رسالة من السياب الى الدكتور سهيل إدريس

25-3-1954
أخي الكريم الدكتور سهيل أدريس المحترم
تحية طيبة وبعد: فقد كان لرسالتك الكريمة التي أرسلتها اليّ أثر بالغ في نفسي.. وهي شاهد جديد علي نبل نفسك، وكبر قلبك، واخلاصك في العهد الذي قطعته علي نفسك بخدمة المجموعة العربية وأدبها السائر في النور. وقد أطلعت عليها نخبة طيبة من الأصدقاء والأدباء، ومحبي الأدب ليكونوا علي بينة من تلك الضجة المغرضة التي حاولت فئة المبشرين إثارتها.
وكأن العدالة الإلهية أرادت أن تحدث أموراً عدة في وقت واحد ليظهر الحق. ففي الوقت الذي وصلت فيه رسالتك اليَّ والي الأخ كاظم جواد ، طلعت علينا مجلة الأديب حاملة صورة المبشر بالشعر الحديث التي أهداها الي الشاعر الكبير ألبير أديب !! الي جوار حديثه عن الشعراء العالميين الكبار من أمثال ناظم حكمت وبابلو نيرودا وأراغون!!.
الزيف أكثر من هذا؟
وقد كان لنا حديث طيب عنك وعن رسالتيك الكريمتين في مكتب تحرير جريدة صدي الأهالي التي تكاد تكون خير صحيفة عراقية كما تعلم. كما أن الصديق الكريم الاستاذ ذنون أيوب قد سر لهذا التعاون بيننا وبين مجلة الآداب.
لعلك استلمت رسالة الأخ كاظم جواد التي ضمنها مقالة يفضح بها بعض سرقات المبشرين، وماهي إلا أول الغيث كما يقال. وأظنها لا تخرج عن الروح العلمية المتزنة التي لا مغمز فيها، ولا مجال لاتهام كاتبها بالغرض الشخصي.
لدي خبر طريف أود أن تعلم به. إنك ولا ريب تذكر المقالة التي كتبتها نهاد التكرلي في مجلة الأديب تحت عنوان عبدالوهاب البياتي المبشر بالشعر الحديث مشيرا الي أنها مقدمة لديوان أباريق مهشمة الذي سيصدر قريبا.. إعلم، اذن، أن دار مجلة الثقافة الحديثة العراقية تكلفت بطبع ذلك الديوان.. ولكنها اشترطت علي صاحبه حذف المقدمة التي كتبها نهاد التكرلي وضمنها من القيم النقدية ما يتناقض وفلسفة تلك المجلة تمام التناقض.. بل ما يتناقض وكل مفهوم صحيح للأدب الحق. أدب الالتزام، فالكلمات هي - في رأي التكرلي - غايات بحد ذاتها.. الكلمات!! حتي ولا الجمل ولا الأفكار التي تعبر عنها الكلمات حين تجتمع.. حتي ولا القصيدة ككل واحد.. وقد اضطر البياتي - الذي كان يدافع عن صواب الأفكر التي تضمنتها تلك المقدمة حتي وقت قريب.. رغم ادعائه بالشعبية والديمقراطية... الخ - الي التخلي عنها. أما صاحبنا نهاد، فمازال يعتبر مقدمته خير ما يستطيع كاتب أن يكتب في نقد الشعر، ويعتبر حذفها إهانة له، وكان من جراء هذا أن حصل فتور في علاقة الشاعر بالناقد. ومن المحتمل أن تتسع شقة الخلاف بين الزميلين!.
أرسل اليك رفقة هذه الرسالة قصيدة لي بعنوان أنشودة المطر . وأتمني أن تنال رضاك وأن تكون صالحة للنشر في الآداب. إني لخجول جدا من أن قصيدتي هذه ستشغل في مجلة الآداب حيزاً قد يكون من الأولي ملؤه بما هو خير من قصيدتي وأجدي. ولكن، ما الحيلة والصفة الغالبة علي قصائدي هي طولها؟ ولعل هذا من الأسباب التي جعلتني أتردد في ارسالها اليك منذ عودتي من الكويت قبل بضعة أشهر حتي الآن.
وفي الختام أرجو إبلاغ تحياتي للأستاذ عبدالله عبدالدائم الذي يعجبني أدبه كثيرا.. وأعاهدك علي أن أكون عند حسن ظنك، وعلي أن أتعاون معك جهد امكاني في سبيل مصلحتنا العربية المشتركة، وإني ليسرني كثيراً رجاؤك أن تتوثق أواصر المحبة بيننا.. وثق أيها الأخ الكريم أني أرجو ذلك نفسه من أعماق قلبي. ودم للمخلص الذي يكن لك أصدق الحب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى