذت شكلا جديدا. يا أخي أقسم لك أني لن أفقد الأمل وسوف أحتفظ بنقاء روحي وقلبي، سوف أُبعث للأفضل. هذا كل أملي، كل عزائي.
الحياة في المعتقلات قتلت بما يكفي بداخلي الاحتياجات الجسدية غير النقية تماما، الحرمان الآن لم يعد يمثل لي أي شيء. لذلك لا تخشي أن يقتلني الفقر المادي، لا، ذلك ليس شيئا. آه ليتني صحيحا!
إلي اللقاء، إلي اللقاء يا أخي! أعانقك بقوة. فلتفكر في دون ألم يعتصر قلبك. لا تكدر نفسك من أجلي، أرجوك. في خطابي المقبل سوف أصف لك حياتي، فلتتذكر جيدا ما قلته لك: در حياتك جيدا. لا تبذر فيها كثيرا، اعتن بمستقبلك، ولتفكر في أطفالك. آه! متي أراك ثانية؟ الوداع. الآن أقتلع مني كل من كان غاليا، أترك كل هذا شاق جدا علي. كم يكون مؤلما أن تنشطر لاثنين، ليتمزق قلبك لاثنين. لكني سأراك. أنا متأكد من ذلك، أتمني، ألا تتغير، حبني، لا تسمح لذاكرتك بالفتور، والتفكير في مودتك سيكون أفضل جزء في حياتي.
مرة أخري الوداع. الوداع جميعا.
* (كُتب هذا الخطاب في اليوم الذي كان يجب فيه تنفيذ حكم الإعدام في"جماعة التفكير المتحرر" بيترشفسكي، والتي كان من بينها ديستويفسكي
***
مشاريعي منذ أكثر من عامين، وكل ما يلتهم قلبي حتي الموت! سوف أكون سعيدا يا صديقي العزيز، يا ساحري تشيكن تشالكانوفيتش. أكتب لك ألغازا لا تحاول الكشف عنها، تمني لي النجاح. ربما تحصل في القريب العاجل مني، علي تفسير لكل هذا. إن أمكنك، فلتأت عندنا مبكرا، في شهر أبريل دون تردد. لا تعدل من مشاريعك. كم أود رؤيتك، وبكل تأكيد، لن تضجر. فلتكتب لي عما يشعرك بالضجر في أومسك وبشكل طبيعي! أنت تطلب نصائح: كيف تتصرف مع خدمك في الظروف الراهنة؟ وفقا لي، لا يجب أن تترك أشغالك. لديك الكثير من المواد التي تكتب عنها: فلتكتب مقالة عن البادية، سوف ننشرها ( تذكرأننا تحدثنا عن ذلك). سوف يكون من الأفضل أن تكتب شيئًا ما من ملاحظاتك حول الأخلاق في البادية، حول إقامتك هناك، الخ. سوف يكون ذلك أمرا مستحدثا يهتم به كل الناس. سوف يكون أمرًا حديثا جدا، ومن دون شك أنت تعرف ما يجب أن تكتبه (علي سبيل المثال، من خلال النوع الأدبي لـ جون تينر، ومن خلال ترجمة بوشكين، تتذكر؟) كان ذلك سيجذب الانتباه اتجاهك في أومسك وفي سان بطرسبرج. المواد التي لديك تهم الجمعية الجغرافية. في كلمة واحدة، في أومسك، كنا ننظر لك بشكل آخر. إذن سوف تستطيع إثارة حتي اهتمام والديك، عبر امكانية طريق جديدة لك. إن أردت قضاء صيف ما في البادية، لا زلنا نستطيع الانتظار. لكن في سبتمبر من العام المقبل سوف يمكنك طلب اجازة لمدة عام، للذهاب إلي روسيا. بعد أن تقضي بها عامًا سوف تعرف ما يجب. من أجل عام، سوف يكون لديك الموارد اللازمة. صدقني، الأمر لا يستلزم مبالغ طائلة. الأمر الرئيسي هو أن تعيش بطريقة ما وأن تحصل علي فكرة جديدة حول المسألة. كل شيء نسبي وطارئ. أثناء هذا العام سوف تستطيع أن تقرر بنفسك القيام بخطوة للأمام في حياتك، سوف يمكنك أن توضح لنفسك النتيجة، أي أنك سوف تقرر ما يجب عمله فيما بعد. بالعودة من سيبيريا، تستطيع أن تقدم لوالديك هذه المزايا أو هذه الاعتبارت التي ربما من أجلها كانوا سيسمحون لك بالرحيل إلي الخارج، أي السفر لمدة عامين إلي أوروبا، وفي خلال سبع أو ثمان سنوات، سوف تستطيع تنظيم حياتك بالطريقة التي ستكون مفيدة إلي حد بعيد لوطنك. أليس ذلك هو الهدف الكبير، العمل المقدس، أن تكون الأول من بين أقرانك لتوضح باللغة الروسية ما هي البادية، أهميتها، من هو شعبك بالنسبة لروسيا وفي نفس الوقت أن تخدم وطنك بأن تصنع له خطوات مضيئة بجانب الخطوات الروسية. فلتتذكر أنك أول قرغيزستاني تماما تتعلم في أوروبا. علاوة علي ذلك، القدر جعل منك إنسانا مثيرا للإعجاب، أنت واهب النفس والقلب. لا يمكن، لا يمكنك، البقاء في الخلف. فلتصر، فلتعمل، فلتراوغ أيضا إن أمكن. وكل شيئ ممكن، فلتتأكد من ذلك. لا تسخر علي الإطلاق من تفكيري اليوتوبي ومن تنبؤي بمصيرك، يا عزيزي فالي خان، أحبك بقدر ما فكرت فيك وفي مستقبلك لمدة أيام بأكملها. من دون شك، في أحلام يقظتي، كنت أتدبر وأنظم علي نحو أفضل قسمتك. لكن وسط الأحلام، كانت هناك حقيقة واقعة: أنك الأول من شعبك الذي امتلك التعليم الأوروبي، الوحيد، إنه لأمر غريب للغاية وذلك، علي الرغم من التزامك بالواجبات. إنه لمن الصعب أن تقرر ما ينبغي أن تكون خطوتك الأولي، لكن، نصيحة أخري: في العموم، فلتحلم قليلا ولتعمل كثيرا. فلتبدأ بأي شيئ. فلتصنع أي شيء لتوسيع مجالك، أي شيء، إنه مع ذلك أفضل من لا شيء. فليسعدك الرب!
إلي اللقاء، صديقي العزيز. فلتسمح لي أن أقبلك علي الأقل عشر مرات. لا تنساني ولتكتب لي في أحيان كثيرة.
يعجبني في سوريكوف أنه طبيعة رائقة، لكني لا زلت أعرفه قليلا. هل ستقابل سيمينوف وتأتي معه إلي سيميبالاتنسك؟ سوف نكون حينئذ في صحبة عظيمة! قد يحدث في هذا الوقت الكثير من التغييرات في حياتي. إن شاء الرب! ديمتشنسكي يرسل لك بتحيته. أكتب لك من منزله ونحن نجلس إلي الطاولة حيث العادي أننا نتناول الطعام أو نحتسي شاي المساء، في انتظار اليتامي المحرومين.
يجلس في مواجهتي سوريكوف، الذي يكتب لك أيضا. ديمتشينسكي ينام ويشخر.الساعة العاشرة مساء. كنت أود أن أكتب لك شيئا ما عن سيميبالاتينسك: ثمة أمور غريبة جدا، لكن، من خلال رسالة لا يمكن الحديث عن عشر الجزء ما كان يلزم أن يُحكي بالفعل.
إلي اللقاء يا صديقي الطيب. فلتكتب لي كثيرا، وسوف أرد عليك دائما. ربما مرة أخري سوف أجرؤ أن أحدثك عن أعمالي.تحياتي لـ د. ولتتمن له من جانبي كل السعادة الممكنة. لتؤكد له أنني أحبه ووفي له بإخلاص.
ملحوظة: السيدة س. تحييك. لقد حكت لي كيف أنك أردت أن تستدرجها إلي أومسك، دائما تتحدث عنك بشكل دائم وتهتم كثيرا بك.
الوداع
***
إلي الآنسات ل.أ. و أو.أ ميليوكوف بطرسبرج
فبراير 1867
عزيزاتي لودميلا وأولجا ألكسندروفنا
أذكركما بوعدكما الساحر بحضور حفل زواجي، وأجرؤ أن أتمني أن تأتيا دون تردد. سوف تمنحاني شرفا ولذة لا تنتهي. في الفترات الأخيرة، انشغالات تامة بعلاج (لا أعرف متي سينتهي) من مرض ألزمني المنزل دون حركة، دونما أتأكد حتي أنني سوف أدعوكما مجددا بصوت نابض. كم أنا سعيد أن بيبا علي أفضل ما يكون، ولتتخيلا أني كنت أعتمد علي أنه من سيكون في العربة مع الأيقونة. كنت أنتوي دائمًا أن أقوم بزيارته، وبمجرد أن أبدأ في الخروج سوف أذهب لرؤيته. ترجوني آنا جريجوريافنا أن أدعوكما بطريقة ملحة، علي الرغم من أنها لا تملك أبدا الحق في أن تتوجه إليكما مباشرة. لكن أتمني أن تحباها عندما تريناها. إنها تحبكما بالفعل منذ وقت طويل، بسبب مشاركتكما الوجدانية لسعادتي، ونتيجة حكاياتي الكثيرة.
إلي اللقاء.
الوفي بإخلاص تام لكما
ديستويفسكي
***
إلي بيوتر أندريفيتش
أكتوبر 1859
مدينة تفير
السيد بيوتر أندرييفيتش
أنا متأكد أنك مندهش وساخط من صمتي الممتد. كنت قد وعدت بالكتابة، أن أرد عليك بسرعة، ومع ذلك لا شيئ، كما لوأني كنت قد فُقِدتُ. لا تكن مستاءًا لهذه الدرجة، أيها العزيز والودود بيوتر أندرييفيتش. يبدو أنني مذنب اتجاهك دون أن أكون كذلك. لا أنسي قط معارفي، وبخصوصك، أقدرك منذ فترة طويلة فأنت أشرف وأنبل إنسان، فإذا ما صمت اليوم، علي الرغم من وعدي بسرعة الكتابة لك حول الموضوع الذي تعرفه، فذلك فقط بسبب المساعي العديدة التي لدي هنا لأفعلها. مساعي متنوعة تماما. الأمر يتعلق بعودتي لبطرسبرج. الشكليات الضرورية كانت شديدة التنوع ومعقدة جدا، المساعي العديدة جدًا، والتي لم أكن أتوقع أي شيئ مثلها، ولقد فقدت كل حرية عقلية حيث لم يكن أي شيئ يسير علي ما يرام، يبقي الآن، أن كل يشئ يسير إلي المبتغي. ليس الوقت ما فقدت، لكنها الحرية العقلية، لذلك صمتُ منتظرا أن ينتهي الأمر الرئيسي الذي كان يقلقني علي خير. فيما كنت أكرر علي نفسي حينئذ سوف أكتب إلي كل أصدقائي السيبيريين. أتظنون أني ما كتبت أيضا لأي شخص في سيميبالاتينسك؟ لا إلي ميشي ألكسندروفيتش ولا إلي جييبوفيتش(علي الرغم من تسلمي رسالة منه). إلي جييبوفيتش، سوف أكتب حتما هذا الأسبوع، وعدته بخطاب طويل مفصل. بالنسبة له، لم ينساني, سوف أكتب أيضا إلي الرائع والنبيل ميشيل ألكسندروفيتش. زوجتي تمني نفسها كل يوم بأن تكتب إلي هيلين إفانوفنا، لكنها تُرجئ كل شيئ إلي ما بعد تنظيم بعض الأشياء الأكثر إلحاحا. وهكذا هي المرة الأولي التي أكتب فيها لك، حيث أني مذنب اتجاهك (علي الرغم من البراءة). أعرف أنه كان يجب أن أخبرك مبكرا جدا. لكن لنمض إلي الأمور الخاصة. حديثي الأول إلي أخي ، نفس يوم مقابلتنا، معنيّ بك. لقد وجد الفكرة البديعة، لكنه لم يجد المكانة التي تليق بك. استفسرت معه وبتفصيل وبوضوح عن احتياجاتك. خمسة وثلاثون روبل شهريا كأجر، من دون الطعام، ليس كافيا لك. بهذه الظروف يرضي أخي طواعية، لكني أعرف أنها مؤذية لك جدا. قال لي أخي مبررا أنه لو استقدمك إلي سيبيريا مع عائلتك ، ثم إلي بطرسبرج، سوف تقدر أن احتياجاتك تفوق مواردك. يجب أن ألوم نفسي علي أني منحت أملًا عبثيًا إلي رجل وأني فرحت علي نحو طائش. أدرك كل ذلك جيدا، سألت أخي عن أماكن أخري، فقال لي إن الأجور نفسها في كل مكان لكن، وبشكل عام، الأماكن متنوعة وعديدة لدرجة أنه وبكل تأكيد، مع الوقت، نستطيع أن نجد ما يلزمك. ولذلك تكون خاتمتي هذه: هذا العام ليس هناك شيئا نبحث عنه. لكن العام القادم لو رغبت في ذلك سوف أعمل من أجلك، وأعتقد أني سوف أنجح، أولا لأني سأكون نفسي في سان بطرسبرج وثانيا بواسطة عدة أشخاص(أعرفهم).في سان بطرسبرج نستطيع أن نجد كل شيئ. كل شيئ تماما. أعدك أني لو اقترحت شيئا في العام القادم سوف يكون بطريقة محددة، إيجابية وليس بنزق. من جهة أخري، لن يكون لديك أي شيئ تفقده. أتمني برغبة قوية ألا تبقي في سيبيريا لذلك أهتم بساحتكم. لو أن هناك شيئا جيدا، سوف يكون كل شيئ علي أفضل ما يكون لك. المعلومات التي ستنقل لك ستكون محددة وإيجابية والقرار النهائي سوف يعتمد عليك. أكتب لي شيئا ما وعلمني بخططك، أنا متأكد أيها النبيل جدا بيوتر أندرييفيتش أنك لا تود مقاطعة لمجرد تكاسلي عن الكتابة. فيما بعد سوف أرد علي رسالتك باسهاب شديد، فيما يخص اليوم لا أود أن أخبرك سوي بما هو رئيسي.
تحياتي العظيمة إلي ناستازيا بتروفونا. زوجتي أيضا ترسل لها بالتحية. تحياتي لكل أهلك، تستطيع إن أردت ذلك، أن تنقل إليهم هذه الرسالة.
إلي اللقاء الغالي جدا بيوتر أندريفيتش، أتمني لك تمام العافية والنجاح. فلتكتب شيئا ما عن سيمبيلتانيسك. عنواني: تفر، منزل جاليونوف، بالقرب من مكتب البريد. فيما بعد سوف أكتب لك عني بتفصيل
المخلص جدا
ديستويفسكي
***
* إلي زوجته أنا جريجور دوستويفسكي
23/24 مايو 1880
موسكو
صديقتي العزيزة أنيت
لا يمكنك أن تتخيلي كم كنت حزينا وأنا في الطريق جراء خبر موت الامبراطورة }ماريا ألكسندروفنا المتوفاة 22 مايوعام 1880{ سلام علي روحها. صلي من أجلها. علمت بالخبر في القطار، بمجرد أن غادرت نوفجورود من خلال بعض المسافرين. واتتني فكرة أن احتفالات بوشكين قد تكون ألغيت بالفعل ونويت أن أغير طريقي إلي تشودوف. لكن، نتيجة الجهل بالأمور عدلت عن ذلك، وواصلت رحلتي. فكرت أنه حتي لو لم توجد احتفالات، ربما سيفتتح رغما عن ذلك النصب التذكاري والاكتفاء بالخطب والملتقيات الأدبية. إنه ليس سوي في يوم 23 بعد أن جاوزت تفر، كنت قد قرأت، في صحيفة موسكوفسكي فيدوموستي التي اشتريتها، رأي يوضح أن الإمبراطور أمر بارجاء الافتتاح لما بعد. هكذا وصلت إلي موسكو دون أي غاية وأفكر في الرحيل يوم 28 مايو في التاسعة صباحا. حتي ذلك الحين، سوف استفيد علي الأقل من فرصة أنني موجود في موسكو لأستعلم، لأري لوبموف ولأتحدث عن أشياء هامة، لأري أيضا كاتكوف، وأقوم بجولة في المكتبات الخ. شريطة أن أنجح في إنجاز الكثير من الأمور! في نهاية المطاف سوف أعلم أيضا كل الحقيقة حول خرائط العالم الأدبي. انفصلت عن آنا نيكوليفنا وتعانقنا طويلا. وعدتني بأن تعود بأسرع ما يمكن. كان اليوم حارا، وبالحرف، لم يغمض لي جفن. ومتعب، مهشم، وصلت موسكو في العاشرة- بتوقيت موسكو. في محطة القطار كانوا ينتظرونني بشكل مهيب. كان هناك إيوريف، لافروف، كل هيئة التحرير والمساهمين في جريدة روسكيه ميسل(الفكرة الروسية)، نيكولا أكسكوف، بارسوف وما يقارب عشرة أشخاص آخرين. تم التعارف، ووجهت لي علي الفور دعوة الذهاب إلي منزل لافروف حيث كان قد أعد العشاء. لكنني كنت منهكا، ومتسخا جدا، وكانت ملابسي غير نظيفة تماما، لذا رفضت. غدا سوف أذهب إلي أيوريف في الساعة الثانية. قال لي لافروف إن الفندق الأفضل والأكثر راحة في موسكو هو فندق لوسكوتنييه (شارع تفرسكييه بالقرب من الميدان حيث كنيسة العذراء الأم بإيفريسكييه) وعلي الفور هرع وعاد إلي العربة وهو يقول إنها عربة أجرة عادية، لكن بدا لي أنها كانت مسلمة له أو عربته الخاصة.عند وصولنا إلي الفندق لم يكن يود الحوذي قبول المال، أعطيتها له بالقوة،70 كوباك. في لوسكوتنييه كل شيئ كان علي الموعد. وجدت حجرة لي مفروشة بشكل جميل إلي حد ما- بثلاثة روبلات، لكن النوافذ كانت تطل علي الباحة، لابد أنها مظلمة تماما حتي أثناء النهار. أتوقع ألا يتم نشر مقالي لفترة طويلة، لأنه سيكون من الغريب أن أسلمه الآن. كذلك التجوال لفترة. الآن الساعة الواحدة تماما. كل شيئ حزين دون ثلاثتكم ذ أنتِ والطفلتين. أقبلك، وبقوة، أنت أولا، ثم ليلي وفيدا. فلتقبليهما لي بقوة وقولي لهما أني أحبهما للغاية. من المرجح ألا أستطيع تلقي أي شيئ من بائعي الكتب، لأنه في خلال يومين لن يكون لديهم وقت للحسابات.
إلي اللقاء، لا أعرف إن كنت سأتلقي منك رسائل. إن كان كذلك، أكتبي علي عنوان هيلين بافلوفنا. إلا أني أفكر أنه لا يجب أن تردي علي هذه الرسالة، لأن الرد لن يصل قبل يوم 29 وأتمني أن أكون في ذلك اليوم موجود بالفعل في روسا. كنت سأصبح مسرورا لوأن فكرة أن تكتبي لهيلين بافلوفنا فكرتك أنت. إن حدث( فليحفظنا الرب) مكروه ما، فلترسلي لي برقية علي فندق لوسكوتنيا، شارع تفيرسكييه، حجرة32 .
مرة أخري أقبل ثلاثتكم بقوة
زوجك
فيودور ديستويفسكي
***
* إلي زوجته
موسكو، الأحد، 25 مايو
صديقتي العزيزة آنيت
صباح أمس تلقيت زيارة جليلة من لافروف ونيكولا أكساكوف وبريفات دوسنت (محاضر خارجي) من جامعة زيفيريف، أتوا للترحيب بي. في نفس الصباح، ينبغي أن أبادل ثلاثتهم الزيارة. استغرق ذلك مني وقتا طويلا وألزمني بعدة مشاوير. بعد ذلك، ذهبت إلي أيوروف. علمت أنه اقترح أن يكون افتتاح النصب التذكاري في أكتوبر وليس في يونيو أو يوليو، كما كانت نية السلطات علي ما أعتقد. ولكن في هذه الحالة، سيكون قد تواري الافتتاح، لأنه لن يكون هناك أحد. لم أستطع الحصول علي شيئ محدد من أيوروف، إنه رجل مشوش: ريبيتلوف من نوع جديد، مع مكر( المكائد، مع ذلك ، لا تنكر). علي سبيل المثال ما أن تحدثت عن المقال، قال لي أيوروف:" أنا لم أطلب منك المقال "،(أي بالنسبة لمجلته )، بينما أتذكر أنه في رسائله، تحديدا، طلب ذلك مني. ولأن ريبيتلوف خبيثا لا يريد المقال في الحال حتي لا يدفع الآن." لكن، لفصل الخريف، لا تعطيها لشخص آخر، سوف نكون أول من يطلبها منك، وبحلول ذلك الوقت سوف تضبطها". كما لو كان يعرف مسبقا أنه الآن لن يكون في حالة انتعاش للدرجة. بطبيعة الحال، توقفت علي الفور في الحديث عن المقال ووعدت بغير وضوح بفصل الخريف. كدرني ذلك بشكل هائل. وبعد ذلك، ذهبت عند السيدة نوفيكوف، حيث استقبلت بود بعض الزيارات، وأخيرا عند كاتكوف. لم أجد عندهم لا كاتكوف ولا لوبيموف. ذهبت لأري بائعي الكتب. اثنان غيرا مقرهما. الكل وعدني بأن يمنحني شيئا ما يوم الاثنين، لكن لا أعرف إذا ما كانوا سيمنحوني. ومع ذلك سوف أمر يوم الاثنين وأحاول الحصول علي العناوين الجديدة. بعد ذلك ذهبت عند أكساكوف، لا يزال في المدينة، لكني لم أجده في بيته: كان في المصرف. عدت إلي الفندق وتناولت العشاء في السابعة، ذهبت إلي منزل كاتكوف. وجدت معه لوبيموف، استقبلاني بترحاب حار وتحدثت مع لوبيموف عن الإخوة كارامازوف. يلحان كثيرا علي أن يحصلا عليها في شهر يونيو.(عند العودة سيلزم العمل بجد). تحدثت عرضا عن المقال، رجاني كاتكوف بحماس أن أعطيه له، لكن دوما من أجل الخريف. استشط غضبا علي إيوريف، وتعهدت تقريبا إنه حتي لو طلبت صحيفة روسكييه ميسل مقالي الآن سوف أطلب منها ثمنا فادحا، وإلا سوف أعطيه لـ كاتكوف.(حتي ذلك الحين من الممكن تنقيح المقال).
بعد كاتكوف (عنده قلبت فنجان شاي، وبللت ريقي) ذهبت عند فاريا ووجدتها في منزلها، ومع أن الساعة كانت العاشرة مساء، ذهبنا معا لهيلين بافلوفنا. استلمت فاريا للتو رسالة من أندريا (بخصوص أوراق تتعلق بأصل عائلتنا) لتسلمها لي وأخذت الرسالة. غيرت هيلين بافلوفنا الشقة ولم تعد تؤجر غرفة مفروشة، فذهبنا إلي شقتها الجديدة ووجدنا عندها ماري ونينا إيفانوف (معهما تصالحت هيلين بافلوفنا) وخيميروف.عائلة إيفانوف رحلت في خلال ثلاثة أيام باتجاه دوروفوايه، وكذلك خيميروف لأن زوجته موجودة هناك عند فيرا ميخائلوفينا. بقينا لمدة ساعة. وأثناء العودة إلي الفندق وجدت رسالة كانت أُحضرتها شخصيا نيكولا أكساكوف لافروف. دعاني لتناول العشاء يوم 25 ( أي اليوم) وسوف يأتيان إلي عند الساعة الخامسة. إنهم مساهمو صحيفة روسكييه ميسل الذين نظموا هذا العشاء. لكن سوف يوجد أيضا مدعوون آخرون. أظن أننا سوف نكون ما بين العشرين والثلاثين، حسب ما قاله لي إيوريف عندما كنت في منزله. أعتقد أن هذا العشاء قد نظم من أجلي، أي علي شرفي، وأنه سيقام في مكان ما، في مطعم.( كل شباب الأدباء في موسكو يرغبون في التعرف علي). الآن مرت ساعتان، وفي خلال ساعتين سوف يأتون للبحث عني. فقط لا أعرف هل يجب أن أرتدي معطف الريدنجوت أم البدلة. ها هي كل أخباري. لم أطلب نقودا من كاتكوف، لكني أخبرت لوبيموف أنني ربما أحتاجها أثناء الصيف. أجاب لوبيموف بخصوص طلبي الأول أنه سوف يرسل النقود علي العنون الذي أعطيه له. غدا، يجب أن أقوم بجولة علي المكتبات، وأذهب عند هيلين بافلوفنا، حيث سيوجد ربما رسالة منك، وأن أذهب عند ماري، التي دعتني بلجاجة للمجئ، الخ. بعد غد، الثلاثاء 27، سوف أرحل نحو روسا، لكني لم أعرف بعد بواسطة أي قطار: في الصباح أم في الظهيرة.أخشي ألا يسمح لي بالقيام بأعمالي. يصرخ إيوروف طوال الوقت حيث يحتاج أن يحادثني، أن يحادث الخ.". علي العموم لقد ضجرت وخربت أعصابي. أعتقد أنني لن أكتب لك علي الأقل عن شيء ما في غاية الغرابة.
إلي اللقاء عزيزتي أقبلك بقوة وكذلك البنات. فلتقبلي كثيرا ليلي وفيدي. أحبكم.
ف. دوستويفسكي
***
* إلي زوجته
25 مايو الثانية بعد الظهر
عزيزتي أني
لقد فضضت المظروف المغلق كي أضيف هذا الملحق. أتي إليّ هذا الصباح أكساكوف ليطلب مني بإلحاح أن أبقي من أجل الافتتاح الذي يعتقد أنه سوف يقام. قال إنني لا يمكنني الرحيل، وإنني لست محقا في ذلك، وإن تأثيري لعظيم في موسكو، وبصورة رئيسية علي الطلاب والشباب، ورحيلي سوف يلحق الضرر بانتصار أفكارنا، حيث سمع بالأمس أثناء العشاء عرض خطبتي التي اقتنع بعمق بضرورة القاءها الخ، الخ. من ناحية أخري بين لي بصفتي ممثل الجمعية السلافية، لن أستطيع الرحيل، لأن كل الممثلين، نظرا لضجة الافتتاح القادم ، قد بقوا. بالكاد كان قد رحل عندما وصل أيوروف( الذي سوف أتعشي عنده اليوم)، قال لي أيوروف نفس الشيئ . رحل دولجوروكوف اليوم(25) إلي سان بطرسبرج، وسلم كلمته حتي يعرف، عن طريق البرقية، يوم الافتتاح بالضبط. تنتظر هذه البرقية علي أقصي تقدير الأربعاء يوم 28، وربما غدا. قررت أن أنتظر هذه البرقية ولو في الحقيقة تم تثبيت الافتتاح بين 1 و5 يونيو ، تأكيدا. وإنه من أجل التأخير الكثير، سوف أرحل إلي موسكو يوم 28 أو يوم 29. قلت ذلك لـ أيوروف. لكن لا يمكنني معرفة أين يتواجد زولوتاييف، سلمني أيوروف كلمته التي سيجهزها اليوم وسوف يأتي ليقولها لي. علي الرغم من كوني مفوض الجمعية السلافية، كان بإمكاني الرحيل، مسلما لـ زولوتاييف وحده تفويضا لتمثيلها في الاحتفالات.(بصدد أكاليل النصب التذكاري كانت في الحسبان وكل منها سيكلف خمسين روبل!) بعد ذلك، بدأ أيوريف في الإلحاح علي صدور المقال في روسكييه ميسل. حينئذ قلت له كل شيئ، أي إنني تقريبا كنت قد وعدت كاتكوف.كان منفعلا ومتأثرا للغاية، اعتذر عن عدم تمكنه من الفهم، وقال إن هذا سوء تفاهم، وعندما أفهمته أنني كنت سأتقاضي مالا نظير عملي، صاح قائلا بأن لافروف كان قد قرر أنه سيعطيني كل ما سأطلبه من مال، أي حتي أربعمائة أو خمسمائة روبل. قلت لـ أيورف أنني تقريبا كنت قد وعدت كاتكوف بالمقال، حيث كان هدفي تحديدا أن أطلب مهلة من أجل الإخوة كارامازوف، وعلي وضعها، وأن أصدر المقال الخاص ببوشكين. الآن, إن أعطيت المقال إلي روسكييه ميسل, سأبدو أني أطلب مهلة من كاتكوف، تحديدا حتي أستطيع العمل من أجل عدوه أيوروف.( أترين في أي موقف أكون! لكن أيوروف نفسه هو المذنب). كاتكوف سيغضب. بالفعل، علي سبيل المثال، لن يدفع كاتكوف 400 روبل، (حتي الـ300 لن يدفعها إلا من أجل الإخوة كارامازوف، لكن من أجل مقال لن يدفعها)، حيث الـ 150 روبل الزائدة التي سوف يدفعها أيوريف سوف تغطي مصروفاتي هنا وأنا أنتظر افتتاح النصب التذكاري. وفي خلال شهر مجموعة من القصص والصعوبات الكثيرة. كيف ومتي يسير كل ذلك؟ أجهل ذلك، لكني قررت وأنا أنتظر أن أبقي حتي 28. إن لم يحدث الافتتاح من الآن حتي يوم 5 سوف أعود إلي روسا يوم 29 أو يوم 30 ومحاولة وضع المقال حيثما تكون. وأنت، أكتبي لي علي الأقل أي شيء في الحال. أطلب منك ذلك ثانية. ألن أتسلم منك سطرا؟ لا تفوتي في أن ترسلي علي العناوين التي أعطيتها لك بالأمس في الرسالة التي سوف تتسلمينها مع هذا الملحق. إن أردتِ، فلترسلي برقية. حكي لي أيوريف أن اليوم مجموعة من الأشخاص أتوا إلي منزله ليسبوه لأنه لم يكن قد أخبرهم بعشاء الأمس. حتي أربعة طلاب قد أتوا يطلبون أماكن من أجل العشاء. لقد أتي أيضا الموجودون هنا سوخوملينوف، جاتسوك، فيسكوفالوف وآخرين. سأذهب علي الفور إلي بائعي الكتب.
إلي اللقاء. قبلاتي لكم جميعا مرة ثانية.
زوجك المخلص
فيودور دوستويفسكي
***
موسكو 2-3 يونيو 1880 ، الثانية صباحا
صديقتي الصغيرة العزيزة آنيت
مساء أمس ذهبت عند هيلين بافلوفنا لأبحث عن رسالتك: لم أجد هناك أي شيء، واليوم وصل منك رسالتان إلي لوسكوتنييه: الأولي في الساعة الرابعة من بعد الظهيرة، والأخري مساء. في كلمة واحدة، من الواضح أن الرسائل تصل إلي لوسكوتنييه أسرع من عند هيلين بافلوفنا. كم كنت سعيدا لأنكم جميعا بصحة جيدة ولأنكم تتذكرونني . ولتقبلي الأولاد بكل قوة من أجل سطورهم الساحرة ؛ أنت تفهمين، آنيت. الطبيب نفسه ينصح الأولاد بتناول الحلويات. وبخصوص ملاحظتك أني أحبك قليلا، سوف أقول لك إنها "بلاهة". أفكر فقط فيك وفي الأولاد. دوما أراك في حلمي. هنا، عندنا، ثمة عقبات مجددًا. بالأمس، وفجأة، تأجل الحفل؛ لكن الآن، من المؤكد وبشكل مطلق أن الافتتاح سيكون يوم إنهم أعضاء المجلس البلدي من يعدون أكاليل الزهور؛ لكل واحد 8 روبلات. يلزم منها اثنان سوف أوصي عليهما غدا. وزالوتريف ليس موجودا هنا دائما. قطار بطرسبرج الذي سيحضر مختلف الوفود من أجل الاحتفالات لن يصل إلا بعد غد. الآن وهنا: مساء أول أمس تقريبا كل المشاركين (عداي) اجتمعوا عند تورجنيف ليقرروا ما ينبغي أن يقرأوه، وكيف سيتم تنظيم الحفل، الخ. قيل لي إن مقابلتهم عند تورجينيف كانت بالمصادفة. إنه جريجوريفتش من قال لي ذلك، بوصفها تعزية. من دون شك ما كنت لأذهب عند تورجينيف من دون دعوة رسمية من جانبه. وأخبرني فسكوفاتوف بكل وضوح أنه تلقي دعوة، منذ ثلاثة أيام. إذن وبكل بساطة ، لم أدعَ. (طبيعيا، فهو ليس أيوروف، إنه تورجنيف وكوفالافسكي؛ اختفي أيوروف فقط، ولذلك لن يظهر.)
صباح أمس بالكاد كنت قد صحوت للتو عندما حضر عندي جريجوروفيتش وفسكوفاتوف وأعلماني أنه عند تورجنيف قد أعدوا برنامج الاحتفالات كاملا وقراءات المساء. وبما أن الموسيقي كان مسموحًا بها، تم تقديم مسرحية الفارس البخيل ( مع سامارين). استبعدوني من قراءة الفارس البخيل وأشعار بوشكين (أنا من كان، تحديدا، يود قراءة هذه الاشعار). بدلا من ذلك منحوني قراءة قصيدة بوشكين: النبي، لكن في النهاية، كيف لا يخبرونني بكل ذلك رسميا؟ فضلا عن ذلك، أخبرني جرجوروفيتش أنني دعيت للمجيء غدا، في قاعة النبلاء ( قريبة جدا من الفندق) حيث، هذه المرة، سوف يتم تسوية كل شيء حتما. هم رحلوا، وأتي لوباتين؛ هذا الشاب الذي أهداني بولفانوف ليكون مرشدا لي. أخبرني، عكس ذلك، أن كل شيء قد تمت تسويته بالفعل، ( إذن لن يُطلب رأيي) وأنني دعيت للذهاب إلي قاعة النبلاء، للعرض الأولي، مع جمهور، خاصة تلاميذ المدارس الثانوية (المشاهدين مجانا) وأن هذا العرض قد أقيم خصيصا لهم، حتي يتمكنوا من الاستماع. وهكذا وضعت في موقف مراوغ جدا. لقد قرروا من دوني؛ لم يطلبوا رأيي في القراءات التي سأضطلع بها، إلا أنني لا يمكنني عدم الذهاب إلي الإعادة ولعدم القراءة للشباب. سيقال: لم يرد دوستويفسكي القراءة للشباب. في النهاية، لا يعرف مطلقا أي زي يُرتدي،: بدلة مثل الجمهور، أم ريدنجوت؟ بالأمس كنت مستاء جدا من كل هذا. تناولت العشاء بمفردي، وفي المساء ذهبت لرؤية آنا نيكولايفنا، كان عندها طبيب (صديق وأيضا أحد الأقارب). بقيت لنصف ساعة والاثنان اصطحباني إلي الفندق. هذا الصباح، أتي مجددا كل من جرجوروفيتش وفيسكوفاكوف، وأصر جريجورفيتش علي أن نتناول ثلاثتنا العشاء في مطعم الإرميتاج، حتي نذهب بعد ذلك إلي الحديقة العامة لنمضي الأمسية. رحلا وأنا ذهبت إلي كاتكوف حيث لم أكن قد ظهرت منذ ثلاثة أيام. بالضبط، وجدت عنده لوبيموف، الذي جاء ليحصل علي رسالة من ماركيفيتش. وعدهما بارسال روايته في شهر يونيو. وهكذا من هذه الناحية، ها أنا هادئ.
عند كاتكوف وجدت أخبارا. تلقي للتو رسالة بعثها أيوريف بوصفه رئيسا "لجمعية أصدقاء الأدب الروسي" ( كاتكوف عضو بها من فترة لا تذكر) أخبره أيوريف أن بطاقة الدعوة من أجل الاحتفالات أرسلت إلي موسكوموفيسكيا فيدوموستي بطريق الخطأ وأن لجنة "أصدقاء" التي تنظم هذا الحفل قد ألغت هذه الدعوة، وكأنها غير موافقة لقرار المجلس بحيث لابد أن تعتبر الدعوة وكأنها لم تكن. كان شكل الرسالة جافًا، بل وخشنًا، أكد لي جريجوروفيتش أن كوفالوفسكي أساسي، لكن تورجنيف أجبر أيضا أيوريف علي التوقيع علي ذلك. كان كاتكوف ساخطا بشكل واضح. "حتي بدون ذلك لم أكن لأذهب إلي هناك"، قال ذلك و هو يلوح بالرسالة. أنه يود نشر كل ذلك في صحيفته. بلا مراء، هذه وساخة. خاصة أنه ليس لديهم الحق في التصرف هكذا. إنها وساخة ولو لم أكن مرتبطا من قبل بكثير بهذه الاحتفالات لكنت قد قطعت كل علاقة بهم. سوف أقول كل ذلك بوضوح لإيوريف. وبعد ذلك، سألت كاتكوف عن أفضل طبيب أسنان هنا؛ أشار علي بـ أدلهم في بون ديه مارشو، وأوصاني أن أخبره أنني من طرفه. ذهبت عند أدلهم، أعطاني زنبركا جديدا مقابل 5 روبلات. من ثم عدت إلي المنزل ومع جريجوروفيتش وفيسكوفاتوف ذهبنا إلي الإرميتاج. تناولنا الغداء بروبل واحد للفرد. وأثناء تناول الطعام أمطرت، وكان قد توقف للتو عند خروجنا. جلس ثلاثتنا في عربة أقلتنا إلي حديقة الإرميتاج. في الطريق بدأ المطر يسقط ثانية. وصلنا إلي الحديقة مبللين، وفي المطعم طلبنا شايا. أخذنا عدة تذاكر بروبل، مع حق دخول المسرح. لكن المطر توقف. حكي جرجوروفيتش حكايات مختلفة. ثم ذهبنا إلي المسرح؛ كنا هناك بالفعل في الفصل الثاني. تم تناول أوبرا بول وفيرجينيا؛ المسرح، الأوركستر، المغنين، كل ذلك لا بأس به، لكن الموسيقي كانت سيئة.( في باريس، هذه الأوبرا عرضت مئات المرات)... في الفصل الثالث، ديكور بديع. ودون أن ننتظر النهاية غادرنا وأنا عدت إلي مسكني. أثار حنقي علي نحو عظيم عرض الغد. وعدني جريجوروفيتش أن يأتي ليصطحبني لنذهب إلي هناك معا. كنت مبللا إلي حد ما. في الطريق أصبت ببرد في ذراعي الأيسر وتصلب. صباح أمس ذهبت عند رئيس الأساقفة، الأسقف ألكسيس، وعند نيكولا "الياباني". سعدت جدا بمعرفتهما. مكثت قرابة الساعة. أتت كونتيسة ما وأنا رحلت. تحدث إلي الاثنين بقلب مفتوح. قالا لي أني بزيارتي هذه كنت قد منحتهما الكثير من الشرف والمتعة. اطلعا علي أعمالي واستحسنا ما يدافع منها عن الرب. دعا لي أليكسس بالبركة بعمق وأعطاني من الخبز المبارك. إلي اللقاء عزيزتي. إن أمكن سوف أكتب لك ثانية في الغد. أحبك كثيرا. أقبل البنات بقوة. سلامي العميق إلي آنا نيكوليفينا، وعلاوة علي ذلك فلتقبلي يدها من أجلي.
كل شيء لك من دون شريك.
ف. ديستويفسكي
(إضافة إلي الصفحة الأولي) أنت مخطئة؛ أحلم أحلامًا سيئة جدًا. اسمعي أنتِ تكتبين لي طوال الوقت لرعاية تسجيلنا في دفتر النبلاء. بداية، حتي لو تمكنا من ذلك، لن يكون لدينا وقت له، بشكل أساسي، لابد أن نعمل من سان بطرسبرج، بواسطة أناس في وضع جيد. سوف أوضح لك كل ذلك بصوت مدو. سوف أهتم بذلك من دون تردد، في بطرسبرج. المساعي هنا لا تفيد في أي شيء. أعرف؛ أنا مقتنع بقوة.
(بخصوص الصفحة الثانية) ذهبت عند إيفان أكساكوف، في الريف. تشاييف أيضا في الريف. سوف أذهب عند مورافيف، إن كان لدي وقت. مرة أخري ، كل شيء لك؛ أحبك.
***
موسكو3-4 يونيو
الثلاثاء الساعة الثانية
صغيرتي آنيت العزيزة
اليوم، مجددا، استلم رسالتك الغالية وممتن جدا لعدم نسيانك فيدياك »ديستوفسكي نفسه«. منذ وصلت رسائلك بصورة مطردة، أصبحتُ إلي حد بعيد أكثر هدوءًا وأكثر سكينة بشأنك. أنا سعيد من أجل البنات. هذا الصباح، أتي لوباتين عندي وأحضر إلي برنامج الاحتفالات. سلمته 17 روبل ليحجز إكليلين للبلدية. لم يكن زولوهاييف موجودًا دائما. وبعد ذلك قام بزيارتي أحد المحامين، سولوفيف، الذي كان يود التعرف عليّ. إنه عالم؛ لم يأت سوي للتحدث عن مسائل دينية، صوفية. (إنه تيار جديد). من بعده أتي جريجوروفيتش وفيسكوفاتوف، ثم إيوريف. جميعنا انفصل بشكل رهيب عن إيوريف، بسبب رسالته إلي كاتكوف ووجهنا له الكثير من اللوم. تناولت العشاء في مطعم موسكو مع جريجوروفيتش وفيسكوفاتوف وتعرفت علي الممثل سامارين، وهو عجوز في الرابعة والستين من عمره كان يحدثني طوال الوقت. أثناء الاحتفالات علي شرف بوشكين، سوف يقوم بتمثيل دور الفارس البخيل (بالزي)، همس لي بذلك. كان مطعم موسكو ممتلئا دائما. وكان من النادر جدا أن أوجد فيه إلا ويلتفتون إلي ليشاهدوني. كان الجميع يعرفني. حكي سامارين الكثير من الحكايات الطريفة حول الحياة الفنية في موسكو. في الحال، وبعد تناول العشاء انطلقنا مباشرة إلي اجتماع لجنة"أصدقاء"، لتحديد البرنامج النهائي لجلسات الصباح واحتفالات المساء. كان هناك تورجنيف، كوفالفسكي، وتشاييف، جروت، بارتانييف، وأيوريف، بوليفانوف، كالاتشوف، إلخ. رُتب كل شيء، باتفاق عام. كان تورجنيف ودودا للغاية معي، وكوفالفسكي (رجل ضخم مناهض لأفكارنا) كان ينظر لي دون توقف. ألقيت خطبتي اليوم التالي في الجلسة الصباحية 8 يونيو. في الساعة السادسة مساء سوف أقرأ أثناء الاحتفال (الموسيقي كان مسموحًا بها)، مشهد بيمن، بوريس جودونوف. تقريبا يقرأ الجميع شيئا ما: تورجنيف، جريجوروفيتش، بسمسكي إلخ. المساء الثاني، 8 يونيو سوف أقرأ ثلاث قصائد لبوشكين، وفي النهاية وحتي نختتم الاحتفال، النبي، قصيدة صغيرة لبوشكين شديدة الصعوبة في قراءتها. وضعوني في النهاية عن قصد، حتي أحدث تأثيرًا؛ لا أعرف هل سأحدثه. مع دقة الساعة العاشرة، عدت إلي الفندق ووجدت كارتي زيارة من سوفورين مع كلمة يخبرني فيها أنه أتي في الساعة العاشرة. لقد ترك عن طريق الخطأ بطاقتين، كانتا ملتصقتين. لكنني ظننت أنه قد أتي للمرة الثانية دون أن يجدني، ذهبت إلي فندق سالفيانسكي-بازار ( قريب جدا من مسكني) حيث كان ينزل. وجدته يتناول الشاي مع زوجته. كان في غاية السعادة. بسبب مقالاته، مثل كاتكوف، لقد وضع في المسرد من لجنة" أصدقاء". لم يعطوه حتي بطاقة للجلسات الصباحية. لذا وبما أني لدي تذكرة لـ فارفارا وقد تنازلت عنها، عرضتها عليه. كان في غاية السرور. قال لي إن بورينين هنا. اتفقنا أن نذهب معاً عند الساعة الواحدة من بعد الظهيرة عند تشاييف في متحف الكرملين الذي جعلنا نزوره بأكمله. كان يريد جريجوروفيتش وفيسكوفاتيف رؤيته أيضا. لا أعرف إن كانا سيأتيان. بعد الجلسة، في الساعة العاشرة، ذهبا إلي الإرميتاج وأصرا كثيرا علي أن أصطحبهما؛ لكني ذهبت إلي سوفورين. بعد أن علم سوفورين أننا سوف نذهب غدا لزيارة متحف الكرملين توسل إلينا أن نصحبه معنا، هو وزوجته وطلب أن نتناول العشاء بعد ذلك، أنا وهو وزوجته وجريجوروفيتش وفيسكوفاتيف في مطعم موسكو، من أجل أن نذهب جميعنا بعد ذلك إلي حديقة الإرميتاج. بدا لي أنه هو وزوجته يشعران بالضجر. في السهرة، من أجلها ابتعنا التذاكر، وهو سوف يأتي بكل تأكيد. لقد أُلغي عرض قراءات تلاميذ المدارس. بعد غد 5، تبدأ الارتحالات، يجب أن يذهب كل المفوضين ببزتهم الرسمية إلي البلدية؛ وأخشي ألا يكون لدي من الوقت للكتابة لك. غدا يصل أيضا قطار المفوضين من بطرسبرج والذين سيقيمون في فندقنا. في يوم 8 سوف يكون كل شيء منتهيا يوم 9 سوف أقوم بزيارات الوداع ويوم 10 سوف أغادر. سوف أكتب لك في وقت لاحق. لقد أرسل مائيكوف برقية يخبر فيها أنه آت؛ بولونسكي كذلك.
آه، هذا كل شيء يا عزيزتي. وهكذا فلتنتظريني يوم 11. يبدو لي أن هذه المرة أكيدة. يطلب مني سوفورين مقالي. لا أعرف حقا لمن أعطيه وكيف أتدبر ذلك. فليسمعوني أولا ألقي خطبتي!
أقبلك بقوة، عزيزتي آنيت. أقبلك بقوة "جدا، جدا، جدا." أقبل البنات وأباركهن. تكتبين لي أنك تحلمين وأنني لا أحبك, وأنا كل ليلة، أحلم أحلاما شريرة، كوابيس : أنت مخطئة. أقسم لك أني أعاني بشكل رهيب. أقبلك ألف مرة.
كل شيء لك
ف. ديستويفسكي
***
13
موسكو 7 يونيو 1880
منتصف الليل
عزيزتي كولومب، عزيزتي آنيت
أكتب لك علي عجل. أقيم الافتتاح أمس. كان فائق الوصف. لن تكفي عشرون ورقة للحديث عنه، وليس لدي دقيقة. لمدة ثلاث ليال لا أنام سوي خمس ساعات وكذلك هذه الليلة. وبعد ذلك كان لدي وليمة مع الخطبة بعد القراءة في الاحتفال الأدبي مساء، في قاعة النبلاء، مع الموسيقي. قرأت مشهد الراهب بيمن. علي الرغم من عبثية هذا الاختيار( لأن بيمن لا يمكن أن يصيح في أي قاعة) والصوتيات الرديئة في القاعة، يمكن أن نقول إنني قرأت بمعجزة. وقيل لي أيضا إنهم كانوا يسمعونني علي نحو رديء. استقبلت بشكل مذهل منذ فترة طويلة لم أستطع بدء قراءتي: لم يتوقفوا عن الهتاف باسمي وبعد القراءة استرجعوني ثلاث مرات. لكن تورجنيف الذي قرأ بشكل سيئ تم استرجاعه أكثر أيضا. خلف الكواليس (مكان كبير مظلم) لاحظت مئات الشباب الذين كانوا يصرخون بجنون عندما كان يظهر تورجنيف. اعتقدت في الحال أن هؤلاء المصفقين المأجورين كان قد وضعهم هناك كوفالافسكي. وكان الأمر كذلك بالفعل. هذا الصباح، في وقت الخطبة ، إيفان أكساكوف تنازل عن إلقاء خطبته من بعد خطبة تورجنيف ( فيها أحط تورجنيف من قدر بوشكين، مطلقًا عليه لقب الشاعر القومي) وأوضح أن المصفقين المأجورين كانوا قد أعدوا من فترة طويلة وكانوا قد وضعوا في مكانهم من قبل كوفال?