لطيفة زهرة المخلوفي - الحريم في كتابات فاطمة المرنيسي.. الحلقة السابعة

الحلقة السابعة


تنطلق "رحاب منى شاكر" في معرض حديثها عن الحريم الاوروبي، من ما رافق ترجمة السيرة المتخيلة "نساء على أجنحة الحلم"، حيث قامت المرنيسي بجولة في أوروبا للترويج لكتابها. وأثار انتباهها أن معظم الصحفيين الرجال الذين قاموا باستجوابها كانوا يبدأون بالسؤال التالي: "أنت ولدت في حريم إذن؟". ويرفق بابتسامة غير بريئة تعلو وجوههم جميعا.
كانت المرنيسي تستغرب كيف يمكن لهذه الكلمة الحبلى بالألم أن تثير الضحك، وما هو الطريف في موضوعة الحريم؟.
انطلاقا من هذا السؤال، بدأت المرنيسي رحلة بحث طويلة أدت إلى خط كتابين، الأول عبارة عن خربشات لأفكار تبلورت في الكتاب الثاني.
ومن هنا، استحضرت النسوية السورية "رحاب منى شاكر" اسهامها في تعقب خطوط الحريم الأوروبي من خلال كتاب "شهرزاد ترحل إلى الغرب" الصادر 2001. والذي حاولت المرنيسي عبره فهم الرجل الغربي من خلال الفن وبعض ما كتبه الفلاسفة. تقرأ كانط مثلا، فيلسوف التنوير، وتستغرب فصله بين الجمال والذكاء : المرأة عنده تكون إما جميلة أو ذكية. يا له من خيار فظيع تواجهه المرأة الغربية إذن.
وتتوصل المرنيسي إلى استنتاج تعميمي بأن الحريم الأوروبي لا يقسم العالم إلى خاص (للنساء)، وعام (للرجال)، وإنما يفصل بين الجمال (للنساء) والذكاء (للرجال). ويا لها من عملية انتحار إذن حين تحاول المرأة تطوير ذكائها ومعرفتها.
وفي معرض مشاهدة المرنيسي لأفلام الحريم في الهوليود، لا تشاهد سوى الأمراء الراضين جدا عن أنفسهم، والجاريات المتحلقات من حولهم دون حقد أو شكوك. كما تمعنت في لوحات إنغر وماتيس وبيكاسو المكتظة بالنساء العاريات أو نصف العاريات، والمستسلمات لنظرات الفنانين الذكورية. معظمهم كانوا مولعين بالمحظية التي استوردتها مخيلتهم من بلاط السلطان العثماني لتطري بخضوعها على بطولاتهم الشخصية. لوحات مليئة بالنساء الشرقيات المضطجعات على الأرائك المخملية، أو المتكدسات في الحمام التركي، واللواتي يوحين بالسلبية الجنسية، ولا يشكلن خطرا على الناظر إلى الحريم المتخيل. المتلصص على لوحات الحريم يشعر بالأمان بشكل عام.
أما الرجل العربي أو المسلم، بحسب المرنيسي، فيداهمه الإحساس بالخطر حين يكون وسط حريمه، وبالكاد يخفي خوفه من النساء اللواتي سوف يستخدمن قدراتهن الكامنة عاجلا أم آجلا.
الحريم الأوروبي (المتخيل) حسب المرنيسي لا يشبه الحريم الإسلامي في شيء، إنه صورة مبسطة ومشوهة عن الأصل، ولا يعبر سوى عن الرجل الغربي وعلاقته مع المرأة. وهنا تتساءل المرنيسي ما إذا كان العنف الممارس ضد المرأة في الحريم الإسلامي نابع عن الاعتراف بأنها كائن يملك عقلا خطيرا، وما إذا كان الارتياح عند الرجل الغربي نابع عن تصور المرأة ككائن عاجز عن التفكير والتحليل.
وفي ذات السياق ترى المرنيسي الحريم الإسلامي مكاني بالدرجة الأولى ويفصل بين الداخل والخارج، أما الحريم الأوروبي فهو زماني، ويفصل بين اليفاعة والتقدم بالسن. الأول يحجب المرأة بعيدا عن ميادين الحياة العامة، أما الثاني فيحبسها في طور الطفولة وينبذها عندما تنضج.


1631024610531.png




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى