دخل هليل الى دائرة حكومية لغرض التعيين، رأى عجوزاً شمطاء تقف في وسط صالة الاستعلامات تسدد كلماتها النابية المتحجرة الى أحد الموظفين. في جيب قميصه البنفسجي ورقة صغيرة هي عبارة عن واسطة التعيين كتبها له قريب معمم الى مدير عام هذه الدائرة .
وقبل أن يدخل الى الدائرة صاحت عليه العجوز التي ترتدي تنورة قصيرة " وين رايح انت " ألتفت هليل الى صاحبة الصوت وشعر بالرعب ، كان صوتها عبارة عن عاصفة من السعال والحشرجات والحقد الاسود، لم ينظر الى وجهها بل الى الفراغ بين نهاية تنورتها القصيرة وأرضية الصالة، أكتشف إنها تسير بلا ساقين وقدمين، اراد أن يضحك، لكنه مسك زمام نفسه، خشية طرده في اول يوم يدخل فيه الى الدائرة.
بقي هليل واقفا في مكانه لا يعرف ماذا يقول ، ولما انتهت نوبة سعال العجوز الشمطاء قال لها وهو ينظر الى الفراغ بين الارض وحافة تنورتها الجوزية " اريد مقابلة المدير العام "، وفي الاثناء لم يهتد هليل الى حل لمعرفة مصير اختفاء ساقي العجوز، فرك عينيه وفتحهما من دون فائدة ، قالت له ، أدخل الى اول غرفة على يمينك .
صدمه الفراغ تحت تنورة العجوز، كيف أمكن لإنسان أن يسير بلا قدمين، بقي يفكر وهو جالس في هذه الغرفة حسب أوامر الشمطاء ، حتى جاء اليه شاب معمم يرتيدي بدلة بنفسجية وربطة سوداء، عيناه صغيرتان وأنفه مفلطح لكنه بلا فم فسأله " أتريد مقابلة المدير العام ؟ " ذعر هليل من الشاب، من أين أخرج صوته؟ نهض وجلس، ثم عاد لينهض، تمعن هليل بوجه الشاب، كان فعلا بدون فم، وبارتباك قال له " نعم اريد مقابلة المدير العام "، سار أمامه الشاب ودخل في ممرات الدائرة العديدة، ممرات عبارة عن شبكة حلزونية وفي كل ممر ثمة لون آخر يختلف عن سواه، أحمر وبنفسجي وأصفر حتى وصلا الى نهاية ممر تنبعث منه موسيقى، فتح الشاب بابا يؤدي الى غرفة، فوجئ هليل إنها طويلة ولا أثر للمدير، قال له، تفضل هذه غرفة المدير العام، مشى مسافة طويلة الى نهاية الغرفة، سار بحدود عشر دقائق حتى وصل الى نهاية الغرفة، حيث وجد مكتبا من خشب الابنوس صقيل عليه زجاجة طويلة، وشاهد كرسيا ولكنه لم ير إي شخص يجلس عليه، ألتفت الى ناحية الباب فلم يجد أحدا خلفه، بحث هليل عن المدير العام، حتى وجد إنسانا ضئيلا معمما حجمه يشبه الفأرة، جالسا على الكرسي وبيده مسبحة، يتمتم بالتعاويذ، أخرج هليل ورقة الواسطة من جيب قميصه وأعطاها الى المدير الفأر، ولما بدأ المدير بالقراءة، غطت قصاصة الورقة كل وجهه، وبعد القراءة، رمى الورقة على سطح المكتب وكتب عليها شيئا، قال له، يتدلل الحجي: أنصرف الى شعبة الذاتية وخذ معك هذه الورقة، الآن لدي إجتماع مع كادر الدائرة .
وقبل أن يخرج هليل من غرفة المدير العام، دخل رجال ونساء الى الغرفة، كانوا بحجم المدير العام، عبارة عن فئران تسير على اقدام بشرية، شعر هليل بالرعب والذهول من مرآى هذه الكائنات البشرية الضئيلة، أدرك انه لابد أن يكون في المكان الخطأ، قال في نفسه، لن أغادر غرفة المدير العام حتى أعرف ما الذي يجري هنا، وتوارى خلف ستارة خشبية بقرب الباب، جلس الموظفون الفئران الى طاولة بجانب مكتب المدير العام وقال لهم، نبدأ أجتماعنا اليوم بالبحث عن أهمية دخولنا الى المراحيض، هل نبدأه بالقدم اليسرى أم اليمنى، فقال أحد الموظفين، أظن ياسيدي ندخل باليسرى، صاح المدير العام، لا تسير حياتنا حسب الظنون إيها الجاهل ؟ قالت امرأة بصوت ناعس يشبه نقيق الضفادع" استاذ ندخل باليمنى " فصاح عليها " كيف عرفت ذلك؟ ما هي حجتك؟ "، فقال معمم ثالث " ندخل على الاربع " نهض المدير العام وزعق به " هل تسخر منا يا هذا ؟ " .. بقي هليل يصغي الى الاجتماع وقد وصل حدا من الهستيريا وعدم الاتفاق الى قيام المدير العام برمي عمائم المجتمعين من على رؤوسهم ويطوح بها في فضاء الغرفة، كلكم لا تفهمون، جميعكم جهلة، بعدها دخلت العجوز الشمطاء الى صالة الاجتماع، ووقفت بجانب المدير العام، وقالت آسفة عن التأخير أستاذ، فقال المدير العام، ندخل الى المراحيض مثلما تفعل هذه الموظفة المثابرة وأشار الى العجوز.
أراد هليل أن يتدخل لفض المشكلة التي وصلت الى طريق مسدود، وبدأ المدير يرمي عليهم قنادر كدسها تحت مكتبه لهذا الغرض، فقال لهم هليل بعد نفاد الاحذية من تحت مكتب المدير العام، " أعتقد انه يجب عدم الدخول، والافضل أن يعملها صاحب الحاجة على نفسه" ، قال ذلك وخرج هاربا من غرفة المدير العام، ثم خارجا من البناية التي تحيطها أبنية خضراء، ثم عبر جسر الجمهورية راكضا وأخذ يمزق ورقة التعيين الواسطة، نثر ورقها الممزق في النفق بين شارع السعدون والجمهورية. وفعل بقميصه البنفسجي ومزقه ورمى به على المكتبات في بداية شارع السعدون وسار عاري الصدر باتجاه الزحام البشري.
وقبل أن يدخل الى الدائرة صاحت عليه العجوز التي ترتدي تنورة قصيرة " وين رايح انت " ألتفت هليل الى صاحبة الصوت وشعر بالرعب ، كان صوتها عبارة عن عاصفة من السعال والحشرجات والحقد الاسود، لم ينظر الى وجهها بل الى الفراغ بين نهاية تنورتها القصيرة وأرضية الصالة، أكتشف إنها تسير بلا ساقين وقدمين، اراد أن يضحك، لكنه مسك زمام نفسه، خشية طرده في اول يوم يدخل فيه الى الدائرة.
بقي هليل واقفا في مكانه لا يعرف ماذا يقول ، ولما انتهت نوبة سعال العجوز الشمطاء قال لها وهو ينظر الى الفراغ بين الارض وحافة تنورتها الجوزية " اريد مقابلة المدير العام "، وفي الاثناء لم يهتد هليل الى حل لمعرفة مصير اختفاء ساقي العجوز، فرك عينيه وفتحهما من دون فائدة ، قالت له ، أدخل الى اول غرفة على يمينك .
صدمه الفراغ تحت تنورة العجوز، كيف أمكن لإنسان أن يسير بلا قدمين، بقي يفكر وهو جالس في هذه الغرفة حسب أوامر الشمطاء ، حتى جاء اليه شاب معمم يرتيدي بدلة بنفسجية وربطة سوداء، عيناه صغيرتان وأنفه مفلطح لكنه بلا فم فسأله " أتريد مقابلة المدير العام ؟ " ذعر هليل من الشاب، من أين أخرج صوته؟ نهض وجلس، ثم عاد لينهض، تمعن هليل بوجه الشاب، كان فعلا بدون فم، وبارتباك قال له " نعم اريد مقابلة المدير العام "، سار أمامه الشاب ودخل في ممرات الدائرة العديدة، ممرات عبارة عن شبكة حلزونية وفي كل ممر ثمة لون آخر يختلف عن سواه، أحمر وبنفسجي وأصفر حتى وصلا الى نهاية ممر تنبعث منه موسيقى، فتح الشاب بابا يؤدي الى غرفة، فوجئ هليل إنها طويلة ولا أثر للمدير، قال له، تفضل هذه غرفة المدير العام، مشى مسافة طويلة الى نهاية الغرفة، سار بحدود عشر دقائق حتى وصل الى نهاية الغرفة، حيث وجد مكتبا من خشب الابنوس صقيل عليه زجاجة طويلة، وشاهد كرسيا ولكنه لم ير إي شخص يجلس عليه، ألتفت الى ناحية الباب فلم يجد أحدا خلفه، بحث هليل عن المدير العام، حتى وجد إنسانا ضئيلا معمما حجمه يشبه الفأرة، جالسا على الكرسي وبيده مسبحة، يتمتم بالتعاويذ، أخرج هليل ورقة الواسطة من جيب قميصه وأعطاها الى المدير الفأر، ولما بدأ المدير بالقراءة، غطت قصاصة الورقة كل وجهه، وبعد القراءة، رمى الورقة على سطح المكتب وكتب عليها شيئا، قال له، يتدلل الحجي: أنصرف الى شعبة الذاتية وخذ معك هذه الورقة، الآن لدي إجتماع مع كادر الدائرة .
وقبل أن يخرج هليل من غرفة المدير العام، دخل رجال ونساء الى الغرفة، كانوا بحجم المدير العام، عبارة عن فئران تسير على اقدام بشرية، شعر هليل بالرعب والذهول من مرآى هذه الكائنات البشرية الضئيلة، أدرك انه لابد أن يكون في المكان الخطأ، قال في نفسه، لن أغادر غرفة المدير العام حتى أعرف ما الذي يجري هنا، وتوارى خلف ستارة خشبية بقرب الباب، جلس الموظفون الفئران الى طاولة بجانب مكتب المدير العام وقال لهم، نبدأ أجتماعنا اليوم بالبحث عن أهمية دخولنا الى المراحيض، هل نبدأه بالقدم اليسرى أم اليمنى، فقال أحد الموظفين، أظن ياسيدي ندخل باليسرى، صاح المدير العام، لا تسير حياتنا حسب الظنون إيها الجاهل ؟ قالت امرأة بصوت ناعس يشبه نقيق الضفادع" استاذ ندخل باليمنى " فصاح عليها " كيف عرفت ذلك؟ ما هي حجتك؟ "، فقال معمم ثالث " ندخل على الاربع " نهض المدير العام وزعق به " هل تسخر منا يا هذا ؟ " .. بقي هليل يصغي الى الاجتماع وقد وصل حدا من الهستيريا وعدم الاتفاق الى قيام المدير العام برمي عمائم المجتمعين من على رؤوسهم ويطوح بها في فضاء الغرفة، كلكم لا تفهمون، جميعكم جهلة، بعدها دخلت العجوز الشمطاء الى صالة الاجتماع، ووقفت بجانب المدير العام، وقالت آسفة عن التأخير أستاذ، فقال المدير العام، ندخل الى المراحيض مثلما تفعل هذه الموظفة المثابرة وأشار الى العجوز.
أراد هليل أن يتدخل لفض المشكلة التي وصلت الى طريق مسدود، وبدأ المدير يرمي عليهم قنادر كدسها تحت مكتبه لهذا الغرض، فقال لهم هليل بعد نفاد الاحذية من تحت مكتب المدير العام، " أعتقد انه يجب عدم الدخول، والافضل أن يعملها صاحب الحاجة على نفسه" ، قال ذلك وخرج هاربا من غرفة المدير العام، ثم خارجا من البناية التي تحيطها أبنية خضراء، ثم عبر جسر الجمهورية راكضا وأخذ يمزق ورقة التعيين الواسطة، نثر ورقها الممزق في النفق بين شارع السعدون والجمهورية. وفعل بقميصه البنفسجي ومزقه ورمى به على المكتبات في بداية شارع السعدون وسار عاري الصدر باتجاه الزحام البشري.