أشرف البولاقي - الشعر بين خيبة الإيقاع ومحنة النثر (1) هل أنا بحاجةٍ إلى التأكيد على أنني مِن أنصار قصيدة النثر؟

(1)

هل أنا بحاجةٍ إلى التأكيد على أنني مِن أنصار قصيدة النثر؟


ربما كنتُ أكثر إيمانًا بأفقها الفلسفي والثقافي والجمالي، وقدرتِه على تغيير الوعي العربي، مِن كثير من مُنظِّريها، لكن الذي أراني بحاجةٍ إليه هو تأكيدي التام والكامل أنني أقبَلُ وأحِب قصيدة الخليل وقصيدة التفعيلة، ولكِن في نماذجهما العالية الرفيعة، التي تكشِف عن وعي كتّابهما وثقافتهما.
لكن قبولي ومحبتي لقصيدة الخليل وقصيدة التفعيلة، لا يمنعاني من التأكيد على أن المستقبَل – في ظني – لقصيدة النثر، ربما أكون مخطئًا، لكنه ظني.
وقد شهِدت الأوساط الثقافية، في الشهرين الأخيرين، حدثيْن مهمّين، من وجهة نظري، لم يَلقيا كثيرًا من الاهتمام النقدي والتحليلي، ومَرّا مرورًا عابرًا رغم خطورتهما الثقافية وتأثيراتهما المستقبلية على عالم الشعر والكتابة.
الحدث الأول، ظهور مسابقة مليونية جديدة بعنوان "جائزة سوق عكاظ"، بتنظيم وتمويل المملكة العربية السعودية، والحدث الآخر ظهور ديوان شِعر، ينتمي لفضاء قصيدة النثر، لشاعر مصري، ربما كان معروفًا ومشهورًا وله تجارب سابقة، لكنني لا أعرفه، والديوان حالة مختلفة كل الاختلاف عن كل ما قد يزعمه أحد مِن أنه يعرف الشعر ويعرف الكتابة!
وقد تابعتُ الحدثيْن، وقرأت معظم ما كُتِب عنهما كأخبار وتفاصيل، وقرأت الديوان أكثر من مرة، الأمر الذي فجّر بداخلي عددًا من الأسئلة، رأيت أن أشارككم بعضها، وأريد أن أناقش الحدثيْن مع مَن يريد المناقشة، أو أريد أن أطرح تساؤلات، أو أريد أن أتحدث قليلا عما أظنه أزمة كبرى من أزمات الكتابة الشعرية في واقعنا الثقافي، لعلِّي أجد عند أحد رأيًا.
ولأبدأ بسؤال، لماذا لا يستطيع أي مواطن عادي أن يكتب، ولو نَظمًا، قصيدة الخليل أو قصيدة التفعيلة، إلا إذا كان يمتلك حظًا، ولو ضئيلا، من بعض العلوم والمعارف، كالنحو والصرف والعروض، بينما يستطيع أي مواطن عادي أن يكتب قصيدة النثر، دون أن يُشترط عِلمه أو معرفته بأي شيء له علاقة باللغة التي يتنيّل ويكتب بها؟!
لماذا يمكن لنا، بسهولة وبساطة، أن نتبين الغث من الرديء في قصيدة الخليل وقصيدة التفعيلة، ولا يمكننا الشيء نفسه في قصيدة النثر؟
ما أسهلَ أن يقال الآن ردًا على هذا، أنني متجنٍ قليلا، وأن كشف النماذج الرديئة من قصيدة النثر، سهل وميسور، أو أن يقال إن شروط وضوابط قصيدة النثر أكثر صعوبة من غيرها؛ لأن الواقع الذي يرسل ويستقبل ويتفاعل مع قصيدة النثر ونماذجها كلها دون استثناء، يقول غير ذلك تمامًا!
على الجانب الآخر، ما تأثير الأموال الضخمة التي تدرّها آبار النفط، على قصيدة الخليل وقصيدة التفعيلة؟ وهل الدور الذي تلعبه تلك الدول والمؤسسات الراعية، دورٌ ثقافي فقط، أم وراءه أبعاد أخرى تتصل بالسياسة؟ والأهم من هذا، دور الشاعر ووظيفته ومهمته هنا، هل يظل هذا الدور ثقافيًا وجماليًا، أم هو مجرد لهاث وراء تلك الأموال الضخمة التي يسيل لها لعاب القصيدة؟!
هل الشاعر هنا متهم أم معذور؟
ليس عندي إجابات عن أي شيء، وليس في ذهني الآن تصورٌ عما ستسفر عنه الكتابة، لكنني سأكتبُ مرتجلا في حوار مفتوح، لعلّي أستضيء برأي أحدٍ وسط ما أستشعِرُه من خطرٍ وعتمة!


أشرف البولاقي


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى