مقتطف شريف محيي الدين إبراهيم - أهل الجنان (فصل من رواية شارع العزب)

رويدا رويدا، إنكم تعصبون أعينكم، ولا تنفكون، تمضون فوق أشواككم .... هل أنتم تشربون من نير طيشكم؟!
أم لعلها هي البنت التي حلت ضفائرها ولعله الولد الذي ترك لها مفتاح الحياة و قد يكون هو شيخ يلهث خلف سرب من حمام وسراب من دخان؟!
قد تدعوه يوما امرأة تلوك في فمها اللبان وترتدي الجينس المتقطع، تمنحه كأس خمر، تمارس معه الفعل المقدس، ويهبها ذلك الطفل الذي يبحث كل يوم عن بيت وشجرة وكتاب.
ينكرون جميعا الضوء ويعبدون ظل البهتان، لأن الشيخ لا يعرف أن الكرسي مصنوع من خشب لا من لؤلؤ، ومرجان.
يزين لنفسه أنه في عتمة الليل سينير الدجى ويصلح من شأن الإنس والجان، يشعل العالم عبثا، ويدعى أنه الواحد، وأنه ليس كمثله إنسان، ينطق الحق بما ليس إلا ظلا لفكرة، لم تكن يوما إلا وقودا لبركان ، لا يتوقف يوما عن رسم خريطة وطريقة وملعب لمباراة يحشدهم جميعا في بوتقة الارتقاء، والصعود للجنان، عمي صم بكم لا يدرون أنهم مجرد طيف أو ظل لنار لم تدع يوما، قدسية.
لم تطلب منهم أن يمنحوا بعضهم زيف بركتها.
هي تضحك، وهي تبرأ نفسها منهم ومن كل لؤم.
هي تنشد حجارة وناس.
ناس هم في درجها الأسفل لا يلبثون أن يهتفوا نحن فقط، نحن ولا أحد غيرنا، أهل الجنان.


--------------------------------------
* (فصل من رواية شارع العزب)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى