1976
ليث ،
يا سمير الأسى وصديق التحدّي ، أيها العذب الطيب أحبك أخاً بجنون ، وأشتهي ساعة نستحم فيها باختلاجاتنا ، كان يوماً لم يمرّ عليّ شبيهه قط ، كنت أفتش عن النوم تحت الأغطية ، خلف الستائر ، مرتقباً لحظة فرح تسري خدراً لذيذاً في قلب هذا الرجل المحاط بثمان وعشرين شجرة ، هذا الموزع بين تسع مدائن عشق ، المنغرس الان على سريره كشجرة هرمة .. رغم أن قنينة كاملة من العسل المرّ ما برحت تستحم بأحشائه ..
أوف يا سيدي … من أيقظ بي تنين الأرق ؟ من صاهر بين الله والشيطان في رأسي ؟ كان عليّ أن أكتب لك الان بهدوء لذيذ .. لولا ان نافذة للبروق إنفتحت الان على وجهي ..
حسناً حسناً … إذاً فقد كان يوماً لم يمر عليّ شبيهه قط .. وذلك أن طائراً من ورق قد حطّ على شرفة عينيّ صباح اليوم ، بعثته لي (Z) تلك النورسة التي كان يجب ان أبصق في رحمها لتراً من الدم الأبيض .. ها هي اليوم تلعنني لمجرد أني قد فسخت خطبة صديقتها (D) ..
هل ما زلت تتذكر D)) يا سيدي ؟ تلك البجعة المنتصبة كنخلة جنوبية ؟ أوف … كنت قد خطبتها … وما كنت أدري أن حفنة سنوات سأختزلها في لحظة صراخ واحدة ، حتى كانت رسالتي الأخيرة لها : ( إنني أنزعك الان من قلبي ، كما أنزع أي قميص وسخ ) وهكذا يا سيدي تقيأتها مرة واحدة … وما كنت أدري أن وجهها سيظل محفوراً في لحم قلبي ، مع أني اسقطتها من ذاكرتي تماماً …
يبدو أنك لم تدرك بعد ملامح حزني ، أليس كذلك يا سيدي ؟ لنجرب شيئاً اخر .. لعبة اخرى اكثر إيحاءً .. السنة الماضية ، حاولت جهدي الحصول على جواز بغية إكتشاف خرائط أرصفة الدنيا ورسم حانات الأرض ومقاهيها .. غير أن قلبي المصاب باللعنة ، قد شبكني بخاتم من ذهب ، وأردت من (D) أن تصبح مأواي بعد أن أرهقتني كؤوس الليل وأسِرّة الكهوف .. حتى دارت الأرض في لحظة واحدة واشرقت شمس الليل ، فخلعتها من قلبي بعد شهور .. فأنا يا سيدي على استعداد أن أمنح كل أنهاري للتي احب ، ولكني لن أسمح للصوص المطر أن يسرقوا منه قطرة واحدة .. وكانت (D) تريد ان تسرق أجمل أشيائي وأقدسها .. أقصد أن تسرق ذلك الحب الكبير للشمس والماء والشجر والعصافير ، كي انزف لها وحدها شعري وظنوني ، أن أختزل العالم بجسد إمراة من زنبق .. إنها تحبني حقاً ، ولكن يا سيدي أنا أرفض مَن يمنحني النظارات ويسرق مني البصر .. من يمنحني العكازات ويسرق اقدامي ، من يبادلني النشوة بالحرية ، والزنزانة بالوطن … هل عرفت الأن حدود لعبتي هذه وشروطها ؟ أوف يا سيدي ، لا أريد أن تصبح وظيفتي مجرد أن أنفخ بطنها مرة كل عام كي احشو رحمها بصبيّ أزرق العينين !
***
زنديق أنا يا سيدي .. غير أن زندقتي أطهر من صلاة القديسين .. قسيس أنا يا سيدي .. غير أني لا أتوضأ إلا بالخمر .. آه ، مَن صاهر بين الله والشيطان في جسدي ؟ هاأنذا أشعر بالاختناق رغم ان حبل المشنقة لم يلتفّ بعد حول الرقبة ، ورغم ان التدرن الرئوي لم يطأ صدري ..
اشعر بالجفاف رغم رطوبتي ، وبالغربة مع أني أضجّ بالصداقات ، أستحمّ كثيراً في بحيرات الجسد ، وأمصّ ثغراً كلّ يوم ..
***
تحدثني عن الشعر يا سيدي ؟ عن ذلك العذاب اللذيذ ؟ حسناً إنه لعنتي المعبودة ، ومرضي الجميل الذي لا اريد شفاءً منه .. إنه المرض الوحيد الذي يمنحني الصحة والعافية ..
ما زلت وسأبقى أكتب الشعر يا سيدي .. وقريباً أبدأ بطبع ديواني ( مراسيم الخروج من الجسد ) غير أن الطباشير والسبورة وشرح المفعول المطلق ، تستنزف ايامي .
يا سيدي إن ثلاثين محاضرة في كل اسبوع تصيبني بالغثيان في كل فجر .. والانتقال بين مدرسة وأخرى قد أتخمتني مرارتها .. وما زلت أفكر يوماً بالاستقالة ريثما يتّحد الحزن وتنفجر الأحلام !
سأبعث لك بقصائد جديدة في القريب .. يبدو أنك لا تقرأ لي في الصحافة ، وهذا من حقك طبعاً ..
سأزورك يوماً ، وستزورني بالطبع .. وصلتني رسالتك ، وسأبعث لك بريدياً ، فاكتب لي عن طريق المدرسة . ودمت أيها الحبيب ليث .
رجل كان اسمه يحيى السماوي
ليث ،
يا سمير الأسى وصديق التحدّي ، أيها العذب الطيب أحبك أخاً بجنون ، وأشتهي ساعة نستحم فيها باختلاجاتنا ، كان يوماً لم يمرّ عليّ شبيهه قط ، كنت أفتش عن النوم تحت الأغطية ، خلف الستائر ، مرتقباً لحظة فرح تسري خدراً لذيذاً في قلب هذا الرجل المحاط بثمان وعشرين شجرة ، هذا الموزع بين تسع مدائن عشق ، المنغرس الان على سريره كشجرة هرمة .. رغم أن قنينة كاملة من العسل المرّ ما برحت تستحم بأحشائه ..
أوف يا سيدي … من أيقظ بي تنين الأرق ؟ من صاهر بين الله والشيطان في رأسي ؟ كان عليّ أن أكتب لك الان بهدوء لذيذ .. لولا ان نافذة للبروق إنفتحت الان على وجهي ..
حسناً حسناً … إذاً فقد كان يوماً لم يمر عليّ شبيهه قط .. وذلك أن طائراً من ورق قد حطّ على شرفة عينيّ صباح اليوم ، بعثته لي (Z) تلك النورسة التي كان يجب ان أبصق في رحمها لتراً من الدم الأبيض .. ها هي اليوم تلعنني لمجرد أني قد فسخت خطبة صديقتها (D) ..
هل ما زلت تتذكر D)) يا سيدي ؟ تلك البجعة المنتصبة كنخلة جنوبية ؟ أوف … كنت قد خطبتها … وما كنت أدري أن حفنة سنوات سأختزلها في لحظة صراخ واحدة ، حتى كانت رسالتي الأخيرة لها : ( إنني أنزعك الان من قلبي ، كما أنزع أي قميص وسخ ) وهكذا يا سيدي تقيأتها مرة واحدة … وما كنت أدري أن وجهها سيظل محفوراً في لحم قلبي ، مع أني اسقطتها من ذاكرتي تماماً …
يبدو أنك لم تدرك بعد ملامح حزني ، أليس كذلك يا سيدي ؟ لنجرب شيئاً اخر .. لعبة اخرى اكثر إيحاءً .. السنة الماضية ، حاولت جهدي الحصول على جواز بغية إكتشاف خرائط أرصفة الدنيا ورسم حانات الأرض ومقاهيها .. غير أن قلبي المصاب باللعنة ، قد شبكني بخاتم من ذهب ، وأردت من (D) أن تصبح مأواي بعد أن أرهقتني كؤوس الليل وأسِرّة الكهوف .. حتى دارت الأرض في لحظة واحدة واشرقت شمس الليل ، فخلعتها من قلبي بعد شهور .. فأنا يا سيدي على استعداد أن أمنح كل أنهاري للتي احب ، ولكني لن أسمح للصوص المطر أن يسرقوا منه قطرة واحدة .. وكانت (D) تريد ان تسرق أجمل أشيائي وأقدسها .. أقصد أن تسرق ذلك الحب الكبير للشمس والماء والشجر والعصافير ، كي انزف لها وحدها شعري وظنوني ، أن أختزل العالم بجسد إمراة من زنبق .. إنها تحبني حقاً ، ولكن يا سيدي أنا أرفض مَن يمنحني النظارات ويسرق مني البصر .. من يمنحني العكازات ويسرق اقدامي ، من يبادلني النشوة بالحرية ، والزنزانة بالوطن … هل عرفت الأن حدود لعبتي هذه وشروطها ؟ أوف يا سيدي ، لا أريد أن تصبح وظيفتي مجرد أن أنفخ بطنها مرة كل عام كي احشو رحمها بصبيّ أزرق العينين !
***
زنديق أنا يا سيدي .. غير أن زندقتي أطهر من صلاة القديسين .. قسيس أنا يا سيدي .. غير أني لا أتوضأ إلا بالخمر .. آه ، مَن صاهر بين الله والشيطان في جسدي ؟ هاأنذا أشعر بالاختناق رغم ان حبل المشنقة لم يلتفّ بعد حول الرقبة ، ورغم ان التدرن الرئوي لم يطأ صدري ..
اشعر بالجفاف رغم رطوبتي ، وبالغربة مع أني أضجّ بالصداقات ، أستحمّ كثيراً في بحيرات الجسد ، وأمصّ ثغراً كلّ يوم ..
***
تحدثني عن الشعر يا سيدي ؟ عن ذلك العذاب اللذيذ ؟ حسناً إنه لعنتي المعبودة ، ومرضي الجميل الذي لا اريد شفاءً منه .. إنه المرض الوحيد الذي يمنحني الصحة والعافية ..
ما زلت وسأبقى أكتب الشعر يا سيدي .. وقريباً أبدأ بطبع ديواني ( مراسيم الخروج من الجسد ) غير أن الطباشير والسبورة وشرح المفعول المطلق ، تستنزف ايامي .
يا سيدي إن ثلاثين محاضرة في كل اسبوع تصيبني بالغثيان في كل فجر .. والانتقال بين مدرسة وأخرى قد أتخمتني مرارتها .. وما زلت أفكر يوماً بالاستقالة ريثما يتّحد الحزن وتنفجر الأحلام !
سأبعث لك بقصائد جديدة في القريب .. يبدو أنك لا تقرأ لي في الصحافة ، وهذا من حقك طبعاً ..
سأزورك يوماً ، وستزورني بالطبع .. وصلتني رسالتك ، وسأبعث لك بريدياً ، فاكتب لي عن طريق المدرسة . ودمت أيها الحبيب ليث .
رجل كان اسمه يحيى السماوي