الصديق العزيز الأستاذ أحمد الكاتب المحترم
بعد التحية ومزيد من الاحترام
استلمت قبل فترة منك رسالة عبر البريد الألكتروني حول مؤلفكم الأخير ثم رسالة أخرى محورها مقابلة لكم في صحيفة بحرانية ولم يكن من عادتي التجاهل أو الإعراض أو عدم الرد لكنها مشاغل الحياة ومصاعبها ومصائبها التي تربك الفرد وتجعله يبتعد مرغما عن المساهمة في كثير من الفعاليات التي تجري من حوله.
صديقي العزيز
هناك أكثر من مسألة في في بحثك أود أن أوضح رأيي فيها،وآمل ألا يفسد اختلاف الرأي مابيننا من ود فأنا والحمد لله عشت في الدنمارك مدة طويلة والمجتمع الدنماركي من أرقى الشعوب ممارسة للديمقراطية وحرية الرأي ومنذ خمس سنوات أقيم في بريطانيا وهي بلد معروف بحرية الراي وممارسة الحق في القول بين مساحتي نعم ولا.
القضية الأولى:
هي مسألة الأئمة الأثني عشر والخلافة، هناك حديثان للنبي محمد " ص " هما " الخلفاء من قريش" وهذا الحديث موجود في الكتب الصحيحة وله اسانيد صحيحة عند جميع المذاهب الإسلامية وبموجب هذا الحديث اختارت حركة طالبان حين سيطرت على إفغانساتان ابن لادن قائدا لها على اعتبار أنه قرشي!
والحديث الثاني وقد ورد في كتب الحديث الصحيحة غير الشيعية الأئمة من بعدي إثنا عشر كلهم من قريش، وأراك في بحثك قد تجاهلت هذين الحديثين اللذين لهما انعكاس مهم في حياتنا المعاصرة وسأوضح لك المسألة في السطور التالية لكن دعني أقول إن الشعر العربي أكد أيضا قضية المهدي التي نفيتها أنت كان في العصر الأموي السيد الحميري الذي تحدث عن المهدي الموعود ثم دعبل وقبلهما وبعدهما العشرات ممن تحدثوا عن المهدي ولااحد يشك في هذا الشعر لأن وجود مخطوطاته كان في زمن مرحلة التدوين القومي للأمة وهي المرحلة التي بدأت نهاية العصر الأموي أي زمن الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام أضف إلى ذلك أن العباسيين كان الكثير منهم يتعمد أن يسمي بعضا ممن ولدوا له بالمهدي أملا في أن يكون هو المهدي الموعود فمسألة المهدي وردت في أحاديث وذكرها الشعر العربي ونفيك لها يعني عدة أمور :
نفي للفكر الأممي كله فاليهود تحدثوا عن المخلص الموعود أي المهدي والمسيحيون وقبلهم ديانات أخرى وفلسفات تحدثت عن وجود مخلص وهكذا
المذاهب الأربعة اشارت إلى مسألة المهدي والمخلص المهدي المنتظر وافضل برهان على ذلك المجاهدون الذين كانوا يظنون أنفسهم المهدي فيثورون ومنهم مهدي السودان جد الصادق المهدي رئيس وزراء السودان السابق وغيره وماذلك إلا دليل على أن مسألة المهدي محسومة في الفكر الإسلامي عند الشيعة والسنة لكن كل من هذين التيارين ينظر إليها بطريقته الخاصة.
أعود إلى الحديثين الشريفين، فأقول لحضرتك إن الحديث الأول " الخلافة في قريش " يضيع وحده من دون الحديث الثاني. الجناح السني من الأمة الإسلامية في مأزق، ماذا تعني خلافة قريش إنها تعني أن يكون خليفة المسلمين أو خليفة أي بلد ورئيسه أو ملكه من قريش وإلا لاحتاج أي فرد منهم إلى عمل شجرة نسب قرشية مثلما فعل فاروق الألباني ملك مصر وصاحب الحفرة السيادية في العراق وغيرهما، سيقول لنا العالم المتمدن - و-أرجو أن تتذكر أنك في أوروبا المتحضرة - أين المرأة كيف لاتصبح رئيسة وملكة ووزيرة ؟ هل نحن وحوش لنلغي حق أكثر من نصف المجتمع - نسبة النساء في بلداننا العربية والإسلامية أكثر من الذكور - لكنّ الحديث الثاني " الإثنا عشر .. " وحديث المهدي " يخرج في نهاية..." وهي أحاديث بأسانيد صحيحة عند كل المذاهب تحل الاشكال : كيف استلمت المرحومة بناظير بوتو أعلى سلطة في الباكستان المسلمة ذات الاغلبية السنية؟
كيف استلمت السيدة الشيخة حسيبة منصب رئاسة الجمهورية في بنغلادش البلد السني؟
لاحل إلا عبر حديث المهدي المتنظر، فلو قرأت كتب الشيعة وأظنك قرأتها بلا شك لوجدت أن معظم فقهاء الشيعة يقولون مادام الإمام غائبا فلاضير أن يكون نائبه رجلا تتوفر فيه الشروط أو امرأة ويستندون في ذلك إلى حديث للنبي " ص " يذكر فيه أنه أمر أم ورقة بالصلاة بالمسلمين وأم ورقة حين تصلي فيعني ذلك كونها نائبا عن النبي فما دام المهدي " ع " غائبا فيمكن لأي رجل كفوء ان يكون نائبا له وبإمكان أية امرأة تتوفر فيها الشروط أيضا ومن باب خفي تجاهل أهل السنة إلى حد ما حديث الخلافة في قريش- أي حق الذكورة فقط في الخلاقة - واستفادوا بصورة مباشرة من حديث الأئمة الاثني عشر وغيبة المهدي فأصبح لدولهم رئيسات كما في باكستان وبنغلادش وأندنوسيا ووزيرات كما في مصر والمغرب وسورية وعمان وقطر وأندنوسيا.
إذا لو تمسك أهل السنة بالحديث " الخلافة في قريش " لبقينا لإلى يوم يبعثون تحت سطوة أبناء جنسنا، ولما كان بإمكان المرأة أن تحكم في يوم ما. إن عدم الإيمان بالمهدي هو إلغاء لنظرتنا المعاصرة وحضارتنا وشعرنا ذلك ما يجعلنا أمام الشرق والغرب بدءأ من اليابان والصين وأوروبا وانتهاء بالأمريكيتين يجعلنا أمة همجية تتجاهل حقوق المرأة وتمنعها من ممارسة حقها ولاأدل على إلا أن أضرب لك مثلا بملتح متخلف من برلمان الكويت يظهر على شاشة التلفزيون ليقول لاولاية للمرأة نعم لاولاية للمرأة ويحق للحجاج السفاح أن يكون وليا؟
نعم وفق القانون الذي يلغي فكرة المهدي لايحق لنازك الملائكة وعاتكة الخزرجي وبنت الهدى أن يحكمن بل يحق لأي متخلف من الحجاز أن يصبح وليا للأمر بحجة الخلافة للرجال القرشيين فقط.
أترى كيف يدخلنا الإعراض عن المهدي في متاهات عالمية نحن في غنى عنها لأن ذلك سوف يقطعنا عن فكرة الاندماج والتواصل مع العالم الذي يؤمن بظهور مخلص ثم يجعل حكم البلاد الإسلامية بيد شرمذة تدعي النسبة لقريشن وسوف يظهر من يمنع سيدة فاضلة تقتدي في سلوكها بالسيدة أم سلمة أوغيرها من زوجات الرسول " ص " ليقول لها اجلسي ليس لك حق الولاية فهناك من هم من مثل خادم الحرمين وملك المغرب ومولانا ولد النازل من هم من الذكور ذوي الخصى الذين من حقهم أن يعتلوا العرش لاأنت!
فكرتك يا أخي أحمد ستعيد المرأة إلى المطبخ وخدمة البيوت وغسل الصحون وكنس الأزبال لاغير!
القضية الثانية مسألة الصحابة
ذكرت في حديثك للمجلة البحرانية أن هناك دعوة في ذلك وأنا أقول لك بصراحة إن والدي رجل ملا أي قاريء حسيني ولم اسمعه يوما يتناول أي صحابي بكلمة نابية وقد سألته بعد نكسة حزيران عام 1967ماذا تقول لو حكم الآن عمر بن الخطاب " رض " فأجابني والله إن هؤلاء الحكام الجبناء لايساوون نعله. وأنت ايضا ولدت في بيئة شيعية فهل سمعت أباك أو أمك يسبان صحابيا ما؟
في مسألة سب الصحابة والنيل من بعضهم هناك أمران مهمان أود الإشارة إليهما وهما:
إن الذين ينالون من الصحابة هم قلة من الشيعة ويجب ألا يعمم هذا. إن سلوك الأقلية لايعكس فكر الأكثرية لقد زار الرئيس السادات إسرائيل وقالوا عنه خائن فهل كل السنة خونة؟ وقد قتل صدام حسين خلقا كثيرا من العرب والأكراد والمسحيين والسنة والشيعة والصابئة والأزيدين وهو من عائلة سنية فهل كل السنة مجرمون، وقد قامت عصابات القاعدة بقتل المئات من المسلمين والأجانب في المغرب والجزائر والعراق وسوريا والجزيرة العربية وباكستان فهل يتحمل السنة جرم ذلك العمل البشع لأن القاعدة سنية؟
لم يفتح الشيعة باب السب الذي يرفضه أي عاقل ومتحضر وشريف بل الذي فتحه هو الحاكم الأموي الذي تعده كثير من شرائح السنة صحابيا لايجوز المساس به وفتحه ايضا النواصب والروافض الذين تحدث عنهم ابن تيمية في رسالة المشهورة عن يزيد بن معاوية فالنواصب من يسبون عليا ويبغضونه والروافض من يسبون الخليفتين ابا بكر وعمر " رض " وها نحن نعناني من هذه المسألة إلى الآن وما هي إلا ردات فعل أو جهل ولاتستحق المسألة أن تعمم وكأنها هي المسألة الجوهرية وما بعدها من مشكلة تستحق الاهتمام.
إن وصف الصحابة بالضلال كما ورد في احد الكتب القديمة وهو من تاليف أحد المراجع الشيعية تلك المسالة التي التقطتها إحدى المحطات الممولة من الفكر الوهابي وطبلت لها ، والحق أقول لك إن من أثار النقطة تلك لم يتعمق بالقرآن الكريم يقول تعالى " ووجدك ضالا فهدى " إذ ذهب كثير من المفسرين السنة والشيعة أن كلمة ضال تعني عدم معرفة الرسول " ص " بالقرآن قبل أن ينزل عليه الوحي وليس من الكفر فالمعروف أن الوحي نزل على خاتم النبيين " ص " بعد الأربعين ولم يكن يعرف القرآن قبلها لذلك يمكن أن نقول إن الخليفة أبا بكر " رض " لم يكن يعرف تماما معنى " إنما وليكم الله ..." وكذلك الحديث " من كنت مولاه" ظانا أن الأمر من الوَلاية بالفتح وهي الحب وليس من الولاية بالكسر وكثير من الصحابة كانوا يخطؤون في معنى الآيات زمن الرسول والخلفاء الراشدين بخاصة أبا بكر وعمر " رض " كانوا يخطؤون في فهم بعض النصوص القرآنية فيصحح لهم الإمام علي " ع " ماضلوا فيه - إكرر إنها من اللبس وسوء الفهم والخطأ غير المقصود- فحاشا لخليفة عظيم مثل أبي بكر " رض " أن يضل بما معناه الكفر.
ومن حقنا نحن المعاصرين أن نسأل هناك منهج قرآني أشار إليه الجناح السني في الفكر الإسلامي وذكره مرارا الصديق الاستاذ أحمد الكاتب هو مبدأ الشورى نقول إذا كانت الشورى مبدأ إلهيا فإن الخلافة جاءت للخليفة الشهيد عمر بن الخاب " رض " عن طريق الوصية وهنا ننعطف إلى معنى الضلالة بمعنى الخطأ أو اللبس، كذلك حصر الشورى بستة أيضا خروج عن الشورى ومن حق الجناح الشيعي أن يقول إن الإمام علي " ع " هو الخليفة الوحيد الذي بويع بإجماع الجمهور أي بأسلوب ديمقراطي ونحن بصفتنا ننتمي إلى الجناح الشيعي نقول إننا نتقبل ماحدث من أخطاء زمن العصر الراشدي لأنها صدرت من أناس كبار لهم منزلتهم مثل أبي بكر وعمر وغيرهما لكن تلك الأخطاء استثمرت بشكل بشع في العصر الأموي، ولو كان هناك عداء شخصي بين الشيعة والأمويين لما قدروا أي الشيعة وقدسوا خليفتين عظيمين هما الشهيد معاوية بن يزيد بن معاوية الذي يزورون قبره في دمشق ويترحمون عليه وهو أموي وليس شيعيا بل حفيد معاوية، ويترحمون في مجالسهم وندواتهم على الخليفة الرائع عمر بن عبد العزيز وكان من هؤلاء والدي الشيخ عبد الرؤوف عسكر الذي كان يخصص ليلة من ليالي رمضان لهذا الخليفة العظيم.
قضية عصمة الأئمة:
أخي العزيز هناك حديث ورد في كتب الصحاح لم تتطرق إليه بهذا الشأن أذكرك به "" إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ..." إن هذا الحديث ورد بأكثر من سند وهو مواز لحديث "... وسنتي " فكلا الحديثين فيه ..." ما إن تمسكتم.." فيرى مفكرو الشيعة أن الرسول " ص " جعل أهل بيته موازين أو معادلين أو مساوين لكتاب الله ومادام كتاب الله بعيدا عن الخطأ فالمعادل يتمتع بالمواصفات ذاتها ثم لو أن المخلص الموعود الذي يتفق على ظهوره السنة والشيعة وكثير من الأمم إذا كان هذا المخلص غير معصوم أي منزه عن الخطأ فكيف يحقق العدل والسلام وهو لايتحلى بصفة التحرر من الخطأ؟ هذه نقطة أراك مررت عليها مرور الكرام.
قضية بعض عادات عاشوراء
قبل كل شيء صديقي العزيز أو أن أقول لك إني لاأمارس التطبير وضرب الزنجيل لكني أرغب في أن أشير إلى بعض نقاط الضعف فيمن يثيرون هذه المسألة من باب الديمقراطية وحرية الرأي فكل فرد أو مجموعة له الحق في أن يعبر عن نفسه وجماعته شرط ألا يلحق ضررا بحقوق الآخرين:
إن التطبير وضرب السلاسل يحدث في السنة مرة واحدة بل سويعات ولنفرض أن مدته بحساب الزمن يوما أو يومين فهناك ممارسات عند السنة وغيرهم تستمر طول العام، هناك من يقول إن هذا العمل يضر في النفس، وأنا بصفتي باحثا وأكاديميا أقول: التدخين يضر بالنفس وهو يمارس من المسلمين وغيرهم كل دقيقة ولحظة وعلماء المسلمين يعرفون أضراره الحالية والقريبة والبعيدة على النفس والمجتمع والبيئة وأتعسها التلويث والسرطان ولم يجرؤ أحد منهم على تحريمه بل إن علماء المسلمين مؤخرا في أندنوسيا أصدروا فتوى بعدم تحريمه وامتنعوا عن إصدار أي فتوى تخص التحريم وهم مجمعون على ذلك لم يشذ أي منهم عن هذه القاعدة وإني أتحدى علماء الأزهر الشريف والقيروان ومكة وغيرها أن يصدروا فتوى صريحة بالتحريم.
إذا كان التطبير وغيره من ممارسات عند الشيعة تثير الاستهجان في الجانب السني فلم يصمتون عن ختان الفتيات. عندما أتحدث عن هذه المسألة أجد كل وسائل الإعلام ودور الإفتاء تصمت أتدري لماذا؟ لأن هناك حديثا تقرؤ فيه أن امرأة عاصرت النبي " ص "كانت تختن النساء لذلك سميت مقطعة البظور فيروى أن النبي سألها أن تحسن القطع أي ألا توغل بعيدا في القطع فهو كما تورد بعض الكتب السلفية أنضر واصبح للوجه وفق هذا الاستحسان من النبي " ص " راحت الملايين في جنوب مصر والسودان والصومال وأريتيريا وغيرها ترسل بناتهها الصغيرات يوميا إلى مباضع مقطعات البظور في أبشع جريمة عرفها التاريخ بحق الطفولة آخرها وفاة طفلة سودانية بريئة - أرجو أن تكون قد قرأت رواية النهر الفاصل التي لاقت بطلتها المصير ذاته- لكن دور الفتوى في الأزهر والجزيرة والخرطوم والقيروان لاتصدر تحريما بل تصمت استحسانا لأن الرسول يبدو أنه استحسن العمل بقوله أحسني القطع ومادام استحسن فالأمر كذلك. نحن نرى تطبيرا مرة او مرتين في العام لسويعات فنستهجنه لكننا نستحسن سوق العشرات أو المئات من الصغيرات إلى مباضع قطع البظور يوميا - ربما لم يرد الرسول أن يقطع رزق تلك المرأة فقطع الأعناق والبظور ولا قطع الأرزاق - وأنا حينما كنت مراسلا لصحيفة الشرق الاوسط من الدنمارك تابعت وسائل الإعلام الدنماركية واهتممت بمشاعر الجمهور الدنماركي وهو يراقب الصوماليين اللاجئين وهم يختنون في البيوت بناتهم فصدر أمر بالمنع بعد حدوث مضاعفات فاضطر بعضهم للسفر إلى أفريقيا لممارسة تلك العادة فقررت الدول الاسكندنافية إصدار قانون يقضي بعقاب من يسافر لهذا الغرض، وقد كتبت إلى صحيفة الشرق الاوسط تقارير ومقالات بالأمر لكن المسؤول أعرض عن نشرها كي لايقع عرضة للصدام مع علماء السوء في مكة فيقطعون رزقه ويذهب ضحية قطع البظور!
هناك أيضا الملايين ممن يثقبن آذان وليداتهن يوميا لغرض الزينة وفي ذلك عذاب وقتي للجسد ولم يمنعه أو يحرمه عالم وهناك المئات والملايين في اوروبا والعالم من يثقبن ويثقبون آذانهم وأنوفهم ومناطق السرة والفرج واللسان ليزينوها بالحلقات المعدنية وغيرها فضلا ممن يشمون أنفسهم وممن يمشون على النار يوميا في آسيا وممن يضربون أنفسهم بالسكاكين في التكيات الصوفية تجري هذه الممارسات بشكل يومي ولااعتراض من رأي عالمي أو إسلامي في حين يتم تضخيم مسألة التطبير وتسخر لها قنوات فضائية ومعلقون في الوقت نفسه تنسى وسائل الإعلام تلك الممارسات البشعة لملايين تختن بناتها من مسلمي أفريقيا بل تعد دور الفتوى ذلك العمل لايستحق التعليق!
أخي العزيز :
لقد سررت برسلتيك كثيرا لكني في الوقت نفسه صدمت وسبب صدمتي هو كونك تجاهلت في بحثك بعضا من الأحاديث الصحيحة التي يؤمن بها السنة والشيعة ثم تجاهلت وأنت تنتقد الممارسات والشعائر الشيعية تجاهلت ممارسات الطرف الآخر البشعة بحق نفسه وكان حريا بك وأنت باحث محترف أن تذكر كل ذلك.
كذلك كان حريا بك أن تستعرض الأحاديث الصحيحة في صحيح مسلم والبخاري التي تذهب إلى تحريف القرآن فمن النقص في البحث أن يجدف عليك خصمك من خلال كتاب يطعن في القرآن لم يطلق عليه أي مفكر من مفكري الشيعة كلمة " صحيح" فلم يقولوا قط " صحيح الكافي " مع ذلك تشتعل الفتنة من وسائل الإعلام حول قول فيه وهناك من يعرف أن الشيعة يتمسكون بقول للإمام جعفر" ع " مامعناه " كثرت عنا النقلة فما وافق كتاب الله وسنة نبيه فخذوه .." هذا القول تتجاهله وسائل الإعلام ولاتركز على حدجيث على سبيل المثال يرد فيه " أن هناك آية ضائعة هي آية الرجم " أو آية غير موجودة في القرآن هي " أن لاترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم "- صحيح البخاري حديث 638 - وهناك ثلث القرآن الضائع كما يرد في بعض كتب الصحاح ومنها البخاري. المهم إن الدعوة إلى الوحدة شيء جميل لكن يجب أن يكون هناك منهج معين وبرنامج متكامل وألا يتم تحت هذا الشعار غحصاء لاتهام طرف دون آخر أو تتبع عثرات فئة دون أخرى.
أكرر شكري لك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. قصي الشيخ عسكر
بعد التحية ومزيد من الاحترام
استلمت قبل فترة منك رسالة عبر البريد الألكتروني حول مؤلفكم الأخير ثم رسالة أخرى محورها مقابلة لكم في صحيفة بحرانية ولم يكن من عادتي التجاهل أو الإعراض أو عدم الرد لكنها مشاغل الحياة ومصاعبها ومصائبها التي تربك الفرد وتجعله يبتعد مرغما عن المساهمة في كثير من الفعاليات التي تجري من حوله.
صديقي العزيز
هناك أكثر من مسألة في في بحثك أود أن أوضح رأيي فيها،وآمل ألا يفسد اختلاف الرأي مابيننا من ود فأنا والحمد لله عشت في الدنمارك مدة طويلة والمجتمع الدنماركي من أرقى الشعوب ممارسة للديمقراطية وحرية الرأي ومنذ خمس سنوات أقيم في بريطانيا وهي بلد معروف بحرية الراي وممارسة الحق في القول بين مساحتي نعم ولا.
القضية الأولى:
هي مسألة الأئمة الأثني عشر والخلافة، هناك حديثان للنبي محمد " ص " هما " الخلفاء من قريش" وهذا الحديث موجود في الكتب الصحيحة وله اسانيد صحيحة عند جميع المذاهب الإسلامية وبموجب هذا الحديث اختارت حركة طالبان حين سيطرت على إفغانساتان ابن لادن قائدا لها على اعتبار أنه قرشي!
والحديث الثاني وقد ورد في كتب الحديث الصحيحة غير الشيعية الأئمة من بعدي إثنا عشر كلهم من قريش، وأراك في بحثك قد تجاهلت هذين الحديثين اللذين لهما انعكاس مهم في حياتنا المعاصرة وسأوضح لك المسألة في السطور التالية لكن دعني أقول إن الشعر العربي أكد أيضا قضية المهدي التي نفيتها أنت كان في العصر الأموي السيد الحميري الذي تحدث عن المهدي الموعود ثم دعبل وقبلهما وبعدهما العشرات ممن تحدثوا عن المهدي ولااحد يشك في هذا الشعر لأن وجود مخطوطاته كان في زمن مرحلة التدوين القومي للأمة وهي المرحلة التي بدأت نهاية العصر الأموي أي زمن الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام أضف إلى ذلك أن العباسيين كان الكثير منهم يتعمد أن يسمي بعضا ممن ولدوا له بالمهدي أملا في أن يكون هو المهدي الموعود فمسألة المهدي وردت في أحاديث وذكرها الشعر العربي ونفيك لها يعني عدة أمور :
نفي للفكر الأممي كله فاليهود تحدثوا عن المخلص الموعود أي المهدي والمسيحيون وقبلهم ديانات أخرى وفلسفات تحدثت عن وجود مخلص وهكذا
المذاهب الأربعة اشارت إلى مسألة المهدي والمخلص المهدي المنتظر وافضل برهان على ذلك المجاهدون الذين كانوا يظنون أنفسهم المهدي فيثورون ومنهم مهدي السودان جد الصادق المهدي رئيس وزراء السودان السابق وغيره وماذلك إلا دليل على أن مسألة المهدي محسومة في الفكر الإسلامي عند الشيعة والسنة لكن كل من هذين التيارين ينظر إليها بطريقته الخاصة.
أعود إلى الحديثين الشريفين، فأقول لحضرتك إن الحديث الأول " الخلافة في قريش " يضيع وحده من دون الحديث الثاني. الجناح السني من الأمة الإسلامية في مأزق، ماذا تعني خلافة قريش إنها تعني أن يكون خليفة المسلمين أو خليفة أي بلد ورئيسه أو ملكه من قريش وإلا لاحتاج أي فرد منهم إلى عمل شجرة نسب قرشية مثلما فعل فاروق الألباني ملك مصر وصاحب الحفرة السيادية في العراق وغيرهما، سيقول لنا العالم المتمدن - و-أرجو أن تتذكر أنك في أوروبا المتحضرة - أين المرأة كيف لاتصبح رئيسة وملكة ووزيرة ؟ هل نحن وحوش لنلغي حق أكثر من نصف المجتمع - نسبة النساء في بلداننا العربية والإسلامية أكثر من الذكور - لكنّ الحديث الثاني " الإثنا عشر .. " وحديث المهدي " يخرج في نهاية..." وهي أحاديث بأسانيد صحيحة عند كل المذاهب تحل الاشكال : كيف استلمت المرحومة بناظير بوتو أعلى سلطة في الباكستان المسلمة ذات الاغلبية السنية؟
كيف استلمت السيدة الشيخة حسيبة منصب رئاسة الجمهورية في بنغلادش البلد السني؟
لاحل إلا عبر حديث المهدي المتنظر، فلو قرأت كتب الشيعة وأظنك قرأتها بلا شك لوجدت أن معظم فقهاء الشيعة يقولون مادام الإمام غائبا فلاضير أن يكون نائبه رجلا تتوفر فيه الشروط أو امرأة ويستندون في ذلك إلى حديث للنبي " ص " يذكر فيه أنه أمر أم ورقة بالصلاة بالمسلمين وأم ورقة حين تصلي فيعني ذلك كونها نائبا عن النبي فما دام المهدي " ع " غائبا فيمكن لأي رجل كفوء ان يكون نائبا له وبإمكان أية امرأة تتوفر فيها الشروط أيضا ومن باب خفي تجاهل أهل السنة إلى حد ما حديث الخلافة في قريش- أي حق الذكورة فقط في الخلاقة - واستفادوا بصورة مباشرة من حديث الأئمة الاثني عشر وغيبة المهدي فأصبح لدولهم رئيسات كما في باكستان وبنغلادش وأندنوسيا ووزيرات كما في مصر والمغرب وسورية وعمان وقطر وأندنوسيا.
إذا لو تمسك أهل السنة بالحديث " الخلافة في قريش " لبقينا لإلى يوم يبعثون تحت سطوة أبناء جنسنا، ولما كان بإمكان المرأة أن تحكم في يوم ما. إن عدم الإيمان بالمهدي هو إلغاء لنظرتنا المعاصرة وحضارتنا وشعرنا ذلك ما يجعلنا أمام الشرق والغرب بدءأ من اليابان والصين وأوروبا وانتهاء بالأمريكيتين يجعلنا أمة همجية تتجاهل حقوق المرأة وتمنعها من ممارسة حقها ولاأدل على إلا أن أضرب لك مثلا بملتح متخلف من برلمان الكويت يظهر على شاشة التلفزيون ليقول لاولاية للمرأة نعم لاولاية للمرأة ويحق للحجاج السفاح أن يكون وليا؟
نعم وفق القانون الذي يلغي فكرة المهدي لايحق لنازك الملائكة وعاتكة الخزرجي وبنت الهدى أن يحكمن بل يحق لأي متخلف من الحجاز أن يصبح وليا للأمر بحجة الخلافة للرجال القرشيين فقط.
أترى كيف يدخلنا الإعراض عن المهدي في متاهات عالمية نحن في غنى عنها لأن ذلك سوف يقطعنا عن فكرة الاندماج والتواصل مع العالم الذي يؤمن بظهور مخلص ثم يجعل حكم البلاد الإسلامية بيد شرمذة تدعي النسبة لقريشن وسوف يظهر من يمنع سيدة فاضلة تقتدي في سلوكها بالسيدة أم سلمة أوغيرها من زوجات الرسول " ص " ليقول لها اجلسي ليس لك حق الولاية فهناك من هم من مثل خادم الحرمين وملك المغرب ومولانا ولد النازل من هم من الذكور ذوي الخصى الذين من حقهم أن يعتلوا العرش لاأنت!
فكرتك يا أخي أحمد ستعيد المرأة إلى المطبخ وخدمة البيوت وغسل الصحون وكنس الأزبال لاغير!
القضية الثانية مسألة الصحابة
ذكرت في حديثك للمجلة البحرانية أن هناك دعوة في ذلك وأنا أقول لك بصراحة إن والدي رجل ملا أي قاريء حسيني ولم اسمعه يوما يتناول أي صحابي بكلمة نابية وقد سألته بعد نكسة حزيران عام 1967ماذا تقول لو حكم الآن عمر بن الخطاب " رض " فأجابني والله إن هؤلاء الحكام الجبناء لايساوون نعله. وأنت ايضا ولدت في بيئة شيعية فهل سمعت أباك أو أمك يسبان صحابيا ما؟
في مسألة سب الصحابة والنيل من بعضهم هناك أمران مهمان أود الإشارة إليهما وهما:
إن الذين ينالون من الصحابة هم قلة من الشيعة ويجب ألا يعمم هذا. إن سلوك الأقلية لايعكس فكر الأكثرية لقد زار الرئيس السادات إسرائيل وقالوا عنه خائن فهل كل السنة خونة؟ وقد قتل صدام حسين خلقا كثيرا من العرب والأكراد والمسحيين والسنة والشيعة والصابئة والأزيدين وهو من عائلة سنية فهل كل السنة مجرمون، وقد قامت عصابات القاعدة بقتل المئات من المسلمين والأجانب في المغرب والجزائر والعراق وسوريا والجزيرة العربية وباكستان فهل يتحمل السنة جرم ذلك العمل البشع لأن القاعدة سنية؟
لم يفتح الشيعة باب السب الذي يرفضه أي عاقل ومتحضر وشريف بل الذي فتحه هو الحاكم الأموي الذي تعده كثير من شرائح السنة صحابيا لايجوز المساس به وفتحه ايضا النواصب والروافض الذين تحدث عنهم ابن تيمية في رسالة المشهورة عن يزيد بن معاوية فالنواصب من يسبون عليا ويبغضونه والروافض من يسبون الخليفتين ابا بكر وعمر " رض " وها نحن نعناني من هذه المسألة إلى الآن وما هي إلا ردات فعل أو جهل ولاتستحق المسألة أن تعمم وكأنها هي المسألة الجوهرية وما بعدها من مشكلة تستحق الاهتمام.
إن وصف الصحابة بالضلال كما ورد في احد الكتب القديمة وهو من تاليف أحد المراجع الشيعية تلك المسالة التي التقطتها إحدى المحطات الممولة من الفكر الوهابي وطبلت لها ، والحق أقول لك إن من أثار النقطة تلك لم يتعمق بالقرآن الكريم يقول تعالى " ووجدك ضالا فهدى " إذ ذهب كثير من المفسرين السنة والشيعة أن كلمة ضال تعني عدم معرفة الرسول " ص " بالقرآن قبل أن ينزل عليه الوحي وليس من الكفر فالمعروف أن الوحي نزل على خاتم النبيين " ص " بعد الأربعين ولم يكن يعرف القرآن قبلها لذلك يمكن أن نقول إن الخليفة أبا بكر " رض " لم يكن يعرف تماما معنى " إنما وليكم الله ..." وكذلك الحديث " من كنت مولاه" ظانا أن الأمر من الوَلاية بالفتح وهي الحب وليس من الولاية بالكسر وكثير من الصحابة كانوا يخطؤون في معنى الآيات زمن الرسول والخلفاء الراشدين بخاصة أبا بكر وعمر " رض " كانوا يخطؤون في فهم بعض النصوص القرآنية فيصحح لهم الإمام علي " ع " ماضلوا فيه - إكرر إنها من اللبس وسوء الفهم والخطأ غير المقصود- فحاشا لخليفة عظيم مثل أبي بكر " رض " أن يضل بما معناه الكفر.
ومن حقنا نحن المعاصرين أن نسأل هناك منهج قرآني أشار إليه الجناح السني في الفكر الإسلامي وذكره مرارا الصديق الاستاذ أحمد الكاتب هو مبدأ الشورى نقول إذا كانت الشورى مبدأ إلهيا فإن الخلافة جاءت للخليفة الشهيد عمر بن الخاب " رض " عن طريق الوصية وهنا ننعطف إلى معنى الضلالة بمعنى الخطأ أو اللبس، كذلك حصر الشورى بستة أيضا خروج عن الشورى ومن حق الجناح الشيعي أن يقول إن الإمام علي " ع " هو الخليفة الوحيد الذي بويع بإجماع الجمهور أي بأسلوب ديمقراطي ونحن بصفتنا ننتمي إلى الجناح الشيعي نقول إننا نتقبل ماحدث من أخطاء زمن العصر الراشدي لأنها صدرت من أناس كبار لهم منزلتهم مثل أبي بكر وعمر وغيرهما لكن تلك الأخطاء استثمرت بشكل بشع في العصر الأموي، ولو كان هناك عداء شخصي بين الشيعة والأمويين لما قدروا أي الشيعة وقدسوا خليفتين عظيمين هما الشهيد معاوية بن يزيد بن معاوية الذي يزورون قبره في دمشق ويترحمون عليه وهو أموي وليس شيعيا بل حفيد معاوية، ويترحمون في مجالسهم وندواتهم على الخليفة الرائع عمر بن عبد العزيز وكان من هؤلاء والدي الشيخ عبد الرؤوف عسكر الذي كان يخصص ليلة من ليالي رمضان لهذا الخليفة العظيم.
قضية عصمة الأئمة:
أخي العزيز هناك حديث ورد في كتب الصحاح لم تتطرق إليه بهذا الشأن أذكرك به "" إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ..." إن هذا الحديث ورد بأكثر من سند وهو مواز لحديث "... وسنتي " فكلا الحديثين فيه ..." ما إن تمسكتم.." فيرى مفكرو الشيعة أن الرسول " ص " جعل أهل بيته موازين أو معادلين أو مساوين لكتاب الله ومادام كتاب الله بعيدا عن الخطأ فالمعادل يتمتع بالمواصفات ذاتها ثم لو أن المخلص الموعود الذي يتفق على ظهوره السنة والشيعة وكثير من الأمم إذا كان هذا المخلص غير معصوم أي منزه عن الخطأ فكيف يحقق العدل والسلام وهو لايتحلى بصفة التحرر من الخطأ؟ هذه نقطة أراك مررت عليها مرور الكرام.
قضية بعض عادات عاشوراء
قبل كل شيء صديقي العزيز أو أن أقول لك إني لاأمارس التطبير وضرب الزنجيل لكني أرغب في أن أشير إلى بعض نقاط الضعف فيمن يثيرون هذه المسألة من باب الديمقراطية وحرية الرأي فكل فرد أو مجموعة له الحق في أن يعبر عن نفسه وجماعته شرط ألا يلحق ضررا بحقوق الآخرين:
إن التطبير وضرب السلاسل يحدث في السنة مرة واحدة بل سويعات ولنفرض أن مدته بحساب الزمن يوما أو يومين فهناك ممارسات عند السنة وغيرهم تستمر طول العام، هناك من يقول إن هذا العمل يضر في النفس، وأنا بصفتي باحثا وأكاديميا أقول: التدخين يضر بالنفس وهو يمارس من المسلمين وغيرهم كل دقيقة ولحظة وعلماء المسلمين يعرفون أضراره الحالية والقريبة والبعيدة على النفس والمجتمع والبيئة وأتعسها التلويث والسرطان ولم يجرؤ أحد منهم على تحريمه بل إن علماء المسلمين مؤخرا في أندنوسيا أصدروا فتوى بعدم تحريمه وامتنعوا عن إصدار أي فتوى تخص التحريم وهم مجمعون على ذلك لم يشذ أي منهم عن هذه القاعدة وإني أتحدى علماء الأزهر الشريف والقيروان ومكة وغيرها أن يصدروا فتوى صريحة بالتحريم.
إذا كان التطبير وغيره من ممارسات عند الشيعة تثير الاستهجان في الجانب السني فلم يصمتون عن ختان الفتيات. عندما أتحدث عن هذه المسألة أجد كل وسائل الإعلام ودور الإفتاء تصمت أتدري لماذا؟ لأن هناك حديثا تقرؤ فيه أن امرأة عاصرت النبي " ص "كانت تختن النساء لذلك سميت مقطعة البظور فيروى أن النبي سألها أن تحسن القطع أي ألا توغل بعيدا في القطع فهو كما تورد بعض الكتب السلفية أنضر واصبح للوجه وفق هذا الاستحسان من النبي " ص " راحت الملايين في جنوب مصر والسودان والصومال وأريتيريا وغيرها ترسل بناتهها الصغيرات يوميا إلى مباضع مقطعات البظور في أبشع جريمة عرفها التاريخ بحق الطفولة آخرها وفاة طفلة سودانية بريئة - أرجو أن تكون قد قرأت رواية النهر الفاصل التي لاقت بطلتها المصير ذاته- لكن دور الفتوى في الأزهر والجزيرة والخرطوم والقيروان لاتصدر تحريما بل تصمت استحسانا لأن الرسول يبدو أنه استحسن العمل بقوله أحسني القطع ومادام استحسن فالأمر كذلك. نحن نرى تطبيرا مرة او مرتين في العام لسويعات فنستهجنه لكننا نستحسن سوق العشرات أو المئات من الصغيرات إلى مباضع قطع البظور يوميا - ربما لم يرد الرسول أن يقطع رزق تلك المرأة فقطع الأعناق والبظور ولا قطع الأرزاق - وأنا حينما كنت مراسلا لصحيفة الشرق الاوسط من الدنمارك تابعت وسائل الإعلام الدنماركية واهتممت بمشاعر الجمهور الدنماركي وهو يراقب الصوماليين اللاجئين وهم يختنون في البيوت بناتهم فصدر أمر بالمنع بعد حدوث مضاعفات فاضطر بعضهم للسفر إلى أفريقيا لممارسة تلك العادة فقررت الدول الاسكندنافية إصدار قانون يقضي بعقاب من يسافر لهذا الغرض، وقد كتبت إلى صحيفة الشرق الاوسط تقارير ومقالات بالأمر لكن المسؤول أعرض عن نشرها كي لايقع عرضة للصدام مع علماء السوء في مكة فيقطعون رزقه ويذهب ضحية قطع البظور!
هناك أيضا الملايين ممن يثقبن آذان وليداتهن يوميا لغرض الزينة وفي ذلك عذاب وقتي للجسد ولم يمنعه أو يحرمه عالم وهناك المئات والملايين في اوروبا والعالم من يثقبن ويثقبون آذانهم وأنوفهم ومناطق السرة والفرج واللسان ليزينوها بالحلقات المعدنية وغيرها فضلا ممن يشمون أنفسهم وممن يمشون على النار يوميا في آسيا وممن يضربون أنفسهم بالسكاكين في التكيات الصوفية تجري هذه الممارسات بشكل يومي ولااعتراض من رأي عالمي أو إسلامي في حين يتم تضخيم مسألة التطبير وتسخر لها قنوات فضائية ومعلقون في الوقت نفسه تنسى وسائل الإعلام تلك الممارسات البشعة لملايين تختن بناتها من مسلمي أفريقيا بل تعد دور الفتوى ذلك العمل لايستحق التعليق!
أخي العزيز :
لقد سررت برسلتيك كثيرا لكني في الوقت نفسه صدمت وسبب صدمتي هو كونك تجاهلت في بحثك بعضا من الأحاديث الصحيحة التي يؤمن بها السنة والشيعة ثم تجاهلت وأنت تنتقد الممارسات والشعائر الشيعية تجاهلت ممارسات الطرف الآخر البشعة بحق نفسه وكان حريا بك وأنت باحث محترف أن تذكر كل ذلك.
كذلك كان حريا بك أن تستعرض الأحاديث الصحيحة في صحيح مسلم والبخاري التي تذهب إلى تحريف القرآن فمن النقص في البحث أن يجدف عليك خصمك من خلال كتاب يطعن في القرآن لم يطلق عليه أي مفكر من مفكري الشيعة كلمة " صحيح" فلم يقولوا قط " صحيح الكافي " مع ذلك تشتعل الفتنة من وسائل الإعلام حول قول فيه وهناك من يعرف أن الشيعة يتمسكون بقول للإمام جعفر" ع " مامعناه " كثرت عنا النقلة فما وافق كتاب الله وسنة نبيه فخذوه .." هذا القول تتجاهله وسائل الإعلام ولاتركز على حدجيث على سبيل المثال يرد فيه " أن هناك آية ضائعة هي آية الرجم " أو آية غير موجودة في القرآن هي " أن لاترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم "- صحيح البخاري حديث 638 - وهناك ثلث القرآن الضائع كما يرد في بعض كتب الصحاح ومنها البخاري. المهم إن الدعوة إلى الوحدة شيء جميل لكن يجب أن يكون هناك منهج معين وبرنامج متكامل وألا يتم تحت هذا الشعار غحصاء لاتهام طرف دون آخر أو تتبع عثرات فئة دون أخرى.
أكرر شكري لك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. قصي الشيخ عسكر