سامح عسكر - المرأة في الفكر البشري القديم

البشر البدائيون حين صاغوا علاقة الجنس بين الذكر والأنثى كان بمبدأ (الجنس مقابل المال) قصة الحب والعشق كانت مخيالا عند البعض لتعويض نقص الحب بين الأزواج الناتج من مادية العلاقة أصلا، لذلك فقصائد وقصص الحب البدائية وبالعصور الوسطى لم تحدث بين الأزواج..إنما بين العشاق سواء كانوا عازبين أو خيانة زوجية، وظلت هذه القاعدة (الجنس مقابل المال) طوال آلاف السنين ومنها ظهرت مهنة الدعارة لتكون موردا لبعض رؤوس الأموال خارج مؤسسة الزواج.

ومادية العلاقة هذه لم تكن مال فقط، بل أي مواد تصلح للاستهلاك سواء كان طعاما وشرابا أو قرابين للآلهة في المعابد، لذلك كان الجنس يحدث أحيانا في المعابد ليس قربانا للآله بحد ذاته ولكن مقابل أي سلعة تصلح لأن تكون قربانا.

هذا كان وضع المرأة قديما ولم يتحسن سوى في القرنين 19، 20م مع الثورة الصناعية الكبرى ، واضطرار البشرية أن تعمل النساء في المصانع ومن ثم تساوت الرؤوس بتساوي الإنفاق حتى صارت المرأة كالرجل في امتلاك الثروة، ولمن يريد فليطلع على (مدونة الإمبراطور الروماني جستنيان/ قسم النساء والزواج) التي تقول أن المرأة بالدولة الرومانية هي نفسها المرأة في التراث العربي والإسلامي.

والمرأة اليهودية كذلك في التناخ نفس الصورة، وفي سفر التكوين أمر يهوذا أن تُحرَق زوجة إبنه الأرملة وهي حُبلىَ من الزنا بقوله " فها هي حبلى من الزنى، فقال يهوذا أخرجوها فتُحرق " (تكوين 38 : 24) وفي سفر التثنية أمرا صريحا بالقتال واستعباد نسائها وسبيهن بعد ذبح جميع الذكور بقوله "حين تقترب من مدينةٍ لتحاربها استدعها للصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإذا لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحدّ السيف " (تثنية 13 – 10 :20) كذلك جواز حماية المغتصب بعد تغريمه ثم زواجه من ضحيتها بقوله "إذا وجد رجل فتاة عذراء غير مخطوبةٍ فأمسكها واضطجع معها، فوُجِدا يعطي الرجل الذي اضطجع معها لأبي الفتاة خمسين من الفضة، وتكون هي له زوجةٌ من أجل أنه قد أذلّها، لا يقدر أن يطلقها كل أيامه!" (تثنية 22 : 28 – 29)

نفس الصورة في المخيال الروماني والعربي الإسلامي الأول قد ورثه اليهود أيضا فترة من الزمن قبل إصلاح هذه المُخيّلة على يد الفلاسفة وتهذيب الرؤية الدينية اليهودية للتناخ بالقرون الوسطى، التي فتحت الباب لاحقا للشك في الكتاب المقدس كله وإزاحة القائمين عليه من السلطة ومواقع الحُكم..

الفارق أن المرأة تحررت في الغرب بعد علمنة الدولة وشيوع مبادئ حقوق الإنسان ومن ثم المساواة في القرن 20م، بينما لدينا ما زالت المرأة لا تغادر – غالبا - وضعها في القرن 7 م بالتشريعات، وانظر معي حضرتك ماذا قال التراث العربي والإسلامي من نصوص مقدسة التي سميت (بالسُنّة) في المذهبين السني والشيعي، فقد اخترت منها 30 حديثا مقدسا يمثلون تشريعات وثقافة المسلم تجاة الأنثى، علما بأنهم مئات الأحاديث لكني اخترت الأشهر منها، وستجد أن جميعها ذكورية المنشأ وتحوي أوامر صريحة بعبودية وطاعة الأنثى المطلقة للذكر واعتبارها ملكية خاصة للزوج وولي الأمر لا يجوز لها التصرف من تلقاء نفسها:

1-أيما امرأة تطيبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها
2-أيما امرأة تزوجت بغير اذن مولاها فنكاحها باطل
3-أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه لعنها كل شي ء طلعت عليه الشمس و القمر إلى أن يرضى عنها زوجها
4-لو أمرت أحدا يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
5-أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة
6-أيما امرأة تطيبت ثم خرجت من بيتها فهي تلعن حتى رجعت إلى بيتها متى ما رجعت
7-أيما امرأة تطيبت، ثم خرجت تريد المسجد لم تقبل لها صلاة، ولا كذا، ولا كذا حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة
8-ليس للنساء من سروات الطريق شيئا و لكنها تمشي من جانب الحائط و الطريق (يعني ممنوع النساء يمشوا في وسط الطريق بل بجانب الحائط)
9-أيما امرأة استعطرت و خرجت ليوجد ريحها فهي زانية و كل عين زانية
10-أيما امرأة استعطرت، فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية
11-أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيتها، فقد هتكت ما بينها وبين الله عز وجل
12-اللهم أيما امرأة دخلت الحمام من غير علة، ولا سقم تريد بذلك أن تبيض وجهها فسود وجهها يوم تبيض الوجوه
13-أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة
14-إن المرأة مثل الضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن تركتها اعوجت، فالبس أهلك على ما فيهم (أمر صريح بضرب الزوجات والشدة عليهن للاستقامة)
15-أيما امرأة تزوجت عبدها أو تزوجت بغير ولي فهي بمنزلة الزانية (لأن المرأة عند العربي وقتها كانت جارية لا يحق لها التصرف من تلقاء نفسها)
16-أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة
17-أيما امرأة تقلدت بقلادة من ذهب، قلدت مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصا من ذهب، جعل في أذنها مثله من النار يوم القيامة
18-لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: كذب الرجل امرأته ليرضيها، أو إصلاح بين الناس، أو كذب في الحرب
19-أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيها شاءت
20-أيما امرأة قالت لزوجها : ما رأيت قط من وجهك خيرا فقد حبط عملها
21-أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع
22-إذا باتت المرأة هاجرة لفراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح
23-إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح
24-لو أن امرأة مصت أنف زوجها من الجذام، حتى تموت ما أدت حقه
25-إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته، وإن كانت على التنور
26- ثلاثة لا تقبل صلاتهم: المرأة تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، والعبد الآبق، والرجل يؤم قوما وهم له كارهون
27- إن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذنه
28- أشد الناس عذابا اثنان: امرأة تعصي زوجها، وإمام قوم وهم له كارهون
29- يا معشر النساء، لو تعلمن حق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن وجه زوجها بنحر وجهها
30- إن المرأة إذا خرجت من بيتها، وزوجها كاره لذلك، لعنها كل ملك في السماء، وكل شئ مرت عليه من الجن والإنس، حتى ترجع.

نكتفي بهذا العرض..علما بأن الأحاديث المقدسة المهينة للأنثى بالمئات، لكن هذه عينة بسيطة تقول بأن القاعدة بين الجنسين هي (الجنس مقابل المال) ولذلك اعتبر فقهاء المسلمين قديما باعتبارهم مقلدين حرفيين لبعضهم أن مجرد دفع المهر هو أمر صريح للزوجة بممارسة الجنس ولو بغير رضاها، يعني اغتصاب عيني عينك بالتمتع مع المرأة رغما عنها، ولذلك قال الفقهاء أن المرأة إذا امتنعت عن ممارسة الجنس ليس لها نفقة..أي لا حقوق مادية لها على زوجها لما قلنا أن القاعدة الأصلية هي (الجنس مقابل المال)

وفي ذلك يقول الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق "ليس للمرأة التي تمتنع عن زوجها إذا طلَبَها نفقةٌ ولا حقٌّ حتى ترجع عن هذا النشوز، فإن أطاعت ورجَعت إلى الحق، وإلا انفَصَلَت عنه بلا حقوق" (فتاوى عبدالحليم محمود صـ 466)

أنظر هذا اعتراف صريح من الشيخ - ورثه من أئمته - بأن العلاقة مادية بحتة، مفيش جنس..إذن مفيش فلوس، عصيان في الفراش..إذن لا حقوق مادية، هذا بكل ببساطة، وما فعله السرسجي هو تقديس هذا التراث فقط واعتباره دينيا إسلاميا وتشريعا إلهيا..بينما هو ثقافة قرووسطية نسبوها لله زورا، فلولا أنهم عطّلوا العقل ومنعوا الاجتهاد ما وصلوا إلى تلك الحالة بتشريع اغتصاب الزوجات وإرغامهن على الجنس إجباريا دون اعتبار لحالتها النفسية والمزاجية..

أما عن تأثير هذه الفتوى فهي مؤثرة فقط بالنساء القرووسطيات ، أي اللاتي يؤمن بقدسية التراث والأئمة ..فتجد أن نساء الجماعات والأحزاب الإسلامية يؤمنون بهذا الاغتصاب ويعتبروه أمرا طبيعيا، فجسدها ليس ملكها – الله يقول ذلك - بل ملك تام للزوج يفعل فيه ما يشاء، وهو سر من أسرار غياب الحب والتفاهم، وكثرة المشاكل الزوجية بين أسر الجماعات لو كنتم تعلمون، فالمُطّلع على حياة هؤلاء عن قُرب يجدها من شدة التنميط وعبودية الزوجات مجتمع مفكك للغاية..وكثرة الزواج المتعدد والطلاق بينهم دليل على غياب هذا الحب والتفاهم، وأن ما تراه من الخارج أنه طاعة هادئة للزوج هو نار كامنة تخرج في المنزل على شكل عنف بكل أنواعه تقريبا..

سامح عسكر



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى