د. محمود عطية - حتى نتقبل الحياة.!

ما السر وراء قدرتنا على تحمل منغصات الحياة وتقلباتها وقسوتها علينا بلا مبرر نفهمه.. وما السر وراء إصرارنا رغم كل ذلك على تحقيق أمنياتنا التي ولدت في خيالنا وتجرنا جرا للتشبث بالحياة حتى أخر رمق.. رغم كلمات نلوكها أحيانا عن الدنيا كأننا زاهدون فيها ( الدنيا منفاته..)!
بالتأكيد السر هو ما صنعناه بأيدينا حتى نتقبل الحياة رغم مصيرنا المحتوم ..السر في أهم ابداعتنا وابتكاراتنا الإنسانية للتغلب على قسوة الحياة.. السر يكمن في اختراع "الأمل".. والأمل هو الاختراع الإنساني العبقري للتغلب على منغصات ومصاعب الحياة ودفعنا للاستمرار فيها والتشبث بها.. وليس الأمل فقط هو أهم ابتكاراتنا فقد اخترعنا الحب والحرية وكثير من القيم النبيلة التي جملنا وزينا بها الحياة إلى حين.. وجعلنا الأمل إمامنا لتحقيق كل تلك القيم يوم ما ..!
ومعرفتنا بالإنسان تؤكد إننا لا نستطيع أن نفكر أو نشعر أو نريد أو نفعل دون وجود الأمل الذي نكافح به لتحقيق أمانينا ونبتلع أيامنا ومصاعبها .. أهدافنا تولد الأمل فينا منذ اللحظة التي تستقبلنا فيها الحياة.. رغبات أمنيات مشروعات نتخيلها حية في رؤوسنا ثم نبدأ في محاولة تحقيقها على أرض الواقع .. أهداف متباينة سريعة أحيانا تأخذ من وقتنا مثل شراء حاجتنا الضرورية.. ثم أهداف كبيرة حلم العمل والزواج والإنجاب وتزويج الأولاد وربما هدف إثراء الحياة وتزويدها بإبداعاتنا لتجميل حياتنا فكريا ووجدانيا وعمليا.
هل يستطيع أحدنا العيش بلا أمل وهدف يسير وراءه ويحاول تحقيقه حتى يمعنن حياته التي بلا معنى بدون الأمل .. أمال كبيرة نملأ بها حياتنا مثل أمل التحرر من الخوف والعجز والنضال ضد الظلم والقهر والعبودية وضد تفقير الحياة بكافة أشكالها وضد من يحاولون إجداب الحياة وإعادتها سيرتها الأولى جوفاء من كل إبداع وفن ..
والإبداع والفن هما خيال الإنسان الذي يصنع الأمل.. أمل الإنسان فى دفعه للاستمرار فى الحياة.. وسبب رئيس فى توحد البشر والماهية الإنسانية ..الماهية التى تجعل فكرة التحرر فكرة إنسانية ترى ان حريتنا لا ندركها سوى بحرية الآخرين.. الأمل سر تحملنا الحياة وتعلمنا الكفاح.. ولا اعرف احد احب الحياة واستمتع بها دون اختراعه للأمل !





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى