رسالتان بين الشاعرين ظافر بن علي القرني و يحيى السّماوي

بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الكريم الفاضل يحي السماوي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لأول مرة في حياتي ألمس النار فلا تحرقني، بل شعرت يدي بعد ملامستها بعافية تدب فيها لم تعهدها من قبل. فسبحان من علم الإنسان البيان، وفضله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا. أنت لست ابن جحيم هذه الدنيا وحدك فكلنا فيها سواء، وإن تظاهر من تظاهر بأنه ابن نعيمها وغيره ابن جحيمها؛ والواقع شاهدي في ذلك، وقبله يشهد لي قول الباري الذي متعك بهذا البيان الساحر؛ حيث يقول عزَّ جاهه: لقد خلقنا الإنسان في كبد. وإذا قلت أنه كبد دون كبد فلك ذلك؛ لكنه بحسب الهمم والأقدار والله تعالى أعلم.

أيَّها السماوي المبدع: من يملك مثل موهبتك يعيش بها في جنة الأرض طلبًا لجنة السماء، والله هو الكريم الوهاب في الدنيا والآخرة. لا تتضجَّر ولا تملّ ولا تحزن فلو استعرضت شيئًا من التاريخ قديمه وحديثه لوجدت أن من أسعد الناس من يملك مثل ما تملك من اللغة والبيان، وإن رأى هو أنَّ حظّه غير سعيد، أو لمح النَّاس في حياته شيئًا من بوادر العسر والمشقة.

أيَّها الشاعر الوفي: كان بودي أن أطرز رسالتي هذه بشيء من برحي العرا.. وخزامى نجد؛ لكني على ثقة أن حواليك من الأشجار والزهور الجميلة ما يجعلك على وفائك الدائم لأهلك ووطنك. فعش سعيدًا أين ما ذهبت، واطمع فيما لدى الله؛ تتذلل لك العقبات، وتصحبك المسرات أينما حللت.

أيُّها السماوي المخلص: إن استطعتَ أن أتخلص من خصلة التسويف التي جبلنا عليه نحن العرب منذ قرون خلت، فستصلك بعض حزمات الوشع ولا أقول الحطب فالحطب أجدر وأنفع للإنسان، وإن كان في كثيرٍ من الأحيان لا يشتب الحطب إلاَّ ببعض الوشع لسرعة تعلقه بالنار وولعها به. إذا لم يحصل هذا، فإني متشوِّق لرويتك في الجنادرية والظفر ببعض ما احتطبته لأطرد بناره موجات الصقيع التي لا تنفك تتفلَّت علينا من كل جانب في مفازتنا العامرة بصبرها على كلِّ ما يهب عليها من حرٍّ وبرد. عندها ستجدني بوشعي ودعائي انتظرك في إحدى زوايا المهرجان الجنادري النابه بكثيرٍ من روّاده الفضلاء وأنت منهم.
أيها الشاعر المحلِّق في فضاء الإبداع: يسعدني أن أرسل إليك القصيدة التي قدمت لها في ديوان "خمول في زمن الازدهار" بمقدمة تبرر سرعة تردد قوافيها، هي وبعض القصائد المشابهة لها... وإنَّني على ثقة أنها ستجد في أريحيتك وشاعريتك الفذة ما يهدِّي من قلقها الظاهر، ويجعلها تزهو بنفسها ولو لزمن محدود....

طب حيًّا بكلماتك التي وهبك الله إياها، واشكره عليها بكرةً وعشيًا، فهي البلسم الشافي، والدرع الضافي، بعونه تعالى، وإن خِلْتَ الأماني مبعثرة، والأقدار على عنتٍ مقدرة.

أخوكم الداعي لكم بالتوفيق:
ظافر بن علي القرني
الرياض 16/12/2004م.


***

رسالتان بين الشاعرين يحيى السماوي و يحيى السّماوي1.jpg
رسالتان بين الشاعرين يحيى السماوي و يحيى السّماوي2.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى