رسائل بين السياب وجبرا إبراهيم جبرا

الأخ الحبيب الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا

شكرا لرسالتك الرقيقة و اهتمامك بأخيك المنكوب. وبعد، فان الطب في لندن لم يستطع أن يجد علاجا لمرضي

انهم لم يجدوا عيبا في جسدي أو دمي ليقوموه. انه مرض لا يعرف الطب، حتى الآن، سوى اسمه. أما أسبابه وطرق علاجه فما زال يجهلها. ولكن الأمل في الشفاء منه كبير. هكذا أخبروني ، فنتفاءل خيرا غدا صباحا سيزورني دنيس، (جونسن ديفز) برفقة مندوب من B.B.C.

ليسجلوا لي بعض القصائد شكرا على نشر قصيدتي في مجلتكم. كان إخراجا جميلا إخراجها.. أما عن إرسال قصيدة جديدة لكم ، فعندي كثير من الشعر، ولكن من أين لي ب (الخلك) لتبييضه؟ سأعطيكم واحدة أو أكثر حين مروري ببغداد وبقائي يوما واحدا، على الأقل، فيها، حيث سأخبرك وتأتي لرؤيتي

هنيئا لكم بهذه الثورة العربية الجبارة التي أزاحت عنكم الكابوس الشعوبي اللعين سيسمح الآن بديواني (المعبد الغريق) بالدخول إلى العراق بحرية لم يعرضوه في وقته على الرقابة لأنهم خافوا أن يمنع بسبب القصيدة المسماة ابن الشهيد التي سبق أن "قصوها" حين نشرت في الآداب

كتبت قصيدتين في تحية الثورة المباركة. إحداهما من الشعر التقليدي وقد بعثت إلى العراق لتنشر - ولعلك رايتها منشورة- والأخرى من "الشعر الحر" وقد أرسلتها إلى مجلة (الآداب). سأكتب العشرات من القصائد عن جرائم العهد القاسمي البغيض بعد أن أعود إلى وطني خلال عشرة أيام أو حوالي ذلك

ما أخبار الأدباء "المناضلين" ( ………………) ؟ أرجو أن يكونوا قد تنالوا الجزاء الذي يستحقون. وما أخبار الصعلوك "المناضل" ( …………) ؟ إنها أسئلة سأعرف جوابها في العراق. لأن الوقت لن يتسع لأن تجيب على رسالتي. سأكون قد عدت إلى العراق قبل ذلك. أبلغت دنيس بوعدك بالكتابة ل (أصوات) وهو في الانتظار

بعد عودتي إلى العراق سأمكث أسبوعا واحدا في البصرة، ثم أسافر إلى بغداد للعلاج لدى ( معهد العلاج بالوسائل الطبيعية) وستكون فرص لقائنا أكثر. سأكون ممتنا لأي (drive ) بسيارتك. خاصة بعد أن أصبحنا نستطيع التجول دون حرج ولا خوف من "الرفاق"

هل سمعن باحتجاج الحزب الشيوعي الروسي على قيام العهد الجديد في العراق بمحاسبة الشيوعيين عن جرائمهم التي ارتكبوها في عهد قاسم؟ انه لأمر مضحك، وقد نشرته الصحف البريطاني ساخرة به

لو كنت قد استعدت صحتي لكتبت كثيرا من المقالات عن نضال (………….) ولكن هذا المرض اللعين يجعلني عاجزا عن مثل ذلك

إنني الآن أقر لك بالبطولة حيث استطعت أن تصمد أمام هذا الشتاء البريطاني الرهيب وتنال الماجستير من كامبردج. أما أنا فلا أستطيع احتماله حتى في سبيل شهادة "بروفسور" - لو كان ذلك ممكنا- خلال عام واحد. إنني أتحرق شوقا على العودة إلى دفء العراق وشمسه الساطعة. إن درم أبرد من لندن. كان الله في عوني كيف استطعت البقاء فيها شهرا

ما أخبار خالد علي مصطفى؟ أظن الثورة المباركة قد عينته في المعارف فخلصته من عمله البغيض. لو كنت قادرا على الذهاب الى المكتبات لسألتك أي الكتب تريد أن أجلبها لك. ولكن لا باس، عسى الله أن يكتب لي الشفاء فأستطيع السفر إلى أماكن كثيرة : القاهرة ، الجزائر ، أثينا، روما ، مدريد

هل حل اتحاد الأدباء الشيوعيين؟ أتوقع ذلك. ما رأيك في أن أحصل على امتياز مجلة أدبية؟ أظنها ستكون ناجحة. سأفكر في ذلك حين أعود إلى العراق. وستكون أنت في رأس المساهمين بالكتابة فيها. لو كنت قد نلت الشفاء لزرت قرية شكسبير على نهر الآفون- ستاتفورد- على الآفون، ولعملت على أن أزور الشاعرة الإنكليزية العظيمة ايدث ستويل وشار العصر ـ. س. اليوت. ولعل ذلك سيتحقق في مرة قادمة من يدري؟

هل لديك أخبار عن يوسف الخال؟ كتبت له فلم يجب. لا أدري ما السبب. سالت الطبيب عما إذا لم يكن شرب الويسكي أو البيرة الخ مضرة لي . وأنا أنتظر جوابه خلال اليومين القادمين. إن سمح لي بالشرب فسنشرب معا ذات ليلة في بغداد

هل نبتت الأشجار التي اشتريتها من المشتل في حديقتك؟ سنراها أنا وأم غيلان إن شاء الله. " هل رأيت أحدا (يعزم) نفسه هو وزوجته بالإكراه؟"

أفكر بالعودة إلى بغداد من البصرة. بعد أن يكتب لي الشفاء إن وجودي في البصرة - في بيت قريب من محل عملي ومع وجود سيارة لأخذي ممن البيت و اعادتي إليه- أكثر مناسبا لي و أنا في هذه الحال من وجودي في بغداد، في بيت بعيد عم مقر عملي آخذ الباص إليه أو أستأجر سيارة تاكسي
تحياتي للأخت أم سدير، وقبلاتي لسدير وياسر، سلامي لكافة الأصدقاء في الشرك، نعمة و الباقين. و إلى اللقاء قريبا في بغداد
هذا ودم لصديقك المخلص
بدر السياب


***


رسالة من السياب الى جبرا إبراهيم جبرا.jpg



رسالة   جبرا إلى  بدر شاكر السيّاب بتاريخ 26-1 -1964.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى