مصطفى فودة - قراءة فى قصة بابا عند ربنا للكاتبة رشا عبادة

قراءة فى قصة ( بابا عند ربنا ) للكاتبةرشا عبادة وهو عنوان يشى بموضوع القصة فهى عبارة تعنى (كناية عن ) موت الاب يقولها الكبار للصغار لتقريب تجربة الموت الرهيبة الى عقول الصغار وتخفيفا لوقعها عليهم والتى ربما يعرفونها للمرة الاولى .1- تبدأ القصة بغضب الساردة حين يصاب زوجها (محمد) بنوبة سعال نتيجة دخان سجائره ومن ثم تبدا باسترجاع تجربة موت أبيها حين كانت صغيرة فى سن السابعة والذى سنعلم من السرد أن أباها مات نتيجة تدخينه السجائر كما أبلغتها أمها .
2-تبدأ الساردة الطفلة فى استرجاع موت ابيها وتعرفها على الموت لاول مرة فى ليلة الاثنين اول رمضان (سقط فجأة بلا حراك ...تصرخ امها بهيستريا متقطعة ) واحاط بالبيت جو كابوسى وتخلل النص حوار بين الساردة الطفلة وذويها وفقت الكاتبة غاية التوفيق فى استحضار وصف الموت بعبارات قريبة من عقل وفهم الطفلة مثل( بابا عند ربنا) وهو عنوان القصة ومثل (ماتخافوش يا بنات بابا كويس - ماما هو بابا مات ليه - قضا ربنا يابنتى الله يرحمه) وهى عبارات وحوار فى غاية التوفيق من الكاتبة .
3-السرد واللغة : كان السرد بضمير المتكلم تارة على لسان الساردة وهى احدى شخصيات القصة وبضمير الغائب تارة اخرى وقد بدأت الساردة حديثها وهى كبيرة ومتزوجة ثم حدث إسترجاع أو فلاش باك لموت أبيها نتيجة دخان سجائر زوجها والذى كان سببا فى موت والدها كما أخبرته أمها بذلك ثم عاد السرد مرة اخرى وهى كبيرة عندما رن المنبه الساعة الثامنة لتوقظ صغيرها مصطفى ، أما اللغة فكانت مناسبة لحدث الموت حيث غلب عليها الحزن وكان السرد بلغة عربية بسيطة اما الحوار فكان بالعامية ومناسبا للشخصية تماما طفلة أم كبيرا ووفقت الكاتبة فيه غاية التوفيق
4-كان الحديث عن ذكر سبب موت الاب بسبب تدخينه السجائر وكذا زوجها فيما بعد والاستطراد كثيرا عن الحديث عن التدخين ومضاره كان تحجيما وتسطيحا لقضية الموت كقضية وجودية تلك التجربة الرهيبة للبشرية بل وصلت بعض الفقرات ان تحول السرد الى موعظة مباشرة لشرح مضار التدخين مثل (من ذلك الوقت والسجائر هى عقدتى اللعينة ...وأكاد حينها أركض لأسأله فقط هل لديك اولاد هل تدرك مدى اللحظات التى تقطعها من عمرك ومن صحبتهم ومن احتياجهم لك ، هل تدرى أنهم سيبكونك حد القهر والوجع وربما حد الموت ؟ ولاشك أنه ليس من مهام الفن توجيه هذا الوعظ والارشاد عن مضار التدخين فضلا أن هذا الاستطراد أضعف من شدة وقع الموت كقضية وجودية كما ذكرت وهى التيمة الرئيسية بالقصة 5- حفلت القصة ببعض المواقف الباسمة والتى كسرت من حدة الحزن وكآبة الموت مثل ما ذكرته الساردة عندما كانت صغيرة ويأخذها والدها الى الاقارب بالبيت الكبيروتأخذ منهم عيديات اضافية وما دار من حديث باسم ، كذلك عندما طلبت من أختها ساندوتش جبنة عندما شعرت بالجوع وذلك عقب وفاة والدها ، كذلك وهى توقظ صغيرها مصطفى بانشودة (ياطوفة يا سكر، بكرة الحلو يكبر ، يبقى راجل جميل ) ولاشك أن هذه المواقف الباسمة قد خففت من وقع الموت على القارئ وربما كانت الفقرة الاخيرة مع ابنها لها دلالة على تواصل الاجيال . وأخيرا كان النص جيدا وتصدى لفكرة الموت فى عين طغلة صغيرة وهى فكرة جيدة للغاية فى لغة بسيطة وحوار موفق ومناسب للشخصيات ، انا أهنئ ا/ الكاتبة على هذه القصة البديعة .
(قراءة مصطفى فودة )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى