حميد العنبر الخويلدي - مقدمة ديوان (رحيق وشهد) للشاعر المغربي نور الدين المنصوري

وانت في حضرة إهاب (مهب الحضور ). اعلم انك في عالم آخر ، عالم خلقتْه ربوبيةٌ خاصة ، انها ربوبيةُ الشعر والفن الابداعي لا يختلف ابداً عن واقعنا الوجودي ، غير انه منتخبٌ منتقىً، ارادةً واختياراً وحبّاً ، هذا قبل الشروع في اللحظة الكثيفة ، وفي شروع الصيرورة والتكوين مايقابل الثلاثة عوامل اعلاه ، هناك ثمّةَ مواقف يمر بها المخلوق او قل الصورة المبتكرة ، هي موقف الفتون التمحيصي وموقف المؤانسة الامتاعي وموقف المكاشفة وهتك الاسرار ،، اي مرحلة المبادلة بين الطبيعة والفنان فيما وراء الحجاب ،،
وكمثل المبدع ( نور الدين المنصوري ) حين كاشفنا جهراً وسرّاً بهذي المصوغات الماسيْة والصيغ المتقدمة ، اغنانا بمُثِلٍ فَطِنةٍ من الحِسْن الجامع المانع ،
فهل انموذج نتشبّه به ، حين تلمس وتتذوّق ترى وتسمع وحتى تشم رائحة ازاهير وورود النص ، لو كان غرستها روح الفنان إبّان الخَلْق الاعتباري ، نعم انه مختصر نضيج لواقع قطعَهُ المبدعُ إذ شهد عليه وشاهده حلولاً، ومن بعدها حوْله من رقادة الرَّث الكمي الى رقادة قدرة النوعي الباهرة ، حاملاً ملحَه وسخونته وانفعاله وتفاعله من الظاهرة في الشكل الى المضمون في العمق ،،
لقد اصبحنا امام العقد اللؤلؤي التعبيري نلتمس وندرك جمالاً آخراً مصفْىً خالصاً اسمه النص وفعل نُظُمِ التناص ، وما مَثَلٌ بعد التأمّل يشبع غرور المتلقي ، حين يراود هذا المرج التعبيري والموج من المعاني وخطوط المباني ، غيرُ مثل نحلةٍ دؤوبةٍ في وظيفتها ،،
تحطُّ تطيرُ ، تطير تحطُّ من وردة الى وردة تجمع رحيقاً وشذىً ، وما انقى الخامة ،
عطراً مزكىً وندىً ، وماكان ترغب في ان تحيل نفسها ، لتحطَّ على قبحٍ او خشن رديءٍ بالبتة ابداً ، غير اخذ مخزونها وخاماتها لتعتصرها شهدا عسلا نافعاً ، يشفي الابدان ويلذ على الشهية والنفوس ،
شعر نور الدين هذا ، التقانا في الفضاءات الرحبة ، واقعاً تعبيرياً كاشفنا وآنسنا وترك اثرا وارثاً
، وخير ما نقول عنه ،
انه الواقع البديل الذين آل له ، انه العوض الذي دفع بالشاعر ان ينحو بنا له ، غير واقعه الكمي قبل الهجرة ،،ولو عرْفنا الشعر أيّما شعر
لقلنا ( هو اكثار النوعي ) وصنع بهاء المكان ،،

الناقد
ا٠حميد العنبر الخويلدي
حرفية نقد اعتباري ،، العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى