رسالة من حنا مينة الى الفنان عايد فرحة

الصديق العزيز الفنان عايد فرحة
بعض القول لا يُحكى فيضمر , ينبض حرارة في الكف , حين هي , في الكف الأخرى, وللمرة الأولى بين عاشقين , ظمأ لا ريّ معه , ويتراءى , في رحلة الغروب , على بياض العين , في دفقة الشبق ,ونخادع النوم , كي نتمكن من اقتناص الرغبة الشهاء , وإبقائها في السريرة , خاطرة ولا أحلى , ونصغي إلى فاغنر , حارقاً ومحترقاً , في اللحن الثائر , ونرى إلى اللوحة في انجذابٍ لا يقاوم , لأن الله , تبارك ,أعطى للأنامل سر الإبداع , ثم نحاول , نحاول لا أكثر , أن نتفلسف , ملعونةٌ كل فلسفات الأرض , في شرح مالا يشرح , بقعة الضوء هنا , توهج الألق في هذا الخط هناك تكوكب المجرة في صنع هالة مريم العذراء أوابنها الفادي حول الرأس.
أيها الفنان المبدع!
نثرك شعر , و به حاولت تعزيز محبتك لما بين يديك من رسم , فكان التكامل ثرياً , والإيحاء قويا , والترميز جميلا , جمع إلى بياض الشاربين نضارة الوجه , وفي هذا , للوهلة الأولى , تناقض , لكنه , في الدلالة , كسرٌ للزمن , فقد يكون الشارب ابيض والعين برقاء , وتكون وسامة الوجه انعكاسا لخفق القلب , والفرح , في مشحة الفرشاة , انتصارا للحياة على الموت , والشباب , في نضارته , استعصاءً على الفناء !
إنني لست ناقدا تشكيليا , لكن اللوحة , المشغولة بريشة الإعزاز , جعلت من الوجه المرسوم بدقة , ما تتمنى أن يكون , أو أن يبقى , أو يراه المشاهد المتأمل , الآن وفي مقبل الأيام , على بهاء كان يوماً , ثم تناهبته صروف الأيام , وبقعة الضوء , المضمرة إسراراً , ترفض هذا الواقع , هذا المألوف , هذا الإعتراف بالوهن , أو بقتامة الشيخوخة , راغبة في قتل العادية , واثبات ما هو غير عادي , أي الروح التي لا تشيب , وليس للزمن عليها سلطان !
استطيع , على هذا النول من القول , أن انسج عباءة للتحدي الذي أكدته اللوحة , وعندما يرحل الشخص الذي أبدعته هذه اللوحة , الجميلة والمعبرة , سيكون في وسع الناس أن يقولوا إن فلاناً حيٌ باقٍ ,
وهكذا لا يكون موتي هو نهايتي , بل إنه غيابٌ بالجسد وحضورٌ في الغالية .
أبارك , صديقي الرسام المبدع , أناملك , متمنياً لك الصحة والعمر الطويل , شاكراً السقيلبية الحبيبة التي أنجبتك , و التي كانت , وستبقى , رسالة هوى إلى أهل الهوى .
حنا مينة
1/7/2007

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى