محمد عارف مشّه - مبادرة أسرى يكتبون.. رواية سراج عشق خالد 166 للأسير الروائي معتز الهيموني

إن من دواعي سرورنا ، أن نجد أسيرا محكوم بستة مؤبدات وعشرين عاما في سجون الاحتلال الصهيوني ، والمؤبد الواحد تسعة وتسعين عاما ، أي 517 عاما مدة حكمه التي سيقضيها معتز الهيمون في سجون الاحتلال . قلتُ أن نجد أسير كمعتز بكل قهر السجن وظلمته وظلمه ، بكل هذه الروح الوطنية ، والإصرار على الحياة ، وانتصاره على السجّان ، بتهريب الرواية وطباعتها وإيصالها إلينا ، ليس كرما من السجّان المحتل ، بل بكل المعاناة من التهريب حينا بطرق الأسير التي لا يعرفها إلا هو ، أو يتم مصادرة ما كتب الأسير من السجّان ، وزيادة في الحكم بسنوات أخرى مضافة يقضيها الأسير في السجن ، إن تمّ ضبط الرواية مكتوبة أو جزءا منها ، وكثيرا ما يحدث هذا مع الأسرى ، وتضاف سنوات أخرى إضافة إلى حملات التعذيب التي يواجهها الأسير إن ضُبطت إحدى كتاباته .

نحن نتحدث عن رواية تقع اربعمائة صفحة ، فيها الكثير من الإبداع ، والجوانب الروائية المضيئة ، من جماليات في المشاعر الإنسانية والرومنسية المرهفة ، لا تأتي إلا لإنسان مرهف الإحساس . إضافة إلى إيقاعها الموسيقي في جملة الرواية كاملة . يضاف إليها الكثير من جماليات السرد الروائي .

بالتأكيد لا يمكن أن أعرّج على كافة الجوانب الإيجابية ، أو التعرض لبعض السلبيات في هذه الإضاءة القصيرة ، في وقت قصير منحته لي مشكورة مبادرة أسرى يكتبون ، التي هي من إشراف رابطة الكتّاب الأردنيين واتحاد الأدباء الفلسطينيين .

أعتقد أن الرواية الحقيقية بدأت في صفحتي 137 و 138 من الرواية ، حيث يقول معتز الهيموني ، على لسان ليندا حين تتحدث مع معاذ بعد استشهاد صديقه عزيز ( وما دام الاحتلال جاثما على صدورنا ويتحكم بتفاصيل حياتنا ، ويعد علينا أنفاسنا ، وما دام عملاؤه يعيثون في المجتمع فسادا ، سنبقى في كل لحظة نودع أعزاء لنا أ إما شهداء إلى المقابر ، أو أسرى إلى السجون ....إلى أن اكملت ليندا بقولها : نحن بحاجة من يزيد قوتنا ، لا إلى من يشاركنا ضعفنا . ) إلى هنا ينتهي المقتطف من الرواية . من هنا بدأت إشراقة الرواية في الإضاءة الجادة ، بعد كل ماسردة معتز الهيموني من صفحات وصلت إلى مائة وست وثلاثين صفحة من الرومنسية والمشاعر الانسانية والإيقاع الموسيقي .لشاب اسمه معاذ كل همه البحث عن نساء الانترنت ، وإهماله لخطيبته التي تحبه ، إلى وهم ( هماس ) المرأة غير المعروفة لمعاذ لأكثر من أنها امرأة افتراضية ، فيذهب إلى لقاء مفترض مع امرأة مفترضة في خيال معاذ . ليعتمد الهيموني اسلوب الفيلم السينمائي الهوليود أو الحركة السريعة المبالغ فيها وبتعظيم اللحظة لدرجة البطولة غير المقنعة أحيانا ، كما حدث مع معاذ الذي تحول فجأة وهو الأقرب إلى المجون منه إلى البطولة . وتظل شهوة الهوليود عند الهيموني ، حتى تكاد تنفلت من بين أصابعه الفكرة ، وتضيع منه الصياغة ، وهنا يظهر السؤال من الأكثر أهمية في النص الأدبي ، هل هو المتخيل الفني الإبداعي ، أم المنطق البنائي للنص الأدبي ؟ الحقيقي أن يتوافقا معا جنبا إلى جنب ، كي تزداد متانة بناء النص الإبداعي . فقد تعجّل الهيموني بتحويله لمعاذ بطلا فجأة ، بعد أن تم صيده في المغارة ، وما بطولة معاذ المفتعلة إلا بطولة غير حقيقية ، فليس في ساعة أو اثنتين يتحول فيها معاذ من شاب شبه ماجن إلى بطل حقيقي ؟ . لو ترك الهيموني للقارئ حرية الاستنتاج لكان أفضل من الانفعالات والخطابة .

ختاما فالرواية جميلة ومتقدمة فنيا على مستوى النص والحبكة والربط المنطقي لكثير من الاحداث السابقة ، ومن حقها أن تأخذ المساحة التي تستحقها على رفوف الرواية العربية ، بهدوء وثقة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى