في اخر الليل اطل اخي الاكبر المتوفى منذ اكثر من عقد من الزمان يرافقه حوالي العشرة من اصدقائه الموتى، ارسل ابتسامة صفراء نحوي. قال:
-سأذهب معهم لتقسيم الارض..
اردت ان اصرخ به. ان اقول له ما ورثه ابوك لك ولأخوك، سآتي معك سنقسم الارض بالتساوي بيننا نحن الاخوة الثلاثة، الا انه بادرني متابعا:
-بإمكانك الا ترافقنا.. انا اسد عنك .
فكرت في ان اتصل بأخي الاصغر، ان اساله عن رايه، لا سيما وانه شريكنا الثالث في الارث، فبدا ان اخي الاكبر ادرك ما افكر فيه.. ففاجأني قائلا:
-بإمكاني ان اسد عن اخينا الاصغر ايضا.
شعور بهزة وجودية انتابتني.. صاعقة.. زلزلت الارض.. فتطايرت شظاياها في كل اتجاه، ماذا يريد اخي؟ أيريد ان يضم الى المغبونين في الارض من اخوة واشقاء رقمًا آخرَ جديدًا.. أيريد ان يستفرد بالإرث وحده.. لا لن اسمح له.. سأدافع بأسناني عما ورّثه لنا والدانا.. ولن اسمح لأي كان ان يهضم حقي وحق اخي الاصغر.. لا لن اترك اخي الاكبر يأكل حقنا.. وانما سأرافقه الى هناك.. الى تلك البلدة البعيدة.. سأمشي الى جانبه وجانب رفاقه سأتوقف اينما يتوقفون وسوف اتابع حيثما يتابعون، وعندما سيدخلون مكتب المحامي لتقسيم الارث سأدخل معهم.. لن اوقّع على اي ورقة او مستند قبل ان اقرأ ما ورد فيها او فيه.. لي حق في ارض والدى مثلما لأخي الاكبر واخي الاصغر ايضا.. وماذا ستفعل ايها الانسان الفِتح الحذر المنكّح؟ هتفت بأعلى صوتي:
-سأرافقهم.
عندها جاءني صوت اخي الاكبر.. ساخرًا:
-سترافق مَن يا شاطر؟ الا تؤمّن لي؟ الا تثق بي؟
تناسيت ما قاله اخي واجريت تعديلًا بسيطا فيما سبق وقلته. قلت:
-سأرافقكم.
صمت اخي. اثارني صمته اكثر.. صممت ان ارافقه مرغما اياه او بأية طريقة اخرى.. فالأرض هي اخر ما تبقى لنا.. ونحن لا يمكن ان نتنازل عنها مهما بلغ الامر.. ومهما كلف احتفاظنا بها من ثمن.. "عيون الطامعين في ارضنا كثيرة.. علينا ان نحافظ على حقنا فيها من كل الطامعين فيها.. حتى لو كان اخي الاكبر". قلت بيني وبين نفسي، وجريت وراء السيارة التي طارت تطوي الارض طيا بأخي ورفاقه.. شعورٌ بالخفة انتابني.. احاط بي من كل جانب.. طرت فوق السيارة الطائرة.. توقفت بمحاذاتها.. ارسلت نظرة الى داخلها.. كان اخي الاكبر يبدو مرتاحًا.. بانه خلّفني وراءه.. وبانه بات بإمكانه ان يستفرد بالأرض.. المورثة لنا من والدينا.. كان هو وصحبه يرسلون الابتسامات.. وكانت هذه ما تلبث ان تتحول الى ضحكات وقهقهات.. وكنت من ناحيتي كلما شعرت بان هناك من يسحب ارضنا ارثنا من تحت رجلنا.. ازداد تشبثًا بها.. وارسل باتجاه العالم المعتم حولي نظرة مفادها انني لن اسمح. لقد رحل والداي مخلّفين لنا هذا الارث الثمين.. وعلي ان احافظ على حقي وحق اخي فيه.. كي نخلّفه لذريتنا الصالحة.. "المعركة امامك يا ابا الشباب.. وعليك ان تتحول الى مقاتل عنيد كي تحافظ على حقك فيها.. الضعف لا يليق بك في مثل هكذا موقف". قلت لنفسي وتابعت الطيران الى جانب سيارة الموتى الطائرة.
اخيرًا.. بعد دهور من المطاردة.. تمكّنت ان احط إلى جانب تلك السيارة الضيقة العابقة برائحة الموت.. وكنت ارسل نظراتي إليها متابعًا كل حركة ونأمة.. ها هي تفتح ابوابها.. ها هو اخي الاكبر يترجّل منها وها هم رفاقه يترجلون ويتوجهون إلى مبنى كبير انتصب في الناحية المحاذية.. انهم يمضون نحو هدفهم بخطى ثابتة.. وها انذا انضم اليهم.. اتابع خطاهم.. هل شعر اخي بخطاي وراء رتله؟ ما ان طرحت هذا السؤال حتى بادرني اخي قائلا:
-قلت لك بإمكانك الا تأتي.. على كل ما دمت قد اتيت.. وتودّ ان تطّلع على كل شيء.. عليّ ان اخبرك اننا وصلنا قبل موعدنا مع المحامي بقليل.. سندخل الآن الى غرفة في هذا المبنى.. هذه الغرفة لا تتسع الا لنا.. واشار الى مجموعته، وقبل ان اقول له وانا اين اتوجه في هذا الظلام قال لي:
-لقد حسبت حسابًا لكل شيء.. هناك غرفة إلى جانب غرفتنا.. لا يفصلاها عنا سوى جدار من الزجاج.. بإمكانك ان تقضي لحظات الانتظار فيها.
تركت قلبي في الخارج ودخلت غرفة الانتظار المقترحة.. راود النعاس عيني.. اعتقدت ان اخي وضع لي منوما فيها كي انام.. وكي يخلو له الجو ليشرّق ويغرّب في شأن الارض وليفعل بها في التالي ما يحب ويشاء.. فتمرّدت وانسللت من الغرفة.. لاقف بمحاذاة غرفة اخي ومرافقيه.. ومضى الوقت ثقيلا بطيئًا.. ".. يبدو ان اخي لن يجيبها البر" قلت لنفسي وتابعت:" اذا كنت انت قد خطّطت .. ان املّ.. وان انام.. فانا صاح لك". بعد لحظات خطر لي ان اتصل بأخي الاصغر.. ان استعين به على تحصيل ممتلكنا المهدد بالسرقة في غيهب الليل.. فاتصلت به.. واخبرته بما انا فيه.. لم تمض سوى لحظات في دهر الانتظار.. واذا بأخي الاصغر يحط الى جانبي.. وتوقّفنا معا امام الباب المغلق.. على اسرار لا علم لنا بها.. لنفاجا بأخي الاكبر يخرج من غرفته ويركض.. ووراءه يركض رفاقه الموتى.. كانوا يتوجهون صوب غرفة مغلقة شعرت انها غرفة توقيع الاتفاقية الظالمة.. عندها اشرت لأخي الاصغر ان نشرع في الجري وراءهم.. فجرينا وكانوا هم يجرون ونحن نجري.. المثير في الامر اننا.. اخي الاصغر وانا.. لم نكن نشعر بالتعب.. مثلما كان يفعل اولئك الراكضون وراء اخي الاكبر.. وبقينا نركض حتى اطلت تباشير الفجر.. من بعيد.. بعيد..
-سأذهب معهم لتقسيم الارض..
اردت ان اصرخ به. ان اقول له ما ورثه ابوك لك ولأخوك، سآتي معك سنقسم الارض بالتساوي بيننا نحن الاخوة الثلاثة، الا انه بادرني متابعا:
-بإمكانك الا ترافقنا.. انا اسد عنك .
فكرت في ان اتصل بأخي الاصغر، ان اساله عن رايه، لا سيما وانه شريكنا الثالث في الارث، فبدا ان اخي الاكبر ادرك ما افكر فيه.. ففاجأني قائلا:
-بإمكاني ان اسد عن اخينا الاصغر ايضا.
شعور بهزة وجودية انتابتني.. صاعقة.. زلزلت الارض.. فتطايرت شظاياها في كل اتجاه، ماذا يريد اخي؟ أيريد ان يضم الى المغبونين في الارض من اخوة واشقاء رقمًا آخرَ جديدًا.. أيريد ان يستفرد بالإرث وحده.. لا لن اسمح له.. سأدافع بأسناني عما ورّثه لنا والدانا.. ولن اسمح لأي كان ان يهضم حقي وحق اخي الاصغر.. لا لن اترك اخي الاكبر يأكل حقنا.. وانما سأرافقه الى هناك.. الى تلك البلدة البعيدة.. سأمشي الى جانبه وجانب رفاقه سأتوقف اينما يتوقفون وسوف اتابع حيثما يتابعون، وعندما سيدخلون مكتب المحامي لتقسيم الارث سأدخل معهم.. لن اوقّع على اي ورقة او مستند قبل ان اقرأ ما ورد فيها او فيه.. لي حق في ارض والدى مثلما لأخي الاكبر واخي الاصغر ايضا.. وماذا ستفعل ايها الانسان الفِتح الحذر المنكّح؟ هتفت بأعلى صوتي:
-سأرافقهم.
عندها جاءني صوت اخي الاكبر.. ساخرًا:
-سترافق مَن يا شاطر؟ الا تؤمّن لي؟ الا تثق بي؟
تناسيت ما قاله اخي واجريت تعديلًا بسيطا فيما سبق وقلته. قلت:
-سأرافقكم.
صمت اخي. اثارني صمته اكثر.. صممت ان ارافقه مرغما اياه او بأية طريقة اخرى.. فالأرض هي اخر ما تبقى لنا.. ونحن لا يمكن ان نتنازل عنها مهما بلغ الامر.. ومهما كلف احتفاظنا بها من ثمن.. "عيون الطامعين في ارضنا كثيرة.. علينا ان نحافظ على حقنا فيها من كل الطامعين فيها.. حتى لو كان اخي الاكبر". قلت بيني وبين نفسي، وجريت وراء السيارة التي طارت تطوي الارض طيا بأخي ورفاقه.. شعورٌ بالخفة انتابني.. احاط بي من كل جانب.. طرت فوق السيارة الطائرة.. توقفت بمحاذاتها.. ارسلت نظرة الى داخلها.. كان اخي الاكبر يبدو مرتاحًا.. بانه خلّفني وراءه.. وبانه بات بإمكانه ان يستفرد بالأرض.. المورثة لنا من والدينا.. كان هو وصحبه يرسلون الابتسامات.. وكانت هذه ما تلبث ان تتحول الى ضحكات وقهقهات.. وكنت من ناحيتي كلما شعرت بان هناك من يسحب ارضنا ارثنا من تحت رجلنا.. ازداد تشبثًا بها.. وارسل باتجاه العالم المعتم حولي نظرة مفادها انني لن اسمح. لقد رحل والداي مخلّفين لنا هذا الارث الثمين.. وعلي ان احافظ على حقي وحق اخي فيه.. كي نخلّفه لذريتنا الصالحة.. "المعركة امامك يا ابا الشباب.. وعليك ان تتحول الى مقاتل عنيد كي تحافظ على حقك فيها.. الضعف لا يليق بك في مثل هكذا موقف". قلت لنفسي وتابعت الطيران الى جانب سيارة الموتى الطائرة.
اخيرًا.. بعد دهور من المطاردة.. تمكّنت ان احط إلى جانب تلك السيارة الضيقة العابقة برائحة الموت.. وكنت ارسل نظراتي إليها متابعًا كل حركة ونأمة.. ها هي تفتح ابوابها.. ها هو اخي الاكبر يترجّل منها وها هم رفاقه يترجلون ويتوجهون إلى مبنى كبير انتصب في الناحية المحاذية.. انهم يمضون نحو هدفهم بخطى ثابتة.. وها انذا انضم اليهم.. اتابع خطاهم.. هل شعر اخي بخطاي وراء رتله؟ ما ان طرحت هذا السؤال حتى بادرني اخي قائلا:
-قلت لك بإمكانك الا تأتي.. على كل ما دمت قد اتيت.. وتودّ ان تطّلع على كل شيء.. عليّ ان اخبرك اننا وصلنا قبل موعدنا مع المحامي بقليل.. سندخل الآن الى غرفة في هذا المبنى.. هذه الغرفة لا تتسع الا لنا.. واشار الى مجموعته، وقبل ان اقول له وانا اين اتوجه في هذا الظلام قال لي:
-لقد حسبت حسابًا لكل شيء.. هناك غرفة إلى جانب غرفتنا.. لا يفصلاها عنا سوى جدار من الزجاج.. بإمكانك ان تقضي لحظات الانتظار فيها.
تركت قلبي في الخارج ودخلت غرفة الانتظار المقترحة.. راود النعاس عيني.. اعتقدت ان اخي وضع لي منوما فيها كي انام.. وكي يخلو له الجو ليشرّق ويغرّب في شأن الارض وليفعل بها في التالي ما يحب ويشاء.. فتمرّدت وانسللت من الغرفة.. لاقف بمحاذاة غرفة اخي ومرافقيه.. ومضى الوقت ثقيلا بطيئًا.. ".. يبدو ان اخي لن يجيبها البر" قلت لنفسي وتابعت:" اذا كنت انت قد خطّطت .. ان املّ.. وان انام.. فانا صاح لك". بعد لحظات خطر لي ان اتصل بأخي الاصغر.. ان استعين به على تحصيل ممتلكنا المهدد بالسرقة في غيهب الليل.. فاتصلت به.. واخبرته بما انا فيه.. لم تمض سوى لحظات في دهر الانتظار.. واذا بأخي الاصغر يحط الى جانبي.. وتوقّفنا معا امام الباب المغلق.. على اسرار لا علم لنا بها.. لنفاجا بأخي الاكبر يخرج من غرفته ويركض.. ووراءه يركض رفاقه الموتى.. كانوا يتوجهون صوب غرفة مغلقة شعرت انها غرفة توقيع الاتفاقية الظالمة.. عندها اشرت لأخي الاصغر ان نشرع في الجري وراءهم.. فجرينا وكانوا هم يجرون ونحن نجري.. المثير في الامر اننا.. اخي الاصغر وانا.. لم نكن نشعر بالتعب.. مثلما كان يفعل اولئك الراكضون وراء اخي الاكبر.. وبقينا نركض حتى اطلت تباشير الفجر.. من بعيد.. بعيد..
ناجي ظاهر
ناجي ظاهر is on Facebook. Join Facebook to connect with ناجي ظاهر and others you may know. Facebook gives people the power to share and makes the world more open and connected.
www.facebook.com