الحسن نايت بهو - وظيفة الفن

لاشك أن الوظيفة الفنية تنمو داخل نسق اجتماعي واقتصادي وسياسي معبر عنها بالاديلوجيا كمفهوم للحمولة التي تحملها الرسالة في الفن.
يدخل الإنتاج الفني ضمن المشروع الثقافي للمجتمع كبنية فوقية تسعى للكشف عن اللبس الاديلوجي وتعري عن دواخلها بالانخراط الفاعل المثقف من وجهة نظره ودوره الوظيفي المتمثل في السعي إلى إعادة ترتيب البيت الثقافي لمصلحة الهم الجماهيري التواق إلى النضال الثقافي.
إن صورة الثقافة في مغرب الأمس تشكلت داخل الممنوع المشاكس لاديلوجية المخزن كان هذا الطرح الثقافي مرتبطا بوعي جماهيري مستنبث من ظروف قاهرة للرأي والحريات واكتسب هذا الوعي قيمة في الإنتاج الثقافي والفني الغنائي والمسرحي على الخصوص متأثرا بشعارات المد الشيوعي التحرري
من هذا المنطلق يحق لنا أن نتساءل عن مشروعية تقافية . حداثية راهنة داخل سؤال محوري لاشكال عام قد نورده لاحقا.
هذا السؤال المحوري، يسائل الثقافي والفني اليوم كيف هو ؟ قبل أن نسأل كيف سيكون؟
من الطبيعي أن نعود إلى السابق لإبراز سمة الآن وإلهنا ، ونظرا لما أسلفنا ه حول مشروع النضال الثقافي، الملتزم المعبر عن الناس وهموم الناس وانتشاره الواسع نورد نماذج من كل صنف فني:

بالنسبة للمسرح ظل هو الاخر الغير مرغوب فيه بالنسبة للسلطة في تلك الفترة الحاسمة من تاريخ المغرب يحمل شعارات التخلص من الاستلاب للحريات ويهدف إلى أن يعري على البنى التحتية إيجادلها رغبة في تأسيس الديموقراطية المبنية على العدالة الاجتماعية. تجربة مسرح الهواة كانت هي الطريق وخطة إرساء قاعدة نظرية وعملية للمسرح المغربي. كان الفاعل يعمل خارج الإطار الذي رسم للثقافة المنتمية المبتدلة . كان النقيض له في تلك الآونة المسرح التجاري التي يكرس ويعيد
ثقافة السلطة ويسير على مسار رسمته الدولة في تلك السنوات التي عاش فيها المغرب التجربة الحاسمة في النضال الثقافي وهو المنعوت اليوم بالمسرح التحترافي
تعتبر مرحلة التسعينيات منعطفا آخر للمسرح بعد صدور الرسالتين الملكيتين الهدافتين إلى إعادة النظر في المجتمع المسرحي، وأعطائه الأهمية والدعم، لكن أي من الرساليتين لم ترى النور وظلت الأسباب غامضة .!!!!!!!؟؟؟؟؟
لماذا لم يتم تفعيل رسالة مولوية لأجل ترتيب بيت المسرح في المغرب ؟
لعل المتفحص للتجربة المسرحية الهاوية، المشاكسة المسائلة لسياسة الدولة ، والمجادلة للبنى التحتية بنوع من التحدي دون مساومة فيها للحق الجماهيري العاشق لهذه التجربة .جمهور ظل مرتبطا بمسرح يعيش فيه وداخل كيانه عندما يلج القاعة يحس بأنه يتنفس همومه وتسجيب الفرجة لمنتظراته وتطلعاته. جمهور تواق إلى الحرية والعدالة الاجتماعية . وفاعلون مسرحيون نقاد وباحثون يصنعون الفرجة ويصدرون تقويم التجربة ويؤسسون مشاريع رؤى لمدارس مسرحية مغربية ،.
بين الحقليين النموذجية تنبث إشكالية المشروع الحداثي الذي نروم أن نستشرف أحواله وراهنه:
كيف يتحول الوعي الثقافي والنضالي إلى شعارات زائفة واحتكار للجماعات الصغيرة في شتى الحقول إالفنية والثقافية إلى رزمن فارغة خالية من الوعي والعقلانية بعيدة عن تمثيل جماهيرها لتصبح بلا تمثيلية لتجد نفسها في قاعات فارغة.
يتساءل معظمهم عن غياب الجمهور والسبب واضح هو الشرخ الكبير والجدار الذي بنو ه بينهم وبين هموم الناس ولايتكلمون بلسانهم.
الأعمال الفنية تقتصر عليهم ينتجونها تحث الشروط ويتفرجون عليها أنفسهم .
من هنا أصبح الاغتراب الثقافي سائدا وأصبح المثقف
عضويا بلا إرادة للتعبير بعيدا عن دوره كفاعل يساهم في الرفع من قيم المجتمع الحضارية في ظل التدفق العالمي التكنلوجي المبني على حريات الأفراد والجماعات وحقوقهم .
الحقل الثقافي، اصبح مشوبا، تهيمن عليه جماعات صغيرة ،تضفي على ميزة صفة الفنان والمثقف، المنخرط في مشروع مستقبل الثقافة بعيدا عن الرؤية الشمولية المدمجة المشتركة داخل إطار مجتمع مدني ناجع، يفسح المجال لأشاعة العمل الجماعي.
يكتفي المثقف اليوم، أن يغرد داخل إطاره الضيق بعيدا عن مفهوم أن المعلومة والثقافة هي ملك للجميع ولا احتكار فيه .هذه الجماعة التي تضفي على نفسها صفة الفنان والمثقف وتجعل البنية تتحكم فيها نخب هي التي لها الحق في الاقتراح والتقويم واعتبار أن هذا المنتوج فني أو ثقافي والآخر لا لأنه لا يمثلها.
هذه هي المعضلة في ثقافة اليوم البعيدة عن الممارسة الحقيقية المبنية على الديموقراطية وأسس الرغبة التي يحن اليها جمهورها.
تفرض هذه المناولة، أن تسأئل عن ضرورة استراتيجية ثقافية وفنية، هادفة، مبنية على المشاركة القطاعية والمندمجة التشاركية ،انطلاقا من قاعدة التربية على المواطنة الثقافية ودعم المشاريع الثقافية التي تهدف إلى العمومية وكسر حصر الشؤون في نخب لا تمثل المجتمع وهمومه ومنتظراته .إن التعليم والتربية على الحس الفني والثقافي ضرورة ملحة لأجل غد أفضل ينتج مثقفا بالتدريج والعلمية وليس بالصدفة .......
الاستراتيجية أو مخطط إصلاح المنظومة الفنية بالمغرب 2012/2016 لم يرد فيها شيء اسمه مسرح الهواة .
مسرح جزء من الثراء التقافية والأكاديمي للمغرب . اكتفت الوزارة بمسرح اسمه الاحتراف؟ ويحق لنا أن نتساءل عن مفهوم الاحتراف . ؟ وماهي القوانين التي تؤطره وتعطيعه شرعيته؟ ماهي الأعمال والمكتسبات التي راكمها هذا المسرح
كيف وعلى أي أساس انخرط فيه أناس كانوا بالامس يمقتونه ويعتبرونه لسان الحال الغير مرغوب فيه ؟ !!لنموذج المضاد لمسرح الهواة
وأخيرا يحق لنا أيضا ، مع نوع من الحنين والنوستالجيا أن نتساءل عن مسرح كان واختفى ؟

كيف تم تغييب مسرح الهواة من المنظومة الفنية؟

أين غاب المنظرون و الباحثون والكتاب والنقاد وأهل البيانات ؟؟ الذين كانوا يحفلون بمهرجان الهواة ويتكلمون عن الثقافة والنضال وعن الغيرة من أجل مسرح بالمغرب له أسسه الطليعية ؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى