رسائل الأدباء ثلاث رسائل من الروائي حيدر حيدر الى ذ. عبدالحميد شكيل

1)

الصديق القديم والدائم عبد الحميد شكيل

في الذاكرة لقاءاتنا في عنابة وحواراتنا التي لا تنسى رغم البعد والإيغال في الزمن .
مياه كثيرة عبرت تحت جسر الزمن لكن الذاكرة- التاريخ ما تزال حية. رسالتك_ البطاقة نفحة عطرة في فضاء هذا الفساد وروائحه الكريهة.
أنعشتني، كما أسعدتني أنك مازلت حيا في خراب هذا الموت الذي يطوف بالجزائر اليوم.
أيها الصديق أنت تعرف مقدار الألم والمرارة الذي يلفحني وأنا أسمع أخبار ما يجري من وحشية وبربرية، خاصة ما يصيب المثقفين والصحفيين على يد أولئك القتلةوالهمجيين.
هنا في سوريا الجميع من الذين عاشوا زمنا في الجزائر أو لم يرحلوا إليها، يصرخون ألمًا لما يجري فوق أرض الشهداء.
ومن نافل القول أن أقول لك بأن المثقفين الشرفاء هم الأكثر حزنا ومرارة
مع هذه الرسالة تصلك نسخة من" غسق الآلهة" وهي آخر عمل صدر لي. بين حين وآخر آمل أن أسمع أخبارك السارة ، كما أعدك بإرسال ما يصدر لي من جديد.
تحياتي الحارة لك وللأصدقاء من حولك. عناقي لعنابة وفلّة و" الكور" ساحة الوليمة وآسيا الاخضر ومهدي جواد صديقك
مع المودة والحب..حيدر حيدر.
_______________________________
☆ هذه الرسالة غير مؤرخة، لكنها تشير إلى فترة التسعينيات


1631057129761.png



1631057280845.png

=============

☆ رسالة الروائي: حيدر حيدر《2》

• الصديق الحميم عبد الحميد شكيل

تحية من الأعماق. لا بد أنني تأخرت وتكاسلت في الردّ على رسالتك التي تترك القلب منفطرًا ،والروح في منفى من الغربة حتى داخل الوطن .
الحياة البشرية في بلاد العرب تشبه سفينة كسرتها الرياح في خضم هائج لا مرسى له.لكنها في الجزائر العزيزة محاطة بالأقراش ورائحة الدماء.
في الذاكرة بونة- عنابة الزمن القديم، لكنها الآن كما عبّرت ترشح كآبة وألما وجراحا.
إننا نتساءل بحرقة الروح متى ينجلي هذا الليل الأسود عن جزائر الشهداء وأمثولة الكفاح في تاريخ العرب المعاصر؟
• عزيزي عبد الحميد ، وصلتني مخطوطتك الشعرية، قرأتها واستمتعت بها ، ولكي أكون صادقا معك أقول بأن حظ نشر الشعر هنا صعب عبر دور النشر الخاصة.
هنا اتحاد الكتاب يساعد في النشر إذا كان الأديب عضوا في الاتحاد، ومع أنني لست عضوا في الاتحاد،وأنت أيضا فسأحاول عبر بعض الأصدقاء الأعضاء في الاتحاد العمل على نشر ديوانك.
رغم أن الأمل ، كما يبدو لي، سيكون ضعيفا، خاصة وأن سمعتي في الاتحاد كمعارض له، تبدو سيئة وغير مرغوب بها.
أهديك تحياتي وأشواقي وللأصدقائك حولك، آملا لكم النجاةوالبقاء أحياء في خضم هذا الجنون الدموي والبربري واللاإنساني.
مع مودتي العميقة
حيدر حيدر 26/04/1998


1631657073229.png
___________________________


رسالة الروائي العربي: حيدر حيدر《3》

° الصديق الحميم والشاعر الشفاف عبد الحميد ، كيف أنت بعد هذا الغياب؟ وكيف أصحابك أصحابنا القدامى؟ وكيف بونة الحزينة؟ وكيف الجزائر الجريحة؟
زمن هو الدهر على مايبدو عبر فوقنا وفينا ونحن في غياب
ثمة أحاسيس يصعب التعبير عنا حول الأشواق ورغبة اللقاء، لكن الزمن يرمينا في المتاهات والفواجع على مستوى الذات والوطن.
° لابد أنني تأخرت وتكاسلت في الرد على رسائلك،ووصول ديوانك الجميل إليّ بعد زمن.
لا أعرف كيف أشكرك على ماكتبت عن فلّة وحيدر وبونة وردة الروح من خلال ألقك الروحي، وحبك السريالي للوليمة.
°ثمة ظروف صعبة وصدمات خاصة عبرت روحي وحياتي كانت السبب في تأخري عن مراسلتك لا أريد أن أصدّعك بأحداثها ، منها وفاة ولدي الشاب وافد، وقاك الله المصائب أنت وأصدقاؤك، علما بأنني أعرف كم تعانون من الجرح الكبير للبلد الدامي.
° عزيزي عبد الحميد أرسل لك مع الرسالة نسخة من مراثي الأيام بعد أن توافرت لدي نسخ منها،آمل أن تصلك ولا تُنهب في البريد.
° لديّ دعوة مفتوحة من قبل مديرية المكتبة الوطنية في الجزأئر لا أدري إن كان الوقت ومتى يسمح بتلبيتها.
◇ سأعلمك قبل السفر إذا قررت.
مع تحياتي ومودتي لك وللأصدقاء جميعا/ حيدر حيدر.
٦/ ١٢/ ٢٠٠٣








1631657107556.png

تعليقات

في قراءتنا لهذه الرسائل الثلاثة للفقيد حيدر حيدر التي أذن لي الشاعر الجزائري المتألق السي عبدالحميد شكيّل بتقاسمها مع قراء الانطولوجيا، نكتشف بعض جوانب الحياة الموازية للكاتب المتسمة بالتواضع المفرط والحميمية والرقة، مستذكرا بعضا من لمحات مروره بالجزائر أستاذا مساهما في عملية التعريب والتدريس، دون أن تحلو من نتف من أفكاره ومواقفه مما يجري في الوطن العربي من مآسي وفواجع العشرية السوداء القاتمة التي كادت ان تعصف بالقطر الجزائري وتدخله دوامة الضياع.
الرسائل هي الوسائل، تجمع بين السرد القصصي، والسيرة الذاتية والغيرية، والخاطرة، والمقالة بكل انواعها، والريبورتاج الصحفي وكل شيء
 
أعلى