مازن جميل المناف - فلسفة واقع القبول والرفض بين الشعر الحر والعمودي

إذا أردت أن تجد فلسفة في مقارنة حقيقية بين الشعر الحر والعمودي لابد أن نعي ما نتناوله في انصهارات وحيثيات ومعطيات التقبل والانتشار بينهما في واقع القبول والرفض والاستيعاب لكليهما والذي يحقق بحثا حقيقيا في القصيدة العربية بكل أشكالها والتي انبثق من خلالها رؤية فسلفية لعمق ذات القصيدة التي تشكل معنى للوجود والانسان بكل تجلياته من حيث الابتكارات الجديدة وهذا هو واقع الحال في تطوير النصوص بالشكل الحداثوي المهم الذي يعتمد على نمط آخر لا يلتزم بحدود القافية لذا نلاحظ انتشار القصيدة الحرة ذات التفعيلة أو ما يسمى بالنص المفتوح أو النثر وتلك العوامل والشواهد المتفاعلة والمتداخلة والتقدم والحاق في تطوير هيكيلة النص للشعر الحر، أكسبته جمالية في معطيات جدلية بعيدا عن الاجترار وهذا بحد ذاته ثورة هائلة جديدة أحدثت تأثراً بالشعر العالمي في مواكبته مع سير حداثة التقدم في الرؤية والروح والفلسفة، ويعتبر الشعر الحر ميتافيزيقي يحاكي الحقيقة الكامنة دون تقيد يغور في الأعماق ويشكل الاختلاط الروحي والحسي المتدارك مع السريالية الحديثة اضافة إلى التجارب والخوض في معترك الحياة المعقد دون التقيد بشكلانية النص لربما أو التقيد في روحية النصوص وتغيير البناء الذهني من تصورات متوارثة وأفكار مجردة والتي انتقلت بها الأفكار أكثر منطقا وحسا في تلذذ جميل مثلما يكون اختلاف في التدارك الحسي والذهني وابتعادا عن التسلط والتحجيم في النص العمودي ذات الشطرين وبث روح الرفض لبعض الحالات التي يمر بها المجتمع باعتبارها قصيدة حرة لشاعر حر، ويشكل الشعر الحر تعبيرا انسانيا يتجاوز صعيد اللغة المعروفة باللغة المرنة إذا ما مارسها الشاعر في كتابة المفردة دون تقيد، ويعرف الآخرون أن الشعرية الواعية هي القيمة العليا والمتحررة من كل استلاب لذلك نحن نحتاج إلى أكثر تحررا وفسحة من القيود التي فرضت ووجدت في ميراث القصائد (ذات الشطرين)لأن القضايا المجتمعية بدأت تكبر وتتفاقم وتحتاج إلى تفسيرات أكثر رؤية في أفق أكثر تعقيدا دون أن نضع لها قيود لربما تتحجم وتأخذ حيز لا يمكننا تفسيرها ضمن قوالب معدة مسبقا دون بناء هيكل كبير يعتمد على فضاءات واسعة من الخيال الخصب معتمدا على خرائط بيانية في تأسيس أشكالا وبيانات هندسية توازي الحركة السريعة للزمن، ولذلك لتطور العقل الادراكي والحسي، لتطوير اللغة باعتبارها مرنة تشكل بأشكال هندسية تتغير حسب موقعها والتصاقها مع مفردات ومصطلحات جديدة دون أن تعرضها إلى جدولة عقيمة لأن الشعر الحر يعرضها بمستوى خيالي رائع كبير لا يقف عند حدود أو نقطة معينة والمتلقي يرفض اختيار الأفكار القولبية المجردة أو الأفكار النمطية من العواطف الحية الذي أكل الدهر عليها وشرب، وتجدر الإشارة أن الطابع الانساني يتحرك في كل الأزمنة عندما يرتبط بالوعي الشعوري وهو يتجول بطريقة أفكاره التي استوطنت في خواطره وحوادثه وكيفية المعالجة التي تتحمل الفلسفة في كتابة النصوص التي تحمل الروحية المستقلة والتي حلت محل الالهام آخر.

لذلك أعزائي وأحبتي لقد كتبنا ما كتبنا وما قرأنا ليس من فراغ أو اعتباطا لكن يبقى للروح فلسفتها وامكانياتها الحسية اللاهثة أينما حلت بأصدق التعبير لأن حركة الحداثة هي في المقام الأول من موقف الحضارات الانسانية في تطورها فلابد للهياكل أن تكون في أعظم بناء تشكيلي فكري والتعامل الحسي والإدراكي وهذا ما نجده في بناء الشعر الحر الذي انتشر رغبة في الآونة الأخيرة بعدما خطط بتلك الفواصل التي أشبعت كل الرغبات للمتلقي والقارئ والمثقف معا في بناء ذهني مرتب والتي ترسخت عن طريق العوامل في نزعة دلالية أخرى تحاور العمق الانساني الروحي في خطاب جديد يبث في الشعر الحر لتخرج لنا صورة معاصرة جميلة أخرى دون الطابع الغامض الذي عالج المواقف الاجتماعية الرصينة واعطاها حقها في معطيات جديدة وافق شاسع حداثوي في التشكيل التركيبي في الشعر الحر بدلا من القوالب للشعر العمودي التي أحاطت بالمفردة دون تحرر أو فسحة تحريرية تتخذ اتجاه آخر.

مازن جميل المناف



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى