خمس رسائل بين غراهام غرين و بيتر ليسلي

- خمس رسائل بين غراهام غرين و بيتر ليسلي

بيت توريت
66 بيثيل ستريت
نوريش إن – أو - آر 75 - إي ( 6 )
19 آب 1969

عزيزي غراهام غرين ،
منذ عدة شهور قرأت لأول مرة كتابا جمعت فيه مقالاتك ، و هوالطفولة الضائعة. لقد أحيا في الذاكرة الصدفة السعيدة التي جمعتنا برحلة من ريجا إلى تالين عام ( ؟ )193 .
بين فندق روما و ريجا و حتى المطار اشتركنا بتاكسي واحد ، و اكتشفنا أننا كلينا من المخلصين لكتابات هنري جيمس. و على ما أذكر أنت أخبرتني أنك لم تقرأ بعض أعماله ، و بالتحديد في القفص ، و تحتفظ بها إلى أن يتقدم بك العمر. و كان ردي عليك أرجو أن نستمتع بها كأصدقاء قدامى حين يصبح لنا من العمر عتيا.
موضوع هذه الرسالة إذا هو الاستفسار فيما إذا كنت ترغب بالحصول على الطبعات الأولى من أعمال هنري جيمس المبكرة. و هي : الحاج العاطفي ( 1875 ) ، نصوص عبر الأطلنطي ( 1875 ) ، الأمريكي ( 1877 ) ، و الشعراء و الروائيون الفرنسيون ( 1878 ). أعتقد أن هذه كلها بطبعة أولى. بحوزتي أيضا صورة لسيدة ( 1882 ) و بمجلد واحد. و كانت أصلا في جزئين. هذه الكتب كلها أساسا هي من أملاك السيدة جوليا ريفيليون ، ابنة أخت لجيمس ويسلير. و قد وافتها المنية عام 1930 و ورثت ذلك عنها ـ في أعقاب وفاة ابنها جوزيف ويسلر ريفيليون عام 1955 . [ جوزيف ابن جوليا ريفيليون مهندس مدني ، و على علاقة مع عدد من أصدقاء عائلة ويسلر و مؤيديها ، و منهم بيتر ليسلي ] .
ليس لدي الاهتمام بمسألة الطبعات الأولى ، و لكن أود أن أتقدم بها إلى من يقدرها. لدي يضا أجزاء غريبة ( 1883 ) ، لوحات تصويرية لأمكنة ( 1884 ) و نزهة قصيرة في فرنسا ( 1885 ) و بطبعة تاوشنيتز الأصلية. و سوف أكون سعيدا جدا بإرسالها إليك لو لديك الرغبة. لقد بلغت الآن مرحلة الشيخوخة و وصلت إلى 86 عاما ، و ليس بين أصدقائي الأحياء من يقرأ هنري جيمس ، لذلك فكرت بالكتابة إليك.
المخلص
بيتر ليسلي

ملحوظة : أنا على وشك مغادرة إنكلترا " للعلاج " في النمسا و رومانيا ، و لو أرفقت مع جوابك مظروفا له طابع بتسعة بنسات ، سوف يحول إلي ، و لدى عودتي إلى نوريش في بواكير تشرين الأول أرسل لك الكتب.
ب. ل.

*****

3 أيلول عام 1969 بوليفارد ماليشيربيس، باريس

عزيزي ليسلي ،
كم هو مفرح أن أسمع منك بعد كل تلك السنوات، أذكر دائما لحظاتنا في الطائرة بين ريجا و تالين. حينما اكتشفنا أننا نقرأ عملا واحدا لهنري جيمس من طبعة ماكميلان ـ حجم الجيب . يا إلهي ! أنت لم تفطن أبدا على مكان المبنى الذي كنت أبحث عنه في تالين بناء على توصيات من مورا بيرغ و الذي لم يخرج عن نطاق عائلة واحة لخمسمائة عام. لقد غمرتني بمشاعرك الطيبة حين قدمت لي تلك الطبعة الأولى. بحوزتي عدد من بواكير جيمس ـ من ضمنها في القفص ، و لكن ليس تلك التي ذكرتها بالذات و يسعدني أن أزف إليك نبأ قبولها. فهي سوف تجد عندي بيتا آمنا. أنا الآن أعيش في فرنسا و لكن أتساءل هل من الممكن إرسالها إلى سكرتيرتي الآنسة ريد و عنوانها 9 بو ستريت ، لندن ، دبليو – سي 2 ، أنا كثير الحركة. و أتساءل أيضا هل من احتمال أن تزورني هنا في باريس يوما ما ؟. يدهشني أن أسمع منك أنك في الثامنة و الستين. لا زلت أكد نحو العام الخامس و الستين من العمر ، لم أكن بالغ الذكاء إلى درجة ألتفت بها إلى عدد السنوات التي تفصل ما بيننا.
المخلص
غراهام غرين

ملحوظة : تعويضا متواضعا عن هنري جيمس ، سأطلب من سكرتيرتي أن ترسل إليك نسخة من ( مقالات مختارة ) و التي صدرت منذ أيام.

*******

في 16 تشرين الأول عام 1969

عزيزي غراهام غرين ،
شكرا على رسالتك الودية و الرقيقة المؤرخة في الثالث من أيلول. لقد وصلتني إلى النمسا. أنا سعيد لأنك تتذكر صحبتنا المبهجة في بلدان البلطيق . غير أن الخطأ الوحيد الذي ارتكبته هو عن المبنى الذي يعود إلى خمسمائة عام سلفت : ربما ذكرت لك مورا بودبيرغ ذلك ذات مرة ، و لكنه في زمني كان مجرد صيدلية ( أبوثيك ) في ساحة رودهاوس [ الصيدلية في موقعها حتى الآن في ريكيوجا بلاتس ، و هو الاسم الجديد لذلك الميدان الأستوني. على امتداد عشر أجيال و منذ عام 1585 كانت ملكيتها تعود إلى العائلة الهنغارية ذاتها ]. و أنا مسرور أن أعلم أنك تعيش في بوليفارد ماليشيربيس. و أحبذ أن أتصور أنك في البيت نفسه الذي سكنه شاد نيوسوم ، و أنك تتريض على الشرفة مثل ليتل بيلهام ، و تراقب تيار الحياة في باريس و هو يمضي قدما. إنها لفتة كريمة منك أن تدعوني إليك يوما ما.
لقد تجنبت باريس في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة ، و بالعادة أسافر إلى النمسا ، و أزورها سنويا ، مرورا بهاريش ( 7 ) و الهوك ، كي أتحاشى لندن أيضا.
هذا العام كنت كذلك بعيدا ، و في أعقاب علاج صدري في بادغليشينيبرغ في ستايريا رحلت جوا إلى بوخارست ، و هناك مكثت للمرة الثانية في عيادة الدكتورة أنا أسلان ، و خضعت لعلاج إحيائي. أعتقد أنه أفادني كثيرا ، مع ذلك ، لا زلت أعاني من الأماكن غير المناسبة [ عيادة الدكتورة أسلان للعلاج الإحيائي موضع نقاش في بوخارست و يعتقد أنها تبطئ و أحيانا تعكس عملية الشيخوخة ]. لقد كتبت نبذة عاجلة منذ قليل إلى سكرتيرتك الآنسة ريد ، ألفت انتباهها إلى أن ستة مجلدات من هنري جيمس هي في الطريق إليها بعناية خاصة من السيد كراو ، بائع كتب مستعملة ، و هو رجل من الجوار.
كذلك أقررت فيها باستلام إصدارك الأخير ( مقالات مختارة ) ، و هذا أمر أشكرك عليه جدا. و سوف أقدره ما حييت.
لاحظت أنك دائم الترحال ، و هذا شأني. و أقدر أنني سأستقر لستة شهور سنويا في بيتي بتوريت. و لدي رغبة شديدة بالسفر هذا الشتاء إلى جنوب إفريقيا ( حيث أمتلك حفنة من النقود ). و لكن لم أتقدم قلامة ظفر بهذا الخصوص حتى الآن ، بسبب المشاغل. و إنه من المستبعد أن أحضر إلى باريس في الوقت الراهن. لو أنك حضرت إلى نوريش ، يسعدني أن أستضيفك في منزلي المتواضع ، لو كنت حاضرا.
مع تمنياتي
إلى الأبد
بيتر ليسلي

*******

عزيزي ليسلي
شكرا لرسالتك. و أنا أتطلع بشوق لاستلام كتبك. لقد نسيت تماما أن شاد نيوسوم يقطن في بوليفارد ماليشيربيس. و أنا على يقين أن النهاية ستكون في مكان ما قرب حديقة مونصو ( 8 ) ، فهي مسرح أساسي لعدد كبير من جرائم الأشباح المتخيلة. كنت في رومانيا منذ عدة سنوات و سمعت مرارا عن دكتورة أسلان ، و لكن بعد أن رأيت ما حدث لسومرست موم على يدي الأفاق السويسري أنا مضطر لإعادة النظر بالعمل الإحيائي!. على كل حال أنا متأكد أن الدكتورة أسلان أفضل من ذلك الرجل ( الدكتور نيهانس ) الذي أنسى اسمه دائما باللاشعور الفرويدي. شقيقي هيو يعيش في إيست أنغليا ( 9 ) , نحن لسنا علامي غيوب ، ربما يوما سوف أتمكن من زيارتك في نوريش.
أمنياتي الطيبة
صديقك ،
غراهام

*****
8 تشرين الثاني عام 1969
أونتيب .

عزيزي ليسلي
و صلتني مجموعة من ستة لجيمس بأمان إلى أونتيب ، و قد بدأت بإعادة ترتيب رفوف مكتبتي لأضعها في مكان لائق. في الواقع ، ألحقتها بمجموعة من عشرة تعود للطبعة الأولى أيضا. إنه الآن بحوزتي قوس رائع منها حقا. ليس بوسعي أن أخبرك كم أنا مدين لك. صدفة غريبة ، أنه بعد وصول رسالتك عن جيمس استلمت رسالة من صديقة قديمة تعيش في أمريكا كانت ذات مرة مديرة لأعمالي تسألني إذا كنت أحب الحصول على صورة فوتوغرافية لجيمس موقعة بخط يده ، كان حصل عليها والد زوجها بسبيل الإهداء. لدي أمل أن هذا الإعصار من مقتنيات جيمس سوف يستمر بالتدفق نحوي.
أنا الآن بعطلة لحوالي عشر أيام سأذهب فيها إلى أنا كابري ، و لكن أرغب لو أن القدر يضعك يوما ما في الطريق باتجاه باريس أو أونتيب.
يا لأيام السعادة في أستونيا. لقد وقعت في مشادة مع دليلي الشيوعي ذات مرة في لينينغراد حينما اتهمت قادتها بالنزوع الاستعماري. أنا أبغض العودة ( إلى تالين ) حاليا.
إلى الأبد
غراهام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى