رواية حصار صور لإسكندر نجار لم تستدع التاريخ من أجل التاريخ؛ كانت تستدعيه ليكون حاضرا معنا ومن خلاله نقرأ حاضرنا. التاريخ في العمل الروائي مبني بطريقة فنية تجعلك متورطا في الأحداث مدركا أنك تقرأ تاريخك المعاصر، فهناك توازن بين التاريخي والتخييلي، هذا الأخير جنب الرواية الوقوع في التوثيقية كما أنه لم يترك مجالا للقارئ في الشعور بالملل. وليس بدعا ان تحضر جملة (سلام الشجعان) على لسان جنرال متخاذل ظل يبث سموم الاستسلام في مقاومي طموحات الإسكندر؛ ويبث إشاعات لصنع الفرقة والضعف في الصفوف إلى أن نجح في مسعاه. فالهزيمة داخلية قبل ان تكون خارجية. الرواية أيضا تمجيد للحضارة الفينيقية التي علمت الناس الكتابة وأنشأت مدنا وحواضر على ضفاف الابيض المتوسط.. والدليل على ذلك جملة مؤشرات، منها الإهداء لابني صور: صوفي وإبراهيم، ومنها هذا المقتطف الوارد بص 7 وهو للشاعر شارل قرم:
دانت لنا أصقاع هذه الأرض
وحرثنا فيما مضى القارات
لكن لغتنا ماتت ذات مساء في الصمت؛
وها نحن أحياء!
ثم إن أبولونيوس الصوري تكفل برواية العمل اتباعا لوصية معلمه زينون حيث قال له: أريدك أن تعنى بذكراها{ يقصد قصة صمود صور في وجه طموحات الإسكندر} أنت ابن صور وتكتبها يوما حتى تفهم الأجيال المقبلة العذابات التي كابدها شعبنا البطل.فإني احتراما لشعبي ولكل هؤلاء الذين ماتوا، لم أتنكر يوما لأصولي. أردت أن أعيد الاعتبار للمقاومة التي ابداها أبناء وطني..ص2016
ومن هنا مناداته للرواقية التي هي دعوة للمساواة والأخوة. لأن زينون الحكيم لم يفهم رغبة الاسكندر في الهيمنة. لهذا يرى انه لا يفترض ان نعيش منقسمين في حواضر وفي شعوب حيث لكل واحد معاييره الخاصة عن العدالة. فجميع البشر في نظره مواطنون اخوة يجمعهم نمط حياة واحد وعالم واحد ويندرجون تحت الراية نفسها وفي ظل شريعة مشتركة كما يجتمع القطيع في المرعى نفسه. ص 216.
أليست دعوة إلى الأخوة الإنسانية من أجل مجابهة التحديات المهددة للإنسان؟ وها كورونا، والتغيرات المناخية تأتي لتثبت ذلك.
ولقيمة زينون وفلسفته تم مدحه في قصيدة تقول:
أرسيت أسس الزهد
محتقرا عجرفة الغني
زينون أيها الرجل الوقور ذو الحاجبين الأبيضين
اكتشفت تعقل الرجولة وما رستها بحكمة
أيها الرجل ذو القرار العميق
ومنه تنبثق الحرية الجسورة
أي ضير في أن يكون وطنك فينيقيا؟
ألم يكن قدموس نفسه فينيقيا أيضا
ألا تدين له اليونان بكل ما لديها من كتب؟
لعل هذه الأبيات تبين أثر الفينيقيين في العالم، وفي تحضره، وتبين رسالتهم إلى العدل والخوة والمساواة بعد أن عاشوا تجارب مريرة جعلتهم يسبقون غيرهم من الأمم إلى هذه الدعوة السامية. ومن هنا جاء تكريم ذكراه ببناء أهل صيدون تمثالا له من البرونز تقديرا لعبقريته من جهة ولتأكيد أن الاحتلال لم يدمر الشعب الفينيقي، فقلبها لم يتوقف عن الخفقان.
السرد:
وإذا كانت الروياة قد كتبت استجابة لوصية المعلم زينون، وهي وصية تخييلية نهض بها إسكندر نجار بعد مرور قرون عدة على الحصار، فإننا نجدها تزاوج بين السرد بضمير المتكلم الذي يعود على إليسا كشخصية مشاركة تتابع ما يجري شاهدة وفاعلة على الأحداث من يوم بداية الحصار إلى يوم سقوط صور التي رغم انهزامها لقنت الغازي درسا. وضمير الغائب الذي يعود على سارد عليم، يرصد تحركات ومخططات الغازي، ويظهر قوته وضعفه، ونزواته وصبواته، ويتابع كل صغيرة وكبيرة في حياة هذا الرجل الذي ستنتهي غمبراطوريته الغاصبة بوفاته وصراع الورثة على عرشه.
ومن خلال التناوب في السرد يصور لنا الروائي رؤية مزدوجة لحصار صور الذي يصبح رمزا للبنان بخاصة والعالم العربي بعامة. هذا العالم المقهور والمشتت.
وطي الرواية نعثر على رسائل إلى القارئ المعاصر مما يؤكد قدرة الروائي على بناء عمله التاريخي بروية وحكمة وذكاء جنبته الوقوع في المباشرة والجفاف، ومنحته فرصة قراءة الأحداث وهو يعلم أن أس البناء تخييلي رغم أن المواد تاريخية، وبالتالي يلمس تلك الرسائل الثاوية ضمن الأحداث، والتي تبقيه رهن التاريخي والواقعي في الآن ذاته.
عن الشخصيات:
لابد من وضع تقابل بين شخصيات الرواية. بين الشخصيات الداخلية فيما بينهامن جهة، وبين والشخصيات الخارجية من جهة أخرى. ففيما يتعلق الشخصيات الداخلية نجد مقابلة ضدية بين الوطني الغيور جربعل والخائن الفاسد زكربعل؛ فالأول كان يواجه العدو باستبسال، ويعمد إلى ابتكار خطط جديدة لمواجعته وإلحاق الهزيمة به، فيما الثاني يعمل على هدم ما يبنيه الأول، ويبث اليأس في النفوس بغاية الحصول على الغنيمة المتمثلة في ملك صور.. وفي الخارج نجد مقابلة هي بمثابة مواجهة بين شخصيتين عظيمتين هما جربعل والاسكندر. وحين انتصر الاخير بعد أن استشهد جربعل قد طالب بعدم رؤية الخائن. إذ رغم انتصاره فهو يكن احتراما للصامدين.
أسباب الهزيمة:
والرواية ترصد شجاعة الصوريين أثناء مجابهتهم لعتو الإسكندر وكانوا يبدعون في أشكال المواجهة ص 146 ما جعل هذا الأخير يكاد يجن، كما كانت ترصد تنامي الفرقة والضغناء بين الصوريين أنفسهم بفعل بعض الخونة الطامعين في كرم الغازي، يقول زينون وحكيم صور والعالم في ذا الشأن:
انتهى الأمر. إنها نهاية صور. كنا في الطليعة ولم نعد إلا ذكرى غابرة. ص201 ويقدم أسباب ذلك بقوله: التضامن يا إليسا. لا قرطاجة ولا صيدون ولا بيلوي ولا الفرس هبوا لنجدتنا. وفي الداخل كنا نتخاصم بدل أن نتوحد لمحاربة العدو المشترك... ص202. اليس حديث الحكيم كما ينطبق علي تلك المرحلة ينطبق علي المرحلة الراهنة؟ لنسأل واقعنا.
هذا الواقع المؤلم الذي تم سرده، كان الإسكندر بنفسه على علم به وغذاه ليحقق انتصاره، إذ يقول:
هؤلاء الناس يجهلون تماما معنى التضامن. في فينيقيا هناك من الآراء بقدر ما هناك من المدن، ومن القادة بعدد الأحياء وهناك تسود سياسة { كل يعمل لمصلحة نفسه}. ثم ماذا تتوقع من حفنة من التجار؟ في سبيل بضع قطع ذهبية يبيعون أمهم وأباهم! ص127
وهذه التغرة سيستغلها الغازي أحسن استغلال ب:
1_ التفريق بين المدن الفينيقية وضرب لحمتها، وذلك عبر تنصيب عبدلونيم ملكا على صيدون بغاية استغلال عدم خبرته وسذاجته وهو البستاني البعيد عن السياسة لإرغامه على الانصياع لتعليمات العدو.
2_ توظيف جنرال متقاعد وطماع ليعمل على صنع الفرقة وإشاعة الأخبار الزائفة المولدة للإحباط..
لنتذكر في هذا الشأن ملوك الطوائف من جهة، وواقع تشرذمنا من جهة ثانية.
ولعل رغبة الإسكندر في سحق الفينيقيين تكمن في أنه يؤمن بتفوق الثقافة الهلنستية. ولا يحتمل أن يرى مدينة مزدهرة ومتألقة مثل صور تلقي بظلها على وهج إمبراطوريته. فمنطق الغزاة يقوم على إلغاء الآخر. المعركة هي معركة ثقافة ترفض أن تموت أمام ثقافة تريد الهيمنة عليها. ص 159.
تنبغي الإشارة في هذا المقام إلى أن الصراع مع الإسكندر كان صراعا من أجل الحرية، ومقاومة صور كانت مثالا يحتذى به من لدن الشعوب المستضعفة. وقد أدرك الإسكندر هذا، وعمل على سحق الصوريين الصامدين في وجهه حتى يتمكن من بسط سلطانه على الأرض ومن دون مقاومة تذكر.
3_ اعتماد الشائعة، فهي عدو ماكر لا يرى لكنها تنتشر وتسري وتتضخم دون ان يكون في الإمكان التصدي لها.
4_ توظيف الحلم كنبوءة تعمل لصالح الاسكندر وتخذل الفينيقيين. وهذا الحلم لم يمكن وسيلة يوظفها طرف ضد آخر، بل كانت وسيلة يوظفها هذا الطرف وذاك لصالحه، ويستثمرها لبث روح القتال بين الأتباع. بيد انها كانت تميل لصالح الإسكندر كنوع من الاستباق الذي يتحقق.
تتميز اللغة في الرواية بسلاستها وعذوبتها ودقتها في رسم الأدوات والأسلحة والخط الحربية ورصد مظاهر البيعة أثناء الصراع، مع رسم دقيق للألبسة أثناء الحرب والسلم، مع حضور للبعد الشاعري في بعض المقاطع وبخاصة حين يتم رصد المشاعر والاحاسيس. مع توظيف لأسلوب الرسالة.
إجمالا، رواية شيقة بأحداثها، وبما تزخر به من صراعات داخلية وخارجية، نفسية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
**
حصار صور، لإسكندر نجار، فائزة بجائزة المتوسط سنة 2009، صادرة عن دار الساقي في طبعتها الأولى سنة 2012.
دانت لنا أصقاع هذه الأرض
وحرثنا فيما مضى القارات
لكن لغتنا ماتت ذات مساء في الصمت؛
وها نحن أحياء!
ثم إن أبولونيوس الصوري تكفل برواية العمل اتباعا لوصية معلمه زينون حيث قال له: أريدك أن تعنى بذكراها{ يقصد قصة صمود صور في وجه طموحات الإسكندر} أنت ابن صور وتكتبها يوما حتى تفهم الأجيال المقبلة العذابات التي كابدها شعبنا البطل.فإني احتراما لشعبي ولكل هؤلاء الذين ماتوا، لم أتنكر يوما لأصولي. أردت أن أعيد الاعتبار للمقاومة التي ابداها أبناء وطني..ص2016
ومن هنا مناداته للرواقية التي هي دعوة للمساواة والأخوة. لأن زينون الحكيم لم يفهم رغبة الاسكندر في الهيمنة. لهذا يرى انه لا يفترض ان نعيش منقسمين في حواضر وفي شعوب حيث لكل واحد معاييره الخاصة عن العدالة. فجميع البشر في نظره مواطنون اخوة يجمعهم نمط حياة واحد وعالم واحد ويندرجون تحت الراية نفسها وفي ظل شريعة مشتركة كما يجتمع القطيع في المرعى نفسه. ص 216.
أليست دعوة إلى الأخوة الإنسانية من أجل مجابهة التحديات المهددة للإنسان؟ وها كورونا، والتغيرات المناخية تأتي لتثبت ذلك.
ولقيمة زينون وفلسفته تم مدحه في قصيدة تقول:
أرسيت أسس الزهد
محتقرا عجرفة الغني
زينون أيها الرجل الوقور ذو الحاجبين الأبيضين
اكتشفت تعقل الرجولة وما رستها بحكمة
أيها الرجل ذو القرار العميق
ومنه تنبثق الحرية الجسورة
أي ضير في أن يكون وطنك فينيقيا؟
ألم يكن قدموس نفسه فينيقيا أيضا
ألا تدين له اليونان بكل ما لديها من كتب؟
لعل هذه الأبيات تبين أثر الفينيقيين في العالم، وفي تحضره، وتبين رسالتهم إلى العدل والخوة والمساواة بعد أن عاشوا تجارب مريرة جعلتهم يسبقون غيرهم من الأمم إلى هذه الدعوة السامية. ومن هنا جاء تكريم ذكراه ببناء أهل صيدون تمثالا له من البرونز تقديرا لعبقريته من جهة ولتأكيد أن الاحتلال لم يدمر الشعب الفينيقي، فقلبها لم يتوقف عن الخفقان.
السرد:
وإذا كانت الروياة قد كتبت استجابة لوصية المعلم زينون، وهي وصية تخييلية نهض بها إسكندر نجار بعد مرور قرون عدة على الحصار، فإننا نجدها تزاوج بين السرد بضمير المتكلم الذي يعود على إليسا كشخصية مشاركة تتابع ما يجري شاهدة وفاعلة على الأحداث من يوم بداية الحصار إلى يوم سقوط صور التي رغم انهزامها لقنت الغازي درسا. وضمير الغائب الذي يعود على سارد عليم، يرصد تحركات ومخططات الغازي، ويظهر قوته وضعفه، ونزواته وصبواته، ويتابع كل صغيرة وكبيرة في حياة هذا الرجل الذي ستنتهي غمبراطوريته الغاصبة بوفاته وصراع الورثة على عرشه.
ومن خلال التناوب في السرد يصور لنا الروائي رؤية مزدوجة لحصار صور الذي يصبح رمزا للبنان بخاصة والعالم العربي بعامة. هذا العالم المقهور والمشتت.
وطي الرواية نعثر على رسائل إلى القارئ المعاصر مما يؤكد قدرة الروائي على بناء عمله التاريخي بروية وحكمة وذكاء جنبته الوقوع في المباشرة والجفاف، ومنحته فرصة قراءة الأحداث وهو يعلم أن أس البناء تخييلي رغم أن المواد تاريخية، وبالتالي يلمس تلك الرسائل الثاوية ضمن الأحداث، والتي تبقيه رهن التاريخي والواقعي في الآن ذاته.
عن الشخصيات:
لابد من وضع تقابل بين شخصيات الرواية. بين الشخصيات الداخلية فيما بينهامن جهة، وبين والشخصيات الخارجية من جهة أخرى. ففيما يتعلق الشخصيات الداخلية نجد مقابلة ضدية بين الوطني الغيور جربعل والخائن الفاسد زكربعل؛ فالأول كان يواجه العدو باستبسال، ويعمد إلى ابتكار خطط جديدة لمواجعته وإلحاق الهزيمة به، فيما الثاني يعمل على هدم ما يبنيه الأول، ويبث اليأس في النفوس بغاية الحصول على الغنيمة المتمثلة في ملك صور.. وفي الخارج نجد مقابلة هي بمثابة مواجهة بين شخصيتين عظيمتين هما جربعل والاسكندر. وحين انتصر الاخير بعد أن استشهد جربعل قد طالب بعدم رؤية الخائن. إذ رغم انتصاره فهو يكن احتراما للصامدين.
أسباب الهزيمة:
والرواية ترصد شجاعة الصوريين أثناء مجابهتهم لعتو الإسكندر وكانوا يبدعون في أشكال المواجهة ص 146 ما جعل هذا الأخير يكاد يجن، كما كانت ترصد تنامي الفرقة والضغناء بين الصوريين أنفسهم بفعل بعض الخونة الطامعين في كرم الغازي، يقول زينون وحكيم صور والعالم في ذا الشأن:
انتهى الأمر. إنها نهاية صور. كنا في الطليعة ولم نعد إلا ذكرى غابرة. ص201 ويقدم أسباب ذلك بقوله: التضامن يا إليسا. لا قرطاجة ولا صيدون ولا بيلوي ولا الفرس هبوا لنجدتنا. وفي الداخل كنا نتخاصم بدل أن نتوحد لمحاربة العدو المشترك... ص202. اليس حديث الحكيم كما ينطبق علي تلك المرحلة ينطبق علي المرحلة الراهنة؟ لنسأل واقعنا.
هذا الواقع المؤلم الذي تم سرده، كان الإسكندر بنفسه على علم به وغذاه ليحقق انتصاره، إذ يقول:
هؤلاء الناس يجهلون تماما معنى التضامن. في فينيقيا هناك من الآراء بقدر ما هناك من المدن، ومن القادة بعدد الأحياء وهناك تسود سياسة { كل يعمل لمصلحة نفسه}. ثم ماذا تتوقع من حفنة من التجار؟ في سبيل بضع قطع ذهبية يبيعون أمهم وأباهم! ص127
وهذه التغرة سيستغلها الغازي أحسن استغلال ب:
1_ التفريق بين المدن الفينيقية وضرب لحمتها، وذلك عبر تنصيب عبدلونيم ملكا على صيدون بغاية استغلال عدم خبرته وسذاجته وهو البستاني البعيد عن السياسة لإرغامه على الانصياع لتعليمات العدو.
2_ توظيف جنرال متقاعد وطماع ليعمل على صنع الفرقة وإشاعة الأخبار الزائفة المولدة للإحباط..
لنتذكر في هذا الشأن ملوك الطوائف من جهة، وواقع تشرذمنا من جهة ثانية.
ولعل رغبة الإسكندر في سحق الفينيقيين تكمن في أنه يؤمن بتفوق الثقافة الهلنستية. ولا يحتمل أن يرى مدينة مزدهرة ومتألقة مثل صور تلقي بظلها على وهج إمبراطوريته. فمنطق الغزاة يقوم على إلغاء الآخر. المعركة هي معركة ثقافة ترفض أن تموت أمام ثقافة تريد الهيمنة عليها. ص 159.
تنبغي الإشارة في هذا المقام إلى أن الصراع مع الإسكندر كان صراعا من أجل الحرية، ومقاومة صور كانت مثالا يحتذى به من لدن الشعوب المستضعفة. وقد أدرك الإسكندر هذا، وعمل على سحق الصوريين الصامدين في وجهه حتى يتمكن من بسط سلطانه على الأرض ومن دون مقاومة تذكر.
3_ اعتماد الشائعة، فهي عدو ماكر لا يرى لكنها تنتشر وتسري وتتضخم دون ان يكون في الإمكان التصدي لها.
4_ توظيف الحلم كنبوءة تعمل لصالح الاسكندر وتخذل الفينيقيين. وهذا الحلم لم يمكن وسيلة يوظفها طرف ضد آخر، بل كانت وسيلة يوظفها هذا الطرف وذاك لصالحه، ويستثمرها لبث روح القتال بين الأتباع. بيد انها كانت تميل لصالح الإسكندر كنوع من الاستباق الذي يتحقق.
تتميز اللغة في الرواية بسلاستها وعذوبتها ودقتها في رسم الأدوات والأسلحة والخط الحربية ورصد مظاهر البيعة أثناء الصراع، مع رسم دقيق للألبسة أثناء الحرب والسلم، مع حضور للبعد الشاعري في بعض المقاطع وبخاصة حين يتم رصد المشاعر والاحاسيس. مع توظيف لأسلوب الرسالة.
إجمالا، رواية شيقة بأحداثها، وبما تزخر به من صراعات داخلية وخارجية، نفسية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
**
حصار صور، لإسكندر نجار، فائزة بجائزة المتوسط سنة 2009، صادرة عن دار الساقي في طبعتها الأولى سنة 2012.