21/3/1989
يوسف …
وما انسدت الدنيا عليّ لضيقها ولكن طرفاً لا أراك به أعمى
أمس .. ضقت ذرعا بالسجن .. نكتب على الجدار بقلم الرصاص :
المتنبي
سعدي يوسف
يوسف الصائغ
حميد سعيد
فغدا السجن أكثر احتمالا
لكن سجينا ذا بسطة في الجسم وبساطة في الروح … أخذ من يدي القلم غاضبا .. وحشر السيّاب الذي نسيت بين المتنبي وسعدي يوسف .. وحشر محمود درويش بين سعدي يوسف ويوسف الصائغ .. ثم فكر لثواني وكتب اسمي بعد حميد سعيد .. أخيرا لم يكن ثمة سجن ..
لم يكن السجن إلا غرفة صغيرة كانت مخزنا للمواد الكيمياوية عُلقت في واجهتها يافطة مكتوب عليها اسم السجن الطنان .. حتى أنني شعرت في البدء بشيء من الغضاضة .. بل والمهانة ايضا .
لكن السجن يبقى في النهاية سجن لولا طائران من فئة السنونو .. لقد قدما مع الربيع .. ولجئا غرفتنا .. وقررا أن يتخذا منها مسكنا . كان النيون الملتصق بسقف الغرفة غير محكم .. وكانت الفجوة بينه وبين السقف تكفي لبناء عش لطائرين من السنونو .. وقد رغبا في ذلك . كانا يأتيان بطين وقش بالتناوب ويضعانه على النيون . جاهدا في تثبيت الطين والقش كثيرا. لكنه كان يسقط على رؤوس المساجين بالرغم منهما . لم يحتج أحد . كنا نشعر بامتنان لقدوم السنونوين .. وبفرح وحنين . لأنهما اختارا رفقتنا من دون الجميع .
صنع أحد المساجين بمهارة قاعدة للعش من الطين .. استغرب الطائران في البدء .. لم يأتيا حتى المساء .. لكنهما أتيا .. وأكملا العش في غضون ثلاثة أيام . لم يكن هذا السجن سجن زقزقة أو سنونوتان أو شعراء ..
أبارك لك الربيع
إنني أعتب على الشاعر حميد سعيد لأنه لم ينشر قصيدتي التي بعثتها إليه .. بعد مطلع العام
انطفأ الموقد
إقلع نحو الصيف
والمهداة إلى الشاعر يوسف الصائغ
إذ لو كانت نُشرت لكنت سعيدا
اسلم لي دائما ايها العزيز
كزار حنتوش
يوسف …
وما انسدت الدنيا عليّ لضيقها ولكن طرفاً لا أراك به أعمى
أمس .. ضقت ذرعا بالسجن .. نكتب على الجدار بقلم الرصاص :
المتنبي
سعدي يوسف
يوسف الصائغ
حميد سعيد
فغدا السجن أكثر احتمالا
لكن سجينا ذا بسطة في الجسم وبساطة في الروح … أخذ من يدي القلم غاضبا .. وحشر السيّاب الذي نسيت بين المتنبي وسعدي يوسف .. وحشر محمود درويش بين سعدي يوسف ويوسف الصائغ .. ثم فكر لثواني وكتب اسمي بعد حميد سعيد .. أخيرا لم يكن ثمة سجن ..
لم يكن السجن إلا غرفة صغيرة كانت مخزنا للمواد الكيمياوية عُلقت في واجهتها يافطة مكتوب عليها اسم السجن الطنان .. حتى أنني شعرت في البدء بشيء من الغضاضة .. بل والمهانة ايضا .
لكن السجن يبقى في النهاية سجن لولا طائران من فئة السنونو .. لقد قدما مع الربيع .. ولجئا غرفتنا .. وقررا أن يتخذا منها مسكنا . كان النيون الملتصق بسقف الغرفة غير محكم .. وكانت الفجوة بينه وبين السقف تكفي لبناء عش لطائرين من السنونو .. وقد رغبا في ذلك . كانا يأتيان بطين وقش بالتناوب ويضعانه على النيون . جاهدا في تثبيت الطين والقش كثيرا. لكنه كان يسقط على رؤوس المساجين بالرغم منهما . لم يحتج أحد . كنا نشعر بامتنان لقدوم السنونوين .. وبفرح وحنين . لأنهما اختارا رفقتنا من دون الجميع .
صنع أحد المساجين بمهارة قاعدة للعش من الطين .. استغرب الطائران في البدء .. لم يأتيا حتى المساء .. لكنهما أتيا .. وأكملا العش في غضون ثلاثة أيام . لم يكن هذا السجن سجن زقزقة أو سنونوتان أو شعراء ..
أبارك لك الربيع
إنني أعتب على الشاعر حميد سعيد لأنه لم ينشر قصيدتي التي بعثتها إليه .. بعد مطلع العام
انطفأ الموقد
إقلع نحو الصيف
والمهداة إلى الشاعر يوسف الصائغ
إذ لو كانت نُشرت لكنت سعيدا
اسلم لي دائما ايها العزيز
كزار حنتوش