وليد الهودلي - كيفية اختيار عنوان جيد للقصص

العنوان ليس أكثر من جملة بسيطة، لكن له تأثير بالغ الأهمية على الكيفية التي يستقبل بها القراء قصصك، وقد يكون كافيًا بحد ذاته في الكثير من الأحيان لاتخاذ القارئ قرارًا بالاطلاع على قصتك أو تجاهلها. لا يمكن الجزم ما إذا كان ذلك يعمل لصالح الكاتب أم ضده، لكن الحقيقة المرة أن العنوان أمر بالغ الأهمية، ولا يمكن إهماله فقط لأنك بذلت مجهودًا كبيرًا في كتابة القصة نفسها وتعتقد خطئًا أن أي عنوان سيؤدي الغرض. انظر للعنوان على أنه الحِلية التي تتوج متن القصة الرائع، لذا احرص دائمًا على اختيار أفضل عنوان ممكن على الإطلاق. لا تعرف كيف؟ حسنًا هذا هو ما سنتناوله في هذا الدليل المقدم لك من ويكي هاو بالعربية.
جزء 1 من 3:
استلهام العنوان من القصة
1
استلهم فكرة العنوان من الموضوع الرئيسي للقصة. يفترض بالعنوان الجيد أن يكون متوافقًا مع القصة بشكل ملائم، لكن مثير ومؤثر وله معنى قوي لدى القارئ. [١]
فكر في الموضوع العام الرئيسي للقصة. هل هو الانتقام مثلًا؟ الحزن؟ العزلة؟ اسعَ لاستلهام عنوان مُعبر عن تلك المعاني. على سبيل المثال: ولأن الكاتب غارسيا ماركيز رأى أن أكثر ما يربط بين شخصيات روايته هو "العزلة"، جعل عنوان روايته هو "مئة عام من العزلة". [٢]
2
اختر عنوانًا للقصة أو الرواية بناءً على مكان مهم في الأحداث. كثيرًا ما يلعب المكان دورًا بالغ التأثير في أحداث القصة، وهو ما جعل الكثير من الكتاب يلجؤون إلى هذه الحيلة في تسمية عناوين أعمالهم.
الأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تُحصى، سواء في الأدب العربي أو الغربي، القديم أو الحديث، ولنا مثلًا في رواية "عمارة يعقوبيان" مثالًا بارزًا على ذلك، فالجزء الرئيسي من أحداث القصة قد جرى بداخل العمارة وبين سكانها بعضهم البعض. اعتمد الأديب نجيب محفوظ كذلك على التسمية المكانية في العديد من رواياته، مثل: السكرية أو الكرنك أو قشتمر؛ امزج بين المكان وبعض الكلمات الإضافية كذلك، مثل عنوان رواية "عناق على جسر بروكلين".
3
اقتبس عنوانك من الحدث المحوري الأبرز في القصة. بالتأكيد تحتوي قصتك على حدث معين تنطلق من عنده الأحداث أو آخر يلعب دورًا مؤثرًا في الحبكة الروائية وختام القصة، لذا وفقًا لذلك، فكر في التلميح والإشارة إلى هذا الحدث من خلال العنوان.
على سبيل المثال: يمكن أن يكون عنوانك كما يلي: "من أطلق الرصاص؟" أو "حادثة الموت المضحكة" أو "الأمسية الهادئة".
4
فكر في تسمية الرواية أو القصة باسم الشخصية الرئيسية. هذا أحد الخيارات فائقة البساطة، لكن قوي ومثير شرط تنفيذه بطريقة صحيحة، فهو يفرض بالضرورة أن تكون هذه الشخصية محورية للغاية ولها طباع مميزة أو مرت بأحداث غير عادية، ليقتنع القارئ في النهاية بجدوى تسمية الرواية ككل باسمها. على جانب آخر، تحتاج للاعتماد على اسم شخصية مميز وله قابلية لأن يعلق بالذهن. [٣]
العديد من الروايات العالمية البارزة في التاريخ اعتمدت على هذا الأسلوب، لعل أبرزها مثلًا رواية "دون كيشوت" لمؤلفها "ميغيل دي سرفانتس"، ورواية "أوليفر تويست" للمؤلف "تشارلز ديكنز" وروايات الروائي الألماني "هرمان هسة"، مثل: "جرترود" و"روسهالده" و"دميان"، وكلها روايات تم تسميتها على اسم البطل الرئيسي للقصة. ونجد من الأدب العربي مثالًا مميزًا مثل رواية "الزيني بركات" لمؤلفها "جمال الغيطاني".
5
اختر اسمًا للرواية مقتبسًا من جملة مميزة بداخل القصة نفسها. قد يكون في روايتك جملة فائقة التعبير عن محتوى الأحداث وما ترغب في إيصاله للقارئ أو تعبير أصلي وقوي يتكرر على مدار القصة أو يُقال في لحظة فائقة الحسم ضمن الأحداث، ويمكنك في هذه الحالة أن تستخدم تلك الجملة، أو نسخة مغايرة مقتبسة منها، كعنوان للقصة.
على سبيل المثال، روايات مثل: "أن تقتل طائرًا بريًا" (To Kill a Mockingbird) أو "الساهر في سياتل" (Sleepless in Seattle)، عناوينها مقتبسة من جمل ضمن أحداث القصة نفسها. [٤]
جزء 2 من 3:
استلهام العنوان من مصادر أخرى
1
أجرِ عملية بحث مفصلة. الجأ في البداية إلى إجراء عملية تجريد لعناصر القصة، تحديدًا العناصر والأماكن المكونة للقصة، ثم أجرِ عملية بحث مفصلة حول ما وصلت إليه من كلمات دلالية يمكن لها أن تلهمك في سبيل الوصول إلى عنوان مميز. [٥]
على سبيل المثال: قد تكون أحداث القصة تدور حول حجر من الزمرد ينتقل من جيل إلى آخر من نفس العائلة، ووفقًا لذلك فإن العنصر الرئيسي في قصتك هو "الزمرد"، وبإجراء عملية بحث حوله، قد تجد أنه مرتبط في المعرفة الشعبية العامة بمفهومي "الإيمان" و"الأمل". وفقًا لما سبق، قد تجد مثلًا أن العنوان المناسب للقصة هو "حجر الأمل".
2
ألقِ نظرة على عناوين الكتب في مكتبتك. قف أمام رفوف الكتب الخاصة بك واستغرق في قراءة العناوين بحثًا عن أسلوب أو كلمة أو عنوان مُلهم، وثيق الصلة بنصك، أو يمكن أن تقتبس منه شيء أو آخر. احرص على تدوين أي فكرة للعنوان تخطر على بالك في أثناء ذلك التمرين.
احرص على تدوين كلًا من العناوين الأصلية التي تخطر على بالك، وكذلك عناوين الكتب التي تجذبك وترى أنها مُختارة بطريقة رائعة ومثال على العنوان الجيد لكتاب أو رواية. [٦]
راجع تلك القائمة سعيًا للوصول إلى مجموعة الصفات المميزة للعناوين الرائعة وما يجمع بين العناوين التي جذبت انتباهك. مثلًا، هل يميزها أنها تخاطب المشاعر؟ تؤثر على حواس القارئ؟ تحفز الخيال؟ وغيرها من الصفات المشتركة.
3
اقتبس عنوانك من عمل فني آخر. يمكن كتابة العناوين بأسلوب الإشارة الضمنية غير المباشرة سعيًا لإضفاء مستوى آخر على عملك الفني من خلال ربطه بعمل فني آخر أو غيرها من المصادر الخارجية، مثل أغنية أو فيلم أو حتى قول مأثور أو علامة تجارية.
يلجأ العديد من المؤلفين إلى اقتباس عناوين رواياتهم من الأعمال الكلاسيكية، كما هو الأمر مثلًا مع رواية "وليام فوكنر"، الصخب والعنف، المقتبس عنوانها من جملة في "ماكبيث" [٧] ، ورواية "جون ستاينبيك"، عناقيد الغضب، المقتبسة من جملة في قصيدة "معركة نشيد الجمهورية"، المعروفة كذلك باسم "عيني رأت المجد". [٨]
يلجأ العديد من الكتاب كذلك إلى اقتباس العناوين من النصوص المقدسة أو الأقوال المحلية، مثل رواية الأديب "عبده الخال" ترمي بشرر، المقتبس عنوانها من نص قرآني، أو أن تجعل عنوان روايتك "صعود الجبال" اقتباسًا من جملة "من يتهيب صعود الجبل، يعش أبد الدهر بين الحفر". [٩]
يمكنك كذلك الاقتباس من الثقافة الشعبية، كأن تختار جملة من الجمل الرائجة في الثقافة المحلية أو شعار قومي أو خاص بواحدة من الفرق الرياضية أو يحمل تلميح لمزحة محلية متعارف عليها. أطلق العنان لخيالك. [١٠]
جزء 3 من 3:
تجنب الأخطاء الشائعة
1
اختر عنوانًا متوافقًا مع التصنيف الأدبي. لن يترتب على اختيارك لعنوان غير متوافق مع نوعية الأدب التي تكتبها سوى في شعور القراء بالارتباك، فمن خلال العنوان يميز القارئ عادة ما إذا كانت روايتك أو قصتك تندرج تحت التصنيف الأدبي الذي يحب قراءته أم لا، سواء كان أدب القصص الدرامية أو الرومانسية أو الرعب أو غير ذلك. لا يمكنك اختيار عنوان ينتمي لأدب الرعب، ثم يجد القارئ أن القصة رومانسية! وسيشعر وقتها من يقرأ بالاستغراب والنفور من النص.
من الخطأ مثلًا اختيار عنوان خيالي، مثل: "تنانين القلعة القديمة"، لقصة تدور في حقيقة الأمر حول الحياة اليومية لموظف يعيش في العصر الحالي وما يحدث له بداخل الشركة مع غيره من الموظفين والمدراء. سوف يشعر من اشترى الرواية بحثًا عن أحداث خيالية مثيرة بالغضب الشديد، وكذلك ستفقد القراء المهتمين حقًا بقراءة النصوص حول الحياة العصرية اليومية وما يدور في عالم الشركات وبين الموظفين.
2
ضع قيودًا صارمة حول حجم العنوان. في الغالبية العامة من الحالات – مع وجود بعض الاستثناءات بالطبع – يظل الأفضل هو اختيار عنوان مختصر وقوي، بدلًا من العنوان الطويل الذي يصعب قوله وتذكره.
على سبيل المثال: بدلًا من أن يكون عنوانك "ليالي طويلة من الانتظار لعودة البطل الخارق"، يمكنك اختصار العنوان إلى صياغة أكثر بلاغة وقوة، مثل: "انتظار البطل"، وهو ما يميزه القصر وسهولة التذكر والتعبير فعليًا عن كل ما رغبت في التعبير عنه في الصياغة الطويلة، لكن بصياغة أكثر بلاغة. [١١]
3
اختر عنوانًا مميزًا. يميل القراء للإعجاب أكثر بالعناوين الشعرية المحتوية على صور جمالية والقليل من الغموض.
تلعب اللغة الشعرية في عناوين مثل "ذهب مع الريح" أو "السائرون نيامًا" دورًا كبيرًا في جذب انتباه القارئ عن طريق الصورة اللغوية المحفزة للذهن والتي تحمل أكثر من معنى، وهو ما يعد القارئ بأنه أمام قصة أو أسلوب كتابة شاعري وممتع كذلك.
يمكن للعنوان أن يعبر عن صورة حية جاذبة للقارئ الذي يرغب بدوره عن قراءة شيء مميز وله معنى. أحد الأمثلة على ذلك، رواية "أمسية في حديقة الخير والشر"، الذي على الرغم من كونه عنوانًا طويلًا، إلا أنه ينجح في التعبير عن صورة حية تستحضر في ذهن القارئ الصراع الدائم بين الخير والشر، وفي نفس الوقت تواجدهم الدائم سويًا في نفس الحيز المكاني. [١٢]
لا ضرر كذلك من القليل من الغموض في العنوان. يمكن أن يكون عنوانك بمثابة الإشارة إلى شيء غير مفهوم، مثل: رواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ، أو "أمر غريب على وشك الحدوث" أو "القط الأسود". فأنت من خلال هذا العنوان تخبر القارئ بمعلومات، لكنها غير مكتملة تستدعي التساؤل بداخل عقله وهو ما يدفعه لمواصلة قراءة القصة.
4
استخدم المحسنات البديعية بحرص. على الرغم مما تضيفه المحسنات البديعية من موسيقى للعنوان، سواء من خلال التضاد أو الجناس ونحو ذلك، وقدرتها على جعل العنوان أكثر قابلية للتذكر وأن يعلق بذهن القراء، إلا أنها قد تبدو مبتذلة إذا تم الإفراط في الاعتماد عليها أو بطريقة غير مجدية في نقل معنى حقيقي.
استغل التشابه بين الألفاظ لصناعة اسم مميز للرواية، مثل: "الناس والنسيان" أو "حكايات النهار والنار".
تجد في المقابل أن الإفراط في التلاعب اللغوي في العناوين قد يبدو مزعجًا وغير مفيد للقراء، ويثنيهم عن استيضاح المعنى المقصود، كأن تبدأ كل كلمات العنوان بنفس الحرف "سكة السكينة المسكوت عنها" أو نحو ذلك من الجمل الركيكة.
أفكار مفيدة
هل تشعر أن العنوان الذي اخترته يبدو مألوفًا على أذنك للغاية؟ ربما أن سبب ذلك هو أنه سبق استخدامه بالفعل من قبل، أو أنه استخدم بشكل متكرر ومبتذل في العديد من المواضع الأخرى. الأفضل أن تتجنب الاعتماد عليه والبحث عن عنوان آخر. [١٣]
لا تستسلم لحالات العجز عن الابتكار. حاول بكل طريقة ممكنة تحفيز ذهنك سواء من خلال الكتابة الحرة أو الكتابة التخطيطية أو وضع القوائم أو أي طريقة أخرى ممكنة. [١٤]
ابتعد عن العناوين الطويلة للغاية، فالأفضل عادة أن يكون العنوان بسيطًا وتلميحيًا، وليس فائق التفصيل. يفضل بعض الكتاب على أي حال العناوين الطويلة، مثل الكاتب المصري "علاء خالد"، فواحدة من عناوين رواياته مثلًا: " ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر".
لا تختر أول عنوان تشعر بإعجاب شديد نحوه فقط دون ترك مساحة للمزيد من التفكير والنقد. فكر بشكل مستمر وقيم مميزات العنوان وعيوبه، ولا تمنع نفسك عن محاولة السعي لعنوان أفضل قبل اتخاذ القرار النهائي.
يمكنك اقتباس العنوان شيء مميز في متن القصة أو الرواية، كأن تحمل الرواية اسم أداة سحرية مميزة مثلًا تذكرها في أحداث قصتك.
حدد أحد الأحداث فائق الأهمية في القصة وفكر في كلمة مميزة تصفه وتعبر عنه ثم احكم على جدوى الاعتماد على هذه الكلمة كعنوان للنص. يمكنك البحث في القاموس أو موسوعة المفردات على واحدة من الكلمات المميزة من اللغة كذلك.
كثيرًا ما يستفيد الكاتب من آراء من يثق بهم، خاصة إذا لم يكن واثقًا للغاية من العنوان الذي اختاره. اعرض أفكارك على أفراد عائلتك وأصدقائك وحاول اختبار وقع العنوان عليهم.
كثيرًا ما يحدث توارد خواطر بين الكُتاب أو يخدعك عقلك ويقترح عليك عنوانًا سبق لك رؤيته في مكان آخر على أنه عنوانك الخاص وأنك أول شخص تصل إليه في العالم! لتجنب تلك المشكلة، تأكد من إجراء عملية بحث سريعة عبر الإنترنت للتأكد من أصالة عنوانك وعدم تشابهه مع أي عنوان لرواية أو قصة أخرى.
اسأل نفسك دائمًا ما يلي: إذا رأيت كتابًا يحمل هذا العنوان، هل ستقرأه أم تتجاهله؟
حاول المضي قدمًا قليلًا في كتابة القصة والأحداث قبل الانشغال بقضية اختيار العنوان، بل يمكنك تأجيل اختيار العنوان نهائيًا إلى ما بعد إتمام عملية الكتابة. ابدأ بعنوان مبدئي، لكن استفد دائمًا من عملية إعادة قراءة النص بعد انتهائه في استلهام اقتباس أو حدث أو عنصر معين يمكن له أن يكون عنوانك المطلوب ويعبر أفضل تعبير عن القصة.
تأمل الأحداث الرئيسية في القصة واسعَ للإشارة إليها بشكل مباشر أو غير مباشر في العنوان.
اختر عنوانًا مميزًا يمكن تذكره ويترك لدى القارئ صدى لا يسهل نسيانه.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى