نزار حسين راشد - ورود في مزاهر العشق

المدّ يمارس هوايته المفضّلة في محو ذاكرة الرمل،والنوارس تحلّق فوق المشهد في لا مبالاة معلنة،الألفة تحتضن كل شيء وأنا الوحيد الغريب تحت سقف ذلك الأفق المقفل،ولكن لا يبدو أن وجودي يزعج أحداً،فتلك الرحابة تبسط كفها للضيوف العابرين دون تكلف،فالخطوط هنا تمدّ أطرافها نحو اللانهاية،دون تقاطعات ،وقوس قزح يوشّح صدر السّماء بخجل،وكأنه تسلّل إلى المشهد على غفلة من ساكنيه،ولم يبق لي إلا أن أفكّر فيك لأضيف حياة إلى تلك اللوحة الساكنة،ومن لي غيرك أصلاً حتى أتكلّف عناء التفكير فيه،أنت التي كسوت بالخضرة الزبرجدية،عري وحدتي الحجري،وخضّلت بندى أنفاسك سطح مراياي المغفلة.
أنت التي أهديتني قوس كيوبد وسهامه الذهبية،وأغريتتي لأرمي بها قلوب العُشّاق الوحيدين،وأفصد عروقهم المحتقنة وأريق نزيفها سخيّاً في مسارب العشق.وكنت لي الجرح والدواء،الطهر والخطيئة،الذنب والغفران،وباختصار فقد جمعت حروفي البكماء المبعثرة في مدوّنة عشق سابية،وأخيراً ألجأتني إلى البحر،لأمارس يمّه متعة التفكير فيك.
ليس البحر وحده فأنا أجدني موضع ترحيب في كُل مكان آوي إليه لأفكّر فيك دون مقاطعة،مقاهي الأرصفة،مقاعد الحدائق،حتى كراسي الحافلات الليلية التي أستقلها في رحلة عودتي إلى أحضانك الدافئة،هارباً من وحشة الليل القاسية،ووحدته الرهيبة التي ترفض التصالح مع قلوب العشّاق،وكأنها حيلة تسوقهم بها إلى الأحضان المشدودة للحظة الإياب تاركة نوافذها مضاءة!
نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى