أ. د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور.. الحقيقة.. والوهم!!

لؤلؤ منثور

1- اللؤلؤة : الحقيقة .. والوهم !!
" وفي هذه اللحظة اكتشفوا ثلاثين أو أربعين طاحونة في هذا السهل، فلم يكد دون كيخوتة يراها حتى قال لحامل سلاحه:
إن الحظ يسوق أمورنا خيراً مما تستطيعه رغبتنا، انظر يا صديقي سنشو بنثا؛ أمامنا على الأقل ثلاثون من المردة العتاة أو يزيدون . أرى أن أنازلهم وأسلبهم الحياة جميعاً بلا استثناء . وبأسلابهم نبدأ ثروتنا، لأن هذا جهاد نبيل "

2- المحــارة :
- الاقتباس السابق قاله دون كيخوتة [ دون كيشوت] حين أبصر طواحين الهواء في بداية مغامراته، فظنها مردة واستعد لمنازلتها، وبالفعل نازلها حتى تحطم سيفه على أذرعتها الطوال .
- مشكلة دون كيشوت – كما اختصرها محمد غنيمي هلال – في عبارة موجزة تحتويها مقولة : أتخيل فتكون الأشياء كما أتخيل !! وكان دون كيشوت قد تشكل وجدانه بقصص وملاحم عصر الفروسية ، مع إيمان بالسحر ، فكان هذا المبدأ المشار إليه صانع أوهامه البطولية .
- أستعيد ذكرى الزيارة [الوحيدة] التي زرت فيها مستشفى الأمراض العقلية والعصبية (مستشفى المجاذيب بالعباسية)، كنت طالبا بدار العلوم، متعلقا بكتابة القصص، وكان شقيقي الدكتور عبدالله – رحمه الله – طالباً في كلية الطب، يدرس الأمراض العصبية ، فدعاني لأن أصحب المجموعة الذاهبة لتلقي محاضرة عملية على بعض حالات الأمراض العقلية، بدعوى أن هذا يمكن أن يلهمني بعض القصص، أو التحليلات .
- ذهبت ، وإذ حُشر الطلاب في قاعة لسماع المحاضرة ، بقيت في حديقة المستشفى مع عدد قليل من المتسللين أمثالي نتجول بين أركان الحديقة المفتوحة، أو المسوَّرة بأقفاص الحديد للحالات المهتاجة .
- شاهدت الكثير من حالات مختلفة، غير أنني لا أنسى صورة رجل في نحو الخمسين، فحل ، شديد الأناقة ، يلبس بدلة كاملة غاية في التكامل والذوق ، وفي يده عدد من الكشاكيل امتلأت بعبارات باللغة الفرنسية، التي يجيدها . لم يكف عن الكلام ، ومنه عرفت أنه من مدينة البلينا ، وأنه عمل بالسياسة سابقاً ، وحدثنا – أنا ومن معي من الزوار – حديثا رائقاً عاقلاً عن الحياة العامة ، لولا ثرثرته وعدم توقفه عن الكلام لاحتسبته رجلاً مثقفاً ليس أكثر .
- غير أنه كان يعاني (انفلاتا) في ادعاء واحد [ولعله ليس ادعاء] وهو : أنه هو شخصياً رمسيس الثاني، وأنه الذي قاد ثورة 1952، وأن عبد الناصر سرقها منه!!
- نحن أمام رجل يتخيل ، فيظن أن الأمور كما يتخيل ، شأن دون كيشوت ، ولكن دعني أسألك -على أساس افتراض آخر – هل مبدأ التخيل يمكن أن يكون السند المحفز للزواج؛ إذ يتخيل الفتى أو الفتاة أن الحياة ستكون كما يتخيل لهم ، إلى أن تقع الفاس في الراس ؟!

3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب "دون كيخوتة " لثربانتس – ترجمة : عبد الرحمن بدوي – الجزء الأول – ص97 .




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى