السيدة خايمي مارتين منيوث
مديرة البيت العربي والمعهد الدولي للدراسات العربية والعالم الاسلامي
شارع القلعة 62
مدريد- 28009
بعد التحية
اطلعت على الكتيب بعنوان (المسلمون في اسبانيا دليل مرجعي) الذي اشرفتم على اصداره بتمويل من المكتب الخاص لمؤسـسات الدمقرطة وحقوق الانسان التابع لمنظمة الامن والتعاون الاوروبي، والذي جرى تقديمه يوم 20 من نيسان (ابريل) 2009م في مقر البيت العربي.
في الجزء السادس منه وتحت عنوان (الصورة والتصور: المسلمون ووسائل الاتصال ) لم يتم الاشارة الى مجلة (الاندلس) الشهرية التي تصدر من مدريد منذ عام 1985 ولا إلى مؤسـستنا للدراسات العربية الاسبانية التي اصدرت العديد من الكتب والمجلات باللغتين العربية والإسبانية، وما زالت (الاندلس) تصدر إلى الآن كل شهرين وتواصل مؤسـستنا اصدار الكتب والمطبوعات باللغتين الاسبانية والعربية التي تهم وتتناول قضايا العرب والمسلمين بإسبانيا وتتعلق بالعلاقات العربية الاسبانية، وكما تعلمون ان مجلة (الاندلس) ومؤسـسة الدراسات قد أخذت على عاتقهما نقل الصوت العربي والاسلامي في اسبانيا وصورة اسبانيا اليوم إلى العالم العربي، في حين ان (الاندلس) كانت قد اصدرت مطلع عام 2007 عددا خاصاً احتفاءا بانشاء البيت العربي في مدريد وقد تلقينا عنه رسالة شكر من جنابكم، لذا يحق لنا التساءل لماذا قد تم تجاهل (الاندلس) ؟!.. كما تسائلتم في نهاية ذلك الجزء: “إلى أي نقطة يمكن ان تصل ونحن ننتظر الأقلية تطور وسائل اتصالها الخاصة واذ كان باستطاعتهم المساعدة الاجتماعية للمسلمين في اسبانيا” وأرى ان (الاندلس) كان الجواب على هذا التساؤل ..
اعتقد ان التجاهل كان عن قصد وهو ما يفسر رفضكم ارسال مجلة الاندلس لشهر أذار (مارس) الماضي بواسطة الحقيبة الدبلوماسية إلى السفارات الإسبانية بالدول العربية، وابلاغي رسمياً عدم استلامها وارسالها مستقبلا !؟… فمجلة (الاندلس) التي سبق وان ارسلتموها، كانت ترسل في السابق وباستمرار عن طريق معهد التعاون التابع لوزارة الخارجية ولسنوات عدة ، فالمجلة راسخة الجذور كوسيلة اعلامية اسبانية عربية اجتماعية ثقافية تأسـست لخدمة (الأقلية) من المغتربين والمقيمين في اسبانيا من اصول عربية واسلامية، ولتوطيد أواصر العلاقات والتعاون والعلاقات لـ(الاغلبية) الاسبانية العربية.. ولا يمكن شطبها إن كان عن قصد أو جهل بجرة قلم جاهل متجاهل ليقدم دليلا ومرجعاً لمنظمات دولية.
في الواقع، لو اقتصر التجاهل على (الاندلس) فقط على هذا الجزء لاكتفينا بلفت النظر على ابعد تقدير، وإن كان ذلك يشكك في مهنية وكفاءة واكاديمية واضعين كتيب كدليل مرجعي ، غير ان الخطورة فيه انه رسم صورة سلبية للمسلمين بإسبانيا وطرح ان الشغل الشاغل للجمعيات والاتحادات الاسلامية هو التناطح على القيادة، والمساجد مغلقة على نفسها، كما جرى كذلك تجاهل لوجود المراكز الثقافية العربية والاسلامية ، ودور المؤسـسات العربية الرسمية لخدمة جالياتها ناهيك عن منظمات المجتمع المدني التي انشأت من قبل العرب والمسلمين، مثل جمعية الصحفيين، وجمعيات الاطباء المتعددة وتعدد تنظيمات وتجمعات الجاليات العربية والاسلامية والذين لعبوا دورا هاما وبارزا وما زالوا..
لذلك، وباعتبارنا كجهة تمثل صوت ورأي عام العرب والمسلمين بإسبانيا أطالبكم بسحب هذا الكتيب وإعادة تصحيح جميع الاخطاء الواردة فيه بالتعاون والتنسيق مع الجمعيات والاتحادات والمؤسـسات والمراكز العربية والإسلامية كي يعكس حقيقة وواقع وصورة المسلمين بإسبانيا فهم (عناصر منتجة ومندمجة مع المجتمع الاسباني وليست هامشية ومنعزلة على نفسها، ولهم دور هام وفاعل في دورة وعجلة الاقتصاد والازدهار باسبانيا. بل يمكن القول: (المسلمون في اسبانيا يشكلون نموذجا لكافة الدول الاوروبية والغربية).
وعليه، اشير إلى بعض ما تم تجاهله في دليلكم المرجعي كمثال التالي:
1- لدى الجمعيات والاتحادات الاسلامية انشطة عدة مثل عقد ندوات ومؤتمرات ومعارض والمشاركة في عديد من الأنشطة الثقافية والإعلامية على المستوى العام، وعلى مستوى الجاليات، اضافة الى الناحية الدينية، هناك انشطة اجتماعية ابرزها (التكافل الأسري) ومساعدة الأسر المسلمة الفقيرة ماديا ومعنويا ، والمساعدة والرعاية الصحية . وتنظيم دورات تعليم اللغتين العربية والاسبانية…
2- دور المراكز الثقافية الإسلامية، فمثلا مسجد مدريد أم 30 لا يتميز فقط بمساحته الكبيرة وأنه يعتبر أكبر مراكز ومساجد أوروبا كما جاء في الدليل، بل بمساحة نشاطه الاجتماعي والثقافي والتعليمي واصداراته ومطبوعاته باللغة الاسبانية لتوضيح وشرح صورة الاسلام والمسلمين، كما أنه يستضيف مدرسة عربية اسبانية كاملة متكاملة لأبناء الجاليات الاسلامية، وفيه صالة كبرى للمعارض ومسرح ضخم للندوات والمؤتمرات مجهز بخدمة الترجمة الفورية، وأنشطته متواصلة على كافة المستويات. كما يضم مكتبة عامة تحتفل سنويا بيوم الكتاب العربي الاسباني، ويقيم المركز دورات لتعليم اللغات العربية والاسبانية للصغار والكبار مجاناً ، وكذلك دورات لتعليم بعض المهن الحرفية كالخياطة واعمال التراث، زد الى ذلك الدورات التعليمية للتقنية الحديثة وحتى الرياضية .. وهو ما سيكون على شأنه مركز ومسجد الملك فهد بن عبدالعزيز في مالقه الذي افتتح عام 2007م ، وكذلك مسجد فونخيرولا، حيث يضم مركز ثقافي وآخر للدراسات وقد اشرف على تزويد المدارس الاسبانية في اقليم مالقة بنحو 18 معلما ومعلمة على نفقته الخاصة حينما جرى توقيع اتفاقية تعليم الدين في المدارس الرسمية الاسبانية هذا دون ذكر انشطته في المعارض المدرسية والندوات واللقاءات الاجتماعية والثقافية والعلمية التي يقيمها كل صيف.. فيما كان للمراكز دور بالتنظيم والمشاركة في المؤتمر العالمي لحوار الاديان الذي عقد في الصيف الماضي بمدريد..
3- المعاهد والمراكز الثقافية العربية ، كالمعهد المصري: الذي هو من أعرق المعاهد الثقافية في اسبانيا، حيث تأسـس عام 1950 ولعب دورا كبيرا في تأهيل الاكاديميين الاسبان والعرب والمتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية، كما انه يضم ثلاثة مراكز دراسات هامة مثل: مركز الدراسات الاسلامية، ومركز دراسات الشرق الاوسط، ومركز دراسات الايبروامريكية، ونشاطه المتواصل قد تناول كافة المجالات، ومن المخجل أن لا يشار اليه ولو بعنوان المقر.
والمعهد السوري الذي ينظم اسبوعياً ومنذ انشاءه قبل سنوات الندوات والمحاضرات والمعارض. كما أنه من الظلم أن نهمل دور المعهد الثقافي العراقي الذي لعب دورا بارزاً منذ انشاءه في مدريد بالسبعينات من القرن الماضي وكان يمكن ان يظل معلماً عربياً اسلامياً بارزا لولا الحصار ثم الغزو الامريكي .
4- دور المجتمعات المدنية للعرب والمسلمين، مثل جمعية الصحفيين العرب التي تخصص جائزة سنوية لشخصيات تعمل في مجال التعاون العربي الاسباني، وقد منحتكم الجمعية جائزتها السنوية بعد توليكم مهام ادارة البيت العربي!. ومن نشاط جمعية الصحفيين العرب انها شاركت في تنظيم أول مؤتمر إعلامي عالمي جمع فيه شخصيات اعلامية وفكرية من العرب والغرب الاوروبي الامريكي وعقد في مدريد عام 1994 تحت عنوان كبير “صورة العرب في الاعلام الغربي وصورة الغرب في الاعلامي العربي” وكان لدى الجمعية احساس مسبق ان هناك حملة شعواء في الغرب على العرب والمسلمين قبل ان تستعر لظاها بعد احداث سبتمبر 2001 وجنون حرب ارهاب الرئيس الامريكي السابق جورج بوش.
ومؤسـسة (جسر الثقافات) التي كانت (الاندلس) واحدة من المؤسـسين لها، ترعاها اليوم مؤسـسة الارغواني في غاليثيا، فهذه المؤسـسة التي ضمت شخصيات اعلامية اسبانية من اصل عربي هي من طرحت فكرة مشروع (البيت العربي) على الامانة العامة للجامعة العربية عام 2002 ضمن سلسلة مشاريعها الاعلامية في اسبانيا من اجل توجيه ودمج ونشاط الجاليات العربية والمسلمة في المجتمع وتصحيح صورتنا المشوهة في وسائل الاعلام، وكنت شخصياً من حمل هذا المشروع إلى معالي الامين العام الاستاذ عمرو موسى الذي قام مباشرة ومنذ ذلك التاريخ بعرض هذا المشروع على المسؤولين الاسبان إلى ان تحقق بعد وصول الحزب الاشتراكي العمالي الى الحكم . وان لم يكن بالصورة التي اردناها كملتقى ثقافي اجتماعي عام تشارك فيه بفاعلية الجاليات العربية وان لا يقتصر على مدريد وحدها، بل يؤسـس في جميع عواصم الاقاليم الاسبانية ، إلا اننا قد رحبنا في انشاء البيت العربي كمنبر اعلامي جديد، رغم الملاحظات الهامة في ابعاد الجانب العربي عن انشطته غير اننا ما نزال نعمل على تأسيس (النادي العربي)، ومن المنتظر ان يرى النور بعد انعقاد الملتقى الكبير في مؤتمر لمغتربين العرب بمدريد نهاية هذا الربيع او مطلع الصيف المقبل والذي سيبلور مشاريع عدة لتفعيل ودور الجاليات العربية بإسبانيا. .
كما ان مؤسـسة جسر الثقافات قد أنشأت عام 2003 أول مهرجان سنوي للسينما العربية الاوروبية وهو مهرجان (آمال) ونأمل ان يحقق هذا العام نقلة نوعية كبرى وهو اقامته في مدريد متزامناً مع سانتياغو ديكومبوستيله .
دور الجاليات العربية، مثل الجالية السورية التي جمعت ابناء الجيل الثاني في لقاء سنوي منذ سنوات وفي عدد من المناطق الاسبانية . وجمعية الاطباء السورية الاسبانية التي تقيم مؤتمراتها السنوية في دمشق، وجمعية الاطباء الاردنية خريجي اسبانيا التي تقيم مؤتمرها السنوي مرة في عمان بالاردن واخرى في مدينة اسبانية. وكذلك الجمعيات والتجمعات واتحادات الجاليات بمن فيهم رجال الاعمال والمهنيين والعمال والطلبة وانشطتهم المعروفة ان كان في مدريد او في تجمعاتهم بالاقاليم الاسبانية..
5- مؤسـسـة الحسن الثاني الخيرية لخدمة المهاجرين المغاربة التي تتخذ من السفارة المغربية في مدريد مقر لها ودورها الكبير والبارز ويمكن الاشارة حول اشرافها على احضار 50 مدرسا مغربيا لتعليم ابناء جالياتها اللغة العربية في المدارس الرسمية الاسبانية وتقديم كافة الخدمات التي تحتاجها الجالية.
6- النشاط الاجتماعي والثقافي والاعلامي لسفارات الدول العربية والاسلامية التي ليس لديها جاليات كبيرة ولكن لها حضور اقتصادي مميز كالمملكة العربية السعودية والكويت والامارات وقطر وسلطنة عمان، والحرص في الوقت نفسه على عقد المهرجانات والمعارض الثقافية والتراثية التي تهدف الى تعريف المجتمع الاسباني بالمجتمعات العربية والاسلامية، حتى شهدت مدريد في الخريف الماضي مهرجان وتظاهرة ايام الخليج ، والتي شارك فيها البيت العربي. كما ان مؤسـساتها الثقافية الكبرى تواصل مد الروابط مع اسبانيا والجاليات العربية والاسلامية، فقد منحت مؤسـسة الشيخ زايد الخيرية بالامارات جائزتها السنوية لهذا العام لشيخ المستعربين الاسبان د. بيدرو مارتينيث مونتابيث على دوره الكبير في تقديم الصورة الاعلامية والحضارية الصادقة عن العرب والمسلمين بإسبانيا. ومؤسـسة البابطين الكويتية التي اقامت كرسي للدراسات الاندلسية ونسج علاقات وثيقة مع الجامعات الاسبانية، وعقد الندوات والمؤتمرات في اسبانيا ..
هذه بعض ما تم تجاهله وهناك الكثير الكثير يمكن الاشارة اليه لنؤكد فيه: ( المسلمون في اسبانيا عناصر منتجة ومندمجة مع المجتمع الاسباني وليست هامشية ومنعزلة على نفسها)، بل يمكن القول: (المسلمون في اسبانيا يشكلون نموذجا لكافة الدول الاوروبية والغربية).
وحبذا لو أن هذا “الدليل المرجعي” خلال ذكره : انه خلال العهد الديمقراطي اقيم أول مسجد على الاراضي الايبرية كان عام 1981 في ماربيا اقامه الامير السعودي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود..” بالاشارة إلى منذ ذلك الحين شهدت اسبانيا توافد كبار رجال الاعمال والمستثمرين العرب ليحولوا هذه البلدة الصغيرة الفقيرة التي اعتاشت على صيد الاسماك التقليدية، إلى اهم منتجع سياحي عالمي ، وأهم مصدر ودخل للعملة الصعبة بإسبانيا في ذلك الوقت.
وهذا ما يؤكد ان المسلم في اسبانيا عنصر منتج وفاعل هام في دورة وعجلة الاقتصاد والازدهار في اسبانيا.
مع الاحترام
نظمي يوسف
مديرة البيت العربي والمعهد الدولي للدراسات العربية والعالم الاسلامي
شارع القلعة 62
مدريد- 28009
بعد التحية
اطلعت على الكتيب بعنوان (المسلمون في اسبانيا دليل مرجعي) الذي اشرفتم على اصداره بتمويل من المكتب الخاص لمؤسـسات الدمقرطة وحقوق الانسان التابع لمنظمة الامن والتعاون الاوروبي، والذي جرى تقديمه يوم 20 من نيسان (ابريل) 2009م في مقر البيت العربي.
في الجزء السادس منه وتحت عنوان (الصورة والتصور: المسلمون ووسائل الاتصال ) لم يتم الاشارة الى مجلة (الاندلس) الشهرية التي تصدر من مدريد منذ عام 1985 ولا إلى مؤسـستنا للدراسات العربية الاسبانية التي اصدرت العديد من الكتب والمجلات باللغتين العربية والإسبانية، وما زالت (الاندلس) تصدر إلى الآن كل شهرين وتواصل مؤسـستنا اصدار الكتب والمطبوعات باللغتين الاسبانية والعربية التي تهم وتتناول قضايا العرب والمسلمين بإسبانيا وتتعلق بالعلاقات العربية الاسبانية، وكما تعلمون ان مجلة (الاندلس) ومؤسـسة الدراسات قد أخذت على عاتقهما نقل الصوت العربي والاسلامي في اسبانيا وصورة اسبانيا اليوم إلى العالم العربي، في حين ان (الاندلس) كانت قد اصدرت مطلع عام 2007 عددا خاصاً احتفاءا بانشاء البيت العربي في مدريد وقد تلقينا عنه رسالة شكر من جنابكم، لذا يحق لنا التساءل لماذا قد تم تجاهل (الاندلس) ؟!.. كما تسائلتم في نهاية ذلك الجزء: “إلى أي نقطة يمكن ان تصل ونحن ننتظر الأقلية تطور وسائل اتصالها الخاصة واذ كان باستطاعتهم المساعدة الاجتماعية للمسلمين في اسبانيا” وأرى ان (الاندلس) كان الجواب على هذا التساؤل ..
اعتقد ان التجاهل كان عن قصد وهو ما يفسر رفضكم ارسال مجلة الاندلس لشهر أذار (مارس) الماضي بواسطة الحقيبة الدبلوماسية إلى السفارات الإسبانية بالدول العربية، وابلاغي رسمياً عدم استلامها وارسالها مستقبلا !؟… فمجلة (الاندلس) التي سبق وان ارسلتموها، كانت ترسل في السابق وباستمرار عن طريق معهد التعاون التابع لوزارة الخارجية ولسنوات عدة ، فالمجلة راسخة الجذور كوسيلة اعلامية اسبانية عربية اجتماعية ثقافية تأسـست لخدمة (الأقلية) من المغتربين والمقيمين في اسبانيا من اصول عربية واسلامية، ولتوطيد أواصر العلاقات والتعاون والعلاقات لـ(الاغلبية) الاسبانية العربية.. ولا يمكن شطبها إن كان عن قصد أو جهل بجرة قلم جاهل متجاهل ليقدم دليلا ومرجعاً لمنظمات دولية.
في الواقع، لو اقتصر التجاهل على (الاندلس) فقط على هذا الجزء لاكتفينا بلفت النظر على ابعد تقدير، وإن كان ذلك يشكك في مهنية وكفاءة واكاديمية واضعين كتيب كدليل مرجعي ، غير ان الخطورة فيه انه رسم صورة سلبية للمسلمين بإسبانيا وطرح ان الشغل الشاغل للجمعيات والاتحادات الاسلامية هو التناطح على القيادة، والمساجد مغلقة على نفسها، كما جرى كذلك تجاهل لوجود المراكز الثقافية العربية والاسلامية ، ودور المؤسـسات العربية الرسمية لخدمة جالياتها ناهيك عن منظمات المجتمع المدني التي انشأت من قبل العرب والمسلمين، مثل جمعية الصحفيين، وجمعيات الاطباء المتعددة وتعدد تنظيمات وتجمعات الجاليات العربية والاسلامية والذين لعبوا دورا هاما وبارزا وما زالوا..
لذلك، وباعتبارنا كجهة تمثل صوت ورأي عام العرب والمسلمين بإسبانيا أطالبكم بسحب هذا الكتيب وإعادة تصحيح جميع الاخطاء الواردة فيه بالتعاون والتنسيق مع الجمعيات والاتحادات والمؤسـسات والمراكز العربية والإسلامية كي يعكس حقيقة وواقع وصورة المسلمين بإسبانيا فهم (عناصر منتجة ومندمجة مع المجتمع الاسباني وليست هامشية ومنعزلة على نفسها، ولهم دور هام وفاعل في دورة وعجلة الاقتصاد والازدهار باسبانيا. بل يمكن القول: (المسلمون في اسبانيا يشكلون نموذجا لكافة الدول الاوروبية والغربية).
وعليه، اشير إلى بعض ما تم تجاهله في دليلكم المرجعي كمثال التالي:
1- لدى الجمعيات والاتحادات الاسلامية انشطة عدة مثل عقد ندوات ومؤتمرات ومعارض والمشاركة في عديد من الأنشطة الثقافية والإعلامية على المستوى العام، وعلى مستوى الجاليات، اضافة الى الناحية الدينية، هناك انشطة اجتماعية ابرزها (التكافل الأسري) ومساعدة الأسر المسلمة الفقيرة ماديا ومعنويا ، والمساعدة والرعاية الصحية . وتنظيم دورات تعليم اللغتين العربية والاسبانية…
2- دور المراكز الثقافية الإسلامية، فمثلا مسجد مدريد أم 30 لا يتميز فقط بمساحته الكبيرة وأنه يعتبر أكبر مراكز ومساجد أوروبا كما جاء في الدليل، بل بمساحة نشاطه الاجتماعي والثقافي والتعليمي واصداراته ومطبوعاته باللغة الاسبانية لتوضيح وشرح صورة الاسلام والمسلمين، كما أنه يستضيف مدرسة عربية اسبانية كاملة متكاملة لأبناء الجاليات الاسلامية، وفيه صالة كبرى للمعارض ومسرح ضخم للندوات والمؤتمرات مجهز بخدمة الترجمة الفورية، وأنشطته متواصلة على كافة المستويات. كما يضم مكتبة عامة تحتفل سنويا بيوم الكتاب العربي الاسباني، ويقيم المركز دورات لتعليم اللغات العربية والاسبانية للصغار والكبار مجاناً ، وكذلك دورات لتعليم بعض المهن الحرفية كالخياطة واعمال التراث، زد الى ذلك الدورات التعليمية للتقنية الحديثة وحتى الرياضية .. وهو ما سيكون على شأنه مركز ومسجد الملك فهد بن عبدالعزيز في مالقه الذي افتتح عام 2007م ، وكذلك مسجد فونخيرولا، حيث يضم مركز ثقافي وآخر للدراسات وقد اشرف على تزويد المدارس الاسبانية في اقليم مالقة بنحو 18 معلما ومعلمة على نفقته الخاصة حينما جرى توقيع اتفاقية تعليم الدين في المدارس الرسمية الاسبانية هذا دون ذكر انشطته في المعارض المدرسية والندوات واللقاءات الاجتماعية والثقافية والعلمية التي يقيمها كل صيف.. فيما كان للمراكز دور بالتنظيم والمشاركة في المؤتمر العالمي لحوار الاديان الذي عقد في الصيف الماضي بمدريد..
3- المعاهد والمراكز الثقافية العربية ، كالمعهد المصري: الذي هو من أعرق المعاهد الثقافية في اسبانيا، حيث تأسـس عام 1950 ولعب دورا كبيرا في تأهيل الاكاديميين الاسبان والعرب والمتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية، كما انه يضم ثلاثة مراكز دراسات هامة مثل: مركز الدراسات الاسلامية، ومركز دراسات الشرق الاوسط، ومركز دراسات الايبروامريكية، ونشاطه المتواصل قد تناول كافة المجالات، ومن المخجل أن لا يشار اليه ولو بعنوان المقر.
والمعهد السوري الذي ينظم اسبوعياً ومنذ انشاءه قبل سنوات الندوات والمحاضرات والمعارض. كما أنه من الظلم أن نهمل دور المعهد الثقافي العراقي الذي لعب دورا بارزاً منذ انشاءه في مدريد بالسبعينات من القرن الماضي وكان يمكن ان يظل معلماً عربياً اسلامياً بارزا لولا الحصار ثم الغزو الامريكي .
4- دور المجتمعات المدنية للعرب والمسلمين، مثل جمعية الصحفيين العرب التي تخصص جائزة سنوية لشخصيات تعمل في مجال التعاون العربي الاسباني، وقد منحتكم الجمعية جائزتها السنوية بعد توليكم مهام ادارة البيت العربي!. ومن نشاط جمعية الصحفيين العرب انها شاركت في تنظيم أول مؤتمر إعلامي عالمي جمع فيه شخصيات اعلامية وفكرية من العرب والغرب الاوروبي الامريكي وعقد في مدريد عام 1994 تحت عنوان كبير “صورة العرب في الاعلام الغربي وصورة الغرب في الاعلامي العربي” وكان لدى الجمعية احساس مسبق ان هناك حملة شعواء في الغرب على العرب والمسلمين قبل ان تستعر لظاها بعد احداث سبتمبر 2001 وجنون حرب ارهاب الرئيس الامريكي السابق جورج بوش.
ومؤسـسة (جسر الثقافات) التي كانت (الاندلس) واحدة من المؤسـسين لها، ترعاها اليوم مؤسـسة الارغواني في غاليثيا، فهذه المؤسـسة التي ضمت شخصيات اعلامية اسبانية من اصل عربي هي من طرحت فكرة مشروع (البيت العربي) على الامانة العامة للجامعة العربية عام 2002 ضمن سلسلة مشاريعها الاعلامية في اسبانيا من اجل توجيه ودمج ونشاط الجاليات العربية والمسلمة في المجتمع وتصحيح صورتنا المشوهة في وسائل الاعلام، وكنت شخصياً من حمل هذا المشروع إلى معالي الامين العام الاستاذ عمرو موسى الذي قام مباشرة ومنذ ذلك التاريخ بعرض هذا المشروع على المسؤولين الاسبان إلى ان تحقق بعد وصول الحزب الاشتراكي العمالي الى الحكم . وان لم يكن بالصورة التي اردناها كملتقى ثقافي اجتماعي عام تشارك فيه بفاعلية الجاليات العربية وان لا يقتصر على مدريد وحدها، بل يؤسـس في جميع عواصم الاقاليم الاسبانية ، إلا اننا قد رحبنا في انشاء البيت العربي كمنبر اعلامي جديد، رغم الملاحظات الهامة في ابعاد الجانب العربي عن انشطته غير اننا ما نزال نعمل على تأسيس (النادي العربي)، ومن المنتظر ان يرى النور بعد انعقاد الملتقى الكبير في مؤتمر لمغتربين العرب بمدريد نهاية هذا الربيع او مطلع الصيف المقبل والذي سيبلور مشاريع عدة لتفعيل ودور الجاليات العربية بإسبانيا. .
كما ان مؤسـسة جسر الثقافات قد أنشأت عام 2003 أول مهرجان سنوي للسينما العربية الاوروبية وهو مهرجان (آمال) ونأمل ان يحقق هذا العام نقلة نوعية كبرى وهو اقامته في مدريد متزامناً مع سانتياغو ديكومبوستيله .
دور الجاليات العربية، مثل الجالية السورية التي جمعت ابناء الجيل الثاني في لقاء سنوي منذ سنوات وفي عدد من المناطق الاسبانية . وجمعية الاطباء السورية الاسبانية التي تقيم مؤتمراتها السنوية في دمشق، وجمعية الاطباء الاردنية خريجي اسبانيا التي تقيم مؤتمرها السنوي مرة في عمان بالاردن واخرى في مدينة اسبانية. وكذلك الجمعيات والتجمعات واتحادات الجاليات بمن فيهم رجال الاعمال والمهنيين والعمال والطلبة وانشطتهم المعروفة ان كان في مدريد او في تجمعاتهم بالاقاليم الاسبانية..
5- مؤسـسـة الحسن الثاني الخيرية لخدمة المهاجرين المغاربة التي تتخذ من السفارة المغربية في مدريد مقر لها ودورها الكبير والبارز ويمكن الاشارة حول اشرافها على احضار 50 مدرسا مغربيا لتعليم ابناء جالياتها اللغة العربية في المدارس الرسمية الاسبانية وتقديم كافة الخدمات التي تحتاجها الجالية.
6- النشاط الاجتماعي والثقافي والاعلامي لسفارات الدول العربية والاسلامية التي ليس لديها جاليات كبيرة ولكن لها حضور اقتصادي مميز كالمملكة العربية السعودية والكويت والامارات وقطر وسلطنة عمان، والحرص في الوقت نفسه على عقد المهرجانات والمعارض الثقافية والتراثية التي تهدف الى تعريف المجتمع الاسباني بالمجتمعات العربية والاسلامية، حتى شهدت مدريد في الخريف الماضي مهرجان وتظاهرة ايام الخليج ، والتي شارك فيها البيت العربي. كما ان مؤسـساتها الثقافية الكبرى تواصل مد الروابط مع اسبانيا والجاليات العربية والاسلامية، فقد منحت مؤسـسة الشيخ زايد الخيرية بالامارات جائزتها السنوية لهذا العام لشيخ المستعربين الاسبان د. بيدرو مارتينيث مونتابيث على دوره الكبير في تقديم الصورة الاعلامية والحضارية الصادقة عن العرب والمسلمين بإسبانيا. ومؤسـسة البابطين الكويتية التي اقامت كرسي للدراسات الاندلسية ونسج علاقات وثيقة مع الجامعات الاسبانية، وعقد الندوات والمؤتمرات في اسبانيا ..
هذه بعض ما تم تجاهله وهناك الكثير الكثير يمكن الاشارة اليه لنؤكد فيه: ( المسلمون في اسبانيا عناصر منتجة ومندمجة مع المجتمع الاسباني وليست هامشية ومنعزلة على نفسها)، بل يمكن القول: (المسلمون في اسبانيا يشكلون نموذجا لكافة الدول الاوروبية والغربية).
وحبذا لو أن هذا “الدليل المرجعي” خلال ذكره : انه خلال العهد الديمقراطي اقيم أول مسجد على الاراضي الايبرية كان عام 1981 في ماربيا اقامه الامير السعودي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود..” بالاشارة إلى منذ ذلك الحين شهدت اسبانيا توافد كبار رجال الاعمال والمستثمرين العرب ليحولوا هذه البلدة الصغيرة الفقيرة التي اعتاشت على صيد الاسماك التقليدية، إلى اهم منتجع سياحي عالمي ، وأهم مصدر ودخل للعملة الصعبة بإسبانيا في ذلك الوقت.
وهذا ما يؤكد ان المسلم في اسبانيا عنصر منتج وفاعل هام في دورة وعجلة الاقتصاد والازدهار في اسبانيا.
مع الاحترام
نظمي يوسف