عزيزي الأستاذ أنيس منصور
لقد بدأت حياتي بكتابة المقال، فكتبت بصفة متواصلة بين عامي 1928 و1936 مقالات في الفلسفة والأدب في المجلة الجديدة والمعرفة والجهاد اليومي وكوكب الشرق. ثم اهتديت إلى وسيلتي التعبيرية المفضلة وهي القصة والرواية. ولو كنت صحافيا لواصلت كتابة المقال إلى جانب القصة والرواية، ولكني كنت ومازلت موظفا، فلم يكن شيء يرجعني إلى المقال إلا ضرورة ملحة، يضيق عنها التعبير القصصي. وأعترف لك بأن هذه الضرورة لم توجد بعد، فأنا لا أعد نفسي من أصحاب الرأي ولكن من زمرة المنفعلين بالآراء، ولذلك فمجالي هو الفن لا الفكر، وثق بأنه لو أخرجني الله من الظلمات برأي شخصي يمكن أن أنسبه إلى نفسي لما ترددت لحظة في تسجيله في مجاله المفضل بل الوحيد وهو المقال. ألا ترى “جرييه” صاحب رأي في الرواية الجديدة؟ وكذلك يونسكو بالنسبة للمسرح؟ ولكن ما حيلتي إذا لم يكن عندي رأي جديد؟ قضى ربك أن أكون من أصحاب القلوب لا العقول، ولا مناص من الرضا بقضاء الله.
نجيب محفوظ
لقد بدأت حياتي بكتابة المقال، فكتبت بصفة متواصلة بين عامي 1928 و1936 مقالات في الفلسفة والأدب في المجلة الجديدة والمعرفة والجهاد اليومي وكوكب الشرق. ثم اهتديت إلى وسيلتي التعبيرية المفضلة وهي القصة والرواية. ولو كنت صحافيا لواصلت كتابة المقال إلى جانب القصة والرواية، ولكني كنت ومازلت موظفا، فلم يكن شيء يرجعني إلى المقال إلا ضرورة ملحة، يضيق عنها التعبير القصصي. وأعترف لك بأن هذه الضرورة لم توجد بعد، فأنا لا أعد نفسي من أصحاب الرأي ولكن من زمرة المنفعلين بالآراء، ولذلك فمجالي هو الفن لا الفكر، وثق بأنه لو أخرجني الله من الظلمات برأي شخصي يمكن أن أنسبه إلى نفسي لما ترددت لحظة في تسجيله في مجاله المفضل بل الوحيد وهو المقال. ألا ترى “جرييه” صاحب رأي في الرواية الجديدة؟ وكذلك يونسكو بالنسبة للمسرح؟ ولكن ما حيلتي إذا لم يكن عندي رأي جديد؟ قضى ربك أن أكون من أصحاب القلوب لا العقول، ولا مناص من الرضا بقضاء الله.
نجيب محفوظ