د. محمد عباس محمد عرابي - من صور البيان في قصيدة (الصداع) للأديب الشاعر /سامي أبوبدر

تحدث كبار الشعراء قديما وحديثا عن بعض الأمراض الطارئة فقد وصف المتنبي الحمى وحديثا تحدث خليل مطران عن علته النفسية في قصيدة المساء ، وتحدث السياب عن مرضه الصدري في قصيدته سفر أيوب ،وها هو الشاعر المصري القدير الشاعر /سامي أبوبدر يتحدث عن الصداع .

والقارئ لشعر أبي بدر يحلو له أن يطلق عليه (شاعر البيان )فلا يكاد يخلو بيت من أبيات قصائد أبي بدر من صورة فنية بيانية :تشبيه ومجاز وخاصة الاستعارة ،مما يصل المراد للمتلقي ببساطة وسهولة .

وفيما يلي نص قصيدة الشاعر /سامي أبو بدر في الصداع، ثم عرض موجز وإشارة عابرة لبعض الصور الفنية في بعض أبياتها :

أولا نص القصيدة :

ما لِلصُّداعِ ومالي!

أَوَلا يَرِقُّ لِحالي!

ما زالَ يَنهشُ رأسِي

ويَقُضُّ راحةَ بَالي

يُبدِي العَدواةَ صُبْحًا

ويَزيدُ في الآصَالِ

يُمسِي يُكسِّرُ عَظمي

ويَبِيتُ في أَوْصَالي

ثُمَّ استوَى يَتسَلَّى

برَزَانَتِي وجَلالي

حَتّى استَبدَّ بجِسمِي

وأَجادَ في إِذلالي

نَفسِي تَضيقُ بنَفسِي

مَنْ بَعدُ يُنجيها لِي

ويَردُّ شرَّهُ عنِّي؛

وإِليهِ أَدفعُ مَالي؟

لِأَرَى الوجودَ جَميلاً

ويَطيبُ حِينًا حَالي

أَطوِي الجَوَى بيميني

والآهُ قَيْدَ شِمالي

حُلمٌ بعيدٌ جِدًّا

بلْ ذاكَ مَحضُ خَيالِ

ما عُدتُّ أَحسَبُ أَنِّي

ذُو قُوَّةٍ وجَمالِ

سَأَظلُّ أَسأَلُ نفسِي،

وأُجيبُني بسُؤالِ:

أَتُراهُ يَرحلُ عنِّي

وغَرامُهُ يُوحَى لِي؟!

مُنذُ الطُّفولةِ خِلِّي

في الحِلِّ والتِّرحَالِ

أَينَ اتَّجَهْتُ كَظِلِّي

ومُرابطٌ برِحالي

ثانيا :من صور البيان في القصيدة :

كعادة الشاعر سامي أبو بدر لا يكاد يخلو بيت شعري يبدعه من البيان البلاغي ،وها هي قصيدة الصداع دليل على ذلك فقد

استهل الشاعر سامي أبو بدر القصيدة باستعارة في قوله :

ما لِلصُّداعِ ومالي!** أَوَلا يَرِقُّ لِحالي!

حيث شبه الشاعر الصداع بإنسان يود الشاعر لو يرق لحاله من الآلام حذف الإنسان وأتى بصفة من صفاته (يرق )لحال الآخرين

وتكررت الاستعارة في البيت الثاني من القصيدة فها هو الصداع

ما زالَ يَنهشُ رأسِي** ويَقُضُّ راحةَ بَالي

فالصداع ينهش الرأس ويقض راحة البال على سبيل الاستعارة المكنية.

يُبدِي العَدواةَ صُبْحًا** ويَزيدُ في الآصَالِ

وكذلك الأمر في البيت الثالث ها هو الصداع ( يُبدِي العَدواةَ)على سبيل الاستعارة المكنية ،وفي البيت الرابع استعارة مكنية في قوله :

يُمسِي يُكسِّرُ عَظمي** ويَبِيتُ في أَوْصَالي

فالصداع على سبيل الاستعارة المكنية يكسر العظم ويبيت في الأوصال ،وها هو يستوي ويتسلى على سبيل الاستعارة أيضا في قول أبو بدر :

ثُمَّ استوَى يَتسَلَّى** برَزَانَتِي وجَلالي

حَتّى استَبدَّ بجِسمِي

وأَجادَ في إِذلالي

نَفسِي تَضيقُ بنَفسِي

مَنْ بَعدُ يُنجيها لِي

ويَردُّ شرَّهُ عنِّي؛

وإِليهِ أَدفعُ مَالي؟

لِأَرَى الوجودَ جَميلاً

ويَطيبُ حِينًا حَالي

أَطوِي الجَوَى بيميني

والآهُ قَيْدَ شِمالي

حُلمٌ بعيدٌ جِدًّا

بلْ ذاكَ مَحضُ خَيالِ

ما عُدتُّ أَحسَبُ أَنِّي

ذُو قُوَّةٍ وجَمالِ

سَأَظلُّ أَسأَلُ نفسِي،

وأُجيبُني بسُؤالِ:

أَتُراهُ يَرحلُ عنِّي

وغَرامُهُ يُوحَى لِي؟!

مُنذُ الطُّفولةِ خِلِّي

في الحِلِّ والتِّرحَالِ

أَينَ اتَّجَهْتُ كَظِلِّي

ومُرابطٌ برِحالي

ومن صور البيان في الأبيات السابقة أيضا استبداد الصداع بالجسم ،وإجادة إذلال المريض ،وها هي الآه قيد الشمال ،والنفس تُسأل ،والصداع يرحل ،وغرامه يوحي في قول أبو بدر :

أَتُراهُ يَرحلُ عنِّي ** وغَرامُهُ يُوحَى لِي؟!

حقا لقد أجاد شاعرنا القدير سامي أبو بدر في توظيف البيان لتوضيح المعنى لآثار الصداع في صورة ملموسة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى