محمد عارف مشّة - الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال

الإضراب عن الطعام ليس ترفا اجتماعيا يمارسه الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي ، بل هي حالة ملحّة تفرضها ظروف السجن في المعتقلات والسجون الاسرائيلية ، وما تمارسه إدارات السجون من قمع وتعذيب وقهر على الأسير الفلسطيني ، إلى سوء وتردي الحالة الصحية والغذائية ، والاعتقالات الإدارية لفترات تصل لعدة سنوات ، دون محاكمة أو إسناد أية تهمة ضد المعتقل .
ظروف الاعتقال في داخل السجون السيئة سيئة جدا ، هي ذاتها نفس الظروف التي يعاني منها الفلسطينيون تحت نير الاحتلال ، وإن كانت بنسب مختلفة ، فظروف سكان غزة من حصار ودمار وفقر ومطاردة الصيادين من الصيد ، هي نفس الظروف التي يمنع به المواطن الفلسطيني من العمل ، وربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الاسرائيلي ، ما يؤدي إلى زيادة البطالة عند الشباب الفلسطيني ، وبحثهم عن العمل مضطرين من أجل لقمة العيش ، عبر معبر سالم .
ما يعانيه الفلسطيني داخل السجون والمعتقلات ، يصعب وصفها ، أو الاحساس بها ، إلا من عاش نفس الألم ونفس الظروف في السجن الانفرادي لفترة زمنية طويلة ، إلى الظروف غير الصحية ، وعدم توفر العلاج والأدوية للأسير ، خاصة في ظل جانحة كورونا ، وعدم وجود أدنى ظروف الاحتياطات والوقاية من انتشار الوباء بين الأسرى ، بل تعمل إدارة السجون على زيادة انتشار الوباء بقصد ، عن طريق الاهمال الصحي والنظافة ، وزيادة عدد الأسرى في المكان الضيق الواحد ، بما لا يسمح بالتباعد الصحي والوقاية من الوباء .
حقوق الأسرى والتي كفلتها القوانين والشرائع الدولية كثيرة ، وهدر هذه الحقوق في السجون والمعتقلات الصهيونية كثيرة أيضا ، وبالتالي فلا بدّ للأسير أن يقاوم بكافة الأشكال السلمية المتاحة له ، وأكثر مما هو متاح ، للمطالبة بحقوقه الأساسية في الحياة والصحة والغذاء والدواء ، واحترام حقوقه كإنسان له حقوقه ، سواء تمت محاكمته ظلما لمئات السنين ، أو تمّ اعتقاله إداريا ظلما وعدوانا ، لشبهة حينا ، ولعدم وجود أي سبب أحيانا كثيرة ، إلا لمزاجية أحكام فردية وانتقامية عند الحاكم الاداري الاسرائيلي المحتل .
كثيرة هي حالات المقاومة عند الأسرى في سجون المحتل ، فمنها الكتابة داخل السجون ، وهي أرقى حالات الفكر الانساني الحر ، بكتابة الشعر والروايات والقصص ، وتهريبها من داخل السجون بطريقتهم الخاصة ، ليتم طباعة مؤلفات الأسرى التي تفضح سلوك الكيان الصهيوني ، نتيجة التعتيم الإعلامي ، عما يمارسه المحتل داخل المعتقلات والسجون المظلمة.
الأسير الفلسطيني الوحيد عالميا ، هو من هرّب رواياته وأعماله الأدبية من داخل السجون ، وهو الذي هرّب نطفه المنوية وأنجب من زوجته وهو داخل السجن . الأسير الفلسطيني هو السجين الوحيد الذي وصلت مدة الحكم عليه بألف عام أو يزيد ، الأسير الفلسطيني هو الذي يضرب عن الطعام لينال حقوقه ، أمام تقصير وتجاهل حكومات ودول ومنظمات حقوق الانسان العالمية ، لحقوق الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية .

محمد عارف مشّه
كاتب أردني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى