استطاع ببراعة أن يشق لنفسه مكانا وسط الأجساد المتلاصقة ،كانت عربة القطار مكتظة عن آخرها بالركاب فلا موطأ لقدم، حتى الأماكن المخصصة فى الأعلى للحقائب والأمتعة أمتلئت عن آخرها ببعض المغادرين الذين لم يجدوا موضعا آخر فى مشهد مصغر ليوم الحشر الأعظم، كانت أرجلهم تتدلى فوق رؤس الجالسين على المقاعد مباشرة.
إنها السابعة صباحا حيث يتدفق الموظفون والعمال والطلاب وغيرهم من كل فج عميق على محطة بنها قاصدين القطار وسيلة المواصلات الأرخص التى تقلهم إلى وجهتهم فى الذهاب والآياب وبينما كان البعض يسب ويلعن فإن آخرين كانوا يجاهدون للحفاظ على توازنهم حتى لو اضطرهم الزحام للوقوف على قدم واحدة ،أما هو فقد كان يعرف طريقه جيدا ، كان يبدو كسباح ماهر اعتاد أن يصارع الأمواج العاتية قبل أن ينجح أخيرا فى الوصول إلى الضفة الأخرى من النهر دون أن يصاب بأذى.
يحمل حقيبته الثقيلة على كتفه الأيمن أما يده اليسرى فإنها تتدلى أمامه وقد بتر جزء منها ،يتصبب العرق الغزير على وجهه ويتمايل جسده المائل للبدانة يمنيا ويسارا فتنفرج الأجساد المتداخلة التى أعياها الزحام فيشق طريقه بينها وهو يصيح " مناديل يا هانم .. مناديل يا بيه .. صباحنا فل بأذن الله".
ترتسم إبتسامة صغيرة على وجه عم إبراهيم تدارى خلفها الكثير من أوجاع الرجل الذى جاوز الخمسين من العمر قضى منها أكثر من عشرين عاما يتكبد عناء المشقة أغلب ساعات النهار داخل قطار لايعبأ بمحطة وصوله كغيره من الركاب فما يشغله أن يبيع ما ينوء به ظهره من جوال مناديل ثقيل ليربح جنيهات قليلة تعينه وأسرته على أعباء المعيشة التى لا تنتهى.
قصة الرجل يعرفها الكثير من الركاب الذين التقت أعينهم به منذ كانوا طلابا بالجامعة فى بداية الطريق واليوم يعرف عم إبراهيم كلا منهم باسمه فيعطيه حصته من المناديل الورقية حتى وإن لم يطلبها، ومن بينهم الدكتور محمد والصحفى لطفى وبما فيهم عم عبد السميع رئيس القطار نفسه أما الموظفون فهم الأحب إلى قلب عم إبراهيم فقد كان واحدا منهم فى يوم من الأيام وكان يجلس على الكرسى داخل عربة القطار عندما يبتسم له الحظ مثلهم اليوم حتى كان ذلك اليوم المشؤم الذى انقلبت فيه حياة الرجل رأسا على عقب.
أعتاد عم إبراهيم أن يروى حكايته للركاب كلما وجد إلى ذلك سبيلا بينما يجاهد من أجل إخفاء دموعه التى تسيل على خديه رغما عنه" اصبت بعاهة مستديمة أثناء العمل وتمت إحالتى للتقاعد ولكن المعاش الصغير لايكفى مصاريف أسرة تضم 6 من الأبناء والبنات، ولم يكن أمامى سوى التفكير فى سبيل للنجاة ولم أجد أمامى إلا القطار الذى كنت أقضى فيه فترات طويلة خلال رحلة الذهاب والعودة من العمل ومن يومها وأنا أبيع المناديل من أجل جنيهات قليلة أحصل عليها فى نهاية اليوم وتكفينى ذل السؤال"
ويضيف بتأثر " صارت هناك علاقة قوية تجمع بينى وبين أغلب الركاب الذين يستقلون القطار يوميا فأنا أعرفهم جيدا ، إنها أسرتى الكبيرة التى أشعر بقدر من الأمان وأنا موجود بداخلها""
يمصمص الجميع رجالا ونساء ، شيوخا وشبابا الشفاه وهم يستمعون إلى حكاية الرجل وبعدها يتكالبون على شراء مناديه الورقية التى يسارع بعضهم إلى تجفيف دموعه بها ، ويواصل الرجل رحلته " مناديل يا هانم .. مناديل يا بيه " .
لايتخذ عم إبراهيم من المناديل وسيلة للتسول كما يفعل الكثيرون اليوم داخل محطات القطارات ومواقف الأتوبيس فى القاهرة المزدحمة دائما أبدا ، وعندما يحاول أحدهم أن يدس فى يده أو فى جيبه مالا دون أن يبتاع به المناديل يغضب الرجل بشدة ويعيده من فوره وهو يردد " أنا أبيع ولا أتسول"
حتى فى الأجازات والعطلات الرسمية لايغيب عنا وجه عم إبراهيم فهو يتخذ موقعه فى القطار الذى يقطع عرباته من الداخل والخارج كثيرا طول رحلته من محطة الذهاب إلى محطة الأياب وهو يردد " مناديل يا هانم .. مناديل يا بيه"
فى أحد الأيام سقط الرجل أرضا كان قلبه يخفق بشده بينما كان يلتقط أنفاسه بشدة وجسده يتصبب عرقا وتصادف وجود أحد الأطباء بين الركاب وقام بتوقيع الكشف الطبى عليه بعد أن أجلسناه على أحد المقاعد وكانت هذه هى المرة الأولى التى علمنا فيها أن الرجل يعانى من الإصابة بفيروس سى فى الكبد منذ سنوات طويلة ومع ذلك لم يستسلم للمرض ولم يتأخر يوما عن عراك الحياة بحثا عن لقمة عيش لأبنائه.
اعتاد عم إبراهيم أن يسخر من كل شىء حتى من نفسه " اتوقع أن تقوم زوجتى بخلعى فى أى وقت بعد أن أصبحت أطلال رجل ، ولكن ربما تقع فى غرامى أخرى على أية حال وربما يغريها هذا الشعر الأبيض بذلك"
نضحك ويضحك عم إبراهيم فيكمل " لن يأخذ أحد من هذه الدنيا شيئا معه لذا يجب أن نعيشها بالطول والعرض فالحزن لن يغير واقع ولن يعيد مفقودا إلى أهله ، إنه فقط يصيب قلوبنا بالمرض الذى يجعلنا نموت قبل فوات الأوان".
يدرك عم إبراهيم جيدا أسرار العالم الخفى للقطارات فهو يعلم أولئك الذين يتخفون فى ملابس الركاب أو فى زى باعة جائلين من أجل السرقة والذين ينشطون كثيرا خاصة فى الأيام الأولى من الشهر حيث يتقاضى الموظفون رواتبهم، وللرجل طريقة خاصة فى تنبيه من يعرفهم دون أن يصاب بأذى فهو يعلم أن بطش أولئك اللصوص شديد وأنهم لا يتورعون عن طعن من يعترض طريقهم بمطواه أو تشويه وجهه بمياه النار قبل أن يسارعوا بالقفز من القطار فى غمضة عين دون أن يصابوا بأذى.
"أوعى وشك" هى الشفرة التى يرددها بائع المناديل فينتبه الجميع على الفور إلى وقوعهم فى دائرة الخطر ويدركون أن هناك أصابع لص ماكر أو فتاة قادرة على سرقة الكحل من العين قريبة من العصف بالجنيهات القليلة التى يكدون طويلا من أجل الحصول عليها.
فى أحدى المرات حاول أحد أطفال الشوارع الذين يجدون فى القطار بيئة خصبة لإقنراف كل ما يحلو لهم سرقة عم إبراهيم حيث مده يده ليضع فى جيبه جنيه فضى ويأخذ منديلا باليد الأخرى ولكن الرجل اكتشف الحيلة فالطفل وضع جنيه وخرجت يده بخفة وهى تحوى ورقة بخمسون جنيها وبسرعة البرق التقم الرجل يد الطفل وعض عليها بنواجزه حتى صرخ بشده وأفلت الخمسون جنيها وجرى يتخبط وهو يتلوى من الألم ويسب ويلعن بينما كاد عم إبراهيم أن يغمى عليه وهو غارق فى الضحك وبعدها وقف يقص علينا تفاصيل ما جرى بفخر شديد " جاء ليسرق رجل شيبته النكبات مثلى هذا الأحمق الصغير الذى لم يجد أبا أو أما لتربيته".
يزفر عم إبراهيم بشدة عندما يتحسر على حال اثنين من أبنائه اللذين أنهيا دراستهما الجامعية منذ عدة سنوات دون أن يتمكنا من الالتحاق بركاب أى وظيفة حتى الآن " مازلت أعطيهما مصروفهما حتى اليوم بينما يجلسان فى البيت كالنساء لايجدان ما يشغلان به وقت فراغهما حيث يظلان ساهرين حتى آذان الفجر ثم ينامان بعد ذلك معظم ساعات النهار والحقيقة أن هذا هو حال الكثير من الشباب اليوم".
كثيرا ما يأخذه الحنين إلى ذكريات الزمن الجميل فيحدثنا عن طفولته فى قريته وكيف كان يساعد أباه فى زراعة الحقل بعد قبل أن يدخل فى عداد الموظفين ويقول بتأثر " كان كل شىء له نكهة خاصة تميزة أما الآن فإن الأيام تشبه بعضها البعض فلا جديد تحت شمس الحياة "
وبين اليأس والرجاء يقطع القطار رحلته يسرع حينا ويبطأ فى أحيان كثيرة ، وبعد أن يقترب من محطة الوصول يسير أبطأ من عربة كارو ولكنه يصل أخيرا على أية حال، تتدفق الحشود على الأرصفة تسابق الريح حتى تصل إلى وجهتها شخص واحد فقط يجلس أخيرا على كرسى فى عربة القطار الفارغة وعينيه معلقة بأسراب النمل البشرى التى تمتد على مرمى البصر وتسقط دمعة على خده وهو ينظر حينا إلى يده المبتورة وإلى جوال المناديل الذى لايفارق ظهره وهو يتحسر على غدر الزمان.
السيد شحتة
إنها السابعة صباحا حيث يتدفق الموظفون والعمال والطلاب وغيرهم من كل فج عميق على محطة بنها قاصدين القطار وسيلة المواصلات الأرخص التى تقلهم إلى وجهتهم فى الذهاب والآياب وبينما كان البعض يسب ويلعن فإن آخرين كانوا يجاهدون للحفاظ على توازنهم حتى لو اضطرهم الزحام للوقوف على قدم واحدة ،أما هو فقد كان يعرف طريقه جيدا ، كان يبدو كسباح ماهر اعتاد أن يصارع الأمواج العاتية قبل أن ينجح أخيرا فى الوصول إلى الضفة الأخرى من النهر دون أن يصاب بأذى.
يحمل حقيبته الثقيلة على كتفه الأيمن أما يده اليسرى فإنها تتدلى أمامه وقد بتر جزء منها ،يتصبب العرق الغزير على وجهه ويتمايل جسده المائل للبدانة يمنيا ويسارا فتنفرج الأجساد المتداخلة التى أعياها الزحام فيشق طريقه بينها وهو يصيح " مناديل يا هانم .. مناديل يا بيه .. صباحنا فل بأذن الله".
ترتسم إبتسامة صغيرة على وجه عم إبراهيم تدارى خلفها الكثير من أوجاع الرجل الذى جاوز الخمسين من العمر قضى منها أكثر من عشرين عاما يتكبد عناء المشقة أغلب ساعات النهار داخل قطار لايعبأ بمحطة وصوله كغيره من الركاب فما يشغله أن يبيع ما ينوء به ظهره من جوال مناديل ثقيل ليربح جنيهات قليلة تعينه وأسرته على أعباء المعيشة التى لا تنتهى.
قصة الرجل يعرفها الكثير من الركاب الذين التقت أعينهم به منذ كانوا طلابا بالجامعة فى بداية الطريق واليوم يعرف عم إبراهيم كلا منهم باسمه فيعطيه حصته من المناديل الورقية حتى وإن لم يطلبها، ومن بينهم الدكتور محمد والصحفى لطفى وبما فيهم عم عبد السميع رئيس القطار نفسه أما الموظفون فهم الأحب إلى قلب عم إبراهيم فقد كان واحدا منهم فى يوم من الأيام وكان يجلس على الكرسى داخل عربة القطار عندما يبتسم له الحظ مثلهم اليوم حتى كان ذلك اليوم المشؤم الذى انقلبت فيه حياة الرجل رأسا على عقب.
أعتاد عم إبراهيم أن يروى حكايته للركاب كلما وجد إلى ذلك سبيلا بينما يجاهد من أجل إخفاء دموعه التى تسيل على خديه رغما عنه" اصبت بعاهة مستديمة أثناء العمل وتمت إحالتى للتقاعد ولكن المعاش الصغير لايكفى مصاريف أسرة تضم 6 من الأبناء والبنات، ولم يكن أمامى سوى التفكير فى سبيل للنجاة ولم أجد أمامى إلا القطار الذى كنت أقضى فيه فترات طويلة خلال رحلة الذهاب والعودة من العمل ومن يومها وأنا أبيع المناديل من أجل جنيهات قليلة أحصل عليها فى نهاية اليوم وتكفينى ذل السؤال"
ويضيف بتأثر " صارت هناك علاقة قوية تجمع بينى وبين أغلب الركاب الذين يستقلون القطار يوميا فأنا أعرفهم جيدا ، إنها أسرتى الكبيرة التى أشعر بقدر من الأمان وأنا موجود بداخلها""
يمصمص الجميع رجالا ونساء ، شيوخا وشبابا الشفاه وهم يستمعون إلى حكاية الرجل وبعدها يتكالبون على شراء مناديه الورقية التى يسارع بعضهم إلى تجفيف دموعه بها ، ويواصل الرجل رحلته " مناديل يا هانم .. مناديل يا بيه " .
لايتخذ عم إبراهيم من المناديل وسيلة للتسول كما يفعل الكثيرون اليوم داخل محطات القطارات ومواقف الأتوبيس فى القاهرة المزدحمة دائما أبدا ، وعندما يحاول أحدهم أن يدس فى يده أو فى جيبه مالا دون أن يبتاع به المناديل يغضب الرجل بشدة ويعيده من فوره وهو يردد " أنا أبيع ولا أتسول"
حتى فى الأجازات والعطلات الرسمية لايغيب عنا وجه عم إبراهيم فهو يتخذ موقعه فى القطار الذى يقطع عرباته من الداخل والخارج كثيرا طول رحلته من محطة الذهاب إلى محطة الأياب وهو يردد " مناديل يا هانم .. مناديل يا بيه"
فى أحد الأيام سقط الرجل أرضا كان قلبه يخفق بشده بينما كان يلتقط أنفاسه بشدة وجسده يتصبب عرقا وتصادف وجود أحد الأطباء بين الركاب وقام بتوقيع الكشف الطبى عليه بعد أن أجلسناه على أحد المقاعد وكانت هذه هى المرة الأولى التى علمنا فيها أن الرجل يعانى من الإصابة بفيروس سى فى الكبد منذ سنوات طويلة ومع ذلك لم يستسلم للمرض ولم يتأخر يوما عن عراك الحياة بحثا عن لقمة عيش لأبنائه.
اعتاد عم إبراهيم أن يسخر من كل شىء حتى من نفسه " اتوقع أن تقوم زوجتى بخلعى فى أى وقت بعد أن أصبحت أطلال رجل ، ولكن ربما تقع فى غرامى أخرى على أية حال وربما يغريها هذا الشعر الأبيض بذلك"
نضحك ويضحك عم إبراهيم فيكمل " لن يأخذ أحد من هذه الدنيا شيئا معه لذا يجب أن نعيشها بالطول والعرض فالحزن لن يغير واقع ولن يعيد مفقودا إلى أهله ، إنه فقط يصيب قلوبنا بالمرض الذى يجعلنا نموت قبل فوات الأوان".
يدرك عم إبراهيم جيدا أسرار العالم الخفى للقطارات فهو يعلم أولئك الذين يتخفون فى ملابس الركاب أو فى زى باعة جائلين من أجل السرقة والذين ينشطون كثيرا خاصة فى الأيام الأولى من الشهر حيث يتقاضى الموظفون رواتبهم، وللرجل طريقة خاصة فى تنبيه من يعرفهم دون أن يصاب بأذى فهو يعلم أن بطش أولئك اللصوص شديد وأنهم لا يتورعون عن طعن من يعترض طريقهم بمطواه أو تشويه وجهه بمياه النار قبل أن يسارعوا بالقفز من القطار فى غمضة عين دون أن يصابوا بأذى.
"أوعى وشك" هى الشفرة التى يرددها بائع المناديل فينتبه الجميع على الفور إلى وقوعهم فى دائرة الخطر ويدركون أن هناك أصابع لص ماكر أو فتاة قادرة على سرقة الكحل من العين قريبة من العصف بالجنيهات القليلة التى يكدون طويلا من أجل الحصول عليها.
فى أحدى المرات حاول أحد أطفال الشوارع الذين يجدون فى القطار بيئة خصبة لإقنراف كل ما يحلو لهم سرقة عم إبراهيم حيث مده يده ليضع فى جيبه جنيه فضى ويأخذ منديلا باليد الأخرى ولكن الرجل اكتشف الحيلة فالطفل وضع جنيه وخرجت يده بخفة وهى تحوى ورقة بخمسون جنيها وبسرعة البرق التقم الرجل يد الطفل وعض عليها بنواجزه حتى صرخ بشده وأفلت الخمسون جنيها وجرى يتخبط وهو يتلوى من الألم ويسب ويلعن بينما كاد عم إبراهيم أن يغمى عليه وهو غارق فى الضحك وبعدها وقف يقص علينا تفاصيل ما جرى بفخر شديد " جاء ليسرق رجل شيبته النكبات مثلى هذا الأحمق الصغير الذى لم يجد أبا أو أما لتربيته".
يزفر عم إبراهيم بشدة عندما يتحسر على حال اثنين من أبنائه اللذين أنهيا دراستهما الجامعية منذ عدة سنوات دون أن يتمكنا من الالتحاق بركاب أى وظيفة حتى الآن " مازلت أعطيهما مصروفهما حتى اليوم بينما يجلسان فى البيت كالنساء لايجدان ما يشغلان به وقت فراغهما حيث يظلان ساهرين حتى آذان الفجر ثم ينامان بعد ذلك معظم ساعات النهار والحقيقة أن هذا هو حال الكثير من الشباب اليوم".
كثيرا ما يأخذه الحنين إلى ذكريات الزمن الجميل فيحدثنا عن طفولته فى قريته وكيف كان يساعد أباه فى زراعة الحقل بعد قبل أن يدخل فى عداد الموظفين ويقول بتأثر " كان كل شىء له نكهة خاصة تميزة أما الآن فإن الأيام تشبه بعضها البعض فلا جديد تحت شمس الحياة "
وبين اليأس والرجاء يقطع القطار رحلته يسرع حينا ويبطأ فى أحيان كثيرة ، وبعد أن يقترب من محطة الوصول يسير أبطأ من عربة كارو ولكنه يصل أخيرا على أية حال، تتدفق الحشود على الأرصفة تسابق الريح حتى تصل إلى وجهتها شخص واحد فقط يجلس أخيرا على كرسى فى عربة القطار الفارغة وعينيه معلقة بأسراب النمل البشرى التى تمتد على مرمى البصر وتسقط دمعة على خده وهو ينظر حينا إلى يده المبتورة وإلى جوال المناديل الذى لايفارق ظهره وهو يتحسر على غدر الزمان.
السيد شحتة