صفعتني الرطوبة الدبقة، ورائحة العفونة الخانقة، بعد أن نزلت عدة درجات، لم احتج لقرع الباب، أوقفتني العتمة عند العتبة، كي تعتاد عيناي على إضاءة خافتة، تعكس خيال رجل بدين في عقده السابع، يجلس على أريكة حوافها مهترئة ومفرشها محني ،تقدمت نحوه بهدوء وعيوني تستطلع المكان، جدران رسمت الرطوبة خرائطها عليها وتعلقت خيوط العنبكوت في زواياها ... و تعلقت نظراته المذعورة في وجهي وبصوت ذليل واهن قطع تأملي :
_ أجئت لطردي ؟صحيح؟
تجاهلت سؤاله وحاولت أن أطمئنه بابتسامة ريثما أحسم امري ..
هممت أن اصرخ بوجه كل هذا البؤس لكن وجدتني أطلق سؤالا تافها، قد يكون مفتاح حديث لا أكثر:
_ ليس لديك تلفاز.
لم أكن لأنتظر جوابه بل رحت اتجول في غرفته الفارغة تقريبا حتى أني سمعت صدى صوتي وتردد سعاله
_ كان لدي تلفاز ملون ...بعته لأجل هذه ... واشار إلى منضدة مسودة السطح تراكم عليها الغبار وكميات هائلة من علب الأدوية ..
وتابع بسعاله الخانق:
ـاللعينة هي من تمنعني من دفع الاجار المتراكم
ـ هل تعيش وحيدا هنا؟
ـ وسأموت على وحدتي ..منذ تقاعدت لم أر اصدقائي ... ..مقطوع من شجرة... أجئت تنفذ أمر المحكمةـ؟ لا جلد لي على برودة الشارع .
ـ لا ..لا طبعا لا علم لي بما تقوله. جئت لأطمئن عليك.
ـ تطمئن علي أنا؟!
ـ لم لا؟!،
بابتسامة خجولة حزينة قال:
ـ لأنني لم أعتد على هذا من أحد.
صعب عليّ أن أحيد نظري عن قدميه المتورمتين الملطختين بهالات زرق وبنفسجية محمرة مما أربكه وحاول الهروب بهما إلى أسفل الأريكة ..لكنه لم يفلح ..
قلت لمرافقي:
ـ اتصل بالاسعاف فورا.
ذهل الرجل وأظن انني لمحت دمعة فارة من عينيه.
ـ إسعاف لي انا؟
ـ نعم
ـألا يليها أدوية و..؟
ـ لا عليك، ستصلك أدويتك كل شهر، هل مالك هذا البيت قريب من هنا؟.
ـ المتوحش!؟... يسكن في أعلى طابق.
وانا أتابع صعود الدرج رحت أتفقد مافي محفظتي من نقود.
وذهني يئن تحت وطأة ذكرى حصاني الخشبي، إذ فشلت دموعي المتوسلة بأن تجعله يلتحق بنا، وبقي عالقا في حديد الشرفة الصدئ، و في قلبي ابدا.
كان أبي يدفع بي إلى صندوق شاحنة قديمة لأتعثر بأثاثنا المتواضع المرمي فيها كيفما اتفق ، ويصرخ في وجهي:
ـ كفاك بكاء ...لعن الله الفقر .
من أعلى طابق، أتابع ثقل خطواته تزحف باتجاه سيارة الإسعاف ، وبكل ما في قبضتي من قوة، ومن قهر السنين ، رحت أدعك قرار الإخلاء.
_ أجئت لطردي ؟صحيح؟
تجاهلت سؤاله وحاولت أن أطمئنه بابتسامة ريثما أحسم امري ..
هممت أن اصرخ بوجه كل هذا البؤس لكن وجدتني أطلق سؤالا تافها، قد يكون مفتاح حديث لا أكثر:
_ ليس لديك تلفاز.
لم أكن لأنتظر جوابه بل رحت اتجول في غرفته الفارغة تقريبا حتى أني سمعت صدى صوتي وتردد سعاله
_ كان لدي تلفاز ملون ...بعته لأجل هذه ... واشار إلى منضدة مسودة السطح تراكم عليها الغبار وكميات هائلة من علب الأدوية ..
وتابع بسعاله الخانق:
ـاللعينة هي من تمنعني من دفع الاجار المتراكم
ـ هل تعيش وحيدا هنا؟
ـ وسأموت على وحدتي ..منذ تقاعدت لم أر اصدقائي ... ..مقطوع من شجرة... أجئت تنفذ أمر المحكمةـ؟ لا جلد لي على برودة الشارع .
ـ لا ..لا طبعا لا علم لي بما تقوله. جئت لأطمئن عليك.
ـ تطمئن علي أنا؟!
ـ لم لا؟!،
بابتسامة خجولة حزينة قال:
ـ لأنني لم أعتد على هذا من أحد.
صعب عليّ أن أحيد نظري عن قدميه المتورمتين الملطختين بهالات زرق وبنفسجية محمرة مما أربكه وحاول الهروب بهما إلى أسفل الأريكة ..لكنه لم يفلح ..
قلت لمرافقي:
ـ اتصل بالاسعاف فورا.
ذهل الرجل وأظن انني لمحت دمعة فارة من عينيه.
ـ إسعاف لي انا؟
ـ نعم
ـألا يليها أدوية و..؟
ـ لا عليك، ستصلك أدويتك كل شهر، هل مالك هذا البيت قريب من هنا؟.
ـ المتوحش!؟... يسكن في أعلى طابق.
وانا أتابع صعود الدرج رحت أتفقد مافي محفظتي من نقود.
وذهني يئن تحت وطأة ذكرى حصاني الخشبي، إذ فشلت دموعي المتوسلة بأن تجعله يلتحق بنا، وبقي عالقا في حديد الشرفة الصدئ، و في قلبي ابدا.
كان أبي يدفع بي إلى صندوق شاحنة قديمة لأتعثر بأثاثنا المتواضع المرمي فيها كيفما اتفق ، ويصرخ في وجهي:
ـ كفاك بكاء ...لعن الله الفقر .
من أعلى طابق، أتابع ثقل خطواته تزحف باتجاه سيارة الإسعاف ، وبكل ما في قبضتي من قوة، ومن قهر السنين ، رحت أدعك قرار الإخلاء.
Войдите на Facebook
Войдите на Facebook, чтобы общаться с друзьями, родственниками и знакомыми.
www.facebook.com