جوهر فتّاحي - المغالطات المنطقيّة

مثلما يتغذّى العقل بالمنطق، فهو يمرض بما يسمّى بالمغالطات المنطقيّة، أو بالخداع المنطقي.

وهذه المغالطات عبارة عن بناء يشبه المنطق في ظاهره ولكنه في الحقيقة عدوّه اللّدود. ومَثَلُ تلك المغالطات للعقل كمثل الفيروسات المتحوّلة التي هدفها أن تلج إلى داخل الخليّة، خُفية، ودون أن تثير الإنتباه أو الرّيبة، لا لتغذّيها، بل لتقضي عليها، وتدمّرها.

وقد أحصى علماء المنطق على الأقل إثنى عشر مغالطة، هيّ كالتالي:

1- مغالطة الشخصنة. حيث أنّه كلّما ظهر رأي قوي مخالف يقع رمي صاحبه بأقذع النعوت وأقبحها، ثمّ يقال: بما أنّ فلانا بتلك العيوب قد قال ذلك، فإنّ رأيه حتما متهافت.

2- مغالطة رجل القش. وتكون بإعطاء الانطباع بدحض حجة الخصم، في حين أنّ الخصم لم يذكر تلك الحجّة بتاتا. أي أنهم يهاجمون رجلا وهميا من قش.

3- مغالطة الإحتكام إلى الجهل. وهي القول بصحّة ما لم يُثبت أنه خاطئ.

4- مغالطة المأزق المفتعل. وهي الإيهام بأنه لايمكن بناء الحجة إلا على افتراض خيارين لا أكثر. وبما أنّ خيارا منهما واضح البطلان، فإن الخيار الآخر هو الوحيد الصّحيح.

5- مغالطة المنحدر اللّزج. وهي تكوين سلسلة من عواقب لا رابط منطقي بينها، ناتجة عادة عن قياس فاسد، وتنتهي بنتيجة كارثية، فيقال اُنظر ماذا ينتج عن هذا الرأي!

6- مغالطة الاستدلال الدائري. وتتلخّص في قول: أ صحيح لأن ب صحيح، وب صحيح لأن أ صحيح.

7- مغالطة التعميم. وتقول: بما أنّ الأمر ثبت في مكان ما، في وقت ما، فإنّه يثبت في كل مكان، وفي كل الأوقات.

8- مغالطة التشتيت. وتتمثل في اِستعراض بيانات أو موضوعات أو أسباب خارجة عن الموضوع لتشتيت انتباه الطرف الآخر عن الموضوع الاصلي.

9- مغالطة تناقض القول والفعل. وهي القول بأن أقوال الشخص المخالف تناقض أفعاله، ولذلك تسقط حجّته. فسوء الفعل ليس دليلا على خطأ القول.

10- مغالطة المرجعية. وهي المبالغة في مدح المرجع وتنزيهه، ثم الإستشهاد به في كلّ رأي.

11- مغالطة اِستدرار العطف. وهي محاولة كسب دعم الجمهور عن طريق إحساس النّاس بالشفقة أو الذنب.

12- مغالطة الأكثرية. وتقول: بما أنّ الفكرة رائجة فهي صحيحة.

ويقع الكثيرون في الفخ لعدم قدرتهم على إكتشاف المغالطة، أو لوقوعهم تحت تأثير المحاور، أو لعجزهم عن تكوين فكرة صامدة تحمل رأيا مخالفا.

وتزدهر هذه المغالطات في المجتمعات التي ترزح تحت وطأة الجهل، وتبدأ بالاِنقشاع حالما يزدهر العلم، ويعلو العقل، ويشتدّ عود المنطق الصّحيح، لا ذاك الملبّس.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى