رسالة من ظافر بن علي القرني الى علي محمد العمير

سعادة الأستاذ الكريم علي محمد العمير حفظه الله
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يطيب لي أن أهديكم ديواني الثالث المسمى "ثمار الإنهاك" بعد أن سعدت من قبل بإهدائكم الديوان الأول (الوطن البعد الذي لا يقاس)، والثاني (الإنسان ذلك الشيء)، وكتاب (تجربتي مع التدخين من القرية إلى القرية). ولعل ديوان "ثمار الإنهاك" في موضوعه من أندر الدواوين المطبوعة، فقصائده تدور حول أحداث العالم الراهنة وإن كان بعضها قد كتب قبل 11/ سبتمبر. وسواء قرأت هذا الديوان أم لم تقرأه فلا تحاول اغتياله بليل، ولا بأس لو تركته يسكن في طبقة من الغبار في أدنى رفٍ من المكتبة، فعسى الله أن يخرج من أصلابكم أيها النقاد من يلتفت إلى بعض هذه المطبوعات ولو بعد أمَّة. إنني من حالكم أيها النقاد في أمرٍ مريج؛ فلقد نُصحت من أحدكم نصيحة عجيبة قال فيها: إن شعرك جميلٌ رائعٌ لكن ماذا لو تحلق به بعيدًا عن قضايا الأمة. فعرفت جانبًا من أسباب النكسة التي يمر بها عالمنا اليوم، والشعر شيء من هذا العالم. وفريق يكتب فيما لم أستسغه من معلومات حتى إنني أصبحت أخلط بين الفاعل والمفعول به، والمفعول معه، من جهة، والفاحل ... ...، من جهة أخرى. وقلت في نفسي ليس لدى العرب أدنى شيءٍ يفتخرون به في الجانب التقني من الحياة، ولهم أن يفخروا، بعد رسالة الإسلام، بما أصَّلوه من مصطلحات جامعة مانعة في جانب الأدب والثقافة. فماذا يبقى لنا إذا خلخلنا مصطلحات هذا الجانب وألحقناه بأخيه؛ لا يبقى لنا إلاّ مهامه لا حياة فيها.

أخي الكريم: لقد أنرت لنا السبيل بمقالتك المنشورة في ملحق الأربعاء تاريخ 17/ 8/1328هـ المعنونة بـ: "غياب دعم ثقافتنا سببه آفة اللجان" وتذكرت بعض المعاناة التي لقيتها من كثرة هذه اللجان وغلبتها، لدرجة أنني افترحت على زملاء المهنة تشكيل لجنة نسميها: "لجنة متابعة اللجان" لعلنا نخرج من هذه اللجان بفائدة. ولما فشلت هذه الخطة وتفاقم أمر اللجان بشكل مريع، عدت واقترحت لجنة أخرى نسميها " لجنة مكافحة اللجان" فراقت لهم هذه الأخيرة، وأصبحت بفضل دعمهم لها هي أم اللجان بلا منازع، وإن كانت لا زالت تعمل في الخفاء. أقول يا أخي الكريم: إن بلدًا يعاني فيه مثقفوه من الفقر، فقير في التقنية وإن تظاهر بغير ذلك. ثمَّ قل لي يا رعاك الله ما نوع التقنية التي يمكن للإنسان أن يبنيها بغير الكتاب؟. هل أبادر إلى الإجابة فأقول إنها تقنية الإفلاس أو تقنية الخور. ونفع الكتاب لا يكون إلاَّ مع الإخلاص. انظر إلى موسوعة الأدب السعودي كيف أتت كرجلٍ شامخ قوي لكنه أعور، وربما حادثته فتلعثم في كلامه فكان غير مبين. أقول لعل آفة اللجان أدركت هذه الموسعة فأوسعتها همًا. دم سعيدًا وتقبل تحياتي.

د. ظافر بن علي القرني

أستاذ هندسة علوم المساحة
جامعة الملك سعود. الرياض

ملاحظة: قد أشار الأستاذ العمير إلى ما أهديته من كتب، في عموده في جريدة عكاظ آنذاك، وعلَّق على بعض ما جاء في هذه الرسالة أو رسالة سابقة لها. وعساني أنَّ أجد ما كتبه، فأضعه هنا في الموقع. وقد أيضًا أن أسجّل تاريخ هذه الرّسالة لكن فيها من الحوادث ما يشير إليه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى