مصطفي النحاس
عزيزي حضرة صاحب العزة الدكتور طه حسين بك
تسلمت رسالتك الفياضة بالحب، المليئة بالوفاء، المنبعثة من قلب مخلص كل الإخلاص، صادق كل الصدق، يحمل انبل عاطفة واخلص شعور. ولا اكذبك فقد كان وقع هذه الرسالة عظيما علي قلبي، شديد التأثير علي نفسي. -حتي لأعلنت اعجابي بما تضمنته من وفاء نادر، واخلاص لاتشوبه الشوائب، ولم تلوثه الأغراض- بين بعض الخاصة من الأصدقاء.
وعلم الله لم يكن سروري بها منصبا علي ما تضمنته من ثناء اقرضتني إياه وأبادلك به اطيب ثناء. ولكن لأنها صدرت من رجل يزن ما يقول، ويضع الشيء في موضعه. ولا يصرح إلا علي قدر ما يعتقد.
وليس جديدا علي ما تحمله رسائلك أو أشهده منك حين القاك، أو حين تنزل بي نازلة، أو يمسسني الله بخير، فإني مذ عرفتك وخبرتك، عرفت فيك الخلق الكريم، والعقل الحصيف، والقلب الكبير، والوفاء الكثير للأصدقاء، في زمن قل أو انعدم فيه الوفاء.
واذا كنت لاتحضر مؤتمرا ولا تشهد اجتماعا دوليا الا ذكرتني بالخير، وذكرت ما قدمت لمصر من خدمات، وما احرزته لها من مكانة، فإني فخور بهذا الذكر العطر من خير سفير نابه الذكر وعبقري عظيم الأثر لمصر الفتية الحديثة في عهدها الجديد.
واذا كان قد فاتك ان تحزن لنزول المحنة بي، وتسر لانكشافها عني، فما فاتك في الواقع شيء من هذا كله. فقد شاركتنا قريبا وبعيدا. البأساء والضراء، وكنت الي قلبي دائما من اقرب الأصدقاء الأوفياء.
وحسبك من كرم الخلق ان يفيض كتابك بهذه الأحاسيس العميقة التي اشعر بها في كل سطر من سطوره، وحسبي من حبك وودك ان اكون موضع ذكرك وفكرك في البلاد القصية والشعوب التي تعرف اقدار الرجال.
ولايحزنك- ياعزيزي- ما تعلمه من نقص الوفاء في القلة المستنيرة من المصريين، فان ظفري بوفاء رجل علي رأس المستنيرين في مصر مثلك، ومضافا اليه الوفاء النادر الذي اراه في شتي الصور من الكثرة المطلقة في الشعب- لخير عزاء لي وأكبر حافز علي المضي في خدمة الوطن حتي النهاية، وسيأتي يوم تفهم فيه هذه القلة ان عرفان الجميل علي اي وضع من الأوضاع هو الكفيل بتقدم الشعب والسير به قدما الي اشرف ما يقصد من الغايات.
ولا اختم رسالتي هذه قبل ان ابعث اليك بأصدق تقديري واعظم شكري وحبي علي ما اختتمت به كتابك من آيات صادقة، وعبارات طيبة ارجو الله ان يجزيك عنها اطيب الجزاء وان يمتعك وزوجك المصون وابنيك العزيزين بما ترجو من سعادة ورفاهية واطمئنان بال.
ولكم جميعا صادق تحيتي، وخالص مودتي
رمل الاسكندرية في 23/7/1939
المخلص
مصطفي النحاس
عزيزي حضرة صاحب العزة الدكتور طه حسين بك
تسلمت رسالتك الفياضة بالحب، المليئة بالوفاء، المنبعثة من قلب مخلص كل الإخلاص، صادق كل الصدق، يحمل انبل عاطفة واخلص شعور. ولا اكذبك فقد كان وقع هذه الرسالة عظيما علي قلبي، شديد التأثير علي نفسي. -حتي لأعلنت اعجابي بما تضمنته من وفاء نادر، واخلاص لاتشوبه الشوائب، ولم تلوثه الأغراض- بين بعض الخاصة من الأصدقاء.
وعلم الله لم يكن سروري بها منصبا علي ما تضمنته من ثناء اقرضتني إياه وأبادلك به اطيب ثناء. ولكن لأنها صدرت من رجل يزن ما يقول، ويضع الشيء في موضعه. ولا يصرح إلا علي قدر ما يعتقد.
وليس جديدا علي ما تحمله رسائلك أو أشهده منك حين القاك، أو حين تنزل بي نازلة، أو يمسسني الله بخير، فإني مذ عرفتك وخبرتك، عرفت فيك الخلق الكريم، والعقل الحصيف، والقلب الكبير، والوفاء الكثير للأصدقاء، في زمن قل أو انعدم فيه الوفاء.
واذا كنت لاتحضر مؤتمرا ولا تشهد اجتماعا دوليا الا ذكرتني بالخير، وذكرت ما قدمت لمصر من خدمات، وما احرزته لها من مكانة، فإني فخور بهذا الذكر العطر من خير سفير نابه الذكر وعبقري عظيم الأثر لمصر الفتية الحديثة في عهدها الجديد.
واذا كان قد فاتك ان تحزن لنزول المحنة بي، وتسر لانكشافها عني، فما فاتك في الواقع شيء من هذا كله. فقد شاركتنا قريبا وبعيدا. البأساء والضراء، وكنت الي قلبي دائما من اقرب الأصدقاء الأوفياء.
وحسبك من كرم الخلق ان يفيض كتابك بهذه الأحاسيس العميقة التي اشعر بها في كل سطر من سطوره، وحسبي من حبك وودك ان اكون موضع ذكرك وفكرك في البلاد القصية والشعوب التي تعرف اقدار الرجال.
ولايحزنك- ياعزيزي- ما تعلمه من نقص الوفاء في القلة المستنيرة من المصريين، فان ظفري بوفاء رجل علي رأس المستنيرين في مصر مثلك، ومضافا اليه الوفاء النادر الذي اراه في شتي الصور من الكثرة المطلقة في الشعب- لخير عزاء لي وأكبر حافز علي المضي في خدمة الوطن حتي النهاية، وسيأتي يوم تفهم فيه هذه القلة ان عرفان الجميل علي اي وضع من الأوضاع هو الكفيل بتقدم الشعب والسير به قدما الي اشرف ما يقصد من الغايات.
ولا اختم رسالتي هذه قبل ان ابعث اليك بأصدق تقديري واعظم شكري وحبي علي ما اختتمت به كتابك من آيات صادقة، وعبارات طيبة ارجو الله ان يجزيك عنها اطيب الجزاء وان يمتعك وزوجك المصون وابنيك العزيزين بما ترجو من سعادة ورفاهية واطمئنان بال.
ولكم جميعا صادق تحيتي، وخالص مودتي
رمل الاسكندرية في 23/7/1939
المخلص
مصطفي النحاس