د. محمود عطية - الموتى لا يعودون..!

حاول قدماء المصريين إعادة الموتى للحياة بتهيئة كل سبل لهم في قبورهم ..ظنا انهم يمكن ان يعودوا للحياة.. فوضعوا مستلزمات معيشتهم اليومية من مأكل ومشرب وملبس بجانبهم فى قبورهم.. ثم أعادوا المحاولة بتحنيطهم للاحتفاظ بأجسادهم ..ومع ذلك لم تفلح المحاولات في إعادتهم.. وتأكد العالم من حولنا ان كل محاولات إعادة الموتى للحياة تبوء بالفشل..!
ومع ذلك مازلنا نصر على إعادة الموتى بأفكارهم ونظرتهم للحياة وللكون .. وأتعجب لماذا ونحن مصرون على اعادة الموتى للحياة لا نتشبث بنفس أدواتهم في التعامل مع البيئة وهى نتاج أفكارهم معها مثلا لماذا لا نقطع الطرق فى إسفارنا بالجمال والبعير .. لماذا لا نسكن الصحراء ونضرب الخيام ونقتنى النوق والماعز والحمير ونتداوى بالأعشاب ونهجر الدواء والمستشفيات بأجهزتها الحديثة ؟!
بأسه هي حياتنا حين نتقاتل على عادة افكار ماتت و"شبعت بموت" ومحاولة إحيائها قصرا وهى أفكار كانت حيه فى أزمنة أصحابها ولقيت رواجا فى أوانها لأنها كانت وليدة صراع ابنائها مع حياتهم وبيئاتهم .. !
صراعاتنا ومشاكلنا وطرق حياتنا ونظرتنا بالضرورة تختلف بالضرورة لاختلاف الزمان والمكان والمستحدثات الجديدة..حياتنا تختلف كلية عن حياة ما خبروا الحياة من قبل وصنعوا افكارهم التى تتواءم معهم ومع مستجدات حياتهم..وناسبتهم ولا تصلح لحياتنا وما جد واستحدث فيها بداهة..!
ورغم تمسكنا بافكار القدماء التى كانت تصلح لهم لا نتقدم مثلهم ..ومع ذلك لا نتعجب ولا يثار تساؤل لماذا العالم كله يتقدم ونحن نتقهقر..؟!
ولماذا نتشبث بأفكار تثير البؤس فى نفوسنا..؟!
ونتشبث بالتخلف كأحد أهم انجازاتنا.. ونحسب اننا خير منهم بتخلفنا وما نقاسيه من جراء افكار ذبلت ونحاول ادخالها غرفة الانعاش ..رغم توقف القلب والعقل وتحلل جسدها..!
ونعض بالنواجذ على أفكار أمواتنا وهى ليست أفكارنا ..
وننسى ان الأفكار تفقد صلاحيتها وتموت كما تموت الأجساد..
كم بقى أمامنا من الوقت حتى ندرك أن الموتى لايعودون ..؟؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى