سعيد الشحات - قوات عربية تصل الكويت لمواجهة تهديدات العراق بالضم ..ووعبدالناصر يعطى ضمانة للحفاظ على استقلالها.. وانسحاب القوات العراقية والبريطانية

ذات يوم.. 10 سبتمبر 1961


لم يمض أسبوع واحد على إعلان استقلال الكويت (19 يونيو 1961) عن بريطانيا، حتى أعلن الرئيس العراقى عبدالكريم قاسم فى مؤتمر صحفى يوم 25 يناير 1961 «أن الكويت جزء أصيل من العراق»، وفقا للدكتور فوزى أسعد نقيطى فى دراسته «دور جمال عبدالناصر فى تحرير شبه الجزيرة العربية»، المنشورة ضمن كتاب «جمال عبدالناصر وعصره» تأليف لجنة من المؤرخين المصريين، وإشراف الدكتور عادل غنيم.
يؤكد نقيطى: «أصدرت الحكومة العراقية بالفعل لائحة تنص على تعيين أمير الكويت حاكما لمحافظة الكويت، ثم حشد «قاسم» قواته على الحدود الكويتية، كما لو كان يريد تنفيذ الأمر بالقوة المسلحة، ما دفع أمير الكويت إلى طلب المساعدة يوم 30 يونيو 1961 من السلطات البريطانية».
تلقفت بريطانيا دعوة الكويت، وفى الأول من يوليو 1961 أنزلت إلى البر الكويتى 600 جندى من وحدات الكوماندوز، وفى يوم 3 يوليو لحق بهم وحدات من القوات المرابطة فى عدن، التى تخضع للاحتلال البريطانى.. يؤكد «نقيطى» أن الحكومة البريطانية وجدت الأزمة فرصة ذهبية كى تثبت أنه لا يزال لها دور خاص فى العالم العربى بعد صدمة السويس «العدوان الثلاثى على مصر 1956»، وأنه لا غنى عنها لضمان استقرار أمن الخليج.
كان الحدث كبيرا، وينذر بمخاطر هائلة فى المنطقة، وتوجهت الأنظار ناحية مصر فى موقفها منه، وترقب الجميع رد فعل جمال عبدالناصر الذى بذل جهده فى حل القضية داخل محيطها العربى..يذكر «أنتونى ناتنج» وزير الدولة البريطانى، فى كتابه «ناصر» ترجمة «شاكر إبراهيم سعيد»: «لم يطق عبدالناصر فكرة التدخل البريطانى لصالح الكويت إلى جانب إصراره على الوجود العسكرى البريطانى من جميع الأراضى العربية، وكان يخشى أن تتشجع باقى دول الخليج، وربما الأردن أيضا وتتطلع إلى حماية البريطانيين فى المستقبل، وبناءً على ذلك وبتحريض منه عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعا لبحث حل الأزمة».
فى 25 يونيو 1961، ووفقا لما يذكره محمد حسنين هيكل فى كتابه سنوات الغليان: «أعلن عبدالناصر أن الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) ترفض منطق الضم بين البلدان العربية، وهى إذ توافق على مبدأ الوحدة، فإنها ترى أن الشرط الأساسى لتحقيقها هو شرعية صدورها عن إرادة شعبية لا شك فيها، وأما منطق الضم والغزو فليس أمام كل المؤمنين بالوحدة إلا مقاومته ولو بالقوة عند الاقتضاء».. يضيف هيكل: فى 27 يونيو 1961 تلقى عبدالناصر رسالة من العاهل السعودى الملك سعود جاء فيها: «إننا نعتمد عليكم فى رتق هذا الفتق الذى لا يستفيد منه إلا أعداء العرب، راجيا أن تروا رأيكم السديد الذى يحول دون هذا الأذى».
يتذكر السفير اللبنانى فى القاهرة وقتئذ «جوزيف أبوخاطر» فى كتابه «لقاءات مع جمال عبدالناصر»، أنه أثناء اجتماعات الجامعة العربية كان مندوب الجمهورية العربية المتحدة يقول أمام المؤتمرين: «إن الجامعة أمام أكبر تجربة فى تاريخها، فإن فشلت فى إيجاد حل عربى لقضية الكويت حكمت على نفسها بالتصدع والانهيار»، وكان بين الحين والآخر يتوجه إلى المندوبين، وخاصة مندوب العراق ويسأله: «إن كانت بغداد تستمرئ بقاء القوات الأجنبية فى الكويت، أم أن بوسع الجيش العراقى إجلاءها عنها».
اقترحت مصر تشكيل قوات عربية تحل محل القوات البريطانية، إذا طلبت الكويت ذلك، ويذكر «نقيطى» أن حاكم الكويت أرسل وفدا برئاسة مدير الشئون المالية الشيخ جابر الأحمد الصباح إلى الإسكندرية، كى يطلب من الرئيس عبدالناصر ضمانا، مؤكدا سلامة الكويت واستقلالها قبل أن يتقدم بطلب سحب القوات البريطانية، وعلى هذا الأساس تقدمت الكويت بطلبها، وقرر اجتماع مجلس الجامعة العربية يوم 16 يوليو 1961:
تلتزم حكومة الكويت بسحب القوات البريطانية من أراضيها بأسرع ما يمكن، وتلتزم حكومة العراق بعدم استخدام القوة لضم الكويت، وتأييد كل رغبة تبديها الكويت بالوحدة أو الاتحاد مع غيرها من دول الجامعة العربية طبقا لميثاق الجامعة، والترحيب بدولة الكويت عضوا فى الجامعة العربية، ومساعدتها على الانضمام إلى الأمم المتحدة، وتلتزم الدول العربية بتقديم المساعدات الفعالة لصيانة استقلال الكويت بناءً على طلبها.
تشكلت تلك القوات من «832 فردا من السعودية و822 فردا من الأردن، و162 من الجمهورية العربية المتحدة، و110 من السودان، كما عُين اللواء عبدالله العيسى رئيس هيئة العمليات بوزارة الدفاع السعودية قائدا لها، وقبل وصول هذه القوات إلى الكويت يوم 10 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1961، بدأت القوات البريطانية فى الانسحاب من الكويت، بينما سحب عبدالكريم قاسم قواته إلى داخل العراق، لتنتهى هذه الأزمة عربيا وبفضل جهود مصر.

.......................
سعيد الشحات- اليوم السابع

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى