علي سالم صخي - الكتابة والنهايات المفتوحة

اعتقد ان النهايات المفتوحة لا تتعلق بالشعر فقط وربما تعلقها بالرواية أو السينما أكثر ، أما اللغة الشعرية التي غالبا ما تكون متواجدة سواء في الرواية أو السينما فهي تنطلق من العمق الانساني والمعرفي التي تتمتع بها مخيلة الكاتب وهي من تفتح الباب للكتابة للدخول خارج السائد والمألوف واضعة المتلقي عند مفترق طرق صياغة الأسئلة ، محفزة إياه على مواجهة نفسه قبل الآخر والتساؤل في ثيمة ما يحدث وما حدث .
البيت نافذة تطل على الخارج والداخل في آن واحد ،
الخارج أيضا عبارة عن نوافذ متعددة بعضها يطل على البعض الآخر هكذا الى ما لا نهاية ، لذا حين يأتي الكاتب ليكتب فيلما ما أو رواية أو شعرا ويغلق باب كتابته بنهاية سعيدة هو حر في ذلك لأنه أصلا يحيا بلا نوافذ ، ربما كاتب آخر يحاول التلصص من نافذته على بعض نوافذ الحياة ليصيغ نهايته بأسئلة مفتوحة تاركا المتلقي باحثا في كيفية الاجابة عنها ، وهنا يحدث تحديدا آخر للمتلقي في حصره في زاوية الاجابة عن الأسئلة التي طرحها العمل المكتوب ، لكن الكاتب المتحرك ، الكوني ، العابر هو من يفتح جميع النوافذ على مصراعيها امام الداخل والخارج ويحفر في ماهيتها لينتج عمله عن مادة تثير دهشة المتلقي أولا ثم تمنحه حياة صياغة السؤال بنفسه عما يحدث وما حدث سابقا ، أي ان على الكتابة بشكلها المتجدد والمتحرك دائما أن تحفز المتلقي على الاشتراك في الحدث أو اعادة صياغته أو تفكيكه والعودة اليه بأكثر من قراءة أو مشاهدة وربما المتلقي يجد نفسه في كل قراءة امام حيرة وتساؤل يجرانه للتفكر في مدى استيعابه لكل هذه النوافذ التي أخذت تفتح أمامه وكل الأسئلة الممكن إثارتها للوصول الى بعض صيغ أو عتبات الحقيقة .
الكتابة اذن ما هي إلا مدخل جمالي معرفي غرضها التحرش أو التداخل في نوافذ الآخرين من اجل تحفيزهم على اعادة تنضيد حياتهم ورفع تراكمات المياه الآسنة من تلك النوافذ ليتسنى تداخلها مع بعضها بمرونة معرفية أعمق .

2021 - صيف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى