طارق حرب - مكتبة (مكنزي) اشهر مركز ثقافي بغدادي في القرن العشرين

جمعة يوم 2016/11/18 كانت موعدا لمحاضرة لنا في المركز الثقافي في شارع المتنبي عن اشهر مركز ثقافي في بغداد ظهر في القرن العشرين وهي مكتبة مكنزي التي تمكنت من الشارع الثقافي والعلمي والتعليم البغدادي لمدة تزيد على نصف قرن منذ تاسيسها سنة 1920 حتى منتصف السبعينات في مكانها العتيد في شارع الرشيد منطقة رأس القرية وجاءت مكتبة مكنزي نسبة الى صاحبها الانكليزي كينيث مكنزي 1880-1928 وتبدا قصة هذه المكتبة عندما ذهب المستشار الانكليزي لشؤون الثقافة والعدل همفري بومان الى لندن من بغداد لمراجعة الشؤون المتعلقة بالمكتبات والكتب ومحاولة فتح مكتبات في بغداد تماثل المكتبات الانكليزية وتعرف هناك على مكنزي واصطحبه الى بغداد للاطلاع ميدانيا على حاجة المدارس والمؤسسات التعليمية واصحاب الثقافة للكتب والمصادر واقترح مكنزي على المسؤول الانكليزي بعد مشاهدته الواقع الثقافي والتعليمي والعلمي والادبي في بغداد انشاء مكتبة حكومية واشترط مكنزي على ان تكون له الحرية المطلقة في ادارة المكتبة ووافقت الحكومة على تخصيص احدى غرف السراي في قشلة المتنبي وسميت بمكتبة الحكومة وعاد مكنزي الى لندن لشراء الكتب وفعلا تولى جلب كثير من الكتب الى مكتبته في بغداد وكانت هذه المكتبة المركز الثقافي الوحيد في العراق وكانت على دوامين دوام صباحي ودوام مسائي وفي سنة 1925 تولت الحكومة العراقية بيع المكتبة بمزاد علني فاشتراها مكنزي ونقل محتوياتها من سراي الحكومة الى خارج السراي في شارع الرشيد ووضع على بابها لافتة (المكتبة لاصحابها مكنزي) وفي 21/1/1028 توفي مكنزي عندما كان يعمل في المكتبة وتولت زوجته ادارة المكتبة وتولى ادارتها بعد وفاة الزوجة شقيقها (دونالد مكنزي) حتى سنة 1946 حيث اشتراها احد العراقيين ممن كان يعمل في هذه المكتبة وانطفأ السراج الثقافي والعلمي والمعرفي لهذه المكتبة البغدادية بعد انقلاب 1968 حيث قرارات منع استيراد الكتب .

وكانت المكتبة توفر الكتب المدرسية والتعليمية والعلمية والادبية والثقافية بالاضافة الى جميع الكتب الانكليزية الخاصة بالعالم العربي الاسلامي من كتب رحلات وتاريخ وتراث ونشرات ودوريات حيث اصبحت المكتبة متخصصة في الاسلاميات والتاريخ والرحلات ليس فقط في العراق والشرق الاوسط وانما في جميع العالم كما يقول (كوك) صاحب كتاب بغداد مدينة السلام وكانت طرود الكتب يتم ارسالها من المكتبة في بغداد الى امريكا غربا واليابان شرقا واصبحت المكتبة قلعة اهل العلم والثقافة والادب اذ لا يمكن لطالب علم او محب للقراءة في بغداد التوقف عن زيارة هذه المكتبة التي كانت تتعاطى في بيع وشراء الكتب وتوفر لطلاب الكليات المصادر التي يحتاجونها وتقدم خدمات الاشتراك في الجرائد والمجلات الغربية وتولت طبع كتب عديدة منها كتاب (المس بيل) عن العراق المطبوع سنة 1911 وفيه وصف لبغداد عند زيارتها سنة 1909 حيث تولت المكتبة اعادة طبع هذا الكتاب وحصلت المكتبة على كتب قيمة كــكتاب (دورثي مكاي) مدن العراق القديمة المطبوع سنة 1926 وكتاب (تشارلز هوبر) عن الدستور العراقي الملكي وطبعت في هذه المكتبة كتب الرحلات النادرة التي حصلت في القرن التاسع عشر منها رحلة (بورتر 1882)ورحلة (بيكنغ هام 1827) ولم تستطع اية مكتبة منافستها كما فعلت مكتبة (كورونيت) التي كانت تاخذ من عمارة مرجان في الباب الشرقي مكانا لها وفي المرات القليلة التي دخلنا فيها بناية مكتبة مكنزي في شبابنا كنا نشعر بالقدسية الثقافية والطهارة المعرفية لهذه المكتبة البغدادية .


الخبير القانوني طارق حرب



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى